الإسكندرية تدفع فواتير "النوّة".. خسائر بمئات الآلاف.. مليون جنيه لسقف "بيرم التونسي".. "التضامن" تعترف بـ61 متضررًا فقط.. وتنفي قيمة الـ"100" جنيه تعويض
ما بين شرفات منهارة وسيارات
غارقة ومنازل غمرتها المياه، لازالت مديرية التضامن الاجتماعي بالإسكندرية تحاول
حصر كم الخسائر والتلفيات التي لحقت المحافظة جراء النوة التي شهدتها المدينة
الأسبوع الماضي، وسط وعود أن يتم تعويض أهالي ضحايا المتوفيين بعشرة آلاف جنيه لكل
أسرة، ومبالغ تتراوح ما بين ألف إلى خمسة آلاف جنيه لكل أسرة غرقت شقتها بسبب مياه
الأمطار أو الصرف الصحي.
مضاعفة قيمة التعويضات
وأوضح
نبيل عباس، مدير مديرية التضامن الاجتماعي بالإسكندرية، إلا أن القانون ينص على أن
أعلى قدر للتعويضات يكون 5 آلاف جنيه فقط، إلا أن فجاعة الحادث الذي تعرض له طفلان
وشاب لقيوا حتفهم صعقا بمنطقة محرم بك؛ بسبب سقوط كابل كهرباء الترام في المياه،
دفع وزارة التضامن لمضاعفة قيمة التعويض لذويهم بمقدار 10 آلاف جنيها لكل منهم.
ونفى عباس
الأخبار التي تم تداولها حول إقرار مبلغ تعويض 100 جنيه لأصحاب المنازل التي
غمرتها المياه، وتسببت في إتلاف محتوياتها، موضحًا أنه لا يوجد في قانون التضامن
الاجتماعي ما ينص على هذا، وإنما تتراوح قيمة التعويضات ما بين ألف جنيه إلى خمسة
آلاف جنيه حسب حجم خسائر كل أسرة.
توابع النوّة
عن
الحوادث الفردية التي وقعت لأشخاص أو أماكن بسبب ارتفاع منسوب المياه، فقد كانت
أولاها متمثلة في انهيار شرفة بعد منتصف الليل بطريق كورنيش البحر وتحديدا بمنطقة
الشاطبي، وتسبب سقوطها في تحطم سيارة ملاكي كانت متواجداة بالشارع المواجه لمقر
نقابة مهندسي الإسكندرية، وفي نفس الليلة انهارت شرفة عقار آخر بمنطقة بحري غرب
الإسكندرية، إلا أنه لم يتسبب في وقوع أي إصابات للمارة وقتها.
وتسببت
قوة الرياح كذلك في انهيار سوق مدرسة كليوباترا للغات بشرق الإسكندرية فوق
سيارتين، ويأتي هذا بخلاف سقوط لوحة إعلانات بطريق كورنيش البحر، وسقوط عمود إنارة
على سيارة بشارع العيسوي في منطقة سيدى بشر، ليتبع ذلك بساعات حدوث هبوط أرضي بعمق
3 أمتار وعرض 10 أمتار، في شارع عبدالمنعم سند بمنطقة كامب شيزار وسط المدينة،
نتيجة كسر في ماسورة مياه وماسورة صرف صحي، خلال أزمة هطول الأمطار بغزارة.
وبعد 20 ساعة شهدت منطقة
الرمل انهيار كامل لعقار به 3 أسر كان آيلا للسقوط بشارع بلال بن رباح بمنطقة أبو
سرحه، ويبدو أنه لم يتحمل ضغط المياه والثلوج طويلا، لينهار بعد ساعات ولكن من دون
وقوع إصابات، وأعلنت مديرية التضامن الاجتماعي عن توفير مأوى بديل لسكانه المشردين.
ولم تنتهِ
أولى ليالي النوة إلا بوقوع كارثة جديدة وهي انهيار سقف مسرح بيرم التونسي بمنطقة
سبورتنج بطريق كورنيش البحر، بعدما تشرب السقف (المصنوع من الجبس) كمية كبيرة من
المياه أدت لكسره وسقوطه، محدثا كم كبير من التلفيات حيث أثر انهيار السقف وتسريبه
للمياه في تلف شبكة الكهرباء الخاصة بالمسرح بالكامل، مما أصبح يستوجب إحلالها
بالكامل.
وقد كان
لأصحاب السيارات نصيب كبير من حوادث نوة الإسكندرية، بعدما غرق كثير منها في مياه
الأمطار، إلا أنه لم يكنهناك جهة محددة تتلقى شكاوى أصحاب السيارات كي يم حصر
أعداد المتضررين، إلا أن هناك محضر جماعي حرره 14 من ملاك سيارات ملاكي بقسم شرطة
محرم بك، يطالبون فيه بتعويضهم ماديا عن الأضرار التي لحقت بهم بعد غرق سياراتهم
بالكامل في تجمع مياه الأمطار، حيث داوم أهالي شارع الظاهر على ترك سياراتهم في
قطعة أرض خلاء، من المقرر أن يتم بناؤها في القريب واستعان الأهالي بها مؤقتا
كجراج لسياراتهم، ونظرا لأنها منخفضة عن سطح الأرض فقط غدت مياه الأمطار التي لم
تستطع المصافي في تصريفها، أسطح السيارات بالكامل واستغرقت حوالي 20 ساعة حتى جفت
تماما واستطاع أصحابها أن يستخرجوها من أماكنها بعدما كانت قد تلفت المواتير
والأثاث بداخلها، كما قام 2 من أصحاب سيارات الأجرة (الميكروباص) بتحرير محاضر
مشابهة بقسم شرطة ثان المنتزه، يطالبون في بتعويض بعد تلف محركات سياراتهم اثناء
عبورهم من اسفل كوبري المندرة شرق المدينةن حيث طالت المياه واجهة السيارات ووصلت
إلى المحركات وأتلفتها.
