عاجل
الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الادارة
رجب رزق
رئيس التحرير
سامي خليفة
الرئيسية القائمة البحث

أنطونيو غوتيريش يزور عدد من مشروعات الأمم المتحدة بالرأس الأخضر (صور)

أنطونيو غوتيريش خلال
أنطونيو غوتيريش خلال زيارته جزيرة سانتو أنتاو

أمضى أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، أمس الأحد، في جزيرة سانتو أنتاو بدولة الرأس الأخضر، حيث تسعى مجموعة من المشاريع التي تدعمها الأمم المتحدة إلى المساهمة في إحداث نقلة كبيرة في القطاع الزراعي في هذه الجزر الأطلسية بعد خمس سنوات من الجفاف الشديد.

 

سارت عربة الأمين العام أنطونيو غوتيريش لساعات على طول طريق متعرج يطل على مناطق قاحلة، ولكن عند المنعطف الأخير، بعد الصعود بضع مئات الأقدام على تلة، تبدل المنظر من النوافذ ليتجلى اللون الأخضر على مد البصر، حيث ظهرت مدرجات صغيرة مليئة بأشجار الموز والنخيل وقصب السكر مدعمة بجدران حجرية، وتيارات مائية فضية اللون تتلألأ في الأفق.

 

يقع وادي باول الخصب في جزيرة سانتو أنتاو الجبلية، ويمثل واحة في الأرخبيل الذي تصلح عشرة في المائة فقط من أراضيه للزراعة. وقد فقدت البلاد من هذه المساحة الزراعية القليلة أصلا ما يقرب من 18 في المائة بين عامي 2000 و2020.

 

زار "غوتيريش" حديقة تجريبية في أحد هذه المدرجات خلال اليوم الثاني من زيارته للبلاد، وكانت في استقباله مجموعة من المزارعين. وأوضحت الخبيرة لدى منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)، كاتيا نيفيس، إن المزارعين من النساء والرجال يقومون بتجربة أنواع نباتية جديدة والتعرف على التقنيات المستدامة.

 

عمل عظيم

أحد المناطق التي زارها الأمين العام للأمم المتحدة

بعبارة "Muitos Parabéns"، أي "عمل عظيم" باللغة البرتغالية، هنأ الأمين العام المجموعة مشيرًا إلى طاولة تفيض بحبوب البن والملفوف والطماطم والبطاطا والكسافا وغيرها من المنتجات. إذ تعد هذه العوائد الزراعية المحلية أمرًا نادرًا في بلد يقوم باستيراد 80 في المائة من احتياجات سكانه الغذائية.

 

وقيل للأمين العام إن بعض النباتات التي تنمو في الحديقة هي نوع جديد من الكسافا، والتي يأمل الخبراء أن تثبت أنها أكثر مرونة في مواجهة الجفاف الذي أثر على البلاد على مدى السنوات الخمس الماضية. كما استمع إلى الطرق الجديدة التي يتم تعليمها للمزارعين لري وتسميد أراضيهم.

 

يستفيد من هذه المبادرة حوالي 285 مزارعًا وهي جزء من المشاريع العديدة التي تقودها وكالات الأمم المتحدة وشركاء آخرون على أمل تحويل الزراعة في البلاد لإطعام مزيد من الناس وجعلها أكثر استدامة لمنفعة الكوكب أجمع.

 

إدارة المياه وسط الجفاف

الري بالتنقيط في الرأي الأخضر

"قطرة بقطرة" هي إحدى المبادرات، وقد جعلت الري بالتنقيط في متناول مئات المزارعين. وأوضحت “نيفيز” أنه يتم ري 3000 هكتار فقط على الجزر العشر التي تتألف منها البلاد، لكن الدراسات تظهر أن هذا العدد يمكن أن يرتفع إلى 5000.

 

التقى الأمين العام بـ أنجيلا سيلفا، وهي من المستفيدين الذين يأملون في البدء بتثبيت نظام التنقيط قريباً.

 

وأوضحت "سيلفا" أنها تأتي من عائلة مزارعة حيث كان والداها وأجدادها من المزارعين، إلا أن زوجها السابق هو الذي كان يهتم بالأرض قبل انفصالهما.

 

وقبل عامين، قررت المعلمة أن تبدأ بالعمل في الأرض التي ورثتها.

 

وقالت: "ما زلت أتعلم، لكنني أريد أن أتعلم المزيد وأن أكون قادرة على تحويل هذا النشاط إلى وسيلة لكسب المال. حلمي هو تحويل هذه الأرض إلى غابة من الطعام يمكن أن يستمتع بها أطفالي وأحفادي".

