رئيس وزراء فلسطين: نخوض مواجهة محمومة مع الاحتلال
أكد رئيس الوزراء الفلسطينى رامى الحمد الله أن بلاده تمر بمرحلة فارقة تتعارض فيها التحديات وتخوض خلالها مواجهة محمومة مع الاحتلال الإسرائيلى.
وقال الحمد الله -فى كلمة له ببداية جلسة العمل الأولى (العلنية) للقمة الاقتصادية والاجتماعية والتنموية الرابعة التى انطلقت أعمالها اليوم الأحد فى العاصمة اللبنانية بيروت-: "نحن نتحمل تبعات القرارات الأمريكية الأخيرة التى أعطت إسرائيل السلطة القائمة بالاحتلال الضوء الأخضر للمزيد من العدوان والانتهاكات والقتل واعتقال الأبرياء من أبناء شعبنا ومواجهة مسيرات العودة السلمية فى غزة بالرصاص والقنص فى وقت تلتف فيه المستوطنات الإسرائيلية حول المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية".
وأضاف أن إسرائيل تواصل سيطرتها على أكثر من 85% من موارد المياه الجوفية المشتركة، وعلى نحو 64% من أراضى الضفة الغربية وهى المناطق التى تزخر بالموارد الطبيعية وفرص الاستثمار والنمو، كما تواصل فرض العقوبات الجماعية على مليونى فلسطينى فى قطاع غزة يعانون من قساوة الحصار ومن تبعات 3 حروب إسرائيلية متعاقبة.
وأضاف رئيس الوزراء الفلسطينى قائلًا: "إسرائيل تواصل استباحة أراضينا وتحويلها إلى مشاع لعملياتها العسكرية وتمعن فى قيودها وسيطرتها على حركة البضائع والأشخاص وتحاول خنق أى نشاط اقتصادي؛ لمنع إقامة دولة فلسطينية متواصلة جغرافية وذات سيادة على أرضها ومواردها وتقوض جهود بناء اقتصاد فلسطينى موحد ومنافس ومستقل".
وقال أنه على وقع هذه المعاناة نهض العمل الحكومى ليكون مستجيبًا قادرًا على تقديم الخدمات والوصول بها إلى كل شبر من أراضينا فى إطار من الحكم الرشيد، لافتًا إلى أن العام الماضى كان أشد ضراوة وقسوة حيث تمت محاصرتنا ماليًا وسياسيًا واستمر انخفاض المساعدات الخارجية بنسبة 71% وهدمت قوات الاحتلال خلاله 64 منزلًا ومنشأة منها 56 ممولة دوليًا و5 مدارس، وبلغ عدد الشهداء 275 فلسطينيًا منهم 53 طفلًا و6 سيدات و3 من المسعفين ومتطوعى الإسعاف.
ونوه بأنه لأول مرة منذ 16 عامًا صادقت الحكومة الإسرائيلية على بناء مستوطنة جديدة فى الخليل كما صادقت على بناء 20 ألف وحدة استيطانية جديدة فى القدس.
وأشار إلى أن مخططات التهجير تتواصل ضد الشعب الفلسطينى فى "الخان الأحمر" و"سوسيا" و"طانا" وفى سائر التجمعات البدوية المحيطة بالقدس، مضيفًا أن حكومته حشدت خلال سنوات وجيزة الطاقات والخبرات وركزت على الاستخدام الأمثل للموارد واتباع سياسات مالية رشيدة بتخفيض العجز وتعظيم الإيرادات المحلية وانتزاع إقرار دولى واسع بجاهزية أداء المؤسسات للعمل كمؤسسات دولة.
وأضاف أن الحكومة عملت على تعزيز قدرة اقتصاد وطنى على الإنتاج والمنافسة ليصبح اقتصادًا مقاومًا يحمل هويته الوطنية، مؤكدًا أن حكومته عملت أيضا على تكريس بيئة استثمارية آمنة وتغيير الصورة السلبية عن بيئة الأعمال والاستثمار من خلال إقرار قانون ضمان الحق بالمال المنقول وتفعيل سجل الأموال المنقولة، وتحديث قانون تشجيع الاستثمار، وإعداد مسودة قانون الشركات الجديد.
وتابع الحمد الله قائلًا أن الحكومة اعتمدت أيضا إنشاء المدن الصناعية والمناطق الصناعية بتوفير البنية التحتية الملائمة للصناعات وجذب الاستثمارات وتوفير فرص العمل وتحقيق نمو اقتصادى يزيد عن 2% سنويًا.
وأشار إلى أن سياسات حكومته كان لها عظيم الأثر فى حدوث انفتاح اقتصادى مع العالم الخارجى وانخفاض الواردات من إسرائيل بنسبة 20% وزيادة حجم التبادل التجارى مع دول العالم لتصل إلى نسبة 40%.
ولفت إلى أنه لأول مرة تجاوز حجم الصادرات الفلسطينية حاجز المليار دولار، ووصلنا بمنتجنا الوطنى إلى أكثر من 80 دولة حول العالم وتمكنا من زيادة حجم الاستثمارات الأجنبية داخل فلسطين، وذلك كله يمهد للانفكاك التدريجى عن اقتصاد دولة الاحتلال وتقليل الاعتماد عليها فى الواردات كما فى الصادرات.
وقال الحمد الله "يبقى أمامنا استحقاق وطنى داخلى بتحقيق المصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام لتمكين الحكومة من القيام بمسئولياتها كاملة فى قطاع غزة ونجدة شعبنا فيه وتوحيد العمل الوطنى الاقتصادى والتنموى فيه".
