طارق شوقي ونائبه محمد عمر من الاتباع إلى التطوير و الإبداع
أتى على الواقع التعليمي حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا ، فقد عاني شتات السياق المعرفي التنظيمي ، وكان اكتفاؤه بالرؤية المجتزأة والضيقة غير مؤسس على قواعد عامة أو أهداف مستقبلية تسعى إلى تكامل البنية المعرفية للمتعلم باعتبار التعليم قاطرة التنمية ومقياس نهضة الأمم والشعوب ، الأمر الذي اختلق أزمة في الأسس المنهجية ، ومأزقا قوميا في المنتج التعليمي والثقافي والإبداعي المكبل بتقاليد بالية وتراكمات إدارية وتنظيمية لم يعد في مقدورها مواكبة مجريات الراهن الحضاري والعلمي والتكنولوجي .
ولقد وضعت القيادة السياسية الحالية في مصر على سلم أولويتها إحداث نقلة نوعية في مسيرة التعليم وضبط آليات القرار ، وإعادة هيكلة نظم التدريس والتلقي لمسايرة ركب الحركة العالمية في شتى توجهاتها ، والابتعاد عن الحركة الأحادية لخلق المناخ التفاعلي بين المعلم والمتعلم ، وتعزيز أدوات الإبداع والخلق الفني والمعرفي .
واستجابة لتوجيهات السيد رئيس الجمهورية كانت الطفرة التي أحدثها الاستاذ الدكتور طارق شوقي توجها سديدا وموفقا في بناء الشخصية المصرية والوصول إلى الغايات العامة ، فالمشروع التعليمي الراهن مشروع قومي تكاتفت في وضعة صفوة العقول الوطنية المرموقة ، حيث تعمل الدولة جاهدة على توفير مظلة الدعم المادي والإداري والقانوني لإنجاح هذا المشروع ، وإنفاذ ما نصت عليه المادة (19) من الدستور المصري ، وتنمية مدارك الطالب وإشعال جذوة الإبداع والابتكار في فكره وعقله ووجدانه ، وحسنا صنع الدكتور طارق شوقي حين وقف بحسه السياسي والوطني والإداري على الأخذ بأسباب صناعة الشخصية المبدعة من خلال إجراءات التحديث في المرحلة الثانوية ، وذلك بإعادة صياغة المكون التعليمي المصري وفق استراتيجيات التعليم الدولية ، حتي لاتقف مصر معصوبة العينين مكتوفة الأيدي تجاه السياق التعليمي والدولي ، ولا أدل على ذلك من التجربة الواعدة بمفردات ومخرجات التطوير المدروس ، حيث رقمنة المناهج ، وتوزيع مليون تابلت تعليمي على طلاب الصف الاول الثانوي ، ينضاف إلى ما سبق تغير نظم الامتحانات على أسس القياس والفكر والتحليل ، هذه التجربة الرائدة وقف حيالها خبراء التعليم في كثير من بلدان العالم موقف إعجاب وتقدير.
والشيء المؤسف أن هذه الإجراءات الجادة والجديدة قوبلت بعاصفة من التشوية والطعن في كفاءة الوزير من جماعة الإخوان وبعض المنتفعين من النظام التعليمي القديم ، وقلة من الخبراء الذين لم يقفوا بعد على طبيعة وفلسفة النظام التعليمي الجديد ، والحقيقة أن النقد عامل صحي وضروري في نجاح كل مجتمع بهدف التنوع في الرؤى لا بهدف التناحر والتصارع ، فجماعة الإخوان منهجهم التدليس وتشوية كل إجراء يصدر عن الدولة ، وخاصة أن هذا الإجراء يبني العقلية الناقدة لدى الطالب ، الأمر الذي يهدد وجودهم ، ويفقدهم القدرة على الاستقطاب والحشد ، فهو يقضي بالرؤية النافذة على مبدأ السمع والطاعة ، أما بعض المنتفعين من الكتب وغيرها من النظام القديم ، فهم يطعنون في الوزارة للحفاظ على نفوذهم ومكتسباتهم ، وأخيرا تأتي مواجهة القلة من الخبراء لهذا المشروع هدفا شريفا ينقصه الوعي بمستهدفات هذا المشروع ، فكلنا هذا الإنسان الذي ينطلق من قاعدة " من جهل شيئا عاداه " والحق أقول إن أكثرية هذه القلة قد تفهموا ما يرمي إليه هذا المشروع ، فوقفوا إلى جانبه بالتعزيز الراشد والمنصف .
