الحماية الجنائية للفكر الإنساني
دعونا نعيش فى دهاليز موضوع هذا المقال وباعثنا فى ذلك أن الأفكار الإنسانية كالآراء والاختراعات العلمية أو الأدبية لا تكون موضوعاً لجريمة السرقة لأنها متجردة من الطبيعة المادية، فموضوع السرقة وفقاً للمقرر قانون ذو طبيعة مادية، وبالتالي الذي يصلح موضوعاً للسرقة فى هذا الصدد هو الأوراق المثبتة للأختراع أو الفكر.
وفى السياق ذاته ومن أجل حماية هذه الأفكار الإنسانية والاختراعات العلمية أو الأدبية، صدر قانون حماية حقوق الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002، والذي تضمن نصوصاً تجريمية تضمن مواجهة الأعتداء على حقوق المؤلف.
وعلى ذلك إذا نسب شخص لنفسه فكرة غيره أو رأيه أو اختراعه، يتم معاقبته طبقاً لنصوص قانون حماية الملكية الفكرية المشار إليه، أما إذا قام شخص باختلاس الكتاب أو الأوراق التي دونت فيه أفكار المؤلف أو اختراعه فإنه يُعد مرتكباً لجريمة السرقة، لأن الكتب ذاتها والأوراق وغيرها من المستندات تعتبر ذات كيان مادي، وبالتالي تصلح لأن تكون موضوعاً لجريمة السرقة.
وفى السياق ذاته أيضاً، ووفقاً للمادة 140 من قانون حماية الملكية الفكرية المشار إليه، تتمتع بحماية هذا القانون حقوق المؤلفين على مصنفاتهم الأدبية والفنية، وقد حددت المادة المشار إليها صور تلك المصنفات المشمولة بالحماية، هذا بخلاف ما تضمنته أحكام القانون المشار إليه بشأن الجرائم المتعلقة بالكشف عن المعلومات التجارية السرية، والعلامات التجارية، وأيضاً الجرائم الواقعة على الملكية الصناعية.
وجدير بنا فى هذا المقام أن نهيب بالمشرع المصري أن يتناول القانون المشار إليه بالتعديل ليواكب التطور التكنولوجي الذي تضمن سلوكيات إجرامية جديدة تتضمن اعتداءً على الفكر الإنساني وحقوق الملكية الفكرية.
وفى النهاية، بات ضرورياً التأكيد على أن القانون هو انعكاس للواقع ويجب أن يواكب التطور الحاصل فى شتي الميادين، فالتطور التكنولوجي له انعكاساته على مختلف القوانين الجنائية والمدنية والتجارية والإدارية وغيرها من القوانين، لذا فلا بد للمشرع أن يسير باضطراد يواكب ذلك التطور التكنولوجي، فالقانون هو روح العدل، وسيف القاضي لتحقيقه.