خبير يعلق على طلب ترامب عبور السفن الأمريكية قناة السويس مجانا

أكد خبير القانون الدولي محمد مهران أن مطالبة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمرور السفن الأمريكية عبر قناة السويس مجانا، تمثل انتهاكا صارخا للسيادة المصرية والقانون الدولي.
وقال مهران، إن قناة السويس تعتبر جزءا لا يتجزأ من الأراضي المصرية، وتخضع للسيادة المصرية الكاملة وفق مبادئ القانون الدولي المستقرة، وأي محاولة للمساس بهذه السيادة أو فرض استثناءات تمييزية لصالح دولة معينة يعد خرقا واضحا لمبدأ المساواة بين الدول وللنظام القانوني الدولي المعاصر.
وأوضح أن قناة السويس تخضع لمعاهدة القسطنطينية لعام 1888، التي أقرت حرية الملاحة في القناة لجميع الدول في زمن السلم والحرب، مع احترام سيادة مصر الكاملة على القناة وحقها في فرض رسوم مقابل خدمات العبور التي تقدمها.
وأضاف أستاذ القانون الدولي، أن النظام القانوني الذي يحكم قناة السويس يستند إلى مبدأين أساسيين: الأول هو السيادة المصرية الكاملة على القناة، والثاني هو حق جميع السفن في المرور الحر عبر القناة مقابل رسوم متساوية تفرض على الجميع دون تمييز، مشيرا إلى أن هذان المبدآن متوازنان ومتكاملان، ولا يمكن قبول الانتقاص من أحدهما بحجة الحفاظ على الآخر.
ولفت إلى أن رسوم العبور التي تفرضها مصر على السفن العابرة للقناة ليست ضريبة أو جباية استثنائية، بل هي مقابل خدمات فعلية تقدمها الهيئة المصرية لقناة السويس، بما في ذلك صيانة القناة وتوسيعها وتعميقها وضمان سلامة الملاحة فيها، فضلا عن خدمات الإرشاد البحري والقطر والإنقاذ وغيرها.
وتابع قائلا: "قناة السويس أحد المرافق الاستراتيجية التي تستلزم استثمارات ضخمة وتكاليف تشغيل باهظة، وهي جزء من الاقتصاد المصري ومورد أساسي للعملة الصعبة، ومن غير المنطقي أو العادل المطالبة بإعفاء سفن دولة معينة من هذه الرسوم لمجرد أنها قوة عظمى".
كما أكد مهران، أن تصريحات الرئيس الأمريكي تتناقض مع المبادئ الأساسية للقانون الدولي، وخاصة مبدأ السيادة المتساوية بين الدول الذي أقره ميثاق الأمم المتحدة، ومبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، ومبدأ احترام التعاقدات الدولية.
وأشار إلى أن القانون الدولي المعاصر يرفض تماما فكرة الامتيازات الأجنبية التي كانت سائدة في عصر الاستعمار، والتي كانت تمنح للدول الكبرى حقوقا استثنائية على حساب سيادة الدول الأخرى، لافتا إلى أن المجتمع الدولي تجاوز هذه المرحلة التاريخية، وأصبح يقوم على مبدأ المساواة في السيادة بين جميع الدول بصرف النظر عن حجمها أو قوتها.
وشدد على أن المطالبة بإعفاء السفن الأمريكية من رسوم العبور يعد نوعا من الامتيازات الاستعمارية المرفوضة تماما في القانون الدولي المعاصر، ويشكل عودة إلى عقلية استعمارية متجاوزة تتعارض مع مفاهيم العلاقات الدولية المعاصرة القائمة على الاحترام المتبادل والمعاملة بالمثل.
وبين الخبير الدولي، التناقض الصارخ بين مطالبة الإدارة الأمريكية بإعفاء سفنها من رسوم العبور في قناة السويس، وبين ممارساتها الخاصة في الممرات المائية الدولية الخاضعة لسيطرتها؛ وقال إن الولايات المتحدة نفسها كانت تفرض رسوما على السفن التي تمر عبر قناة بنما عندما كانت تسيطر عليها، رغم أن السيطرة على هذه القناة كانت بموجب معاهدات تاريخية.
ونوه بأن الولايات المتحدة تفرض رسوما على السفن التي تمر عبر الممرات المائية الداخلية الأمريكية مثل نظام القنوات البحرية في البحيرات العظمى وغيرها.
وأضاف أن هذا التناقض بين ما تطالب به الولايات المتحدة لنفسها وما تطبقه على الآخرين يمثل ازدواجية معايير واضحة ومرفوضة في العلاقات الدولية، ويتعارض مع مبدأ المعاملة بالمثل الذي يعد أحد الركائز الأساسية للقانون الدولي.
وحذر عضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، من أن مثل هذه التصريحات غير المسؤولة قد تؤدي إلى توترات دبلوماسية غير مبررة بين مصر والولايات المتحدة، وتضر بالعلاقات الاستراتيجية بين البلدين في وقت يحتاج فيه الجانبان إلى تعزيز التعاون لمواجهة التحديات المشتركة.
وأشار إلى أن هذه التصريحات تشكل سابقة خطيرة، قد تدفع دولا أخرى للمطالبة بامتيازات مماثلة، ما قد يهدد النظام القانوني المستقر الذي يحكم الممرات المائية الدولية، ويؤدي إلى فوضى في العلاقات الدولية.