الأمم المتحدة تنسق مع طالبان لإعادة عمل النساء في المنظمات الإنسانية
أكد المنسق المقيم للأمم المتحدة في أفغانستان، رامز الاكباروف، للصحفيين في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، أنه لا يعتقد أنه من الممكن تقديم عمل إنساني شامل دون مشاركة المرأة، مشيرًا في هذا السياق إلى البيان الذي صدر أمس الخميس عن رؤساء الوكالات الإنسانية العاملة في البلاد، قائلًا في هذا الصدد: "إننا نعمل بنشاط مع المحاورين على الأرض لإيجاد حل لهذا الوضع الحالي".
كانت سلطات طالبان في أفغانستان قد أصدرت في 24 ديسمبر الجاري، أمرًا بمنع النساء من العمل في المنظمات الإنسانية غير الحكومية، هذا الأمر وصفه مسؤولون أمميون رفيعي المستوى بأنه ضربة كبيرة للمجتمعات الضعيفة، وللنساء، والأطفال، وللبلد بأسره.
وقد أعلن "الاكبروف" أن وكيل الأمين العام ومنسق الإغاثة الطارئة سيقوم بزيارة أفغانستان في الأيام القليلة المقبلة، موضحًا أنها ستكون على مستوى رفيع من أجل إقناع المحاورين من جانب سلطة الأمر الواقع بحل هذا الوضع.
وصرح في هذا الصدد قائلًا: "سيحدث هذا في غضون الأسابيع القليلة القادمة حيث نقوم بتقييم الآثار المترتبة على ما يحدث. وهناك تأثير بالفعل على أنشطة معينة، وعلى البرامج الإنسانية القائمة".
وأعطى المسؤول الأممي الأرفع في أفغانستان أن حوالي 70٪ من البرامج الإنسانية الأممية يتم تنفيذها بالشراكة مع المنظمات غير الحكومية أو المنظمات الدولية أو الوطنية، وأن هذه البرامج كلها متأثرة، بعضها بشكل كامل، وبعضها جزئي.
وحول ذلك صرح: "إن التزامنا قوي للغاية تجاه أفغانستان. نحن ملتزمون بالبقاء والإنجاز. نحن ملتزمون تجاه الشعب، ونلتزم بالمساواة بين الجنسين وحماية حقوق المرأة".
جهود واجتماعات
ردًا على سؤال من أحد الصحفيين، قال المنسق الأممي إنه تقدم بسلسلة من الطلبات للقاء مسؤولي الأمر الواقع. على سبيل المثال، لقد عقد فريق الأمم المتحدة اجتماعات مع وزير الصحة ووزير شؤون اللاجئين والعودة إلى الوطن.
ووصف الاجتماع مع وزير الصحة بالبناء، قائلًا: "من الواضح أن تقديم الخدمات الصحية للنساء والفتيات لن يكون ممكنا (في الوضع الحالي). لذلك كان لدينا بالفعل اتفاق مع الوزير على أنه لا ينبغي أن يكون هناك حاجز في (عمل المرأة) في هذا القطاع. ويمكن لمقدمات الخدمة العودة إلى العمل. الآن، سننتظر ونرى كيف سيحدث ذلك".
وأوضح "ألاكبروف" أن المناقشات مع الوزراء الآخرين لم تسفر عن نفس النتائج بعد، لكنها مستمرة. وشدد على أن أهم عنصر هو شرح ما تعنيه عواقب هذا الحظر.
وأضاف أنه عندما يقوم فريق ما، على سبيل المثال، بإجراء تقييم للاحتياجات في قرية ما، يجب أن يشمل الرجال والنساء على حد سواء، لأن هناك رجالا ونساء في المجتمع.
وتابع: "بينما نتعامل مع مجتمع محافظ أو مجتمع ديني، من الواضح أننا بحاجة إلى أن تتحدث إلى النساء إلى النساء لفهم ما هي احتياجاتهن الخاصة، سواء كان ذلك متعلقًا بالتغذية، أو الخدمات الصحية، أو المياه والصرف الصحي، أو النظافة".
وأضاف: "وإذا لم تستطع النساء المشاركة في مثل هذا التقييم، لا يمكنك إجراء برنامج شامل. ومن ثم فإن قدرتك على إطلاق برنامج جديد تتعرقل بشكل كبير. لذلك لا يمكنك إطلاق برنامج جديد بشكل أساسي".
وأكد على أنه عندما لا يتم تقييم احتياجات النساء، فلن تصل المساعدة إليهن، ولن يتمكّنّ من الحصول على الطعام، وخدمات الحماية وغيرها من المساعدات.
