بالصور.. مصر الجديدة حي "الكعب العالي" عريق الصيت.. "مهما عمل الميكروباص: الحلو حلو من يومه!"
يعتبر البلجيكي بارون أمبان واحدًا من المهندسين المعماريين القلائل الذين أثروا وساهموا في تطور فن العمارة نهايات القرن التاسع عشر والعشريات الأولى من القرن العشرين.
ومن ضمن الملامح المعمارية الشاهدة على عبقرية هذا الرجل الأجنبي الوافد على بلاد النيل، والتي كانت تشهد منذ مطلع القرن قبل الماضي حالة من الزخم الثقافي والعلمي نتيجة البعثات التي أوفدتها الدولة للخارج بدءًا من حكم محمد على باشا 1805 ــ 1849، وحتى خلال الفترات التي تلت ذلك، حي مصر الجديدة الواقع على أطراف القاهرة الشرقية.
وحي مصر الجديدة الأنيق والراقي يعد من أحد منجزات "أمبان" التي تركها قبل رحيله عن القاهرة ووفاته ببلده الأصلية بلجيكا بعد أصابته بمرض السرطان، إلا أن جثمانه عاد مرة أخرى لمصر الجديدة ليدفن بكنيسة البازليك طبقًا لوصيته.
ولا شك أن المباني الرئيسية التي شيدها بارون أمبان بمصر الجديدة والتي كانت النواة الأولى لتلك المنطقة والتي شهدت فيما بعد أهم الأحداث في تاريخ مصر الحديثة، ومن ضمنها قصره الشهير، تحمل في تصميماتها طابعًا معماريًا وجماليًا فريدًا قلما وجد في بلاد الشرق الأوسط.
ومنذ نشأته وحى الآن يعتبر حي مصر الجديدة السكن المفضل لأغلب الطبقات الراقية والأرستقراطية المصرية، كما كان يُفضل الإقامة فيه بالسابق الزوار والمقيمين الأجانب، وخصوصًا من يحملون منهم الجنسيات الأوروبية.
الزمن يترك بصماته.. و"الميكروباص" ينتهز الفرصة:
وبمرور الوقت وتعاقب الحقب الزمنية واختلاف التركيبة السكانية والتغيرات الاجتماعية التي مرت بها مصر منذ ثورة يوليو 1952، شهدت منطقة مصر الجديدة الكثير من أعمال التطوير حيث أختلف الطابع المعماري لمبانيها مع أنتشار نماذج البناء الحديثة والمتمثلة في الأبراج السكنية شاهقة الارتفاع، بجانب أنتشار المحلات التجارية والأسواق الشعبية بين شوارعها، كما لم يترك الميكروباص تلك الفرصة ليقيم سائقيه المواقف العشوائية التي تخدم فئات كثيرة من المترددين على الحي.
مصر الجديدة من منظور سكانها:
ولسكان مصر الجديدة والمقيمين فيها لهم وجهة نظر حول هذه التغيرات التي طالت حيهم عريق الصيت، فمثلا يقول أحمد رضا حاتم ــ 40 سنة ــ صاحب كشك سجائر بمنطقة هارون الرشيد ــ إحدى مناطق مصر الجديدة، إن الحي تغير كثيرًا عما كان عليه في السابق، مؤكدًا أن الكثير من المظاهر الجمالية اختفت من الشوارع، لافتًا إلى أن مكان الكشك الذي يملكه حاليًا كان محل "أولاد راكب" أشهر محلات العصير الفريش في مصر الجديدة.
فيما يستعيد الحاج أحمد إسماعيل ــ 86 سنة ــ صاحب محل "هارون الرشيد للمصنوعات الخشبية والمعدنية" ــ الذكريات موضحًا أن المحل كان في الأساس قهوة، مشيرًا إلى أنه تم أنشاؤه عام 1979، ولكنه تحول بعد ذلك إلى محل لبيع الأثاث.
ويستكمل "إسماعيل" أن المنطقة في سابق عهدها كانت ذات رونق وطابع يختلف تمامًا عن الحالي، مضيفًا: "مش مصر الجديدة بس اللي أتغيرت كل حاجة حوالينا أتغيرت.. الزمن بقي وعمايله!".
وبالنسبة إلى "أيمن"، صاحب الـ 40 ربيعًا، ويعمل ترزي رجالي في أحد محلات مصر الجديدة، فقد بدت عليه علامات من الأسى والحزن عما لحق بحي مصر الجديدة من تغيرات، يعتبرها حملت الكثير من السلبيات، من وجهة نظره، قائلاً: "مصر الجديدة إيه؟.. هو بقي في مصر الجديدة أصلا!، دي أتخربت خلاص. مصر الجديدة كانت حلوة أيام العز والناس الجميلة لكن دلوقتي لا!".
"الحلو حلو من يومه":
وبالإضافة إلى الآراء السابقة يرى "وليد" ــ 35 سنة ــ ميكانيكي سيارات، أن مصر الجديدة كانت ولا تزال من أرقي أحياء القاهرة، متابعًا: "أعمل بهذا المكان منذ 4 سنوات ولست من سكان المنطقة، ولكن لا يمكن لأحد أن ينكر سحر مصر الجديدة وجمال شوارعها".
وفي السياق ذاته يؤكد أحمد البنان ــ مالك محلات دنيا البن والعطارة ــ أن مصر الجديدة مهما طرأ عليها من تغيرات ستظل من أجمل المناطق.
ويتابع: "حضرتك المحلات دي من سنة 97، وأنا أتربيت هنا في مصر الجديدة وهفضل فيها، ومهما أتغيرت هتفضل روحها زي ما هيا".