في حوار تليفزيوني.. أمين عام الجامعة العربية: مصر غير راضية عن تطورات سد النهضة.. وهذا ما يحتاجه السودان
قال الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبوالغيط، فى حوار للإعلامى عمرو خليل، مقدم برنامج «اليوم» على قناة «دى إم سى»، إن الفلسفة التى تتبعها خطة التسوية الأمريكية بشأن القضية الفلسطينية خاطئة من أساسها، ولهذا السبب لن تلقى سوى الرفض، لأنه لا يمكن أن يكون معقولاً أن يُطلب من الفلسطينيين تقديم المزيد من التنازلات، لأنه حينها لن يكون لدى الفلسطينيين أى شىء.
وأضاف «أبوالغيط» أن «تركيا لا تتوقف عن التدخل فى شئون الدول العربية، وقد طالبناها بوقف تدخلاتها فى سوريا والعراق».
وإليكم نص الحوار:
بداية، يبدو أن هذا العام يشهد تعقيدات صعبة تثير قلق العالم العربى، هل تتفق مع هذا الطرح؟
- طبعاً، الوضع العربى صعب جداً، ولا توجد انفراجات حقيقية واضحة تؤشر إلى اقتراب تسوية أى من المشكلات التى تؤرق المواطن العربى أو العالم العربى، ربما، وأقولها بتحفظ، أن الموقف السورى شهد تطوراً فى موافقة الحكومة والمعارضة على تشكيل اللجنة الدستورية، وهى اللجنة التى ستكون معنية بصياغة الدستور ووضع الإطار الجديد لسوريا الجديدة. لكن على الجانب الآخر، هناك وضع صعب للغاية، القصفات العدوانية والإجرامية والهجمة المدانة بالكامل التى تعرضت لها على سبيل المثال المملكة العربية السعودية، والهجوم على معامل تكرير النفط، هذا وضع، التعرض للملاحة البحرية فى مضيق هرمز والخليج، هذا وضع (ثانٍ)، والقضية الفلسطينية وانزواء السعى لتسوية القضية الفلسطينية، هذا وضع ثالث. صعوبة التحرك فى التسوية الليبية هذا وضع، واليمن الوضع الإنسانى والسياسى صعب. هناك صعوبات كثيرة فى الوضع العربى، ربما البارقة الوحيدة هى السودان والتطورات الجديدة فى شكل الحكم هناك.
كانت هناك ندوة لمعهد دراسات الشرق الأوسط فى «واشنطن» بالتعاون مع المركز المصرى للفكر وهناك حديث عن عدم وجود أجندة عربية موحدة إزاء التدخلات التركية الإسرائيلية الإيرانية، ما ردك؟
- لا، لا أتفق مع هذا الرأى، بل بالعكس هناك قرارات صادرة عن الجامعة العربية بشأن إيران والتدخلات الإيرانية فى الإقليم العربى والأداء الإيرانى بصفة عامة، وحتى لما دولة أو اثنتان تتحفظان لا تتحفظان على كامل فقرات القرار بل تتحفظان على فقرة أو اثنتين فى صلب القرار، نتيجة مواقف سياسية، لكن بصفة عامة الأداء الإيرانى يحظى باستنكار، ويحظى بمواقف واضحة من قبَل الجامعة العربية. فيما يتعلق بتركيا، أيضاً لدينا قرار موجه لتركيا بضرورة التوقف عن التدخل فى الشأن العراقى وفى الأراضى العراقية والأراضى السورية. وبالتالى هناك موقف عربى فيما يتعلق بهذين البلدين، أما فيما يتعلق بإسرائيل فالموقف متقدم جداً عن أسلوب المعالجة لتركيا على سبيل المثال، هناك توافق كامل أن الأمور لا يمكن أن تستمر هكذا، وأن الموقف العربى مساند للفلسطينيين بوضوح شديد.
هل نتخيل أن تكون هناك أجندة عربية لتجلس بها مع أحد هذه الأطراف للتفاوض حول حل إحدى المشكلات مثلاً إسرائيل؟
- عملية السلام متوقفة، والولايات المتحدة تبنت الموقف الإسرائيلى بالكامل، ما أدى إلى أن الرئيس الفلسطينى محمود عباس أبومازن ومنظمة التحرير الفلسطينية يرفضون التفاوض، ونحن نرى حكومة إسرائيل تأخذ من المناهج والمواقف ما يجعل أنه لا أحد يتصور قدرته على التفاوض مع هذه الحكومة. إسرائيل فى الحقيقة مشلولة منذ 6 شهور، انتخابات وراء انتخابات، وحتى الآن هذه الانتخابات لم تؤدِ إلى الاتفاق على حكومة بعد، وربما لن تؤدى ويضطرون للدخول إلى انتخابات ثالثة. فيما يتعلق بإيران، فإن عدوانية الجانب الإيرانى تجعل من الصعب على دول الخليج أو الدول العربية أن تتحاور مع إيران قبل تغيير المنهج الإيرانى، عندما يتغير المنهج الإيرانى يبدأ البحث عن توافق جديد فى العلاقة. أما بالنسبة لتركيا، فهى عملية صعبة، صحيح تركيا من ناحية تحاول أن تدافع عن مصالح جنوب الحدود، لكنها لا تتوقف عن التدخل فى شئون دول عربية «واضحة جداً» فى أكثر من حالة، وبالتالى اللحظة الحالية لا تؤشر إلى إمكانية لحوار مع هذه الأطراف يستهدف التوصل إلى انفراجات فى الأوضاع.
