مون جاي.. رئيسا كوريا يراوده حلم "التوحيد"
حقق مون جاي، فوزا كاسحا في الانتخابات الرئاسية الكورية يوم الأربعاء الماضي، واصلا إلى كرسي الرئيس في البيت الأزرق بعد كونه لاجئ ينحدر من أصول شمالية في الحياة السياسية.
وحصل مون، الذي ينتمي للحزب الديمقراطي اليساري الوسطي، على 41.4% من الأصوات، متغلبًا بفارق كبير على المرشحين الآخرين بما ينهي 10 سنوات من حكم المحافظين، بما يبشر بعصر من التقارب مع بين الكوريتين، وتغير حيال الولايات المتحدة، فبعد أن أدى اليمين الدستوري، أبدى الرئيس الجديد استعداده لزيارة كوريا الشمالية في تصريح أثار جدلًا عالميًا، كما أنه من أشد المعارضين لنشر نظام "ثاد" الدفاعي على أرض بلاده، واعدا بتقليص سطوة الشركات العائلية الكبيرة على الاقتصاد الوطني، ومحاربة الفساد واستغلال السلطة.
هرب والدا مون من كوريا الشمالية خلال الحرب الكورية وأقاما في جزيرة غيوجي الجنوبية مسقط رأس مون، الذي ولد عام 1953، وقضى سنواته الأولى مربوطًا إلى ظهر والدته التي كانت تبيع البيض في ميناء بوسان لكسب لقمة العيش، بينما عمل والده في معسكر لأسرى الحرب.
وعام 1972، التحق مون بكلية الحقوق لكنه لم يمض فيها وقتًا طويلًا، إذ اعتقل لقيادته احتجاجات ضد حكم بارك تشونج هي الدكتاتوري، وحكم عليه بالسجن، وأثناء حبسه تمكن من التخرج وأصبح محاميًا في المعتقل، قبل أن يطلق سراحه، وفي عام 1976، بدأ مون الخدمة القسرية بالجيش، ثم سرح بعد عام واحد، وأعيد اعتقاله بسبب مشاركته في حركات مناهضة للنظام.
وعرف مون بنشاطه في مجال حقوق الإنسان، وافتتح مع صديقه الرئيس المستقبلي رو مو هيون مكتبًا للمحاماة، مختص بقضايا حقوق الإنسان والحقوق المدنية في بوسان، مما حولهما إلى ناشطين بارزين في الحركة الديمقراطية التي اجتاحت البلاد وأدت إلى إجراء أول انتخابات عام 1987.
وآثر مون البقاء في المحاماة ورغم قرار صديقه رو دخول عالم السياسة، إلا أن الوضع تغير عام 2003، عندما انتخب رو رئيسًا لكوريا الجنوبية، وأصبح مون واحدًا من كبار مستشاريه.
وشغل المتزوج الذي لديه طفلان، منصب سكرتير أول للرئيس لرو للشئون المدنية على مدى دورتين، ومنصبي سكرتير أول للمجتمع المدني ورئيس مكتب سكرتارية الرئاسة، مكتسبًا لقب "ظل رو"، وكان يأمل أن يتم تعيينه كقاض، إلا أنه فشل في ذلك بسبب أنشطته الاحتجاجية السابقة.
وبعد انتحار رو عام 2009، قرر مون أن يواصل العمل السياسي، إذ ترشح للرئاسة للمرة الأولى عام 2012 وخسر أمام بارك بفارق ضئيل، لكنه فاز بمقعد في البرلمان، حيث يحظى بشعبية كبيرة، وكان شارك في تظاهرات عام 2016 المعارضة لبارك جون هي.
وفي 9 مايو 2017، انتخب مون رئيسًا للبلاد، وكان أول تصريحاته أنه يرغب بزيارة كوريا الشمالية، مما أثار ضجة عالمية.
وكشف مون في كتاب نشره هذا العام، عن حلمه بالعودة إلى قرية أجداده هونغنام في كوريا الشمالية، وقال في كتابه: "أحلم في قضاء ما تبقى من حياتي في هونغنام أمارس عملًا دون أجر، عندما تتوحد الكوريتان سلميًا، أول شيء أرغب في عمله هو اصطحاب والدتي البالغة من العمر 90 عامًا إلى مسقط رأسها".
ويؤيد مون إجراء المزيد من الحوار مع كوريا الشمالية، مع مواصلة الضغط والعقوبات، في اختلاف كبير عن الرئيسة المعزولة التي قطعت معظم العلاقات بين البلدين.
ومن الجدير بالملاحظة أن كوريا الشمالية أشارت إلى أن مون كان "مرشحها المفضل"، ودعت وسائل الإعلام الحكومية الناخبين مؤخرًا إلى التصويت لمون ومعاقبة المحافظين بقيادة بارك.
أما فيما يخص العلاقات مع الولايات المتحدة، فيتبنى رئيس كوريا الجنوبية الجديد علاقة التوازن وعدم التبعية، وهو من معارضي نظام "ثاد" الصاروخي الذي نشرته الولايات المتحدة في بلاده، مما يثير تساؤلات كثيرة حول السياسة التي سيتبعها والتغيرات التي ستطرأ على الساحة الدولية، والتي ستجيب عنها الأيام المقبلة.