أنطونيو غوتيريش: لا يمكن خلق مستقبل للأحفاد بنظام بُني للأجداد
كشف أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، عن أن المفاوضات النهائية بشأن مؤتمر القمة المعني بالمستقبل الذي سينعقد هذا الشهر، تجري حاليًا في نيويورك، حيث سيتفق رؤساء الدول على إصلاحات يتم إدخالها على اللبنات الأساسية لبنيان التعاون العالمي.
جاء ذلك في مقالة للأمين العام للأمم المتحدة بمناسبة انعقاد مؤتمر القمة العالمي المعني بالمستقبل، ووزعها مركز الأمم المتحدة للإعلام بالقاهرة على الصحف ووسائل الإعلام.
وبحسب "غوتيريش"، فقد دعت الأمم المتحدة إلى عقد هذه القمة الفريدة من نوعها بسبب وضع صارخ نشهده، ألا وهو أن حركة تطوّر المشاكل العالمية تمضي بسرعة لا تقدر على مواكبتها المؤسسات المصمّمة لحلها.
وقال الأمين العام في مقالته، إن الأدلة على ذلك حولنا في كل مكان. فالنزاعات الشرسة ومشاهد العنف تجلب ويلات رهيبة؛ والانقسامات الجيوسياسية تستشري؛ والتفاوت والظلم منتشران في كل مكان، مما يبدّد الثقة ويفاقم المظالم ويؤجج نعرات الشعبوية والتطرف. والتحديات الأزلية المتمثلة في الفقر والجوع والتمييز ومعاداة المرأة والعنصرية باتت تتخذ أشكالاً جديدة.
وأضاف: "في الوقت ذاته، نواجه تهديدات وجودية جديدة، من فوضى مناخية وتدهور بيئي خرجا عن السيطرة إلى تكنولوجيات من قبيل الذكاء الاصطناعي تتطوّر وسط فراغ أخلاقي وقانوني".
وتابع أنطونيو غوتيريش: "مؤتمر القمة المعني بالمستقبل هو بمثابة اعتراف بأن حلّ جميع هذه التحديات بين أيدينا. بيد أننا بحاجة إلى تحديث لمنظوماتنا لا يمكن إنجازه إلا عن طريق قادة العالم".
بينما أكد على أن عملية صنع القرار الدولي عالقة في دوامة أخرجتها من الزمن. فالعديد من المؤسسات والأدوات العالمية هو نتاج حقبة أربعينيات القرن العشرين - أي عصر ما قبل العولمة، وما قبل التحرّر من الاستعمار، وما قبل الاعتراف العام بعالمية حقوق الإنسان والمساواة الجنسانية، وما قبل فتح الإنسان آفاق الفضاء الخارجي - ناهيك عن الفضاء السيبراني.
المهيمنون على مجلس الأمن
قال الأمين العام، أنطونيو غوتيريش، إن المنتصرون في الحرب العالمية الثانية لا يزالون هم المهيمنون على مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بينما قارة أفريقيا بأكملها ليس لها مقعد دائم. والهيكل المالي العالمي تميل كفته بشدة ضد مصالح البلدان النامية، وهو لا يوفر لهذه البلدان شبكة أمان تسعفها عندما تواجه الصعوبات، مما يغرقها بالديون، فتُستنزف أموالها لسداد الديون بدلا من الاستثمار في شعوبها.
وأضاف أن المؤسسات العالمية لا توفر إلا حيّزا ضيقا للعديد من الأطراف التي تضطلع بأدوار رئيسية في عالم اليوم - من المجتمع المدني إلى القطاع الخاص. والشباب، الذي هو مَنْ سيرث المستقبل، يكاد يكون غير مرئي في وقت لا تجد فيه مصالح الأجيال القادمة من يمثلها.
وتابع: "الرسالة واضحة: لا يمكننا خلق المستقبل الذي يليق بأحفادنا بنظام بُني لأجدادنا. وسيكون مؤتمر القمة المعني بالمستقبل فرصة سانحة لإعادة إطلاق تعاون متعدد الأطراف بشكل جديد يلائم معطيات القرن الحادي والعشرين".
خطة جديدة للسلام
كشف أنطونيو غوتيريش: "من الحلول التي اقترحناها خطة جديدة للسلام تركز على تحديث المؤسسات والأدوات الدولية لمنع النزاعات وإنهائها، بما في ذلك مجلس الأمن. وتدعو الخطة الجديدة للسلام إلى إعطاء دفعة جديدة للجهود الرامية إلى تخليص عالمنا من الأسلحة النووية وسائر أسلحة الدمار الشامل؛ وإلى إعطاء مفهوم الأمن تعريفا أوسع يشمل العنف الجنساني وعنف العصابات. وهي تأخذ التهديدات الأمنية المستقبلية في الحسبان، معترفةً بالطبيعة المتغيرة للحرب وبمخاطر توظيف التكنولوجيات الجديدة كسلاح يُستخدم في العدوان. فنحن مثلا بحاجة إلى اتفاق عالمي لحظر ما يسمّى بالأسلحة الفتاكة ذاتية التشغيل التي يمكنها أن تتخذ قرارات الحياة أو الموت دون تدخل بشري".
وأضاف المسؤول الأممي الأرفع: "يجب أن تكون المؤسسات المالية العالمية انعكاسا لعالم اليوم وأن تكون مؤهلة لقيادة استجابة أقوى لتحديات اليوم - تحديات الديون والتنمية المستدامة والعمل المناخي. وهذا يعني اتخاذ خطوات ملموسة لمعالجة حالات المديونية الحرجة، وزيادة قدرة المصارف الإنمائية المتعددة الأطراف على الإقراض، وتغيير نموذج عملها بحيث تتاح للبلدان النامية فرص أكبر بكثير للحصول على التمويل الخاص بكلفة ميسورة".
وأكد: "بدون هذا التمويل، لن تتمكن البلدان النامية من التصدي لأكبر تهديد لمستقبلنا: ألا وهو أزمة المناخ. وهي بحاجة إلى الموارد بصورة عاجلة لإحداث التحوّل من الوقود الأحفوري المدمّر للكوكب إلى مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة".