نجاة طفلة بعد قضائها ليلة كاملة في عرض البحر
في مشهد يعكس مأساة إنسانية تتكرر بصمت في البحر الأحمر المتوسط، نجت طفلة سيراليونية تبلغ من العمر 11 عامًا من حادث غرق مرعب، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة "لوموند" الفرنسية.
جاء ذلك بعد أن تم العثور على الطفلة في عرض البحر في ليلة الـ11 من ديسمبر الحالي، بواسطة فرق الإنقاذ التابعة للمنظمة غير الحكومية الألمانية "Compass Collective".
وبحسب الصحيفة، وقع الحادث في وقت حساس، حيث كانت إيطاليا تتبع سياسة مشددة تجاه الأنشطة الإنسانية في البحر، مع سعي الحكومة إلى تقليص دور المنظمات غير الحكومية في عمليات الإنقاذ.
الطفلة، التي كانت الناجية الوحيدة من قارب غارق، غادرت تونس على متن قارب متهالك مع 44 مهاجرًا آخرين، لكنهم غرقوا جميعًا باستثنائها. وظلت الطفلة على قيد الحياة بفضل تمسكها بعوامتين صغيرتين في البحر المتلاطم الأمواج، إلى أن تم اكتشافها من قبل فريق الإنقاذ التابع لـTrotamar III، الذي كان في مهمة روتينية بالقرب من موقع الحادث.
ورغم ضجيج محرك القارب، تمكن القبطان ماتياس ويدينلوبيرت من سماع نداءات الاستغاثة للطفلة، في ما وصفه بـ"المعجزة".
وأكد التقرير أن البحر الأبيض المتوسط يبقى منطقة خطرة للمهاجرين القادمين من شمال أفريقيا، حيث يشهد سنويًّا مئات الحوادث المأساوية. وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 22,000 شخص اختفوا أو لقوا حتفهم منذ عام 2014 بين تونس، وليبيا، والسواحل الإيطالية.
ولفت التقرير إلى أن الحكومة الإيطالية، في السنوات الأخيرة، اتخذت إجراءات صارمة ضد المنظمات الإنسانية التي تقدم المساعدة للمهاجرين في البحر؛ ما أدى إلى تقليص عمليات الإنقاذ، موضحًا أن العديد من المنظمات غير الحكومية واجهت تهديدات قانونية جعلت عملها في البحر أكثر صعوبة.
وأضاف تقرير "لوموند" أنه رغم هذه القيود، تواصل المنظمات الإنسانية، مثل "Compass Collective", أداء دور حيوي في إنقاذ الأرواح، حيث تعمل فرق الإنقاذ كعناصر أساسية في مواجهة الموت المحقق للعديد من المهاجرين الذين يخاطرون بحياتهم في البحر بحثًا عن حياة أفضل في أوروبا.
ووفقًا لشهادات أفراد طاقم Trotamar III، كانت الطفلة على بعد لحظات من الموت قبل أن يتم إنقاذها؛ ما يعكس المخاطر الحقيقية التي تواجهها رحلات الهجرة عبر البحر الأبيض المتوسط.
ونوه التقرير إلى أن حادث إنقاذ الطفلة في ديسمبر يعكس مرة أخرى تحديات السياسة الإيطالية في مواجهة الهجرة غير الشرعية، في وقت تتزايد فيه الانتقادات للسياسات التي تركز على تقليل وجود المنظمات الإنسانية في البحر.
وأكد أن هذه المنظمات، رغم التحديات، تواصل دورها الإنساني، بينما تبقى الكثير من الأسرار والقصص الإنسانية مفقودة في أعماق البحر، بعيدًا عن الأنظار الرسمية.