رئيس معهد العالم العربى بباريس يتحدث عن زيارة "ماكرون" لمصر.. ويؤكد: هذا سر وجود كتاب ومثقفين بالوفد الرئاسي الفرنسي
أكد جاك لانج رئيس معهد العالم العربى بباريس أهمية الزيارة التى يقوم بها- فى وقت لاحق اليوم- الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون إلى مصر "التى تعد أكبر دولة عربية تربطنا بها علاقات وتعاون وثيق منذ سنوات".
جاء ذلك فى حوار لوكالة أنباء الشرق الأوسط بمقر المعهد بالعاصمة الفرنسية قبيل مغادرته ضمن الوفد الفرنسى الكبير الذى يرافق الرئيس إيمانويل ماكرون فى زيارته لمصر التى تعد الأولى له منذ توليه مهام منصبه عام 2017.
و قال السياسى الفرنسى المخضرم- الذى دائما ما كان يرافق رؤساء فرنسا إلى مصر باعتباره من أبرز الشخصيات السياسية والثقافية بفرنسا- أن مصر وفرنسا تربطهما علاقات ثقة وصداقة وشهدت خلال الأربع سنوات الماضية دفعة جديدة فى مختلف المجالات، مما انعكس على تعدد الزيارات بين البلدين.
وعن سبب وجود كتاب ومثقفين ضمن وفد الرئيس ماكرون إلى مصر، قال جاك لانج أن ذلك يأتى بمناسبة « عام الثقافة مصر-فرنسا 2019 » وكذلك نظرا للاهتمام الذى توليه فرنسا لثقافة مصر وحضارتها وآثارها لا سيما فى ظل ولع الشعب الفرنسى بمصر فى جميع عهودها أى مصر الفرعونية ومصر القديمة ومصر المعاصرة ومصر الحالية، وأضاف " أن الرئيس ماكرون طلب منه أن يرافقه فى هذه الزيارة الكبيرة الهامة إلى مصر والتى تعد زيارة صداقة وعمل فى نفس الوقت لأكبر دولة عربية"، مشيرا إلى أن الوفد الفرنسى سيلتقى فى القاهرة بعدد من رجال الفكر والثقافة بمصر.
وعن أهمية إطلاق العام الثقافى "مصر فرنسا 2019 " لكلا البلدين، اعتبر جاك لانج أن هذا العام سيتيح الفرصة لإبراز الآثار والروابط بين البلدين، وتشجيع الحوار والتبادلات الثقافية لاسيما بين شباب البلدين. "كما يعد فرصة للتذكير بأن مصر عضو بالمنظمة الدولية للفرانكوفونية وبأنها تحتضن العديد من المدارس الفرانكوفونية"، مذكرا بالدور الكبير الذى لعبه فى هذا الشأن الأمين العام السابق للأمم المتحدة الراحل بطرس بطرس غالى كأول أمين عام لمنظمة الفرانكوفونية.
وتابع چاك لانج أن من أبرز فعاليات العام الثقافى 2019 هو معرض توت عنخ آمون الذى تستضيفه قاعة "لا فيليت الكبرى" بباريس خلال الفترة من 23 مارس إلى 15 سبتمبر القادمين، وكذلك معرض "كنوز الحفريات الأثرية المصرية-الفرنسية" ابتداء من سبتمبر القادم بمتحف القاهرة.
وأشار إلى أن معهد العالم العربى بباريس بدأ منذ العام 2018 تنظيم فعاليات هامة حول العلاقات المصرية الفرنسية ومنها برنامج للقاءات الاقتصادية لتبادل الآراء بشأن القضايا الاقتصادية الكبرى الراهنة فى يونيو الماضى والذى تناول مستقبل التبادلات الاقتصادية بين مصر وفرنسا، وكذلك حفل اوركسترا أوبرا القاهرة فى سبتمبر الماضي.
وأضاف أنه خلال العام الثقافى 2019 سيستضيف معهد العالم العربى بباريس أوركسترا الموسيقى العربية فى 27 سبتمبر القادم، فضلا عن معرض كبير فى الفترة من 10 أبريل إلى 21 يوليو القادمين، بعنوان "كرة القدم والعالم العربي" والذى سيتضمن جزءا هامت بعنوان " القاهرة، عاصمة كرة القدم العربية" حيث يستعرض تاريخ فرق كرة القدم فى مصر التى كانت أول ممثل لأفريقيا بكأس العالم 1934، واحتلالها لمكانة قوية فى هذه اللعبة فى العالم العربى، واستضافتها وفوزها بأكبر عدد من بطولات الأمم الأفريقية.
وأكد جاك لانج أن مصر وثقافتها وحضارتها تتواجد بقوة داخل معهد العالم العربى منذ توليه مهام منصبه عام 2013، مذكرا بمعرض الآثار المصرية الغارقة الذى نظمه المعهد بعنوان "أوزوريس.. أسرار مصر الغارقة" والذى لاقى نجاحا كبيرا، وكذلك معرض "مسيحيو الشرق، تاريخ يمتد على أكثر من ألفى عام" والذى كان الأقباط حاضرين فيه بقوة.