دينيس روس، المبعوث الأمريكى السابق للسلام فى الشرق الأوسط، يرى أن على الفلسطينيين أن يستمعوا أولاً لخطة التسوية، وأنت قلت إنه لا مجال للحوافز الاقتصادية قبل تسوية الصراع.. ما ردك على ذلك؟
- سيأتى للفلسطينيين ليقول سوف نحسن حياتكم اقتصادياً ولتنسوا هدف الدولة والأرض، وهذا لا يمكن أن يقبله إنسان فلسطينى أو عربى من هنا ابتدأ التحفظ على هذه الخطة، ومع ذلك سوف تُرفض عندما تعرض.
ألا تنصح بقراءتها أولاً؟
- حتى لو قُرئت ستُرفض، عندما تأتى للفلسطينيين وتقول لهم قبل أن تقدم الخطة «القدس» عاصمة إسرائيل الموحدة، أى أخذت «القدس الشرقية» وأعطتها لإسرائيل، هذا ابتداء. وعندما تقول إن سياسة الاستيطان الإسرائيلى فى الأراضى المحتلة ليست قانونية مثلما تصفها الأمم المتحدة، وبالتالى تكون أخذت موقفاً. عندما تقول إن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» يجب حلها، عندما تقول إنه لا يوجد شىء اسمه اللاجئون الفلسطينيون، كل هذه مسائل تأخذ من القضية الفلسطينية العناصر المكونة لها، ثم تقول له سأمكنك من فتح «دكاكينك» فى القرى والمدن فى الساعة التى تحددها، وتنتخب محليات لمن تختاره، لكن لا توجد لديك فرصة الدولة، طبعاً سيرفضها الفلسطينيون، ينتظرون اليوم أو غداً أو الشهر القادم أو تُعرض بعد 3 أشهر ستُرفض لأن المنهجية خطأ وفلسفة الاقتراب من المشكلة خطأ. عندما يقول رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو قبل الانتخابات الأخيرة إنه سيضم غور الأردن، إذاً ماذا بقى من فلسطين تحت الاحتلال؟!.
لكن يلام على الطرف الآخر الانقسام الفلسطينى وعدم وجود موقف موحد..
- المأساة الفلسطينية كانت أن إسرائيل ساعدت على هذا الانقسام بين الفلسطينيين وبعضهم البعض ومبكراً جداً وبقى هذا الانقسام الذى نعانى منه حتى الآن.
هناك دعوات مصرية للطرفين لاتخاذ إجراءات جادة لإنهاء هذا الوضع وأن تجربة السلام بين مصر وإسرائيل يمكن أن تتكرر..
- هناك مصالح مستقرة لدى بعض التيارات الفلسطينية بعدم تغيير الوضع، الرئيس أبومازن تحدث معى عن نيته عقد انتخابات داخل فلسطين تفرز قيادة فلسطينية جديدة مجدة، لديه شكوك فى أن ينجح فى عقد هذه الانتخابات فى قطاع غزة، لأن هناك طرفاً يجد من الصعب أن يتخلى عن السلطة إذا هُزم، هذه هى المأساة الفلسطينية الحقيقية، الانقسام الفلسطينى والمصالح الضيقة التى تحرك ذلك الطرف أو ذاك.
خلال اجتماع الاتحاد الأوروبى بشأن الأزمة السورية على هامش اجتماعات الأمم المتحدة، طالبت أطراف اللجنة الدستورية بالتحلى بروح المسئولية الوطنية.. ماذا عن هذا المطلب؟
- تلك اللجنة ستكون مكلفة بصياغة دستور، وسيتم أخذ هذا الدستور فى الاعتبار فى مسألة التسوية الشاملة فى سوريا، كما أن تلك اللجنة هى من ستفتح الطريق أمام شكل الدولة الجديدة والانتخابات. هذا الدستور سيتم التفاوض عليه من خلال اللجنة، صحيح أنها مشكلة من 150 فرداً؛ 50 من بينهم من الحكم و50 من المعارضة و50 آخرون يختارهم الأمين العام للأمم المتحدة، لكن من سيتفاوضون على الصياغة هم 45 شخصاً من بين الـ150، بحيث يتم اختيار 15 من كل طرف. هؤلاء الأشخاص الـ45 إما تكون لديهم نية صادقة للتوصل لانفراجة وتسوية أو تكون لديهم نية للإعاقة وكسب الوقت وعدم تقديم تنازلات. وإذا كان المسار الأول هو البحث عن تسوية فإن الأوضاع ستتحرك، أما إذا كان المسار الثانى هو المرغوب فإن المعارضة موجودة ولن تسلم بالأمر الواقع حتى وإن كانت فقدت مكاسبها عسكرياً لكنها لم تخسر سياسياً. وآمل أن تكون الأطراف الدولية مؤيدة للتوصل لهذه الانفراجة.
