نائب تركي لـ"العين الإخبارية": أردوغان يعتقل المعارضين والصحفيين والأطفال.. وهذه أبرز جرائمه
أجرى موقع "العين الإخبارية" حوارا مع النائب التركي عن حزب "الشعوب الديمقراطي" الكردي، والعضو بلجنة حقوق الإنسان بالبرلمان عمر فاروق جَرْجَرْلي أوغلو، كشف فيه عن أوراق جديدة من فصول انتهاكات سلطات الرئيس رجب طيب أردوغان.
وإليكم نص الحوار:
* *على ذكر ما يتعرض له الجنود الأتراك في ليبيا، اعتقلت قوات الأمن التركية مؤخرا عددا من الصحفيين عقب نشر تقرير عن مقتل عنصر من الاستخبارات التركية هناك.. كيف ترون ممارسات النظام الحاكم ضد كل من يكشف الحقيقة للرأي العام؟
- السعي لكشف الحقائق في تركيا بات من ضمن الخطوط الحمراء الممنوع تخطيها، والصحافة هنا باتت مهنة بالغة الخطورة لاسيما بالنسبة لمن يأخذون على عاتقهم كشف الحقائق والخبايا للرأي العام، فهذه المهنة جريمة هنا.
كذلك المحاماة في تركيا من المهن التي يتعرض أصحابها لمضايقات كبيرة لا تقل عن تلك التي يتعرض لها الصحفيون، فلكم أن تتخيلوا أن النظام يعاقب بالسجن الصحفيين الذين يكشفون العملية العسكرية التي يشارك فيها بليبيا، ومن هذه المعلومات تلك المتعلقة بعودة جثمان أحد العسكريين الذين قتلوا هناك، فكان نشر هذه القصة جريمة كبيرة في نظر السلطات.
ويمكن القياس على هذه الواقعة وقائع أخرى كثيرة مشابهة زج ولا يزال يزج فيها بعدد من الصحفيين بالسجون لمجرد أنهم تجرأوا وكشفهم عن الحقائق المخفية، حتى باتت تركيا واحدة من أكثر دول العالم التي تعتقل صحفيين.
كما أن تركيا خلال السنوات الأخيرة تذيلت دول العالم من حيث تطور الأنظمة القضائية والقانونية، وذلك لأن بها نظام يسجن كل من يبدي رأيه أو يكشف حقيقة للرأي العام من صحفيين، ومحاميين، وسياسيين.
* *بالفعل فقد احتلت تركيا، المرتبة الـ154 من بين 180 دولة في التصنيف الأخير لحرية الإعلام الصادر في أبريل/نيسان الماضي، عن منظمة "مراسلون بلا حدود"... في ظل تلك الأجواء، ما هو تقييمكم للسياسة الداخلية والخارجية لنظام أردوغان؟
- نظام أردوغان دأب على إدارة الأزمات داخليًا وخارجيًا بأسلوب يعتمد على الصدام بشكل كبير، فنراه في الداخل يتعامل بشكل قمعي ضد المعارضة، وينتهج سياسة المطرقة معهم، لدرجة أنه يتعامل بأشد أنواع العنف ضد أي بيان صحفي للمعارضين والمحتجين إذا انتقدوا فيه سياسات ذلك النظام، فتخرج قوات الشرطة لقمعهم، ويتم اعتقالهم من قبل النيابات العامة.
وعلى الصعيد الخارجي، فالنظام يتعمد حل كافة المشاكل التي تدخل فيها خارجيًا بقوة السلاح، وهذا واضح مما يجري في سوريا، ومن قبلها العراق، وليبيا حاليًا.
**وكيف ترون تعامله مع الأزمة الكردية؟
-النظام يتبع نفس المنهج بخصوص الأزمة الكردية، فهذا النظام لا يرغب في أي حل قانوني أو أخلاقي أو إنساني لتلك الأزمة، فقط يريد استخدام القوة لحلها، لذلك المشكلة لا زالت مستمرة.
وكل هذه التطورات، وتداعيات تلك المخاطرات من خلال الزج بالبلاد في حروب وصدامات كان لها تبعات اقتصادية كبيرة، يلمسها الجميع داخل تركيا الكل بلا استثناء يعاني من تلك التداعيات.
**ولكن أردوغان وحزبه الحاكم يتهمون المعارضة بالتجني عليهم؟
- مسألة أن تركيا لا تدار حاليًا بشكل جيد، لا تتحدث عنها المعارضة فحسب، بل إن هناك قطاعات عريضة ممن صوتوا لنظام أردوغان في الانتخابات الأخيرة يقولون ذلك كل يوم، فالوضع في غاية السوء بشهادة الجميع.