ومضى رئيس الوزراء الفلسطينى يقول "إلى جانب عمل الحكومة كان هناك حراك دبلوماسى وقانونى يقوده الرئيس محمود عباس "أبو مازن" أثمر عن عام حافل بالإنجازات: ففى العام الماضى صوتت الأمم المتحدة بإجماع دولى على أكثر من 19 قرارًا لصالح فلسطين توجت بتصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة وبأغلبية ساحقة على قرار يمنح فلسطين صلاحيات قانونية تمكنها من رئاسة مجموعة الـ 77 والصين، وقبل أيام تسلم الرئيس الفلسطينى قيادة المجموعة فى حدث تاريخى نبنى عليه للمزيد من تدويل القضية وترسيخ حضور فلسطين فى النظام الدولى وتمكينها من ممارسة دور محورى فى دعم أجندة التنمية الاقتصادية والاجتماعية وحماية مصالح بلدان المجموعة".
وثمن رئيس الوزراء الفلسطينى رامى الحمد الله الدعم العربى المستمر ما مكن من تحقيق ومواكبة الكثير من الإنجازات فى مسيرة بناء دولة فلسطين، داعيًا إلى الالتفات لتجربة فلسطين المميزة والفريدة فى بناء اقتصادها المنافس رغم التحديات والقيود الاحتلالية التى تحاصرها.
وتابع قائلًا "إننا نراهن على قرارات هذه القمة المهمة فى ضخ الاستثمارات العربية والإسلامية فى فلسطين، وعلى دور المنظمات والصناديق العربية والإسلامية والمستثمرين والقطاع الخاص العربى بمجمله".
ودعا القادة العرب إلى تخصيص دعم سياسى ومعنوى ومادى لمدينة القدس المحتلة المحاصرة؛ تأكيدًا على المسئولية العربية الجمعية فى الدفاع عنها وعن مقدساتها المسيحية والإسلامية، ودعم صمود أهلها ومؤسساتها فى مواجهة كافة أشكال التهويد والاقتلاع والتهجير التى تهددهم.
وأعرب عن تطلعه لتوفير التمويل اللازم لتنفيذ الخطة الاستراتيجية للتنمية القطاعية فى مدينة القدس المحتلة بالتنسيق مع دولة فلسطين، ووفقًا للآلية التى تم اعتمادها فى دورة المجلس الاقتصادى والاجتماعى رقم "102"، وكذلك القرارات الصادرة عن القمم العربية، بشأن زيادة موارد صندوقى القدس والأقصى بقيمة 500 مليون دولار.
كما أعرب عن تطلعه بالتزام كافة الدولة العربية الشقيقة بتنفيذ القرارات المتعلقة بإعفاء وتسيير دخول البضائع والمنتجات الفلسطينية إلى أسواق الدول العربية بدون رسوم جمركية أو غير جمركية، بالإضافة إلى حشد الدعم الدولى تجاه تنفيذ القرارات الدولية الخاصة بحماية مواردنا الطبيعية التى تتعرض للنهب والسرقة والمصادرة.
وأكد رئيس الوزراء الفلسطينى ضرورة الالتزام بما جاء فى مبادرات السلام العربية التى تم إقرارها فى بيروت قبل 17 عامًا، بأن التطبيع مع إسرائيل لا يجب أن يتم قبل إنفاذ المبادرة، واسترداد الحقوق العربية، وفى مقدمتها إقامة دولة فلسطين على الأراضى المحتلة عام 67، والقدس عاصمتها.
وأكد الحمد الله أن مقاطعة الاحتلال الإسرائيلى هى إحدى أدوات المقاومة السلمية للاحتلال والاستيطان، داعيًا كافة الدول والمؤسسات والشركات العربية إلى الالتزام بوقف جميع أشكال التعامل المباشر وغير المباشر مع منظومة الاحتلال ومستوطناته واتخاذ كافة التدابير اللازمة لتفعيل ذلك.
وشدد رئيس الوزراء الفلسطينى رامى الحمد الله أن الإدارة الأمريكية اتخذت الكثير من القرارات المعادية للشعب الفلسطينى واستهدفت البنى والمؤسسات التى يعول عليها فى بقائه وصموده، حيث عمدت إلى وقف تمويلها المشاغل فى القدس المحتلة ولوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" ما تسبب فى عجز مالى، وهدد استمرارية خدماتها التى تقدمها لـ 5.9 مليون لاجئ فلسطيني.
وأعرب رئيس الوزراء الفلسطينى عن شكره للدول الشقيقة والصديقة لتمويلها "الأونروا" ما أسهم فى استمرار تقديم خدماتها وتجاوز أزمتها المالية، مناشدًا المجتمع الدولى توفير شبكة استقرار وأمان مالى للأونروا لضمان ديمومتها وفق التفويض الدولى الممنوح لها لحين إيجاد حل عادل لقضية لاجئى فلسطين بموجب القانون الدولى بما فى ذلك قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194.
وقال رئيس الوزراء الفلسطيني: "إننا نرفض المساس بمكانة الأونروا، ولن نتنازل عن حقوقنا التاريخية مهما اشتدت الظروف، أو تمادت إسرائيل فى طغيانها وجبروتها"، معربًا عن شكره للدول الصديقة على إقرار وتبنى مشروع القرار الذى تقدمت به المملكة الأردنية الهاشمية بشأن التحديات التى تواجه وكالة "الأونروا".