عاجل
الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الادارة
رجب رزق
رئيس التحرير
سامي خليفة
الرئيسية القائمة البحث

وزير الري بجنوب السودان: خلاف سد النهضة يؤثر علينا سياسيا.. وهذه مقترحتنا لحل الأزمة

وزير الري بجنوب السودان
وزير الري بجنوب السودان



أجرت وكالة "سبوتنيك" الروسية حوارا مع وزير الري بدولة جنوب السودان، مناوا بيتر قاركوث، الذي أكد أن أزمة سد النهضة تحتاج إلى إرادة قوية من جميع الأطراف للوصول إلى اتفاق عادل.

وأكد الوزير في حوار مع وكالة"سبوتنيك"، أن بلاده على استعداد للعب دور الوساطة تحت مظلة الاتحاد الأفريقي، مشيرا إلى أن كل الأطراف أبدت استعدادها لتقديم تنازلات من أجل الحل السلمي، وأن جوبا تستكشف كل الآراء الآن قبل التقدم بمقترح رسمي للحل.


وإليكم نص الحوار..

لماذا تم اتهامكم بالانحياز إلى إثيوبيا في أزمة سد النهضة؟

بكل أسف كانت هناك تصريحات غير حقيقية نسبت لي ولم أدل بها، وقد أصدرنا نفيا لتلك التصريحات، ويبدو أنها جاءت في ظل الصراع الحادث في الإقليم بشأن سد النهضة، بعض الناس استغلت التصعيد الإعلامي والتصريحات المتضاربة بين الدول الثلاث، لذا قد يكون البعض أراد إحداث بلبلة وإقحام جنوب السودان في الأزمة من أجل إدخال لاعبين دوليين آخرين، خاصة وأن هناك شد وجذب بين الدول الثلاث، وبالنسبة لنا في جنوب السودان، موقفنا واضح من البداية بأننا لسنا مع أي طرف من الأطراف لأن سياستنا الخارجية قائمة على احترام سيادة الدول على أراضيها وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، ودعونا الجميع إلى الاحتكام إلى صوت العقل والسعي لتحقيق تسوية سلمية لتحقيق الاستقرار في المنطقة، فهناك علاقات تاريخية بين مصر والسودان وإثيوبيا، رغم ذلك ظلت مفاوضات سد النهضة لمدة 10 سنوات فشلت خلالها في التوصل إلى اتفاق يرضي كل الأطراف.

إذا ما هي رؤيتكم لحل أزمة السد الإثيوبي؟

كما قلت موقفنا من تلك الأزمة واضح، ويتمثل في ضرورة أن يصل الأطراف الثلاثة إلى اتفاق ملزم ومرضي بخصوص ملء السد وتشغيله، نعم هناك بعض التخوفات المشروعة من الجانب المصري والسوداني من عملية ملء السد وتشغيله، نظرا للآثار المترتبة على تلك العملية ولأن مصر والسودان يعتمدان بشكل رئيسي على المياه من النيل الأزرق، لذلك ندعو الدول الثلاث إلى تغليب المصلحة العامة للمنطقة وتفعيل مبادئ القانون الدولي التي تحكم العلاقات وإدارة المياه العابرة بين الدول، فلو توفرت الإرادة السياسية والنية الجادة قد يصل أطراف النزاع إلى صيغة مثلى حول السد.

قلتم أنكم على مسافة واحدة من أطراف أزمة سد النهضة وعلاقاتكم جيدة مع الدول الثلاث.. لماذا لم تتوسط جوبا لحل الأزمة؟

نحن حقيقة كدولة جنوب السودان، وبالأخص وزارة الري التي تعد القسم الفني المختص بإدارة المياه طرحنا مبادرة بإمكانية تدخلنا كوسيط بين الدول الثلاث، خاصة أن دولة جنوب السودان علاقاتها تاريخية مع السودان بحكم أننا كنا جزءا منه وأيضا مع مصر وإثيوبيا، لذا تعد جنوب السودان الدولة الوحيدة، في شمال أفريقيا والمنطقة، المؤهلة لكي تلعب دور الوساطة بين الدول الثلاث وهو وضع متميز بالنسبة لنا، لكن اتفاق المبادئ الذي تم توقيعه في الخرطوم عام 2015، نص على أن أزمة سد النهضة يتم معالجته من خلال الحوار بين الدول الثلاث دون إدخال أطراف إقليمية أو دولية، لكن الآن وبعد فشل كل المساعي، أصبح الحديث عن عدم تدخل خارجي لا يجدي لأن الدول فشلت في التوصل لاتفاق حول كيفية تشغيل وملء السد، لأن قيام السد أصبح أمرا واقعا لا تستطيع السودان ولا مصر أن تغير الحقائق على الأرض، والنقاش يدور حول كيفية ملء وتشغيل السد، والمطلب السوداني المصري هو أن يكون هناك اتفاقا قانونيا ملزما لإثيوبيا، هذا لأن السعة التخزينية للسد تتطلب 74 مليار متر مكعب، تم تخزين ما يقارب 5 مليار في الملء الأول وهو ما أثر بشكل كبير على مناسيب المياه في السودان منها انقطاع مياه الشرب لمدة ثلاثة أيام، ويتطلب الملء الثاني 13 مليار متر مكعب في يوليو/ تموز القادم، ولو تم ملء السد من طرف واحد دون الاتفاق مع الخرطوم سوف تتضرر السودان، وهذا الأمر يحتاج إلى احتياطيات وحوار جاد كما ستتضرر مصر أيضا.

