أسقف السويس يشترى 5 صكوك أضحية من الأوقاف
أنا لست كما تراني ابداً، لست واضحة ولا بسيطة ولا ناضجة ولا هادئة، بل انا عكس كل ذلك، انا طفلة ، غامضة ، مثيرة ، ثائرة شديدة التعقيد
في الحقيقة انا امرأتان
دائما ما تختبئ واحدة منهن في عقل الأخرى ، امرأتان مرا بكل معاركهما معاً ، ضمدت كل واحدة منهما جروح الأخرى ، امرأتان استندتا علي اكتاف بعض عندما اختفي السند ، احتضنتا بعض عندما ابت كرامتهما ان تسمح لهما بطلب الحضن من احد .
بداخلي امرأتان
احدهما مغامرة محبة للحياة ، مازالت تؤمن بالحب ، بالجمال الذي يسكن البشر ، مازالت مستعدة لمد يدها لكل عابر سبيل ، جاهزة لاحتضان العالم ، تضحك كالأطفال ، و تفاجئ بأبسط الأشياء ، تنظر في المرآة فلا تري امرأة بل تري فتاة في العشرين ، تنظر للمستقبل بتفاؤل و تنتظر موعد تحقيق الأحلام بل انها تنتظر فارس الأحلام .
اما الأخرى
فهي متذمرة ، متشائمة ، تحفظ كل كلمة جارحة قيلت لهما و ترددها كصلاة يومية ، كل مساء ترفض ان تنام قبل ان تذكر الأخرى ، بكل خذلان ، بكل خيانة ، بكل تخلي في اشد أوقات الاحتياج ، ترهبها من العالم ، تسرد لها تفاصيل كل الجروح ، كل الشروخ التي لم يضمدها لهم احد ، كل ليلة تكشف لها عن قلبهما ، تضع أصبعها علي مواضع الكسور ، و ما أكثرها ...
كل ليلة
تجعلها تقسم الا تسلم قلبها مرة اخري ، ان تكون اكثر حرصًا ، ان لا تثق في اي شيء سوي ان البشر كلمة ثلثها "شر" تذكرها ان قلبهما لم يعد حمل جرح جديد ، و لا تتركها قبل ان تبكي و تحتضن وسادتها و تتمني لو تستطيع ان تغلق عينيها عن بشاعة العالم و تنام و لو لساعة
وفي الصباح تستيقظ كل واحدة منهن مستعدة للحرب
حرب داخلية لا يعرف عنها احد ، حرب يومية بينهما ، فالأولي تريد ان ترتدي فستان وردي و كعب عال و الثانية لا تريد ان تترك الفراش
الاولى تريد ان تترك شعرها منسدل علي كتفيها و الثانية تريده قصيراً كالرجال ، تريد ان يعرف العالم انها استسلمت ، لم تعد تريد ان يراها احد ، ان يعجب بها احد ، تريد ان تتكوم علي السرير ، تداوي جروح روحها بالأكل فيتكور جسدها و ربما تمرض و تموت و ينتهي الأمر .
الاولى تريد ان تجرب مرة ثانية و ثالثة ربما اصاب سهم السعادة الهدف ، تريد ان تكون جاهزة للفرح ، ربما يتحقق الحلم اليوم
اما الثانية فقد حولت قلبها لمقبرة جماعية للأحلام المحطمة ، و الأمنيات المذبوحة علي عتبة السعادة التي لم تعبرها ابداً
في كل صباح
تعاند الاولي العالم و تبتسم و تتذمر الثانية و ترفض ان تفتح نوافذ الأمل ، بيننا كل لحظة في اليوم ، حرب قاسية منهكة مؤلمة تظهر اثارها في هالات سوداء تحت العيون و خطوط حزن بين الحاجبين وعلى أطراف العيون
و كل يوم تحمل واحدة منهن الآخري علي كتفها و تواجه العالم، متفائلة تحمل مخزون عالمي من الهموم، او مهمومة مستسلمة تحمل علي ظهرها طفلة متشوقة للحياة مؤمنة بالسعادة
نعم انا امرأتان
و في عقلي زحام و خوف من هزيمة جديدة ، و في قلبي اصرار عجيب غير مبرر علي الحياة، علي التشبث بقشات الأمل، اصرار على لمس سحابة السعادة و لو لمرة، وايمان غريب بأنني يوما ما سأكون كما اريد