وهنا لا أستبعد النقد لأن حضارات الأمم اتصالات ومفاصلات ، ومقاربات ومفارقات ، وليس معني إيماني بهذا المشروع أنه مقدس لا يقبل النقد أو التوجيه في الوسائل التي يقوم عليها ، لكنني أقول إن قداسته وبراءته من كل شائبة تكمن في أهدافة الوطنية النبيلة ، والشيء اللافت أن كثرة النقد وانحرافاته وعلو موجاته غير المبررة لم تزد الوزير إلا إيمانا وقوة وصلابة ، فعمد الى انتقاء معاونيه من خيرة أهل العلم والخبرة ، وفي الطليعة زميلي العزيز الأستاذ الدكتور محمد عمر نائب الوزير لشؤن المعلمين ، الذي يعمل برؤية وحكمة فقد حقق في جامعتنا الغالية جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا نجاحا كبيرا في رئاسته لمركز تكنولوجيا التعليم ، هذا بالإضافة إلى ما حققه في صندوق الخدمات التعليمية وقطاع شئون المعلمين في الوزارة من خلال كسر حدة الجمود المنهجي ، وتجاوز التنميطات المستهلكة ، والعمل على تنمية قدرات المعلمين ، وتكثيف الدورات التأهيلية لكون المعلم هو حجر الزاوية في المسيرة التعليمية الناهضة .
وسعيا إلى تحقيق التوازن داخل المدارس والقضاء على المحسوبية في استقدام وجلب المعلمين الي المديريات والإدارات التعليمية كان القرار الجريء من الدكتور محمد عمر بعودة المعلمين من المديريات والإدارات إلى مدارسهم وسد العجز ، والإبقاء على أهل الاختصاص الفني والإداري إيمانا بالمسئولية المشتركة بين القيادي والمعلم ، يأتي هذا في الوقت الذي تعمل فيه الدولة بكل أجهزتها للقضاء على الفساد بشتى أنواعه ، وهو ما صرح به الدكتور طارق شوقي في أكثر من مناسبة بجانب تصريحاته الدقيقة حول التعليم والمدارس والمرحلة الثانوية ، حتي صار الوزير حديث الطلاب والأسر والمنتديات ، لا لشيء إلا لأنه ونائبه يشنان حملة على الإرث البيروقراطي ، ويفجران ثورة إصلاحية عامة ، ومرد هذا كله إلى إيمان الوزير ونائبة الدكتور محمد عمر بأهمية تطوير المنظومة التعليمية ورسوخ العقيدة الاصلاحية في نفس الوزير الذي لم ألتق بسيادته ألا مره واحدة ، إذ له من الحضور الشخصي والفكري وحِرَفيّة وصدق الأداء ما يملأ النفس إكبارا وإجلالا لسيادته .
هذا ، وتؤكد أبعاد خارطة التعليم حاليا تحولا مفصليا وفارقا في حركة وفلسفة الأداء التعليمي والإداري في كافة المديريات ، فعلى مستوي المحافظة التي أقيم بها ، وألمس بقوة ما يحيط بها من تطور وتحديث ، تأتي مديرية التربية والتعليم بالدقهلية نموذجا حيا لهذا التطوير ، فهي تشهد مدا عاليا من التماسك والانتظام الوظيفي والتدريسي ، كما يحقق مديرها ومعاونوه قواعد العمل الوظيفي بوطنية وإخلاص من خلال التواصل المستمر على بث روح الانتماء ، وإنفاذ إرادة الدولة في مواجهة الفكر الظلامي ، ونبذ العنف والتطرف ، وتلاحم النسيج الوطني بقطبية الإسلامي والمسيحي في الثوب المصري الخالد ، والتأكيد على أن المدرسة أهم وأول القلاع الوطنية والتنويرية التي تشهد ترصين وتكوين البنيان المصري ، ويقينا أعتقد أن كافة المديريات تجانس الدقهلية في عملها أو تزيد عليها تحقيقا للمشروع التعليمي الجديد ، وقناعة بما وجهت به القيادة السياسية الواعية المخلصة ، وما رسمه ويقوم على تنفيذه المبدعان الدكتور طارق شوقي ونائبه الدكتور محمد عمر .