فرحة الأطفال في سجن الغجر
هنا ومن بين تلك القضبان تجتمع البراءة التي تحلم بغد أفضل، هجرت الأوطان وجعلت من ذاك القفص الحديدي منزلا تسكنه بمتبغاها، لعبة "السوستة"، وسجن الغجر للأطفال فيمنحوهم منه المرح، حلمت الروح بالحرية فنعمت فيها واستشعرتها في انسياب خصيلات الشعر، حينما تقفز لأعلى وتهبط على تلك القامشة المدجج فيها أواصر من حديد، فردتها إلى سابق مكانتها العليا مرة أخرى.
خلعت النفس كل ما أمسكها ومنعها من أن تعايش طفولته، فككت قيوده المكبلة وسرح في عالمه الخاص، ذلك العالم الذي يراوده في الوقت الذي يريده هو، هذا العالم من صنع طفولته، يديره وفقًا لرؤيته الخاصة، يتحكم فيه، عالم هو رئيسه، ولا يعيشه غيره
هل تراه سجينًا؟؟ بل مشبعًا بالحرية، فالسجناء لا يتحركون بين جنباته، لا يقفزون في غرفتهم الصغيرة، لو كنت ترى النفس مكبلة بتلك المساحة الصغيرة، إلا أن هذا الطفل جعل من ضيقه رحابة يقفز في كل مضايقها.
لا ينكر أن الذي يقف عند هذ الباب سجانه، ولكنه يقايضه المال كي يدخل هذا السجن، ينتظر أن يحين دوره، ليلهو في هذا القفص، أحب سجانه فأحب سجنه وتمنى أن لا تمر تلك اللحظة فلا يكبر ويبقى على حاله.
دعوه الآن يمرح واتركوه، دعوه يرى لون الحياة "بمبي"، ولا يمتزج سوادها بقلبه، اتركوه في وطنه وناموا في أوطانكم مكبلين، "فليت نرى سجن الوطن، كما يرى الطفل سجن الغجر".