 

طغى قصب السكر على معظم أرضها، وهو محصول محصور الأرباح والاستدامة، لذلك بدأت في استبداله بأشجار الموز والبابايا ومجموعة متنوعة من الخضروات الأخرى. كان هذا أحد الدروس التي تعلمتها في دورة تدريبية بدعم من الأمم المتحدة.

 

من خلال نظام الري الجديد، تأمل "سيلفا" بتجنب بعض أسوأ عواقب الجفاف والاستفادة بشكل أفضل من المياه خلال الأوقات المعتادة. وتشير الدراسات إلى أنه حتى مع هطول الأمطار في الرأس الأخضر، يُفقد ما يقرب من 20 في المائة من المياه من خلال الجريان السطحي، ويتسرب إلى الأرض 13 في المائة، بينما يتبخر 67 في المائة.

 

هذا هو أحد التحديات التي يواجهها ديرسون دا كروز دوارتي، المزارع الشاب الذي جلب حبوب البن التي فاجأت الأمين العام – إذ لم يكن يعلم أن الجزيرة تنتجها.

 

أشار المزارع إلى قاع الوادي، بالقرب من خور مليء بالبطاطا، وأوضح أن حبوب البن تزرع على طول الطريق في سانتا إيزابيل، الواقعة على قمة أعلى جبل يمكن للعين رؤيته، وهي حافة خشنة حيث خضار الأرض يلتقي زرقة السماء.

 

السير على الأقدام هو السبيل الوحد للوصول إلى هذه البلدة التي يقيم فيها 100 شخص وجميع الزراعة فيها بعلية، مما جعل سنوات الجفاف الخمس الأخيرة قاسية بشكل خاص على السكان.

 

عندما انحسرت الأمطار، كان الشباب هم أول المغادرين.

 

وأوضح كروز دوارتي: "لا أدري ما إذا كان هناك 10 شباب يعيشون هناك الآن، جميع الشباب غادروا إلى أماكن أخرى بسبب قلة الوظائف والمطر، والجفاف. في بعض الأحيان، حتى لو كانت لديك ماشية، فلن تمتلك ما يكفي من العلف لإطعامها. ليس هناك مصدر رزق آخر، لذلك غادروا للبحث عن حياة أفضل".

 

ارتفاع حاد في انعدام الأمن الغذائي

بعد سنوات من الجفاف المستمر، وصل إنتاج موسم الزراعة لعامي 2021-2022 إلى الصفر. وبالتوازي، اجتمعت العوامل بين تغير المناخ وجائحة كوفيد-19 وتداعيات الحرب في أوكرانيا لتخلق وضعا عاصفا بالنسبة للدول الجزرية الصغيرة النامية، واضطرت حكومة الرأس الأخضر إلى اتخاذ قرار صعب. ففي يونيو من العام الماضي، أعلنت السلطات التنفيذية حالة طوارئ وطنية اجتماعية واقتصادية.

 

حتى وقت قريب جدًا، كان من الممكن اعتبار الأرخبيل، الذي يقع في المحيط الأطلسي قبالة سواحل غرب أفريقيا، رائدًا في جهود الحد من الفقر بين البلدان جنوب الصحراء الكبرى. وتظهر تقديرات البنك الدولي أن معدلات الفقر تراجعت بست نقاط مئوية بين عامي 2015 و2019، من 41 في المائة إلى 35 في المائة.

 

ولكن وفقًا لبيانات برنامج الأغذية العالمي، واجه أكثر من 46000 امرأة ورجل وطفل - ما يقرب من 10 في المائة من إجمالي سكان الرأس الأخضر - تدهوراً حاداً في الأمن الغذائي بين شهري يونيو وأغسطس.

 

يمثل هذا تهديداً لمكاسب التنمية التي تحققت بصعوبة في السنوات الأخيرة في البلاد، التي أعلنت التزامها بالقضاء على الفقر المدقع بحلول عام 2026. وأكد رئيس وزراء البلاد خلال لقائه بالأمين العام أول أمس السبت تمسك بلاده بهذا الهدف، إلا أنه أقر بأن السنوات القليلة الماضية جعلت الأمر أكثر صعوبة.

 

كاتيا نيفيس، نائبة ممثل منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، قالت لأخبار الأمم المتحدة إن أزمة العام الماضي زادت من إصرار الأمم المتحدة ووكالاتها، وأضافت: "يمكننا تحقيق هذه الأهداف، ويمكننا القيام بذلك من خلال تحسين الطريقة التي تتم بها الزراعة".