في حوار لجريدة الاتحاد.. عضو بمجلس السيادة السوداني يكشف أسرار اتفاق السلام.. ويؤكد: هذه أبرز الدول الداعمة له
أجرت جريدة الاتحاد الإماراتية حوارا مع عضو مجلس السيادة الانتقالي في السودان محمد حسن التعايشي، تابعه "العربية نيوز" كشف فيه عن تفاصيل اتفاق السلام السوداني وأبرز الدول الداعمه له.
في البداية، أكد عضو مجلس السيادة الانتقالي في السودان، محمد حسن التعايشي، أن اتفاق السلام السوداني أرسى أسساً راسخة لتأسيس دولة مدنية قوية على قواعد جديدة، وحدد علاقة الدين بالدولة، ونص بشكلٍ صريح على فصل المؤسسات الدينية عن مؤسسات الدولة، لتصبح على مسافة واحدة من جميع الأديان وجميع الهويات، مؤكدا أن دولة الإمارات من أبرز الدول التي دعمت الاتفاق وتنفيذه على أرض الواقع.
وقدمت الإمارات، الشهر الماضي، حزمة مساعدات بقيمة تتجاوز ملياري درهم لدعم القطاع المالي والاقتصادي في السودان، إضافة لتوفير الدعم للقطاعات الصحية والتعليمية والغذائية والزراعية.
وقال التعايشي: «تعهدت الإمارات بتقديم الدعم المالي خلال مؤتمر المانحين الأخير، الذي عقد برعاية المملكة العربية السعودية».
ولفت إلى أن موقف المؤسسة العسكرية السودانية حجر أساس لمشروع وطني جامع، مؤكداً أن الميزانية التي كانت تنفق على الحرب ستوجّه الآن إلى تنفيذ اتفاق السلام. وأوضح التعايشي أن اتفاق السلام يراعي تنمية مناطق الريف، والقطاع الرعوي، داعياً الحركات غير المنضوية في اتفاق السلام إلى الحوار، وتوضيح موقفها للشعب السوداني.
أوضح عضو مجلس السيادة الانتقالي، محمد حسن التعايشي، أن اتفاق السلام عالج الأزمة التاريخية في السودان، إذ أرسى جميع الحقوق المدنية المتساوية، وأقر المبادئ الخاصة بالحقوق المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية، وفي المواثيق والمعاهدات، وهذه حقوق تبدأ بالمساواة في حقوق المواطنين، وتنتهي بحقوق اللاجئين والنازحين في العودة إلى مناطقهم والحق في الوصول إلى مؤسسات العدالة الانتقالية.
وشدد على أن الاتفاق يعالج المظالم التاريخية، فهو ينص على حق المواطنين في استرجاع الأراضي التي سُلبت منهم خلال فترة الحرب، سواء كانت فردية أو جماعية، إضافة إلى حقوق الأقاليم في السودان من السلطات الفيدرالية، حيث تضمن بوضوح السلطات الحصرية للأقاليم حتى لا يحدث أي رجعة عنها.
وأضاف التعايشي: «هذه القضايا هي محور الأزمة التاريخية في السودان، ومن ثم عالج الاتفاق ميزان السلطة، بعد أن كانت الحكومة المركزية تستحوذ على جميع السلطات ولم تترك للأقاليم سوى سلطات بسيطة وشكلية، وهو ما تسبب في اندلاع الثورة في الريف السوداني، وكثير من الحروب التاريخية بالسودان».
وحول تقسيم موارد وإيرادات الدولية، قال عضو مجلس السيادة الانتقالي: «إن الاتفاق نصّ صراحة على مبادئ وأسس تقسيم الموارد، بعد أن كان هذا الملف، على مرّ التاريخ السوداني، متروكاً لتقديرات الحكومة في الخرطوم».
وذكر التعايشي أنه تم التوافق على إنشاء مؤسستين مستقلتين الأولى لجمع الإيرادات القومية، والأخرى مختصة بتوزيع تلك الإيرادات على كل مناطق السودان بالعدالة، بعد أن كانت الجهة المنوط بها ذلك تابعة للهيكل التقليدي بوزارة المالية.
ولفت إلى أن المؤسسة الأولى تحمل اسم «صندوق العائدات»، وهي التي ستوضع بها جميع عائدات السودان القومية القابلة للقسمة حتى لا يكون هناك تهميش من المؤسسات، والمؤسسة الأخرى عبارة عن مفوضية تخصيص قسمة الموارد، وستضم ممثلين من كل أقاليم الدولة، وستكون مختصة بوضع المعايير الخاصة بالقسمة ومراقبة الإيرادات، ووضع المعايير التي بموجبها يتم تقسيم الثروة، حسب «التعداد السكاني، والبعُد من المركز، والمساهمة في الدخل القومي، ونسبة الفقر».
وأشار إلى أن وضع المؤسسة العسكرية متفق عليه أيضاً، لتصبح مؤسسة واحدة مهنية، كما تُعبّر عن التنوع الإثني والثقافي والنوعي في السودان.
وأعرب عضو مجلس السيادة الانتقالي عن اعتقاده بأن هذه الأسس هي حجر الأساس لمشروع وطني واحد لجميع السودانيين.
وفيما أكد التعايشي أن اتفاق السلام وضع أسساً قوية لدولة مدنية سودانية، ونص صراحة على فصل المؤسسات الدينية عن مؤسسات الدولة، شدد على ضرورة تغيير القوانين التي تتعارض مع هذه المبادئ، ليتم تمثيل جميع السودانيين بعيداً عن خلفياتهم الدينية والعرقية وغيرها. وأضاف: «يوجد توافق على القضايا الخاصة بحقوق الإنسان والعدالة الانتقالية وإصلاح المنظومة العدلية، سواء كانت منظومة مؤسسات أو منظومة قوانين».
