العودة للصناعة المحلية
يتجدد الحديث بمناسبة ما أعلنه وزير الصناعة والتجارة المهندس طارق قابيل عن استثمارات فى تصنيع الأدوات المكتبية وتساؤل البعض عما إذا كان هذا هو الأولوية. والبعض تعامل مع الاستثمار فى إنتاج القلم والاستيكة باعتباره لا يمثل أولوية، مع العلم أننا نستورد بحوالى مليار جنيه سنويا أدوات مكتبية. وتعليمية. يمكن توفيرها محليا مع توفير فرص عمل وحركة اقتصادية.
وإذا كان منطقيا أن نضطر لاستيراد المنتجات التى لايمكننا إنتاجها أو المنافسة فيها، فأى مراجعة لفواتير الاستيراد تكشف لنا أننا ندفع عشرات المليارات فى استيراد منتجات يمكن تصنيعها محليا، وبعض السلع يبدو وجودها ضمن قوائم الاستيراد، أمرا مثيرا للسخرية، مثل الملابس الداخلية والفوط والاستيكة ورباط الجزمة وورنيش تلميع الأحذية ناهيك عن أكل القطط والكلاب، وكلها منتجات يمكن تصنيعها بشكل مناسب محليا.
لكن عند الحديث عن التصنيع يتبادر إلى الذهن فورا صناعات التكنولوجيا والسيارات والدواء وهى صناعات مهمة لكنها تحتاج لأموال وخبرات ربما لا تكون متاحة.
فى مصر كانت صناعة الغزل والنسيج والملابس معقولة، وفرت الاكتفاء الذاتى حتى السبعينيات، والتصدير خاصة صناعات القطن والكتان. وهى صناعات تتوفر لها المواد الخام، لكن صناعة الغزل والنسيج تدهورت لأسباب عديدة، منها فتح الباب الاستيراد وتوقف الصيانة والتحديث، الأمر الذى توقفت معه عملية الإنتاج وفقد المنتج المحلى قدرته التنافسية فى ظل تقدم تكنولوجيا الصناعة والصباغة وأيضا ظهور منافسة من دول مثل الصين وآسيا نجحت فى خفض تكاليف الإنتاج وتوسعت فى الأسواق. وأدى ارتباك الخصخصة وتضاعف أرباح الاستيراد إلى تراجع صناعات الغزل والنسيج لصالح المستورد. وما جرى فى الغزل والنسيج جرى بدرجات مختلفة فى الصناعات الغذائية والجلود.
اليوم ونحن نبحث عن طريق لاستعادة الإنتاج الصناعى، يبدو مهما تحديد المجالات التى يمكن الاستثمار فيها، وتتوفر لها عناصر المنافسة مثل المواد الخام والخبرة والجودة، مثل صناعات الغزل والنسيج والجلود وأيضا صناعات مثل الورق وهو من السلع التى تتوفر لنا موادها الخام وإمكانيات المنافسة.
ويبدو من المهم الاتجاه إلى السعى للصناعات الصغيرة، والمتوسطة، وأيضا التقسيم الجماعى للعمل بالشكل الذى نجحت فيها دول مثل الصين ودول جنوب شرق اسيا، لأنها وفرت إمكانيات الصناعات الكبيرة من خلال توزيع أدوار منظم لإنتاج ضخم قادر على المنافسة.