وأوضح أنه كل يوم، تجتمع الفرق الأممية مع الوزارات لمناقشة كيفية تيسير البرامج في كل قطاع على حدة.
وقد رامز الاكباروف التقى شخصيًا مع وزير الاقتصاد -حيث ناقش معه كيفية تأثر البرامج الانسانية في هذا القطاع بالحظر، وما هي شواغلهم الخاصة، وكيف يمكننا حلها.
تطبيق الشريعة الإسلامية
كذلك "الاكباروف" قال إن التركيز خلال الاجتماع كان على مراعاة التقاليد الإسلامية والشريعة الإسلامية وقواعد اللباس والطريقة التي تراها حركة طالبان في تفسيرها للشريعة.
وأوضح أن الشريعة الإسلامية تتكون من عناصر معينة، واحدة منها هي الشريعة، ومنها أيضا العرف الذي يشير إلى التقليد.
وقال إن ما يتعلق ببعض الأمور بما في ذلك اللباس والتصرف لا يعود فقط إلى ما هو منصوص عليه في الكتاب، ولكن أيضًا التقليد الثقافي الذي هو جزء من التفسير الحنفي، أي ليس فقط عن الطريقة الإسلامية في النظر إلى تلك الأمور، ولكن أيضا الثقافة والتقاليد الأفغانية.
غير أنه أشار إلى أن أفغانستان بلد متنوع للغاية. فهناك العيددي من القبائل والأعراق. ما هو مقبول لدى قبيلة معينة أو عرق معين قد لا يقبله عرق آخر.
كما ركز لقاؤه مع وزير الاقتصاد أيضا على إلى الأهمية التي يجب أن تُعطى لمشاركة المرأة الاقتصادية في الحياة.
أما عن رؤية طالبان لهذه الأمور، قال "الاكبروف": "أود أن أقول إن رؤية طالبان يتم التعبير عنها بشكل جيد للغاية في نوع الإجراءات والإعلانات، التي صدرت مؤخرا، وهي علنية (...) بما فيها الإعلان عن حظر (الفتيات) من ارتياد المدرسة، وحظر (النساء) من ارتياد الجامعة، والعمل، وأشياء من هذا القبيل".
وأعرب عن أمله في أن ينعكس هذا الاتجاه مشددا على أهمية مواصلة جهود المناصرة، وأن تواصل دول المنطقة التي في العالم الإسلامي الحديث عن ذلك أيضًا، مشيرًا إلى بيان قيادة جامعة الأزهر والعديد من رجال الدين المسلمين الآخرين والشخصيات المعروفة من جميع أنحاء العالم الذين تحدثوا عن هذا الأمر.
أما بشأن سؤال حول أهمية إلغاء تجميد الأصول الأجنبية من قبل الولايات المتحدة ومن قبل الإمارات العربية المتحدة، فأوضح المنسق الأممي أن الأمم المتحدة لا تتعامل بمسألة الأصول. غير أنه ذكّر بما قاله الأمين العام أنطونيو غوتيريش العام الماضي، وهو أن مزيج درجات الحرارة المجمدة والأصول المجمدة لا يفيد الاقتصاد (الأفغاني) بأي شيء.
وبشأن إمكانية الضغط على حركة طالبان لعكس قرارتها المتعلقة بالنساء والفتيات، فقال "الاكبروف": "من خلال تفاعلي مع طالبان أعتقد أن أفضل طريقة للتوصل إلى حل ليس الضغط بل الحوار. هذه الحركة لم تستجب بشكل جيد مع الضغوط في الماضي. وهذا من خلال خبراتي. كما يجب أن أقول إنه في عدة حالات عندما أجرينا مفاوضات، تمكنا من إحراز تقدم. لذا فإن ما سأركز عليه وما سيركز عليه فريقي هو الحوار وحل هذه المشكلة."
وقد قال كذلك إن ما تركز عليه الأمم المتحدة هو حل هذه المعضلة ومواصلة المفاوضات "حتى تتمكن النساء من العودة إلى العمل وتتمكن للفتيات العودة إلى المدرسة، بناء على فهم واضح هو أن هذا حق أساسي لجميع الأشخاص، واستنادا إلى فهم بأنه يمكن لذلك بأن يعزز الحياة الاقتصادية أو مستقبل أفغانستان. وهذا ما ندافع عنه."
هذا وختم رامز الاكباروف تصريحاته مؤكدًا على أن الأمم المتحدة والمجتمع الإنساني وجميع الشركاء في أفغانستان سيدعمون دائما المساواة بين الجنسين وحقوق المرأة ومشاركة المرأة في جميع جوانب الحياة، وتحديدًا في العمل الإنساني. وسنعمل على إيجاد حلول لهذا الوضع.