"غوتيريش": أزمة أوكرانيا تجعل الدول الفقيرة تصطف في طابو الديون
الأمم المتحدة تعلن عن قمة الطموح المناخي سبتمبر 2023
على الرغم من التجارب والاختبارات والتحديات، فهذا ليس وقت الوقوف موقف المتفرج – بل إنه وقت العزيمة والتصميم والأمل، هذا ما أكد عليه أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في مؤتمر صحفي بختام عام 2022، داعيًا إلى مقاومة اليأس وإيجاد حلول لإحداث تغيير ملموس في حياة الناس، قائلا للصحفيين في المقر الدائم إنه مصمم على جعل عام 2023 "عام السلام" و "عام العمل".
وبحسب بيانٍ وزعه مكتب الأمم المتحدة للإعلام بالقاهرة على الصحف ووسائل الإعلام المصري، قال "غوتيريش": "نحن مدينون للناس بإيجاد الحلول، بالمقاومة، بالعمل. في بعض الأحيان، بتكتم ولكن دائما بإصرار، سنقاوم".
بناءً على دعوته العامة للعمل، أعلن الأمين العام أنه سيعقد قمة الطموح المناخي في سبتمبر المقبل. وفي هذا السياق دعا كل قائد - من الحكومات والشركات والمدن والمناطق والمجتمع المدني والتمويل - إلى التقدم ببرامج وخطط طموحة ترقى إلى مستوى التحديات.
أسباب تدعو للأمل
فيما استهل مؤتمره الصحفي لنهاية العام في مقر الأمم المتحدة بإلقاء نظرة على ما جرى من أحداث مؤلمة في عام 2022، قال أنطونيو غوتيريش إنه رغم الأسباب الكثيرة التي تدعو إلى اليأس، بما فيها الحرب في أوكرانيا وما يرتبط بها من أزمة تكلفة المعيشة التي جعلت أفقر الدول العالم تصطف في "طابور الديون" (في إشارة إلى طابور الموت) - وهي تحدق في هاوية الإفلاس والتخلف عن السداد، شدد على أن هذا ليس وقت الوقوف موقف المتفرج، بل إنه وقت العزم والتصميم، - ونعم- حتى الأمل.
وأوضح "غوتيريش" أنه على الرغم من القيود والصعاب الطويلة، فإننا نعمل على صد اليأس ومحاربة خيبة الأمل وإيجاد حلول حقيقية. ليست الحلول المثالية - ولا حتى الحلول الجميلة دائما - ولكن الحلول العملية التي تحدث فرقا حقيقيا في حياة الناس، مضيفًا: "الحلول التي يجب أن تضعنا على الطريق نحو مستقبل أفضل وأكثر سلامًا".
ولفت إلى أن أحدث مثال على هذه الأخبار التي تدعو إلى التفاؤل جاء صباح اليوم – في الساعة 3:00 صباحا، إذ وافق المندوبون في مؤتمر الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي COP15 في مونتريال على إطار عالمي جديد للتنوع البيولوجي، كما أخبر الأمين العام الصحفيين في المقر الدائم، متابعًا: "لقد بدأنا أخيرا في إبرام ميثاق سلام مع الطبيعة" داعيا إلى المثابرة في هذا المسار".
دور الدبلوماسية
ذكر الأمين العام أن هناك قدرا من التقدم للمساعدة في معالجة بعض الصراعات المتفاقمة في العالم. غير أنه شدد على أهمية القيام بالمزيد في جميع الحالات، مشيرا إلى أن الدبلوماسية ساعدت في إبعاد العديد من الصراعات عن حافة الهاوية.
ومن الأمثلة التي ذكرها في مؤتمره الصحفي كان دور الدبلوماسية في كل من إثيوبيا وجمهورية الكزنغو الديمقراطية واليمن وأوكرانيا:
- في إثيوبيا، جهود الاتحاد الأفريقي للتوسط في السلام هي سبب للأمل. إذ تم إبرام اتفاقات لوقف الأعمال العدائية ويجري تنفيذها. يظهر طريق للمساعدة في الجزء الشمالي من البلاد.
- في جمهورية الكونغو الديمقراطية، أدت الجهود الدبلوماسية بقيادة أنغولا وجماعة شرق أفريقيا إلى خلق إطار للحوار السياسي لحل الأزمة في المنطقة الشرقية من البلاد.
- في اليمن، جلبت الهدنة مكاسب حقيقية للناس. منذ ذلك الحين، حتى لو كان الأمر هشا للغاية، لم تكن هناك عمليات عسكرية كبيرة في صراع كان الأبرياء يدفعون فيه الثمن الأبهظ.