وفيما يتعلق، بتعثر المفاوضات مع حركة عبدالعزيز الحلو، الراغبة في إقرار العلمانية في الدستور السوداني، قال التعايشي: «إن عبد العزيز الحلو رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال، يقول إنه لابد من فصل مؤسسات الدين عن الدولة، ونحن نرى أنه حديث عام، ولكن عندما نتحدث عن فصل المؤسسات الدينية عن مؤسسات الدولة هذا يعني أن الدولة عبر مؤسساتها الرسمية وقوانينها تقف على مسافة واحدة من جميع المؤسسات الدينية، ولها كل الحق في الحرية والرأي والتعبير».
وأضاف: «من الناحية القانونية، الدولة لا تتبنى قوانين المسلمين أو المسيحيين، وإنما تتبنى القوانين التي تتيح الحق المتساوي لجميع المواطنين، ما عدا القوانين التي تتعلق بالأحوال الشخصية كالطلاق والزواج، حيث يحتكم فيها الناس حسب انتماءاتهم الدينية، والدولة لا تتدخل فيها، أما بشأن الحقوق العامة، فهي الحقوق التي يكتسبها المواطن السوداني بموجب هذا التعريف ومن واقع إنه مواطن سوداني فقط».
ولفت إلى أن جوهر الخلاف مع الحلو مرتبط بمسألة ربط فصل الدين عن الدولة بحق تقرير المصير للمنطقتين، مضيفاً: «حق تقرير المصير يمكن ربطه إذا كانت الدولة وقوانينها لا تطبق مبدأ المساواة بين المواطنين، لكن اتفاق السلام السواني يكفل الحرية والحقوق والمواطنة، إذن لماذا حق تقرير المصير؟».
وتابع: «أوضحنا أنه ليس هناك ربط موضوعي بين المطلبين، ومن ثم طرح الوفد الحكومي مقترح بأن يتم إنشاء لجنة قانونية مشتركة من الحركة والحكومة، تعمل على دراسة جميع القوانين التي تتعارض مع مبدأ حق المواطنة، وأي قانون يتعارض مع هذا الحق يتم تعديله على الفور». وأشار إلى أنه من باب التأكيد على ذلك «فعلنا ذلك في اتفاق مسار المنطقتين، حيث أصبح لهم الحق في التشريع والعودة لقوانين عام 1973 التي لم تنص على الالتزام بالشريعة الإسلامية».
ومنح الاتفاق لهم حق الحكم الذاتي، واختيار حكامهم، وحق التشريع في الإقليم، كما أن لهم صلاحيات واسعة في الاتفاق. واعتبر أن الاختلاف مع حركة الحلو شكلي وليس جوهرياً؛ لأنه إذا كان يتحدث عن دولة المواطنة، فنحن متفقون على المبدأ، أما إذا كان يتحدث عن الشكليات فهذا شيء آخر.
لكن التعايشي أشار إلى أن البيان المشترك الذي وقع في أديس أبابا مطلع سبتمبر الماضي مع حركة الحلو، وضع خريطة طريق لإجراء حوار غير رسمي، ومن ثم عقدت ورش العمل المشتركة لتقريب وجهات النظر للتسهيل على الطرفين الاتفاق على صيغة مشتركة في نقاط الاختلاف، وهي علاقة الدين بالدولة وكيف يُنص على ذلك، لاسيما إنه من حيث المبدأ ليس لدينا اعتراض لكن كيف يُنص عليها.
وأعرب عن اعتقاده بأن الحوار غير المباشر والورش المتفق عليها ستسهل الوصول لاتفاق، وسيكون منبر التفاوض عاصمة جنوب السودان «جوبا».
ذكر عضو مجلس السيادة السوداني، أن اتفاق الترتيبات الأمنية مُعقد وليس بسيطاً، وتنفيذه فيما يتعلق باختلاف النظام بين الحركات المسلحة والجيش، تم معالجته بالتدريب والدمج الذي سيتم خلال 90 يوماً، بهدف توحيد القوات، مؤكداً أن التمويل هو التحدي الحقيقي الذي يواجه أطراف العملية السلمية، لاسيما على المدى القصير لأن الدولة ليست لديها موارد كافية، ولابد أن نتمتع بالواقعية في تنفيذه. وقال: «نعمل على ذلك من خلال الإمكانات المتاحة، والانفتاح على المجتمع الدولي لدعمنا، أما على المدى البعيد فليس هنالك مشكلة؛ لأن ميزانية الحرب سيتم توجيهها إلى تنفيذ السلام».
وعلى صعيد تطورات الموقف مع رئيس حركة جيش تحرير السودان عبدالواحد نور، قال التعايشي: «ليست هناك أي تفاهمات مشتركة معه، رغم الدعوات المتكررة من الحكومة للانخراط في مفاوضات رسمية في إطار منبر جوبا، أو أي منبر آخر»، مضيفاً: «ليس لدينا أي اعتراض بشأن إقامة حوار مباشر بين نور والسودانيين». ودعا نور إلى التعبير عن آرائه بشأن المبادرة الحكومية المطروحة، أو طرح مبادرته الخاصة به، كما أنه إذا قرر فتح حوار مباشر مع المواطنين، فلابد من إقامة حوار مع الحكومة حتى يكون هناك التزام وتقنين للاتفاق. وقال: «لابد من تحديد موقفه للشعب حتى نتمكن من تفهم موقفه».