أنطونيو غوتيريش: "الهول" أسوأ مخيمات اللاجئين بالعالم
أثناء زيارته للعراق التقى أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، عددًا من العراقيين العائدين من مخيم الهول في شمال شرق سوريا، الذي ما زال فيه آلاف العالقين من العراقيين والسوريين والجنسيات الأخرى غالبيتهم من النساء والأطفال.
ودعت الأمم المتحدة مرارًا جميع الدول بإعادة آلاف النساء والأطفال، الذين يُحتجز بعضهم في المخيم لسنوات للاشتباه بعلاقتهم الأسرية أو بروابط أخرى بداعش، إلى أوطانهم، ويعيش الكثيرون منهم بدون دعم قانوني في ظروف صعبة قد تهدد حياتهم.
وبعد زيارته لمركز الجدعة لإعادة التأهيل ولقاء عدد من العائدين، أشاد "غوتيريش" بما وصفها بالجهود المثالية التي يبذلها العراق وشدد على أهمية مواصلة عمليات العودة.
وأضاف الأمين العام للأمم المتحدة: "عندما كنت مفوضًا ساميًا لشؤون اللاجئين على مدى 10 سنوات، زرت مخيمات بجميع أنحاء العالم. ليس لدي شك في أن أسوأ مخيم في العالم اليوم هو مخيم الهول، الذي يعيش العالقون فيه منذ سنوات في ظل أسوأ الظروف والمعاناة الهائلة".
وحث البلدان الأخرى والمجتمع الدولي على تحمل المسؤولية واتخاذ الإجراءات الضرورية بهذا الشأن. وقال إن ما يقرب من نصف سكان مخيم الهول تقل أعمارهم عن 12 عامًا، وهم عالقون هناك في حالة من اليأس لا يرون لها مخرجًا في ظل المعاناة من الحرمان من حقوقهم ومن الاستضعاف والتهميش.
وشدد أنطونيو غوتيريش على حاجة الموجودين في مخيم الهول لإيجاد حل للمأزق الذي يعيشون فيه، لأن ذلك ما تمليه الكرامة الإنسانية ومبادئ الرحمة وأيضا المتطلبات الأمنية.
وأضاف المسؤول الأممي الأرفع أن ترك هذا الوضع العصي عن التبرير يتفاقم ويزيد الشعور بالاستياء واليأس، والمخاطر المحدقة بالأمن والاستقرار. وشدد على ضرورة الحيلولة دون أن تتسبب التركة التي خلفها القتال الدائر بالأمس في تأجيج نزاع يقع غدًا.
وأيضًا قال إن العراق يثبت أن عمليات الإعادة إلى الوطن على نحو يتسم بالمسؤولية أمر ممكن، من خلال إيجاد حلول تحفظ الكرامة وتستند إلى مبدأي المساءلة وإعادة الإدماج.
وأشاد "غوتيريش" بحكومة العراق لما تبذله من جهود تعد مثالا يحتذى به في العالم، ولكنه شجع الحكومة على مواصلة العمل من أجل تسريع إعادة الإدماج المجتمعي لمن يقيمون هنا، ومعظمهم دون سن 18 عامًا. وأكد أن الأمم المتحدة ملتزمة ومعبأة بشكل تام من أجل دعم هذه الجهود الحيوية.
ودعا جميع الدول الأعضاء التي يوجد أفراد من رعاياها في مخيم الهول وأماكن أخرى، إلى أن تكثف جهودها لتيسير عودة مواطنيها في ظروف آمنة وكريمة إلى أوطانهم، وأن تقتدي بمثال العراق.
وقال أنطونيو غوتيريش: "العراق ليس من بين أغنى دول العالم، ولكنه أعاد مواطنين له من مخيم الهول. كل الدول التي يوجد لها مواطنون في الهول، يجب أن تفعل المثل وأن تفعل ذلك بشكل يتسم بالكرامة ويتماشى مع القانون الدولي المعمول به، وفي حالة الأطفال أن يسترشد ذلك بمصالح الأطفال الفضلى".
واختتم كلمته بالإعراب عن إعجابه بصمود وقوة العائدين الذين قابلهم. وقال: "إنهم يريدون الاندماج مرة أخرى في مجتمعاتهم، وأنا ممتن للغاية لحكومة العراق، فرغم كل الصعوبات والمشاكل والشواغل الأمنية المشروعة إلا أنها ملتزمة بإعادة العراقيين وإعادة إدماجهم وتأهيلهم من أجل مستقبل المجتمعات والبلد".
كردستان العراق
توجه الأمين العام إلى إقليم كردستان العراق حيث عقد اجتماعات مثمرة مع عدد من المسؤولين منهم الرئيس ورئيس الوزراء.
أثناء حديثه مع الصحفيين، قال "غوتيريش" إنه تناول في الاجتماعات العلاقات مع بغداد، وأضاف: "كما قلت في بغداد، فإن الانتقال من الإدارة المستمرة للأزمات إلى حوار مؤسسي أكثر تنظيما هو في مصلحة ولصالح الجميع. وهناك عدد من القضايا التي تتطلب اتفاقا، بما في ذلك: الموازنة الاتحادية لسنة 2023، وقانون النفط والغاز، وتعزيز التعاون الأمني، وتسريع تنفيذ اتفاق سنجار، ووضع اللمسات الأخيرة على حوار كركوك".
كما قال إنه لمس في مناقشاته في أربيل وبغداد التزاما حقيقيا بالمضي قدمًا، وحث الجميع على تحويل الالتزام إلى واقع ملموس.
وشدد على ضرورة الاحترام الكامل لمبادئ السيادة والسلامة الإقليمية وحسن الجوار، في جميع الأوقات. وحث الجميع على مواصلة الحوار والمساعي الدبلوماسية وممارسة أقصى درجات ضبط النفس لمنع مزيد من عدم الاستقرار واحتواء خطر التصعيد الإقليمي.
وجدد الأمين العام ما ذكره في بغداد قائلًا: "إن زيارتي هي زيارة تضامن وأمل في المستقبل، ولكن تحقيق غد أفضل يتطلب العمل اليوم. إنه يتطلب دبلوماسية حازمة وحوارا بناء وشجاعة لتقديم التنازلات اللازمة".
كما قال: "هناك فرصة سانحة أمام العراق وإقليم كردستان العراق، ويمكن أن تترجم إلى واقع إذا تمكن العراقيون من العمل معًا والاتحاد وإذا تمكن شعب هذا الإقليم من العمل معا أيضا والاتحاد".
وأضاف أن العراق يمكن أن يكون دولة غنية تضمن مستقبلا مزدهرا لشعبها، وأعرب عن أمله في أن يتحول هذا إلى حقيقة عما قريب.