إذا ما الحل؟

قبل الملء الثاني يجب أن يتوصل الأطراف الثلاثة إلى اتفاق، وقد طرحنا رؤية للوساطة، وإذا ما وافق الأطراف الثلاثة سوف نطرح مبادرة ونعرضها على أطراف الأزمة، وحال موافقتهم سنقوم بتقديم مقترح يساعد في تقريب وجهات النظر بين الدول الثلاث، وقد تحدثت مع وزير الري المصري واستمعت لوجهة نظره وسألتقي الوزير السوداني واستمع له، بعد ذلك سأعقد اجتماعا مع الجانب الإثيوبي، وبعدها تقوم اللجنة الفنية في وزارة الري وتقترح أنسب السبل وتبلور موقف رسمي لدولة الجنوب بعد أن نطرحه كمبادرة، في الوقت ذاته ندعم الوساطة الأفريقية في وجود الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية في جولة المفاوضات الحالية والقادمة، أعتقد الآن أن الأزمة أصبحت خارج نطاق قدرة الدول الثلاث في التوصل إلى اتفاق، وبالتالي أصبحت في حاجة لمساعدة الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي ودول الترويكا، ونحن ندعو الدول الثلاث إلى التعاون تحت مظلة الاتحاد الأفريقي، حيث أنهم جميعا جزء منه، حتى لا يفشل في حل أزمة سد النهضة، لأن فشله يشكك في مصداقيته أمام المجتمع الدولي لأنه فشل في حل مشاكل أعضائه، وبالتالي يسبب أزمة داخلية في أفريقيا، وبالتالي على الاتحاد أن يضغط على الأطراف الثلاثة للتوصل إلى اتفاق.



هل تتوقعون نجاح مساعيكم من أجل المساعدة للتوصل إلى حل للأزمة؟

نحن لمسنا من كل الأطراف الثلاثة من خلال محادثاتنا الثنائية رغباتهم وتأكيدهم على اتجاههم للحل السلمي للأزمة، واستعدادهم لتقديم تنازلات على أن تتم معالجة أزمة سد النهضة معالجة مرضية وملزمة للأطراف الثلاثة، حتى الجانب الإثيوبي أعرب عن رغبته في الوصول إلى حل سلمي للأزمة، لكن عندما ننظر إلى أطراف الأزمة نجد مواقف متباعدة بين الموقف الإثيوبي والموقف المصري والسوداني باعتبار الأخيرين مواقفهما متقاربة لأنهما دولتا المصب وتتضران ضررا مباشر من قيام السد، وهو ما يعني أن التخوفات من جانب مصر والسودان تحتاج إلى رسائل تطمين وإزالة الشكوك والمخاوف لدى القاهرة والخرطوم، وذلك عن طريق اتفاق واضح فيما يتعلق بسنوات الجفاف وكيف يتم تشغيل السد، أيضا الجانب الإثيوبي يحتاج إلى تطمينات من جانب دعوة مصر والسودان بضرورة تكوين آلية مشتركة لإدارة ومتابعة ملء وتشغيل السد، لكن مع غياب الإرادة السياسية في الوقت الراهن يبدو من الصعب الوصول إلى اتفاق، ولو تم التوافق يمكن أن يكون السد مشروع تكامل بين الدول الثلاث.


قلتم أنكم لمستم رغبة لدى الأطراف الثلاث لتقديم تنازلات من أجل الحل السلمي.. إذا بما تفسرون التصريحات الإثيوبية التي تتحدث إلى الآن عن الملء الثاني بصورة منفردة؟

المبادئ الأساسية للقانون الدولي واضحة، حيث يتحدث المبدأ الأول عن الاستخدام العادل والمعقول للمياه العابرة بين الدول، والمبدأ الثاني يتحدث عن عدم الإضرار بمصالح الدول الأخرى المشاركة في المياه العابرة بين الدول، أما المبدأ الثالث يتحدث عن الإخطار المسبق، فإذا كانت دولة المنبع تريد إقامة مشروع على تلك المياه، عليها أن تخطر دول المصب بنوعية المشاريع، والمبدأ الرابع يتحدث عن التسوية السلمية لأي نزاع حول المياه، تلك هى المبادئ الأساسية، وبالتالي الحديث عن ملء السد من جانب واحد يتناقض مع المبادئ الأساسية للقانون الدولي، وهذا يدفع السودان إلى اعتبار هذا الأمر عمل عدواني، واعتقد أن التصريحات السلبية من جانب إثيوبيا لا تخدم الأزمة، بل تعيق عملية التقارب ووصول الأطراف اتفاق سلام، ولا أدري ربما تم إطلاق تلك التصريحات لمعالجة أزمة داخلية، فعندما تطلق التصريحات بالسير منفردا في عملية الملء وفي نفس الوقت تذهب للمفاوضات، فكأن هذا يعني أن المشاركة في المفاوضات مضيعة للوقت ومحكوم عليها بالفشل مسبقا، لأن الخلاف الآن في كيفية ملء السد وتشغيله.

