عاجل
الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الادارة
رجب رزق
رئيس التحرير
سامي خليفة
الرئيسية القائمة البحث

محمد فودة: الدستور ليس قرآناً.. والتعديل لمصلحة الوطن والمواطن

محمد فودة
محمد فودة

عجيب أمر هؤلاء الذين يتعمدون اختلاق الأزمات ويتفننون فى إحداث الفتن خاصة بعد تلك الخطوات الجادة والمهمة التى اتخذها نواب البرلمان بشأن تعديل بعض مواد الدستور فهؤلاء الذين يطلون علينا من منصات السوشيال ميديا وهم يدعون الشرف والفضيلة ويحاولون التقليل من أهمية تلك الخطوة هم أبعد ما يكون عن الشرف بل لا علاقة لهم أصلاً سواء من قريب أو بعيد بالفضيلة فلو كان لديهم بالفعل ولو ذرة واحدة من المصداقية لكانوا تعاملوا مع الأمر بشكل مختلف تماماً ، ولكانوا قدموا مصلحة الوطن فوق تلك الاهواء الشخصية التى تحكم تصرفاتهم حيث نجدهم يحاولون بشتى الطرق زعزعة الاستقرار والتقليل من شأن ما يجرى تنفيذه فى خطط التنمية المستدامة فى كافة المجالات .

واللافت للنظر أن تلك الفئة من المشككين يفتقدون ليس للموضوعية وحسب بل يفتقدون أيضاً للمعلومات الحقيقية حيث يعتمدون على ثقافة الشائعات فيرددون كلاماً لا يعرفون حقيقته فكل ما يهمهم فى الأمر أن يكونوا فى قلب المشهد فنجدهم يعارضوا من أجل المعارضة فقط وكأنهم يرفعون شعار " أنا اعترض إذن أنا موجود" وهو فى حقيقة الأمر شعار لا يؤمن به سوى الجهلاء وعديمى المعرفة ومحترفى اللعب بالالفاظ وتزييف الحقائق وتحريف المعانى.

وبعيداً عن كل هذا وذاك فهناك مسألة مهمة ينبغى علينا النظر اليها بعين الاعتبار وهى التى تتعلق بالاسباب والدوافع وراء ظهور الرغبة فى اجراء تعديل لبعض مواد الدستور فالمتابع لتلك المسألة يلمس بوضوح ان اجراء هذه التعديلات فى الدستور لم يأت من فراغ أو انه مجرد نوع من الرفاهية المجتمعية فهذه التعديلات المطلوبة أصبحت أمر حتمى ولا يمكن تأجيلها بأى حال من الأحوال خاصة بعد إعلان رئيس شركة العاصمة الإدارية الجديدة انه من المقرر انتقال نظام الحكم من القاهرة إلى العاصمة الإدارية في عام 2020 وهنا يتضح لنا أن المسألة تتطلب اجراء عاجل لبعض التعديلات فى الدستور الحالى خاصة أنه ينص على أن "تنعقد إدارة الحكم في شئون البلاد وكذلك ينعقد مجلس النواب وتنعقد المحكمة الدستورية العليا في مقرها العام بمدينة القاهرة" وهنا يبدو الأمر أكثر وضوحاً وهو أننا مقدمون على أزمة حقيقية إن لم يتم التعديل حيث لايمكن بأى حال من الأحوال انتقال إدارة الدولة إلى العاصمة الإدارية الجديدة طالما الدستور يحدد "القاهرة" مكاناً لممارسة حكم البلاد.

كما توجد أيضاً مسألة فى غاية الأهمية يجب علينا أن نضعها فى الاعتبار فى تعاملنا مع هذه الخطوة وهى أن مصر من أقل دول العالم في معدلات إجراء تعديلات دستورية فإذا نظرنا الى تاريخ التعديلات الدستورية فى مصر نكتشف أنه منذ ظهور دستور 1923 وحتى الآن لم يحدث سوى 10 تعديلات فقط في حين أن الدستور الفرنسي والذى يعد من اعرق الدساتير فى العالم قد تعرض لاجراء تعديلات عليه 24 مرة بينما الدستور الأمريكي تم اجراء تعديلات عليه 22 مرة.