تركيا وإيران حضرتا الاجتماع، كيف ترى تجاوبهما مع اللجنة الدستورية؟
- أشك فى أن إيران ستتعامل بشكل إيجابى مع اللجنة الدستورية إلا إذا كانت تلك هى رؤية الاتحاد الروسى أو الحكم فى سوريا. أما فيما يتعلق بتركيا، فهى دوماً تبحث عن مصالحها الخاصة وليس مصالح الشعب السورى أو حتى مصالح منطقة الجنوب التركى. تركيا تتحرك وفقاً لنظرتها إلى مصالحها، وما إذا كانت تلك التسوية ستتيح المزيد من الحرية لأكراد سوريا، وإذا حدث ذلك فإن تركيا ستعارض التسوية لأنها سترفض أن يحظى الأكراد السوريون بمزيد من الحرية.
فيما يتعلق بالاعتداءات على الخليج، ماذا لو تصاعدت وتيرة الاعتداءات الإيرانية؟
- ما يحدث حالياً هو أن مجموعات من الخبراء والمحققين يبحثون عواقب الضربات والمسئولين عنها، وإذا صدر ذلك التقرير، الذى يُقال إنه سيصدر قريباً جداً، فإنه سيكشف المسئول وهوية الأسلحة وعمرها وإنتاجها ومسار الصواريخ. تلك التقارير ينبغى أن يتم تسليمها إلى الأمين العام للأمم المتحدة من أجل إعلانها، وفى هذا السياق سيتم عرض المسألة على مجلس الأمن، وحينها سنرى كيف ستجرى الأمور. وعلينا ألا ننسى أن التوتر فى منطقة الخليج والمياه الإقليمية لدول مثل الإمارات وسلطنة عمان، أدى إلى تعقد الموقف ولم تكن هناك استجابة دولية بالقدر المطلوب حتى الآن. ونأمل أن تؤدى نتائج التقارير إلى مسارات جديدة فى التصعيد الدبلوماسى.
الولايات المتحدة لم تتحرك بالشكل المتوقع منها بعد الأزمة وكأنها تقول للعرب دافعوا عن أنفسكم..
- لم يقل الأمريكيون ذلك، وإنما كانوا يسعون إلى تأكيد الإطار الدبلوماسى وتصعيد العلاقات على الجانب الإيرانى لاعتقادهم بأنهم مسئولون عما حدث، وأن الجانب الأمريكى لا ينوى استخدام القوة العسكرية على الأقل فى الوقت الحالى.
التقيت القيادة الجديدة فى السودان قبل أيام من حضورك الجمعية العامة للأمم المتحدة.. ما الذى يحتاجه السودان؟
- السودان يحتاج رفعه من قائمة العقوبات الأمريكية، لأن وضع السودان على القائمة يمنعه من التجارة والقدرة على الانفتاح على العالم الخارجى، وهذه نقطة نسعى إلى إثارتها مع الجانب الأمريكى. كما أن هناك مسألة المديونيات التى تعانى منها الحكومة السودانية، ولذلك سنتحدث مع المؤسسات الدولية والدول الأوروبية من أجل إلغاء تلك المديونيات أو إعادة جدولتها لمنح الحكومة الجديدة فرصة لالتقاط أنفاسها.
أخيراً، أكثر من 140 مليون مواطن عربى فى مصر والسودان مهددون بسبب سد النهضة الإثيوبى.. وكان هناك تصعيد واضح فى الأيام الأخيرة.. ما رأيك؟
- كان التصعيد واضحاً حينما عرض وزير الخارجية المصرى سامح شكرى أمام مجلس وزراء الخارجية العرب فى 10 سبتمبر الماضى الموقف الراهن، وأشار إلى أن هناك صعوبات وعدم رضا مصرى، وفى المؤتمر الصحفى تحدثت بوضوح بشأن هذه القضية. وبعد ذلك تطور الموقف فى حديث الرئيس عبدالفتاح السيسى.
وهل لديك خارطة طريق تطرحها؟
- أفضل ترك الأمر للحكومة المصرية لتقرر ما ستفعله، فهناك مجتمع دولى وهناك دول لديها تأثير وتقدم مساعدات، وكذلك هناك قانون دولى وأمم متحدة ومجلس أمن. هناك الكثير مما هو متاح لاتخاذه من خطوات. ويبدو لى أن مصر حاولت التوصل لاتفاق، وكان حديث الرئيس عبدالفتاح السيسى واضحاً فى أن ما حدث فى ثورة يناير أدى إلى تحرك إثيوبيا لبناء سد النهضة دون تحرك من المسئولين المصريين وقتها.
هل نتوقع بارقة أمل فى أى من الملفات التى تحدثنا عنها خلال العام المقبل؟
- ربما يحمل العام المقبل بارقة أمل فى اليمن، لأن التصعيد الحالى يدفع الجميع للبحث عن مخرج من تلك الأزمة.