وزير الخارجية الروسي في حوار لـ "كونا": سوريا تسير نحو الاستقرار.. وهذا مصير القضية الفلسطينية
أكد وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف أن حل القضية الفلسطينية، يشكل عنصرا لابد منه لضمان الاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا برمتها، مشددا على أنه من دون معالجة النزاع الفلسطينى - الإسرائيلى المزمن، والذى يشكل منبعا لعدم الاستقرار والتطرف، لا يمكن الحديث عن تحقيق "الهدوء" فى المنطقة.
ووصف لافروف - فى حوار أدلى به لوكالة الأنباء الكويتية "كونا"، قبيل زيارته إلى عدد من دول الخليج العربى - الوضع على مسار التسوية الفلسطينية - الإسرائيلية بـ "الصعب"، عازيا ذلك إلى توقف المفاوضات بين الجانبين، وعدم وجود جهود دولية منسقة فى هذا الإطار.
وأضاف أن روسيا تواصل جهودها بما فى ذلك فى إطار مجلس الأمن الدولي، واللجنة الدولية الرباعية الخاصة بالشرق الأوسط، بهدف خلق الظروف الملائمة لمواصلة الاتصالات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فضلا عن جهودها فى ذلك مع طرفى النزاع، لافتا إلى أن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، اقترح فى خريف عام 2016، عقد لقاء فلسطينى إسرائيلى على أعلى المستويات فى موسكو دون شروط مسبقة، مشيرا فى الوقت نفسه، إلى أنه رغم موافقة الرئيس الفلسطينى محمود عباس، ورئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، على ذلك الاقتراح حينها، إلا أن اللقاء لم يعقد حتى الآن.
وأكد لافروف مجددا استعداد روسيا لاستقبال قادة فلسطين وإسرائيل، معربا عن قناعته بأن من شأن المفاوضات المباشرة، أن تساعد على إيجاد مخرج من المأزق الحالي، لافتا فى الوقت نفسه الانتباه إلى الجهود الكبيرة التى تبذلها روسيا لتجاوز حالة الانقسام بين الفلسطينيين؛ حيث شارك قادة 12 فصيلا وحزبا فلسطينيا، فى اللقاء الثالث الذى عقد فى موسكو فى الفترة من 11 إلى 13 فبراير الماضي.
وتابع أن هذا اللقاء كان الأول من نوعه خلال الشهور العشرة الأخيرة؛ حيث تم جمع ممثلى جميع القوى السياسية الفلسطينية الأساسية معا، واستئناف الحوار حول سبل استعادة وحدة الصف على أساس مشترك، مشيرا إلى أن المجتمعين أقروا وثيقة مشتركة (إعلان موسكو)، والتى أكدوا خلالها عزمهم على تجاوز الانقسام، والالتفاف حول الهدف القومى المتمثل فى إقامة دولة فلسطينية مستقلة، قادرة على الحياة على أساس قرارات منظمة الأمم المتحدة ذات الصلة، والمبادرة العربية السلمية.
وسلط وزير الخارجية الروسى الضوء على الخطوات الأمريكية الأحادية الجانب وأثارها السلبية على مسار التسوية فى الشرق الأوسط، معيدا إلى الأذهان، أن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، كان قد وعد ببذل كل جهوده من أجل تحقيق تسوية للنزاع الفلسطينى الإسرائيلي، موضحا أن روسيا رحبت بهذه النوايا، وحثت شركاءها على التعاون الإيجابى معها، وبالدرجة الأولى فى إطار اللجنة الدولية الرباعية الخاصة بالشرق الأوسط، التى عقد ممثلو الأطراف الأعضاء فيها عدة لقاءات.
وقال لافروف "إن واشنطن اتخذت منحى آخر، تمثل فى تنفيذ خطوات أحادية الجانب، بوساطة منفردة من قبلها فقط، ومنذ عامين ونحن نسمع أن واشنطن تريد الإعلان عن صفقة العصر، والتى يدعون أنها ستؤدى إلى تحقيق سلام بين العرب وإسرائيل"، لافتا إلى أن الإعلان عن هذه الصفقة، تأجل مرة أخرى حتى يتم تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة..ووفقا لما يتم تسريبه من معلومات، فإن الحديث يدور حول خطوات مشبوهة وعمليات (تبادل) تخالف القاعدة القانونية الدولية للتسوية فى الشرق الأوسط، مشككا فى الوقت نفسه بإمكانية قبول الفلسطينيين بهذه الصفقة.