وهنا فإننى ارى أن التعديلات الدستورية فى حد ذاتها لم تكن فى يوم من الايام هدف وإنما هى خطوة تقوم بها الأمم من أجل اكتساب المزيد من الحقوق للمواطن خاصة أن الدستور هو الحامي لحقوق المواطن من تغول سلطات الدولة ويعد أيضاً بمثابة صمام الامان للوطن من التعرض للانفلات والفوضى .

لذا فإننا نحن الآن أمام حقيقة مؤكدة وهى أن الدستور الحالى ليس قرآناً وينبغى ان نتعامل معه على أنه مجرد مواد من صنع البشر اى أنه قابل للتعديل فى اى وقت بما يتوافق مع متطلبات المرحلة التى يتم خلالها اجراء هذه التعديلات فبنظرة عامة للدستور الحالى نجده قد تمت صياغته فى ظل ظروف مختلفة تماماً عما نحن عليه الآن فالمناخ السياسى آنذاك كان يموج بالمتناقضات وهو ما انعكس بشكل لافت للنظر على طريقة واسلوب صياغة الكثير من المواد فى هذا الدستور وهى التى لم يعد من اللائق استمرارها بعد تلك النقلة النوعية التى شهدها المجتمع فى شتى مجالات الحياة .

وهنا اتوقف قليلاً أمام بعض النواحى التى تتطلب اجراء تعديلات جوهرية ومن بينها أن أغلب دول العالم تقوم على غرفتين للتشريع هما "مجلس نواب" و"مجلس شيوخ" وأعنى بمجلس الشيوخ ما كان يعرف لدينا باسم "مجلس الشورى" الذى يقوم فى الأساس بإعداد القوانين وتجهيزها حيث يضم بين اعضاءه الكثير من الخبرات التي تتولى مناقشة تلك القوانين مناقشات مستفيضة وذلك قبل احالتها الى مجلس النواب لإقرارها ، أما فيما يتعلق بالهيئات سواء الخاصة بالصحافة وبالإعلام، فقد فكان لا بد من تضمينهما فى المواد التى سيتم تعديلها حتى يتم حذفهما من الدستور ووفقًا لهذا الإلغاء فإن الواقع والمصلحة العامة تتطلب عودة منصب وزير الإعلام ليتولى وضع السياسات الاعلامية الحاكمة لهذه المنظومة بالكامل.

نحن الآن أمام خطوة مهمة فى مسيرة بناء مصر الحديثة .. مصر التى تسابق الزمن من أجل تحقيق حياة كريمة للمواطن المصرى الذى تحمل الكثير والكثير إيماناً منه بضرورة الوقوف الى جانب الزعيم والقائد عبد الفتاح السيسى فى مشروعه القومى نحو تحقيق التنمية المستدامة .

وعلينا فى هذا الصدد معرفة أنه بعد احالة اللجنة التشريعية الطلب الخاص باجراء بعض التعديلات الدستورية من المقرر ان يقوم المجلس مناقشة تلك التعديلات خلال شهر بعدها يتم عرضه على رئيس الجمهورية وهذه الفترة بالكامل تستغرق 120يوماً ، أما رئيس الجمهورية فإنه وبحكم الدستور لديه 30 يومًا يدعو خلالها الشعب للاستفتاء على التعديلات، ويكون الاستفتاء قبل انتهاء شهر من ورود الطلب إليه من البرلمان، على أن يصدر قرارًا جمهوريًا بدعوة الناخبين للاستفتاء في يوم محدد، يعقبها تولي الهيئة الوطنية للانتخابات تنظيم عملية إجراءات الاستفتاء الأمر الذى يجعلنى أرى أنه ربما يجرى هذا الاستفتاء في شهر يوليو المقبل على اقصى تقدير..

خلاصة الأمر فإن هذا الدستور ليس قرآناً وبالتالى فإنه قابل للتعديل فى أى وقت طالما هذا التعديل يصب فى نهاية الأمر فى مصلحة الوطن والمواطن على حد سواء.