وعن مشاركة فرنسا لمصر الاحتفال بمرور 150 عاما على قناة السويس، كشف جاك لانج عن أنه سيتم توقيع خطاب نوايا خلال زيارة الرئيس ماكرون لمصر لتستضيف مصر المعرض الكبير الذى نظمه معهد العالم العربى بباريس تحت عنوان " ملحمة قناة السويس"، وذلك بقصر المنيل فى سبتمبر المقبل فى إطار فعاليات العام الثقافى المصرى الفرنسى.
و اعتبر أنه من الطبيعى أن يذهب هذا المعرض إلى البلد الذى شهد ميلاد قناة السويس، مشيرا فى هذا الصدد بأنه قد رافق الرئيس الفرنسى السابق فرنسوا اولاند فى حفل افتتاح قناة السويس الجديدة فى 2015.
واكد رئيس معهد العالم العربى أن مشاركة فرنسا لمصر فى الاحتفال بمرور 150 عاما على افتتاح قناة السويس تعد فرصة للتذكير بالروابط التاريخية والثقافية بين البلدين الآخذة فى التطور مند نهاية القرن الثامن عشر، واصفا قناة السويس بأنها رمز للتعاون الكبير بين البلدين.
وعن كيفية تعزيز العلاقات الثقافية المصرية- الفرنسية، شدد على ضرورة تعزيز تعلم اللغة الفرنسية والعربية فى كلا البلدين، مشيرا إلى المشروع الهام الذى أطلقه سفير فرنسا بالقاهرة ستيفان روماتيه "دعم تطوير تعليم اللغة الفرنسية فى مصر" بالشراكة مع وزارة التربية والتعليم والذى يهدف إلى تعزيز الفرانكوفونية وجودة تعليم اللغة الفرنسية فى مدارس مصر؛ مبرزا كذلك مقترح وزارة التعليم الفرنسية بتعليم اللغة العربية فى المدارس الحكومية بناء على توصيات لمعهد مونتانى للدراسات والبحوث فى باريس وعقب التقرير الذى أصدره حكيم القروى الأكاديمى الفرنسى فى هذا الشأن.
وتابع أن معهد العالم العربى من جانبه سيقدم شهادة "سمة" وهى شهادة عالمية فى اتقان اللغة العربية وأول شهادة معترف بها للغة العربية الحديثة فى فرنسا وأوروبا ودوّل العالم العربى بهدف تشجيع تعلم اللغة العربية فى مختلف الأوساط بكل مكان فى العالم.
وقال إن المعهد الفرنسى بالقاهرة وهليوبوليس والإسكندرية يعمل على دعم الثقافة الفرنسية بمصر وان مصر يمكنها الاعتماد على مكتبها الثقافى بباريس لتعزيز تواجد الثقافة المصرية بفرنسا، مقترحا كذلك مزيد من التبادلات وتنظيم الأحداث الثقافية والمعارض حتى يتسنى للجميع اكتشاف الثقافة المصرية -الفرنسية الخاصة.
وعن العلاقات الاقتصادية، قال أن من أبرز مشروعات التعاون الناجحة بين البلدين، مشاركة ومساهمة فرنسا فى إنشاء وتوسيع شبكة مترو الأنفاق بالقاهرة منذ 1982 وإنشاء الترام بمدينة الاسكندرية الأول فى أفريقيا عام 1860، وأشار إلى أن الشركات الفرنسية ضاعفت من وجودها فى مصر لاسيما مع رؤية مصر الطموحة 2030 والتى تحمل إصلاحات حقيقية فى المجال الاقتصادى والمجتمعى والبيئى.
وشدد على أن فرنسا على استعداد لمساعدة صديقتها مصر للخروج من الوضع الاقتصادى الصعب وإيجاد طريق النمو لاسيما بمشاركة الشباب، لافتا إلى أهمية الدور الذى تقوم به الوكالة الفرنسية للتنمية فى مصر منذ العام 2005 لاسيما فى دعم وإنجاح المشروعات الاقتصادية الفرنسية فى البلاد.
وعن علاقات التعاون بين البلدين فى المجال الصحى، أوضح أنهما يتعاونان معا من أجل بناء نظام تأمين صحى قوى لكل المصريين وتحسين جودة الخدمات فى المراكز الطبية والمستشفيات.
يذكر أن چاك لانج (80 عاما) هو اسم كبير فى عالم السياسة والثقافة بفرنسا، وصوت مؤثر يحظى باحترام وتقدير فى مختلف الأوساط الفرنسية. وقد شغل العديد من المناصب، فقد كان نائبا بالبرلمان الفرنسى والاوروبى، وعين وزيرا عدة مرات فى عهد الرئيس الراحل فرانسوا ميتيران والرئيس جاك شيراك حيث تولى حقيبة التعليم والثقافة والإعلام وشغل منصب المتحدث باسم الحكومة الفرنسية، وكان رئيسا لبلدية "بلوا" (وسط فرنسا)، ونظرًا لخبرته ولتاريخه الحافل فيحرص الرؤساء الفرنسيون على تواجده فى زيارتهم وجولاتهم الخارجية.
و جدير بالذكر أن معهد العالم العربى الذى يقع على ضفاف نهر السين بباريس، قد تأسس عام 1980، بعد اتفاق بين فرنسا والدول الأعضاء بجامعة الدول العربية بهدف التعريف بالثقافة العربية ونشرها وتشجيع التبادل الثقافى وتنشيط التواصل والتعاون بين فرنسا والعالم العربى.