عاجل
الخميس 20 فبراير 2025
رئيس مجلس الادارة
رجب رزق
رئيس التحرير
سامي خليفة
الرئيسية القائمة البحث

إدارة الأراضي من أجل تحقيق التنمية الشاملة وتعزيز القدرة على الصمود في المنطقة العربية

تواجه الدول العربية أزمات متعددة، سواء كانت ناجمة عن المخاطر الطبيعية، أو آثار تغير المناخ، أو النزاعات المستمرة والنزوح، أو مزيج من هذه العوامل. 


يؤدي تغير المناخ والمخاطر الطبيعية إلى تأثيرات بيئية تجعل الأراضي غير صالحة للسكن أو للزراعة، بينما تؤدي النزاعات إلى تدمير المساكن والبنية التحتية، وتلوث الأراضي وتدهورها، وتُسبب النزوح الجماعي، مما يدفع السكان بعيدًا عن المناطق المنتجة للغذاء. وباعتبارها موردًا طبيعيًا حيويًا وحجر الأساس في الإسكان، إدارة الأراضي تعتبرعاملامؤثرا في الأزمات وضحية لها أيضا، ولكن إذا تم إدارتها بشكل جيد، يمكن أن تكون الأراضي أساسًا لتعزيز القدرة على الصمود.


تلعب الحوكمة الرشيدة للأراضي دورًا حيويًا في تحقيق الأمن الغذائي، وتوفير السكن الملائم، وتعزيز القدرة على التكيف مع المناخ، فضلاً عن دعم جهود التعافي بعد الكوارث والنزاعات، وتعزيز السلام والاستقرار. 


ولمواجهة هذه التحديات الإقليمية،سيلتقي صانعو السياسات والباحثون والمجتمع المدني في الرباط، المغرب، من 18 إلى 20 فبراير 2025، لحضور المؤتمر العربي الثالث للأراضي لمناقشة الاستراتيجيات التي تعالج التحديات الأكثر إلحاحًا في قطاع الأراضي بالمنطقة.
 

الأرض لتوفير سكن ملائم للجميع وتحقيق التنمية الحضرية المستدامة

لا يزال الوصول إلى الأرض من أجل توفير السكن الملائم يمثل قضية ملحة في المنطقة العربية. حيث يؤدي التوسع العمراني غير المخطط ونمو المستوطنات غير الرسمية إلى ضغط كبير على الخدمات والبنية التحتية والمرافق الحضرية المحدودة بالفعل. لذا، تثعد الإدارة المستدامة للأراضي الحضرية شرطًا أساسيًا للتنمية الحضرية المستدامة والنمو الحضري المنظم والمدعوم بالخدمات. من الضروري ضمان أن جميع المجتمعات تحصل على سكن ملائم وميسور التكلفة في مواقع مناسبة.


تلعب المدن أيضًا دورًا كـ "صمامات أمان" للأشخاص الذين نزحوا بسبب النزاعات أو تغير المناخ أو الكوارث الطبيعية، إلا أن احتياجات النازحين غالبًا ما تتعارض مع احتياجات الفئات الحضرية ذات الدخل المنخفض. لذا، ستكون الإدارة الفعالة للأراضي الحضرية، بما في ذلك الاستخدام الأفضل للمساكن والأراضي العامة الشاغرة، أمرًا بالغ الأهمية لضمان استمرار المدن في كونها محركات للتنمية المستدامة والازدهار.


إدارة الأراضي في أوقات النزاع

تشكل النزاعات سببًا رئيسيًا للنزوح وتدمير الأراضي والمساكن في المنطقة العربية. على سبيل المثال، في غزة، تم تهجير أكثر من 1.9 مليون شخص – أي أكثر من 90% من السكان – قسريًا منذ أكتوبر 2023، مع تدمير أو تضرر 68% من الأراضي الزراعية و92% من الوحدات السكنية. في السودان، نزح أكثر من 12.4 مليون شخص قسرًا منذ أبريل 2023، مما يبرز التأثير المدمر للنزاع على إمكانية الوصول إلى الأرض والمأوى.


ومع ذلك، يمكن أن تكون الأرض أيضًا حجر الأساس لحلول مستدامة للنزوح. من خلال تبني نهج مبتكرة واستخدام التكنولوجيا، يمكن للنازحين تأمين حقوقهم في الأراضي، وفي بعض الحالات، العودة إلى منازلهم. على سبيل المثال، في العراق، استخدم موئل الأمم المتحدة (UN-Habitat) أداة رقمية لتوثيق الأراضي والممتلكات لدعم الحكومة في تسجيل المطالبات العقارية، مما ساهم في الاعتراف القانوني بملكية الأراضي وساعد الإيزيديين النازحين في استعادة أراضيهم بعد حرمانهم منها لمدة تقارب 50 عامًا.


