في حوار لـ"سبوتنيك".. وزير الشؤون الإسلامية السعودي: الشعب أفشل مخططات الفتنة.. وهذا رأيي في جهود ولي العهد
قال وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد السعودي، الدكتور عبد اللطيف بن عبد العزيز آل الشيخ، إن المملكة العربية السعودية دولة قوية راسخة رسوخ الجبال، وأن ذلك تأكد أكثر من مرة.
وأضاف في حوار مع "سبوتنيك"، أن أعداء المملكة حاولوا إيقاع الفتنة بين أبنائها وقيادتها، وبين أفراد المجتمع بعضهم البعض، بوسائل وطرق شتى، مستعينين في ذلك بالخونة، لنشر الفوضى والقلاقل في البلاد.
إلى نص الحوار.
فيما يتعلق بالسعودية ما هي أهم الملفات التي ستعمل عليها وتعتبرها من أولوياتك خلال المرحلة المقبلة؟
لقد عملت منذ أول يوم تسلمت فيه أمور الوزارة على استعادة المنبر الدعوي المسلوب من دعاة الفتنة، الذين استولوا عليه في وقت مضى، وأضروا بالمسلمين كثيرا، من خلال زرع الفتنة بين أفراد المجتمع وتشكيكهم بقيادتهم، وغرروا بأبناء المسلمين وجروهم إلى مواطن الفتن والقتال، باسم الجهاد المزعوم، وهو في واقع الأمر الإرهاب الذي عانت منه البلاد العربية والإسلامية أشد المعاناة، في ما يسمى زورا بالثورات العربية التي لم تجن منها الأمة غير التشديد والقتال والخراب والدمار.
أولئك هم دعاة الفتنة من جماعة الإخوان والخوارج، ومن سار في ركبهم الذين سيسوا الدين لاكتساب الدنيا ومحاولة الوصول إلى الحكم والاستيلاء عليه، وقد وفقنا في كبح جماحهم، بفضل الله ثم بفضل الدعم الذي نلقاه من ولاة أمرنا ــ حفظهم الله ــ، وأيضا وقوف العلماء الصالحين والمواطنين المخلصين، حتى نخلص جميعا من شرهم وكيدهم ومكرهم.
كما عملنا على ترشيد المال وصرفه في كل ما يخدم العمل والدعوة إلى الله، وأيضا عملنا على نقل الوزارة إلى مجال التقنية الحديثة، واستغلالها في إيصال رسالتها السامية، وذلك من خلال إطلاق عدد من التطبيقات على الأجهزة الذكية، لإيصال خدماتنا إلى الناس في كل مكان، وبالسرعة المطلوبة، وأيضا لفتح نافذة مع المواطنين نتلقى ملاحظاتهم، ونعمل على تلافيها ونسعد بمقترحاتهم، ونعمل على تنفيذها بعد دراستها.
كما عززنا مشاركة الوزارة في المناسبات الوطنية والمهرجانات التي تنظم على مستوى الدولة، وسنمضي قدما في بذل أقصى الجهود لنشر الإسلام الصافي النقي القائم على الوسطية والاعتدال، ونبذ الغلو والتطرف، والإرهاب والعنف بكافة صوره وأشكاله، وجميع جهاته وجوانبه داخليا وخارجيا، والتحذير من المسالك والمناهج المنحرفة عن العقيدة الصحيحة والمنهج الوسطي.
كما عملنا على تطوير مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، ليصل كتاب الله كل بيت من بيوت المسلمين بأرقى طباعة.
هل باتت المؤسسات الدينية في المنطقة العربية في حاجة إلى العمل معا… وما هي الآلية التي يمكن العمل من خلالها؟
مما لاشك فيه أن التعاون لا يثمر إلا خيرا، والتعاون أصل في شريعتنا الإسلامية، قال تعالى:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}، وقوله "صلى الله عليه وسلم":(من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه.. "الحديث")، وإن المتأمل في ما يتوفر في بلدان العالم الإسلامي المترامي الأطراف، من كوادر وقدرات بشرية متميزة في كل جوانب العمل الإسلامي، بالإضافة إلى ما يتوفر في بلاد المسلمين من القدرة المالية والتجهيزات العملية والتكنولوجية المتقدمة، وما إلى ذلك من عوامل النجاح، كل ذلك يدعونا إلى هذا التعاون والتكاتف الذي أصبح فريضة حتمية لا انفكاك عنها، على مستوى الأفراد والشعوب والقيادات.