هل هناك علاقة بين تشغيل محطة قياس المناسيب في جنوب السودان وأزمة السد؟

تشغيل محطة قياس المناسيب غير متعلق بموضوع سد النهضة، البروتوكول الفني بين وزارة الري في جنوب السودان ووزارة الري المصرية، يتعلق بدعم قدرات وزارة الري في جنوب السودان، حيث تم الاتفاق على إنشاء محطات للقياس والصرف في عدة مناطق، من قياس التصرفات في المياه القادمة من بحيرة فكتوريا، والقياسات الآن تقول أن هناك ارتفاع ملحوظ في منسوب المياه، وهذا يجعلنا نستعد للفيضانات القادمة في منطقة حوض بحر الجبل وغيرها من المناطق.

الخلاف حول سد النهضة.. ما تأثيره عليكم؟

الخلاف حول سد النهضة يؤثر على دولة جنوب السودان من الناحية السياسية، لأن إثيوبيا والسودان دول جوار لنا، وأي خلاف بين الدولتين فإن الدولة المتضررة بشكل أكبر هى جنوب السودان، فقد كنا جزء من دولة السودان ولنا علاقات استراتيجية وتاريخية معها ومع مصر، وفي نفس الوقت لدينا علاقات جيدة مع إثيوبيا، وأي خلاف يؤثر علينا، لذلك طرحنا مبادرة للحل السلمي للأزمة لتجنيب الإقليم الخلافات السياسية في المستقبل القريب، أما ما يتعلق بمواردنا المائية فجزء منها مربوط بدولة الكونغو وجزء آخر بدولة أوغندا، وجزء آخر مربوط بإثيوبيا، لكن حتى الآن ليس هناك مشاريع ضخمة تمت على تلك الموارد المائية، وهناك مشاريع مقترحة لبناء 3 سدود لتوليد الطاقة الكهربائية في بحر الجبل لم يتم تنفيذها، نظرا لدخول البلاد في حرب أهلية بعد الاستقلال، إلى أن تم توقيع اتفاق السلام قبل عام وتشكيل الحكومة الجديدة للوحدة الوطنية، وتسعى الدولة الآن لتوفير رؤوس أموال أجنبية لتمويل مشاريع بناء السدود بغرض توليد الكهرباء، ومساعدة دول الجوار في هذا المجال يساعد الدولة للاستفادة من مواردها المائية مستقبلا، بالإضافة لما سبق اتفقنا مع الجانب المصري على تطهير المجرى النهري في حوض بحر الغزال، لمساعدة البلاد في التصدي للفيضانات والمساعدة في مشاريع الري الضخمة في المنطقة، علاوة على تيسير الملاحة النهرية والمساهمة في زيادة نسب تدفق المياه إلى نهر النيل من خلال النيل الأزرق، لأن كثير من الموارد تتبخر وتذهب إلى منطقة المستنقعات، لذا فإن هذا المشروع حيوي بالنسبة لنا واستراتيجي بالنسبة لمصر.


بعيدا عن الري والمياه.. هل تواجه الحكومة الجديدة في البلاد عقبات ومتى يتم تشكيل البرلمان؟

الآن تم تشكيل حكومة الولايات، أما بالنسبة للبرلمان، فقد كانت هناك مفاوضات بين الأحزاب قبل أسبوع نظرا للتكتلات السياسية والتنوع الإثني والعرقي والديني والذي يتطلب التأني، وأن يستوعب التشكيل الحكومي كل مكونات المجتمع، وأتوقع أن يتم الإعلان عن تشكيل البرلمان ومجلس الولايات الأسبوع القادم، فقد تم اعتماد كل الأسماء، واللجنة الوزارية المشتركة تتفاوض الآن حول أسماء رؤساء اللجان داخل البرلمان، حال الاتفاق سوف تعلن الأسماء ويتم دعوة البرلمان للانعقاد، ومن ثم تبدأ الحكومة نشاطها الفعلي بعد تذليل كل العقبات، ويجب أن لا ننسى أن جائحة كورونا أعاقت الاجتماعات الكبيرة وأضاعت بعض الوقت.

إذا ما هو مصير الانتخابات القادمة.. هل ستعقد في موعدها بنهاية العام 2022؟

نعم سوف تتأخر الانتخابات بلا شك، حتى الآن الترتيبات الأمنية وبداية تشكيل الجيش القومي الموحد تحتاج للمزيد من الوقت من أجل أن يساهم في استقرار الدولة، لأننا ابتعدنا بعض الشيء عن جداول تنفيذ الاتفاقية نظرا للظروف التي استجدت على العالم أجمع.