أردوغان دأب كذلك على افتعال الأزمات داخليًا، ويتدخل في كل شيء له علاقة بالمعارضة، وحريص على الظهور في الصورة بشكل يومي من خلال خطابات يهدف من ورائها الهجوم على المعارضة التي تستفيد بشكل كبير من ذلك وتزداد شوكتها كل يوم.
ويكفي أن تركيا في ظل وجود نظام أردوغان باتت ضمن دول العالم الثالث في كل شيء، ومع ذلك هناك كتلة ما داخل المجتمع تكون مضطرة للتصويت له في أية انتخابات.
**في ظل الوضع الحالي في تركيا، تتوقع المعارضة نهاية حقبة أردوغان.. برأيك ما أسباب ذلك ؟
- من الواضح بشكل جلي أن أردوغان سيفقد توازنه قريبًا؛ فلقد اكتملت الـ90 دقيقة وهو يلعب بالوقت الضائع؛ لكن هذا لن ينتهي إلا بإلحاقه أضرارًا كبيرة بتركيا على كافة الأصعدة. فأردوغان حرق كافة السفن وأضاع جميع الفرص ولا سبيل لديه للعودة، ويغامر بدولة بحجم تركيا من أجل البقاء في السلطة، ولا يعنيه إن كانت الفوضى هي السبيل لتحقيق ذلك أم لا.
ولا شك أن إصرار النظام على إطالة عمره بهذا الشكل يجر البلاد إلى الفوضى العارمة، وسيلحق بها أضرارًا مادية ومعنوية غير مسبوقة، فحكمة أردوغان التي يؤمن بها: أنا ومن بعدي الطوفان.
**ماذا تقصد؟
- هذا النظام لم تعد لديه أية نيه للعودة للديمقراطية، وهو يتمادى مع المسار الذي يسير به حتى منتهاه أيًا كانت النتيجة، المهم بالنسبة له أن ينقذ نفسه.
**وأين دور منظمات المجتمع المدني في تركيا؟ وماذا تنتظر للتحرك؟
- منظمات المجتمع المدني في تركيا تعاني قمعًا شديدًا من قبل النظام، وتتعرض لعقوبات إذا ما همت للتعبير عن رأيها بأي قضية من القضايا، ولعل في اعتقال الصحفيين لكشفهم عن الحقائق رسائل تهديد لمنظمات المجتمع المدني، فحينما يرون أن السجن يكون مصير كل من يتحدث، يزداد الضغط على تلك المنظمات بشكل كبير، كافة الأجواء من قمع وإغلاق للحسابات المعارضة على وسائل التواصل الاجتماعي، تؤجج لدى تلك المنظمات مخاوف من أن تلقى نفس المصير، منظمات المجتمع المدني العاملة في تركيا هي الموالية للنظام، ويدعمها لأنها تنشر فكره، ولا تعارضه، كما يستخدمها النظام بعد تمويلها من الدولة ضد المعارضة.
**إدارة موقع "تويتر" أعلنت الجمعة رصد وتعطيل لـ7340 حسابا تابعا لتركيا تهدف لتلميع صورة حزب العدالة والتنمية الحاكم، وتستهدف بالقرصنة حسابات المعارضة، كيف ترون الخطوة؟
-هذه الخطوة تعني أن النظام الحاكم ظل على مدار سنوات يكرس جهوده لتشكيل لجان إلكترونية هدفها الوحيد العثور على كل من يعارض رأي الحكومة من المعارضين، ويشن هجومًا عليهم ويهددهم ويبتزهم، فمثل هذه الحسابات كان لا يمكن أن تحاكم في تركيا على ما تفعله ضد المعارضين لأنها تمثل النظام، ومدعومة منه بشكل كبير.
وكافة هذه التطورات مع مرور الوقت كانت سببًا في إضعاف منظمات المجتمع المدني، وتصل لمرحلة لا تعرف معها ماذا ستفعل.
**قبل أيام تم إسقاط عضوية 3 من نواب المعارضة بينهم اثنان من حزب الشعوب الديمقراطي الكردي.. كيف تفسرون الأمر؟
- الهدف الرئيس من هذه الخطوة هو تخريب حزب الشعوب الديمقراطي، وإبعاده عن الحياة السياسية، وحتى لا يظهرون نواياهم بشكل جلي أسقطوا العضوية عن نائب من حزب الشعب الجمهوري (أكبر أحزاب المعارضة) في مسعى منهم لتبرئة ساحتهم من تهمة استهداف الشعوب الديمقراطي وحده دون غيره.
**هل ترون هناك رابط بين استهداف نواب المعارضة والانشقاقات المتتالية في صفوف حزب العدالة والتنمية الحاكم؟
-بالطبع، هي بمثابة تهديد لهم، لا سيما أن أردوغان يعرف لعبة الدفاتر القديمة جيدًا، وهذا ما شاهدناه في تهديداته لأحمد داود أوغلو، وعلي باباجان بعد انشقاقهما عن الحزب، وتأسيسهما كيانين معارضين للنظام.