وقد استؤنفت الرحلات الجوية المدنية من صنعاء. وصلت الإمدادات الحيوية أخيرًا عبر ميناء الحديدة.
- وحتى في الحرب الوحشية في أوكرانيا، رأينا قوة الدبلوماسية الحازمة والرصينة لمساعدة الناس والتصدي لمستويات غير مسبوقة من انعدام الأمن الغذائي العالمي.
على الرغم من التحديات المستمرة، فإن مبادرة حبوب البحر الأسود لتسهيل تصدير المواد الغذائية والأسمدة من أوكرانيا - ومذكرة تفاهم لصادرات المواد الغذائية والأسمدة الروسية دون عوائق إلى الأسواق العالمية - تحدث فرقا.
وأكد الأمين العام أن الأمم المتحدة ستواصل السعي على مدار الساعة لدعم التنفيذ الكامل لهذه المبادرات – بما في ذلك توضيح الإعفاءات للأغذية والأسمدة ضمن أنظمة العقوبات المختلفة، ومعالجة القيود غير المباشرة، والضغط من أجل زيادة الكفاءة في تنفيذ مبادرة حبوب البحر الأسود لزيادة حجم البضائع التي يتم نقلها من موانئ أوكرانيا.
وقال: "لن نتوانى عن السعي لتحقيق السلام في أوكرانيا. سلام يتماشى مع القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة".
فجوة الانبعاثات العالمية تتوسع
على الرغم من التعهدات التي تم التعهد بها في COP27 في مصر واتفاق التنوع البيولوجي، فمن الواضح أن معركة الحد من الانبعاثات إلى زيادة 1.5 درجة فقط فوق مستويات ما قبل الصناعة، لا تزال "تتحرك في الاتجاه الخاطئ"، في ظل توسع فجوة الانبعاثات العالمية.
ولفت الأمين العام الانتباه إلى خطة عمل التي أطلقت هذا العام والتي تهدف إلى وصول كل شخص في العالم إلى أنظمة إنذار مبكر في غضون خمس سنوات.
وقال إنه سيستمر في الضغط من أجل ميثاق تضامن مناخي، حيث تبذل جميع الجهات التي تنتج انبعاثات كبيرة جهدا إضافيا لتقليل الانبعاثات هذا العقد بما يتماشى مع هدف 1.5 درجة وضمان الدعم لمن يحتاجون إليه.
ولم يكبح الأمين العام من صراحته حيال حتمية مواجهة هذا التهديد الوجودي، قائلا إنه لن يلين.
وفي هذا السياق أعلن عن عقد قمة طموح المناخ في سبتمبر 2023، داعيا كل قائد - من الحكومات والشركات والمدن والمناطق والمجتمع المدني والتمويل، إلى الانخراط في العمل.
وقال: "يجب أن يأتوا بإجراءات مناخية جديدة وملموسة وذات مصداقية لتسريع وتيرة التغيير. والدعوة مفتوحة".
الوضع في أوكرانيا
في معرض رده على أسئلة الصحفيين حول الوضع في أوكرانيا وإن كان هناك احتمال لمحادثات سلام في الأفق، قال الأمين العام بكل صراحة: "لست متفائلاً بإمكانية إجراء محادثات سلام فعالة في المستقبل القريب. أعتقد أن المواجهة العسكرية ستستمر، وأعتقد أنه لا يزال يتعين علينا الانتظار لحظة يمكن فيها إجراء مفاوضات جادة من أجل السلام. لا أراها في الأفق القريب".
وفي هذا السياق، شدد على أهمية تركيز الجهود على جوانب أخرى مختلفة فيما يتعلق بزيادة كفاءة مبادرة البحر الأسود لنقل الحبوب، فيما يتعلق بالبدء في إمكانية إضافة مكونات جديدة لتلك المبادرة، بما فيها صادرات الأمونيا.
وقال "غوتيريش" للصحفيين في المقر الدائم إن الأمم المتحدة مهتمة جدا بتسريع عملية تبادل أسرى الحرب وخاصة مع اقتراب عيد الميلاد المجيد الذي يحتفل به الطرفان بعيد الميلاد في يناير.
وأضاف أن ذلك سيكون شيئا مهما جدا. "لا أستطيع أن أتخيل مدى دراماتيكية أن تكون أسير حرب في بلد آخر، مع نوع الحرب التي نشهدها في أوكرانيا".
وأوضح أن الأمم المتحدة ستواصل العمل لتحاول أن يكون مفيدة، وأن توفر منصات للحوار لتقليل المعاناة، لكن لا تعترينا الأوهام بأن مفاوضات سلام حقيقية ستكون ممكنة في المستقبل القريب.