تم تطبيق نهج مماثل للاجئين السوريين في لبنان والعراق. فمنذ عام 2020، يعمل موئل الأمم المتحدة على توثيق مطالبات الإسكان والأراضي والممتلكات للسوريين، مما يساعد في الحفاظ على الأدلة ومنع المزيد من الخسائر في الوثائق العقارية، بالإضافة إلى توفير أساس قوي لمبادرات التعويض والاستعادة المستقبلية في سوريا. تعد هذه الجهود الآن ضرورية لدعم العودة والتعافي وإعادة الإعمار.


إدارة الأراضي في ظل أزمة المناخ

تؤثر أزمة المناخ بشكل كبير وبطرق مختلفة على الدول العربية. تعاني المناطق الساحلية في الدول الواقعة على شبه الجزيرة العربية وعلى طول البحر الأبيض المتوسط من تآكل الأراضي التدريجي، في حين تتعرض المناطق الأكثر جفافًا لموجات متزايدة من الجفاف والتصحر وتدهور الأراضي، حيث تأثر 73% من الأراضي الزراعية النادرة بالفعل بالتدهور. وتزداد الظواهر الطبيعية المتطرفة، مثل الفيضانات، من حيث الشدة والتكرار.


كل هذه العوامل تؤدي إلى فقدان المنازل ومصادر كسب العيش، مما يؤدي إلى النزوح الجماعي. على سبيل المثال، في سبتمبر 2023، تسببت العاصفة دانيال في فيضانات كارثية في شرق ليبيا، مما أسفر عن خسائر في الأرواح ونزوح 52,000 شخص، كان 45% منهم في مدينة درنة الساحلية. كما تشير التوقعات إلى أن ارتفاع مستوى سطح البحر بمقدار 0.5 متر يمكن أن يؤدي إلى نزوح بين 2 و4 ملايين شخص في مصر بحلول عام 2050.


لذا، أصبح من الضروري تطوير تدابير تكيف فعالة، مثل التخطيط العمراني المستند إلى تقييم المخاطر، والبنية التحتية المقاومة للمناخ، والإدارة المستدامة للمياه والأراضي، وإعادة التوطين المخطط له، والتكيف الحضري. يجب على صانعي السياسات إدراك أن قرارات استخدام الأراضي يمكن أن تخفف أو تفاقم آثار تغير المناخ.


الأرض لتحقيق الأمن الغذائي

تعتمد الدول العربية بشكل كبير على واردات الغذاء، مما يجعل الحفاظ على الأراضي الزراعية القائمة أمرًا ضروريًا لضمان الأمن الغذائي الإقليمي. في سياق النزاعات وتغير المناخ والأزمات الأخرى، يصبح حماية الأراضي الزراعية أمرًا بالغ الأهمية.


إلى جانب تمدد المدن على الأراضي الزراعية، فإن الجفاف والتصحر وتدهور الأراضي تؤثر سلبًا على القدرة على زراعة المحاصيل، مما يدفع الناس إلى مغادرة المناطق الريفية بسبب فقدان سبل العيش. كما تحد النزاعات من الإنتاج الزراعي عن طريق تقييد الوصول إلى الأراضي الزراعية، بينما يمكن أن تلوث مخلفات الحرب الأراضي، مما يجعلها غير آمنة أو غير صالحة للزراعة لسنوات طويلة. على سبيل المثال، في أوائل عام 2024، لم يتمكن 26% من المزارعين في جنوب لبنان من الوصول إلى حقولهم بسبب النزاع، مما أدى إلى انخفاض بنسبة 22% على الأقل في إنتاج الزيتون في المنطقة.


إعلان المؤتمر العربي الثالث للأراضي

مع تفاقم تأثيرات تغير المناخ والنزاعات على الأراضي، تزداد الحاجة إلى تنفيذ حلول قائمة على الأراضي. لذا، يجب على الحكومات والمجتمع المدني والقطاع الخاص العمل معًا لضمان إدارة الأراضي بشكل مستدام وعادل، من خلال تعزيز حقوق الأرض للنازحين، ودعم الممارسات الزراعية المقاومة للمناخ، وحماية الأراضي من ضغوط التوسع العمراني.


يعد المؤتمر العربي الثالث للأراضي فرصة فريدة للقادة للالتزام بحلول قائمة على الأراضي لمساعدة المنطقة على التعافي من الأزمات وتعزيز التنمية المستدامة على المدى الطويل. كما يوفر فرصة لصانعي السياسات لمناقشة خطوات عملية لتحسين حوكمة الأراضي، وحماية الأمن الغذائي، وتوفير حلول دائمة للنازحين. سيتم توثيق الالتزامات في إعلان المؤتمر، والذي سيشكل خارطة طريق للعمل المستقبلي. يمكن أن تكون الأرض ركيزة للسلام والاستقرار والصمود – إذا أوليناها الأولوية.
سجل الآن لحضور المؤتمر العربي الثالث للأراضي افتراضيًا، وتابع موئل الأمم المتحدة، ومبادرة الأراضي العربية، وGLTN على منصات X وLinkedIn