كارثة ثقافية
أوضح
هيثم بسيوني، مدير إدارة العلاقات العامة بالمسرح، أن سقف المسرح الأساسي المصنوع
من الخرسانة لم ينهار، وإنما الأزمة كلها وقعت للسقف المعلق المصنوع من الجبس الذي
تشرب كمية كبيرة من المياه تسببت في وقوعه بالساحة الرئيسية داخل المسرح، إلا أن
وزارة الثقافة وعدت بتكبد الخسائر الناتجة عن هذا، حيث تم عقد اجتماع عاجل بين
مديري المسرح ومديري إدارة المشروعات ومديري العروض الذين حضروا من القاهرة
لمتابعة تطورات الأمر.
واتفق
وفد وزارة الثقافة على إسناد مهمة الإصلاح لأحد المقاولين، ليقوم بتركيب سقف جديد
من الجبس وعمل طبقة عازلة تفصل بينه وبين السقف الأصلي، مع إصلاح شبكة كهرباء
المسرح بالكامل على نفقة الوزارة، إلا أن المقاول لم يعلن بعد عن التكلفة النهائية
التي سيتطلبها الأمر ولكن من المتوقع أن تصل إلى مليون جنيه.
التضامن
لا تعترف بالضحايا
أما
عن المتضررين من أصحاب منازل الدور الأرضي والمحلات، فقد وصلت أعدادهم بالآلاف،
بمناطق (بحري، الورديان، العامرية، بوكلى، الحضرة ، أبو قير، والمنتزه)، إلا أن
مديرية التضامن الاجتماعي لم تعترف إلا بـ 61 حالة منهم فقط، جاءت جميعها من سكان
منطقة العوايد بشرق الإسكندرية، الذين غرقت منازلهم بفعل تراكميات مياه الأمطار
مما أدى لتلف الأثاث وأمتعتهم الشخصية، وكذلك أصحاب المحلات بمنطقة "زنقة
الستات" وسوق المنشية والذي غمرت المياه لارتفاع أكثر من 50 سم، وتسبب في
إحداث تلفيات كبيرة جدية لجميع أصحاب الفرش والمحلات بالمنطقة.
وأوضح
نبيل عباس، مدير مديرية التضامن الاجتماعي، أن حجم التلفيات التي أصابت أصحاب
المنازل والمحلات لم تكن كبيرة بالقدر الذي صوره الإعلام، وإنما قامت المديرية
بتشكيل لجان بحث في مختلف الأحياء لرصد حجم هذه التلفيات على أرض الواقع وكتبة
تقرير عنها، خاصة لهؤلاء الذين حاولوا تحرير محاضرفي أقسام الشرطة التابعين لها
توثق أحقيتهم في الحصول على تعويض في نفس يوم النوة، وقد وصل إجمالي الحالات
المتضررة إلى 61حالة، من المقرر أن يتم تعويضهم بمبالغ مادية تصل إجمالا إلى حوالي
183 ألف جنيه، في الوقت الذي أعلنت فيه مؤسسة "مصر الخير" إرسال إغاثات
عاجلة للمتضررين من الأمطار، تتضمن تقديم 5 الأف بطانية، و5 الأف كرتونه مواد
غذائية.
أصحاب
المحال يصرخون
بينما
عبر المئات من أصحاب المحلات عن عدم رضاهم عن الطريقة التي تعاملت بها مديرية
التضامن معهم، حيث أوضح الحاج علي، أحد تجار سوق المنشية، أن محله غرق في مياه
الأمطار وتلفت محتوياته بالكامل من ملابس وأحذية وعندما توجه للشكوى بالمديرية
قالوا إنهم لا يتلقون الشكاوى وإنما يقوموا بأنفسهم بالمعانية، إلا أنهم عندما
حضروا للمعاينة اكتفوا بعدد قليل من المحلات وخصصوا لكل منهم رقم قليل جدا مقارنة
بحجم الخسائر التي وجدوها، وهو نفس الأمر الذي تكرر بأسواق الورديان والساعة
ومنطقة بوكلى، والتي تراوحت الخسائر المادية فيها ما بين الآلاف إلى مئات الآلاف
ليواجه كل صاحب محل مصيبته منفردا ويبدأ في البحث ن مخرج لتسديد ديونه أو التصرف
في البضاعة التالفة ولو بنصف ثمنها.
ولم
يكن البسطاء أو سكان ما تحت الأرض هم فقط المتضررين، بل إن هناك منشآت عملاقة
طالتها مياه الأمطار وتسببت في غرق بعضها لعدة ساعات حتى تمكنت من السيطرة على
الوضع، وأولها قاعة المؤتمرات بمكتبة الإسكندرية، والتي تقع في الدور الأرضي بمبنى
منفصل عن مبنى المكتبة الرئيسي، وغرقت أرضيتها كاملة في الميا مما أدى إلى إلغاء
كافة الفعاليات التي كانت من المقرر أن تقام داخل المبنى خلال هذا اليوم حتى
استطاع العمال السيطرة على الوضع وتجفيف المياه، وكانت أزمة فندق "الفورسيزون"
بمنطقة سانستيفانو بشرق الإسكندرية، بعدما غرق الدور الأرضي به بالكامل، وسط
توقعات بأن تكتفي إدارة الفندق بتغيير الموكيت بالدور الأول فقط.