بالصور.. عمارة "تيرينج" تحفة معمارية بالعتبة في وكر الإهمال.. امتلكها خواجة يهودي.. وحولها المصريين لمخازن تجارية.. "حجرة المشنقة" أبرز الغرف.. والعمال: "عارفين قيمتها.. بس بناكل عيش"
على الرغم من كونها تحفة معمارية نادرة، فإن من يراها أو يمر بجوارها لا يمكن أن يلاحظ مدى عراقة وقيمة التحفة المعمارية التى يمر من أمامها، فازدحام ميدان العتبة بوسط القاهرة بالباعة الجائلين، والمحلات التجارية، جعل "عمارة تيرينغ" – كما تُعرَف – تبدو في خلفية المشهد، لا يمكن لأحد التعرف عليها، وكأنها مجرد عمارة سكنية تقليدية، خاصة مع حالة الإهمال التي تتعرض لها.
ذهب "العربية نيوز" فى جولة داخل عمارة "تيرينج " بميدان العتبة، التحفة المعمارية صاحبة الملامح الأوروبيية، التي تبلغ من العمر أكثر من 100 عام، ليكشف غموض تلك "التحفة المعمارية ومعرفة سر كل ركن بها "كغرفة المشنقة "، بجانب عرض حالة الإهمال التي تعرضت لها طوال العقود الأخيرة، ولم يشفع لها تاريخها الطويل ولا الاهتمام بها منذ لحظة نشأتها.
لمحة تاريخية
تم بناء التحفة المعمارية "تيرينج "علي يد معماري نمساوى يدعى "أوسكار هورويتز"، وهو معماري يهودي نمساوي ولد فى أكتوبر 1881 فى مدينة "جاجندورف" بالنمسا والتي هى الآن "كرانوف فى جمهورية التشيك"، جاء إلي القاهرة في الفترة 1913-1915 بني خلالها المبني التجاري" تيرينج" بميدان العتبة الخضراء، وهى عمارة ضخمة فى أعلاها كرة يحملها 4 تماثيل، لا يوجد مثلها سوى ثلاثة فى العالم.
عمارة "تيرينج" كانت ملك خواجة يهودى نمساوي هو "فيكتور تيرينج"، وقد أراد أن يحاكى متاجر "سيزار ريتز" فى أوروبا، فاختار ميدان العتبة، الرابط بين القاهرة القديمة والقاهرة الجديدة، ففي شرق المبنى حي الموسكى الملئ بالسكان وبالشوارع والحوارى، بعطوره الشرقية وأصواته الغريبة، ومن الغرب تجد الحدائق الفرنسية فى القاهرة مثل "حديقة الأزبكية"، والمباني الأوروبية الفخمة، فتوسط كل هذا مبنى "تيرنج"، وقد تم الانتهاء من بناء مبنى تيرينج عام 1913 وكان أكبر المتاجر متعددة الطوابق " المولات بالتعبير الدارج الآن".
ملامح أوروبية على أرض مصر
وبمجرد ذهابك لميدان العتبة ترى العمارة "تيرينج" من ناصية شارع الجوهرى، تجد أمامك تراث أوروبي الملامح على أرض مصرية، لا تجد مثله سوى ثلاثة على مستوى العالم، ولكن لم يشفع لهذا المبنى العريق تاريخه الذى تجاوز المائة عام والاهتمام الذى حظى به منذ نشأته، حيث تجد ملامحها الأوربية قد شوهت بواسطة الباعة الجائلين الكائنين أسفل مدخلها، الذين قد طمسوا ملامحها لدرجة انك لا تجد مدخل العمارة بسهولة.
دخول العمارة
ودخول عمارة "تيرينج" لم يكن أمر سهلا نظرا لشدة الازدحام ولمعرفة البائعين لبعضهم البعض، مما جعلهم يشعروا بأي شخص جديد يقدم على دخول المكان فيبدأو أن ينهالوا عليه بالاسئلة، من أنت ولمن ولماذا تأتي، وبعد أن تمكنا من اجتياز تلك الأسئلة والوصول الى مدخل العماره، وجدنا سلالم بنيت بتراث أوروبي تنبهر بمجرد رؤيتك له ولكن تغرقها "القمامة " و"مخلفات " المخازن والمصانع التى تملأ العمارة من الداخل، وبمكان أشبه "بالسرداب".
وجدنا الأسانسير الذي قال لنا العامل المسئول عنه أنه كان "أسانسير الخدم" منذ نشأه هذه العمارة، وبوصولنا للطابق الرابع وهو الأخير بعمارة "تيرينج"، شعرنا برهبة كبيرة من جمال المكان وهدوئه برغم من وجود كثير من العاملين به، وجدنا تماثيل أثرية لم يتبقى من ملامحها شيئا واضح بسبب الأتربة التى دمرت ملامحها وجمالها وأصالتها، والأرض والسقف لم نرى فى روعة تصميمهم الاوروبي النادر، وبدخولنا إلى "السطح" رأينا القبة التى يحملها أربعة تماثيل ولم يختلف الأمر أعلى العمارة عن أسفلها فالقمامة والمخالفات كانت تحاصر جمال لقبة والسطح من كل اتجاه.
غرفة "المشنقة "
وقال محمد ابراهيم أحد العاملين بالعمارة والمقيمين بها لـ "العربية نيوز" إن أسفل هذه القبة التى يحملها أربعة تماثيل تطل على أربعة اتجاهات على شارع "الجوهرى"، يوجد غرفة مشنقة بنيت مع بناء العمارة.
وأضاف "ابراهيم" أن هذه الغرفة شهدت كثير من "المجازر " والجرائم على يد الأنجليز الذين كانوا يحتلون مصر فى ذلك الوقت، مشيرًا إلى أنهم كانوا يأتوا برجل وزوجته ويقومون باغتصاب الزوجة أمام زوجها، ثم يقوموا بإعدامه أمامها.
وأكد أن عمارة "تيرينج" تحمل كثير من الأسرار والحكايات التى لم يعلم عنها أحد سوى المقيمون بها، لافتًا إلى أنهم يعلمون جيدا قيمة هذه "العمارة "ولم يقصدوا أبدا اهانتها او تدميرها قائلا " عارفين قيمتها دى كنز.. بس هنعمل أيه بناكل عيش.."