والوزارة لديها برامج مشتركة، واتفاقيات وتنسيقات مع مختلف الجهات الدينية في البلاد العربية والإسلامية، وهذا هو النهج الذي تتبعه المملكة في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والعسكرية، وبالطبع في المجال الديني، فنحن حريصون كل الحرص على التعاون مع كل من يريد الخير ويسعى إليه.
السعودية تواجه انتقادات كبيرة بشأن مسألة الولي خاصة بالنسبة للفتيات… فكيف ترد على ما يتم تناوله عبر وسائل الإعلام عن المشاكل الناتجة عن الأمر؟
ولاية الرجل على المرأة يقدرها عندنا الشرع المطهر الذي تعمل به هذه البلاد، وأي اعتداء على المرأة فإن هذه الشريعة جعلت له علاجا وجزاء رادعا في الدنيا والآخرة، فأقرب الناس إلى المرأة إذا ثبت عدم صلاحيته للولاية وتعسفه، نزعت منه الولاية لغيره، وهذا مقرر عند الفقهاء، والمملكة العربية السعودية بأنظمتها العدلية والقضائية تراعي الأطراف كلها وفق منظومة شرعية، فإذا ثبت أن رجلا تعسف في حق الولاية بما يضر مصلحة المرأة، تتدخل الدولة بموجب الشرع لحماية المرأة.
كيف ترى تسليط الضوء للإعلام على قضايا الفتيات السعوديات بالتحديد؟
كثير من هذا إعلام مدفوع، الهدف منه ترويج الأكاذيب ضد المملكة العربية السعودية، عندما رأوا تقدمها في المجالات كلها، فعزموا على تشويه سمعتها في مجال حقوق المرأة، وحقوق الإنسان وغير ذلك، وتلقفوا حالات شاذة، وجعلوها دليلا صحيحا على أكاذيبهم، وما يقومون به ليس مهنيا ولا احترافيا، والمرأة السعودية لديها الثقة الكاملة بولاة أمرها، خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده، ويرونهما بمنزلة الأب الحاني الرحيم.
وسائل الإعلام تركز على النادر لأنها تحقق الرواج لها، وبعضها تقف خلفه دوائر معادية للمملكة والإسلام، لكن المملكة دولة راسخة، لا تؤثر فيها مثل هذه الإساءات، وهي قوية بالله تعالى ثم بقيادتها الرشيدة، وأبنائها ومحبيها في مختلف أرجاء الأرض.
برأيك كيف ترى جهود ولي العهد محمد بن سلمان والدور الذي يمثله في المملكة؟
ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير الهمام محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، هو هبة الله لهذا الوطن، وقد جاء في وقت الدولة بأمس الحاجة لأمثاله من الرجال الأفذاذ الذين حباهم الله بكل صفات القائد الناجح، واتسم سموه الكريم بملامح النضج السياسي في وقت مبكر، جعلت منه مؤهلا وبجدارة إلى أن يكون وليا للعهد، وسندا وعضدا لخادم الحرمين الشريفين، الملك الصالح والإمام العادل سلمان بن عبد العزيز ــ حفظه الله.
وقد بدأ صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، منذ توليه منصب ولي ولي العهد في إجراء العديد من الإصلاحات العامة في كافة مرافق الدولة، ومكافحة الفساد وحماية المال العام، والضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه المساس بمقدرات البلاد، وكان ذلك بموجب أمر ملكي صدر بتكوين لجنة عليا برئاسة ولي العهد لمكافحة الفساد.
كما قام سمو ولي العهد بجهود كبيرة في مكافحة التطرف والغلو والتصدي للفكر الضال المنحرف، ومواجهته وتدمير بؤره، وتجفيف مصادر تمويله، سواء فيما يتعلق بداخل المملكة أو في الخارج، بالتعاون مع الدول العربية والإسلامية والدولية.
وإذا كان الحديث عن سمو ولي العهد وإجراءاته الإصلاحية في كل مناحي الحياة، فلا يمكن أن نغفل تلك الخطوات الجبارة التي قام بها وفاجأ بها العالم بأسره، ألا وهي رؤية المملكة 2030، يقوده لذلك طموح كبير جدا لتحقيق تغيير نهضوي خلاق في هذه البقعة من العالم، بخطى وثابة ومدروسة لنقل المملكة، وفي زمن قياسي إلى مصاف الدول العالمية.