أردوغان كذلك بين الحين والآخر يقوم بترهيب نوابه، ولديه ملفات بخصوص كل نائب منهم يقوم بالكشف عنه عند الضرورة.
**كعضو بارز في لجنة حقوق الإنسان في البرلمان ومدافع كبير عن حقوق المعتقلين.. لو تحدثنا عن أوضاع السجون؟
أوضاع المعتقلين السياسيين وأصحاب الرأي في السجون زادت سوءًا بعد تفشي فيروس كورونا المستجد، السجون والمعتقلات التركية ممتلئة عن آخرها بالمحكومين؛ لدرجة أن هذه السجون تبلغ سعتها الإجمالية 120 ألف سجين، وبها الآن أكثر من 300 ألف، وهذه الأعداد الكبيرة مردها إلى انتهاك النظام الحاكم لحقوق الإنسان بشكل كبير.
ولقد شكل تفشي فيروس كورونا في تركيا ضغوطًا على نظام أردوغان لم يستطع تحملها بسبب الأعداد المتكدسة في السجون، فلجأ إلى قانون العفو العام الذي قام بموجبه بإخراج محكومين جنائيين يقترب عددهم من 90 ألف شخص، لكنه استثنى من ذلك القانون معتقلي الرأي، والمعارضين ممن يتهمهم بالإرهاب لمجرد معارضتهم له، وتركهم وجهًا لوجه مع الموت.
أيضا هناك عشرات الآلاف من المعتقلين من بينهم نساء ومرضى وكبار بالسن، وحوامل، تنتهك حقوقهم داخل السجون، حيث مات كثيرون منهم لعدم حصولهم على الرعاية الطبية اللازمة ولم يسمح لهم بالخروج للعلاج.
كذلك هناك أطفال حبسوا مع أمهاتهم داخل السجون، يعانون من مشاكل نفسية كبيرة بسبب الأجواء التي يعيشون بها، ناهيك عن السيدات الحوامل اللاتي يزج بهن في السجن لآرائهن السياسية المعارضة دون مراعاة لظروفهن.
النظام التركي ينتهك حقوق الإنسان بشكل فج، فهو يريد فرض إملاءاته على المجتمع لتطويعه، ومن يرفض ذلك يلصق النظام به على الفور تهمة الإرهاب، ويجد له نفسه الحق في تبني كافة أشكال المعاملة غير القانونية وغير الأخلاقية تجاه هؤلاء".
خلاصة القول هناك انتهاك كبير لحقوق الإنسان بتركيا، وانتهاك لحرية الرأي والتعبير، وإذا أردنا أن نفصل القول في ذلك فسنكون بحاجة لأيام من الحديث.
**بشكل دقيق كم يبلغ عدد السجناء تحديدا في تركيا؟
-عددهم يصل إلى 300 ألف سجين، رغم أن القدرة الاستيعابية للسجون 120 ألف فقط، وبموجب قانون العفو العام الذي صدر مؤخرًا على وقع تفشي فيروس كورونا، تم إخلاء سبيل ما يقرب من 90 ألف شخص، لكن رغم ذلك لا زال الرقم كبيرًا، ولا يتوافق مع معايير السلامة الدولية.
عدد المحكومين من النساء في سجون أردوغان يصل إلى 11 ألف سيدة، و3 آلاف طفل تقل أعمارهم عن 18 عامًا، و800 طفل تقل أعمارهم عن 3 سنوات.
**ولكن ألا يعد هذا انتهاكا لحقوق النساء والأطفال ؟
القوانين التركية تحظر اعتقال الحوامل من النساء، ومن لديهن أطفالًا أقل من 18 شهرًا، ومع هذا يواصل النظام ملء السجون بالحوامل والمرضعات.
وهناك من إجمالي المسجونين، 80 ألف تقريبًا من المعتقلين على ذمة قضايا، والبقية صدرت بحقهم أحكام.
هناك ما يقرب من 1500 يعانون من أمراض مزمنة، ونحو 500 آخرين يعانون من أمراض خطيرة تتطلب رعاية طبية دائمة، وهذه الأرقام هي ما تم رصدها، وقد تكون الأعداد الحقيقة أكبر من ذلك بكثير، فهناك مسجونون ومعتقلون لا يستطيعون إيصال أصواتهم، ولا يعلم أحد عنهم شيئًا.
هذا هو المشهد فيما يخص السجون التركية التي لا زال النظام يواصل ملئها، ولما لا والسجون تعتبر أكثر المؤسسات التي يحرص النظام على تشييدها، حتى أنه شيد ما يقرب من 180 سجنا خلال السنوات الأربع الأخيرة، وهناك إنشاءات مستمرة لتشييد مزيد من السجون في ظل انعدام النظام القضائي في البلاد.