وحول الاستراتيجية التى تنتهجها موسكو فى سوريا بعد القضاء على تنظيم (داعش) الإرهابي، قال وزير الخارجية الروسى إن الوضع فى سوريا أخذ فى الاستقرار بعد العمليات الناجحة التى قامت بها القوات الحكومة السورية، بدعم من القوات الجوية الروسية، مشيرا إلى أنه تم القضاء على تنظيم (داعش) بصفته تنظيما عمل على إقامة دويلة، إلا أن الوقت مازال مبكرا للحديث عن القضاء النهائى على الخطر الإرهابى فى سوريا.
وأشار إلى أنه يتوجب عمل الكثير من أجل القضاء على الخلايا النائمة للجماعات الراديكالية؛ حيث مازال هناك بعض البؤر الإرهابية فى سوريا، خاصة فى منطقة خفض التوتر فى إدلب، التى لا يزال جزء كبير منها يخضع لسيطرة المسلحين من جبهة (تحرير الشام)، التى تقوم بعمليات استفزازية ضد السكان المدنيين والعسكريين السوريين والروس.
وشدد لافروف على ضرورة مواصلة التصدى الفعال للإرهاب، قائلا "إننا نحث شركاءنا الأتراك على تنفيذ الالتزامات الناجمة عن المذكرة الخاصة بضمان استقرار الوضع فى إدلب، الموقعة بين الجانبين فى 17 سبتمبر 2018"، مؤكدا أهمية أن لا يشكل نظام وقف إطلاق النار فى إدلب المتفق حوله مع تركيا، حجة من أجل تعزيز الوجود الإرهابى هناك.
وأوضح أن المذكرة الروسية التركية التى قضت بضرورة إقامة منطقة عازلة فى إدلب، وخروج جميع الجماعات الراديكالية والأسلحة الثقيلة منها، لم تنفذ بشكل كامل بعد، مشيرا إلى أن "مسار آستانا" الخاص بسوريا أثبت فعاليته؛ حيث أن القرارات التى تبلورت فى إطار آستانا، أدت إلى إقامة مناطق خفض التوتر، تراجع حدة العنف، وخلق الظروف الملائمة لعودة اللاجئين والنازحين إلى ديارهم.
وأضاف قائلا "العمل يجرى حاليا بشكل نشيط مع شركائنا الإيرانيين والأتراك على تنفيذ قرارات مؤتمر الحوار الوطنى السوري، فضلا عن أن المسائل المتعلقة بضمان استقرار الوضع فى سوريا، دفع عملية التسوية السياسية هناك، وإطلاق عمل اللجنة الدستورية، نوقشت خلال قمة الدول الضامنة (روسيا وتركيا وإيران)، والتى عقدت فى سوتشى فى 14 فبراير الماضي".
وفيما يتعلق بزيارته المرتقبة إلى عدد من الدول الخليجية، قال وزير الخارجية الروسي، إنه سيقوم خلال الفترة من 3 إلى 7 مارس الجاري، بجولة عمل تشمل قطر، السعودية، الكويت، والإمارات، لافتا إلى أن المباحثات التى سيجريها خلال جولته الخليجية، ستتركز على إجراء مناقشة تفصيلية للوضع فى سوريا، قضية التسوية الفلسطينية الإسرائيلية، والأوضاع فى المناطق الملتهبة بالمنطقة، خاصة آفاق تسوية هذه النزاعات بالوسائل السياسية والدبلوماسية على أساس القانون الدولي، وعبر إقامة حوار وطنى شامل، وكذلك مناقشة آفاق تطوير علاقات التعاون الثنائية، تفاصيل سبل زيادة حجم التبادل التجاري، وتنفيذ المشروعات الواعدة المشتركة فى مختلف المجالات، فضلا عن مناقشة سبل تنشيط الصلات الإنسانية، بما فى ذلك التبادل الثقافى والسياحة.
وأضاف أن روسيا تبنى علاقاتها مع دول الخليج العربي، على أساس المبادئ التى تقضى بضرورة احترام ومراعاة المصالح المتبادلة، مؤكدا أنه من شأن تعزيز الصلات القائمة على المنفعة المتبادلة، أن تلبى المصالح طويلة المدى، وتعزز السلام والاستقرار فى عموم منطقة الشرق الأوسط.