هذه الرؤية الخلاقة تتركز في ثلاثة محاور رئيسية وهي: (اقتصاد مزدهر، مجتمع حيوي، ووطن طموح)، أما البرامج التنفيذية للرؤية فتتلخص في (برنامج التحول الوطني، وبرنامج جودة الحياة، وبرنامج التوازن المالي، وبرنامج صندوق الاستثمارات العامة)، وهذا يعني وبشكل واضح أن المملكة العربية السعودية قررت صناعة مستقبلها وفق ما تريد هي، لا وفق ظروف الأسواق العالمية، والمستجدات السياسية، بمباركة خادم الحرمين الشريفين الملك الصالح والإمام العادل سلمان بن عبدالعزيز ــ حفظه الله ورعاه ــ، وهذا السؤال يحتاج جوابه لمجلدات كبيرة.
برأيك ما هي الأخطار التي واجهتها المملكة خلال الفترة الماضية… وهل تمكنت من عبورها؟
الحقيقة التي لا تقبل النقاش أن المملكة العربية السعودية دولة قوية راسخة رسوخ الجبال، وقد تأكد ذلك في أكثر من مرة، حيث حاول أعداء المملكة إيقاع الفتنة بين أبنائها وقيادتها، وبين أفراد المجتمع بعضهم البعض، بوسائل وطرق شتى، مستعينين في ذلك وللأسف الشديد بالخونة، ممن باعوا دينهم وأماناتهم، وانساقوا وراء مصالحهم الحزبية والمادية، ممن يتابعون الصفويين، أو الإخوان المسلمين، فحاولوا نشر الفوضى والقلاقل في البلاد.
لكن الله تعالى أمكن منهم، وأبطل مرادهم، وأفشل مخططاتهم، فلم يجروا غير الخيبة والخذلان، وأثبت الشعب السعودي الأصيل تمسكه بقيادته، والتفافه حولها، والوقوف صفا واحدا في وجه أعداء الدين والوطن، كذلك ما يتعلق بالفساد الذي كان موجودا، وللأسف الشديد وبنسب متفاوتة الشدة، متعددة الأبعاد والأطراف، فمنه ما هو على شكل فساد إداري، ومنه على شكل فساد مالي، وفساد اقتصادي وغير ذلك.
وكما يعلم الجميع، فإن للفساد آثارا مدمرة على حياة كل بلد اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وثقافيا، لكن المملكة بفضل الله تعالى ثم بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وجهود رجل الإصلاح الأول الأمير محمد بن سلمان، استطاعت القضاء على هذه الآفة الفتاكة، لتحصين المجتمع السعودي منها، وتوجيه كافة إمكانات الدولة وطاقاتها ومواردها إلى ما يخدم الوطن والمواطن.
وهناك حملات شعواء مسعورة مستمرة وممنهجة ضد المملكة، للتشكيك في جدية برامجها وخططها التنموية الضخمة، وكل ما هو منجز سعودي، فهو عرضة للانتقاد والاتهام والإساءة، كذلك ما يتعلق بالحملات التي تشن ضد قيادة المملكة وتغلف بغلاف المنظمات الحقوقية، التي تباع وتشتري في سوق قنوات فضائية قذرة.
فتارة يوجهون سهامهم من جهة حقوق المرأة، وتارة أخرى من جهة حرية الرأي، وغير ذلك من الافتراءات المفتعلة التي تهدف إلى الإساءة للمملكة العربية السعودية قيادة وشعبا وعادة وتقاليد، وقبل ذلك كله الإساءة للإسلام ووصفه بالدين الرجعي المعطل، ولكن كل ذلك لا يزيد المملكة وقيادتها إلا ثباتا ورسوخا على دينها وعقيدتها.
واستطاعت المملكة تحييد الخطر الفارسي الصفوي، الذي جند بعض عملائه لإثارة الفوضى
في البلاد، وبخاصة في الحرمين الشريفين، فقلمت أظفاره، وردته خائبا، كما أنها شلت عضده الحوثي، وفي الجانب الآخر جيرت الخطاب الصحوي السياسي، الذي امتطى الدين وجعله مركوبا له يحقق به جرائمه وأهدافه، وذلك بإعلانها الكيانات الإرهابية والأفراد من تنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي ومن لف لفه.
ثم قامت بإيضاح الدين بصورته الحقيقية حتى لا يختطف مرة أخرى، فصار الشعب كله بكافة أطيافه محصنا من تدنيس الصفويين الفرس ودنس الصحويين، وذلك بفضل الله ورحمته ثم بحكمة هذه القيادة المباركة.