بالفيديو.. "العربية نيوز" في جولة بمسجد الملكة صفية بالدرب الأحمر.. المزارات الاسلامية تتحول لملجأ للمُتسولين ومُدمني المخدرات.. والأهالي: الآثار والأوقاف السبب!!
قامت "العربية نيوز" بعمل جولة ميدانية في أحدى المزارات السياحية الاسلامية بالقاهرة، لكشف ما يعرقل استغلال تلك الثروة في جذب السياحة إلى مصر، حيث توجهنا إلى مسجد "الملكة صفية"، وشاهدنا مظاهر الإهمال التي لا تخفى علي أحد، والتي من خلالها تحولت الساحات الأثرية العريقة إلى وكر للمُتسولين والخارجين على القانون.
المسجد في سطور
مسجد الملكة صفية يقع في أحد الشوارع المُتفرعة من شارع محمد على بالقرب من القلعة بمنطقة الدرب الأحمر، أنشأه عثمان أغا سنة 1019 هـ 1610م، وسمي بإسم الملكة صفية زوجة السلطان مراد الثالث العثماني.
وبعد وفاة عثمان أغا أتمت بناءه الملكة صفية ونسبته لها، المسجد مبني على طراز المساجد العثمانية، يتكون من صحن مكشوف تحيط به أربعة أروقة تغطيها قباب محمولة على عقود ترتكز على أعمدة رخامية، وتؤدى الأبواب الثلاثة إلى الصحن الداخلي للمسجد يتوسطه أندر القباب العثمانية في مصر ويبلغ ارتفاعها 17.6 مترًا تحيط بها قباب صغيرة محمولة على ستة أعمدة من الجرانيت، محراب جواره منبر رخامي، 20 شرفة درابزين من الخشب المُفرغ المحلي بالزجاج المُلون.
فخامة التصميم
مسجد الملكة صفية هو ثالث جامع بمصر على غرار الجوامع العثمانية في إسطنبول، بعد جامع سليمان الخادم بالقلعة، وسنان باشا في بولاق، وبني المسجد مرتفعًا عن مستوى الأرض بنحو أربعة أمتار، وأمام أبوابه درج دائري ضخم، وميضأته منفصلة عنه، وواجهات الجامع تسودها الفخامة والطراز العريق.
الزمن الجميل ومأساة الحاضر
ويرجع تاريخ الملكة صفية من أسرة بافو النبيلة في فينيسيا وتولت حكم البلاد فى استنبول بعد وفاة زوجها ولعبت دورا هاما في سياسة الدولة وأصرت على أنشاء جامع للسلطان أحمد الثالث في استانبول مطابق للمسجد المصري في الهيكل والتصميم، ولكن اهتمام تركيا البالغ بالمسجد جعل ما يزور مسجد الملكة صفية في مصر في حالة من الحزن والهلع لما أصاب المسجد المصري من تدهور وانهيار وإقامة المقارنات بين المسجدين التوأم في البنيان يوضح قيمة التحفة المعمارية التي تقدر قيمتها دول الغرب ويدهسها المصريين بين القمامة والعشوائيات.
تفكيك السلالم وتصدع الحوائط
وقال حسين إبراهيم من أحد سكان المنطقة التي يقع فيها المسجد، لـ "العربية نيوز"، إن الدرج مرتفع عن الأرض أربعة أمتار وغير مُمهد بالإضافة إلى تصدعه وتفكك السلالم وصعوبة صعودها لكبار السن وسوء الاستخدام لدورات المياه وتعرضها للسرقة.
وأشار إلى أنه في زلزال 1992 أصاب الجامع بهبوط أرضى شديد في الساحة الخارجية والداخلية نتج عنه فجوة كبيرة وشروخ بالقباب وتولت الشركات الثلاثة السد العالي والمختار والنصر للمقاولات عمليات الترميم والتجديد للجامع حيث صبت أعمدة خشبية لامتثال القباب والأعمدة من السقوط، ومازالت على وضعها حتى الآن، بالإضافة لكثرة الشروخ والشقوق بالأعمدة وتسوس الأخشاب وعم الخراب والإهمال أكثر على مساجد المنطقة كلها بعد الثورة حيث تعرضت بعض المساجد لسرقة المنابر والتكيفيات وصنابير المياه فلا توجد حراسة كافية غير عامل بسيط يقوم على رعاية ونظافة الجامع.
وأضاف أن أي شكاوى تقدم للحى أو هيئة الآثار المسئولة عن المنطقة من الجامع تصدر أمر بإغلاق الجامع منعا للمشاكل ولفت نظر الإعلام لها ورغم تضائل دور الإعلام لتغطية الآثار الإسلامية إلا يوجد تشديد صارم لمنع نشر صور عن المسجد توثق حالته حتى تكتمل عملية الدفن للمجسم الأثري القائم.
وأشار أنه لا تتوافر الميزانية الكافية للترميم لكبر مساحة المسجد والحفاظ على الطراز العثماني العريق ولكن تمسك القائمين على المسجد وأهالي المنطقة بعدم إغلاقه حتى لا يتحول لمبنى اثري مهجور أو تجمع للكلاب والقمامة مع مرور الوقت.
عرض تركي للترميم
ويؤكد محمد مسعد أحد سكان المنطقة لـ "العربية نيوز"، أن مساحة الجامع كبيرة ومُهدرة وأبدت تركيا حرصها على إعادة ترميم المسجد وبناءه على النسق المثيل له تبعا لأصول الجامع التاريخية بالدولة العثمانية، وأتى وفد لدراسة حالة المسجد وأخذ العينات لتطابقها وتوقف الأمر بعد ثورة 30 يونيه وننتظر دور المسجد في سلسة الترميمات الأثرية بالمنطقة.
أرضيات المسجد
وأضاف حامد زكى أحد السكان لـ "العربية نيوز"، أن المسجد مُصاب بتفكك وتكسير في الأرضيات الخارجية وتشققات غائرة في أسطح القباب وبعضها أيل للسقوط وتراكم مواد البناء والحجارة في جوانب المسجد أدى لهجرة الناس للصلاة بالمسجد وقلت التبرعات أيضا، ونأمل في عودة عمليات الترميم ودورات التفتيش والمعاينة لحالة المسجد وأخذ العينات للبحث عن البدائل وترميم الحجارة والأعمدة الضخمة قبل سقوطها.
فيما أشار حسن جواد أحد السكان لـ "العربية نيوز"، إلى أن العديد من المساجد التاريخية العريقة يمكن استخدامها لتنشيط السياحة الإسلامية لجذب كثير من المسلمين وغير المسلمين حول العالم حيث يتوافد على المسجد كبار الباحثين من دول العالم لزيارة المسجد بالإضافة لطلاب الجامعات من أثار وعمارة وتاريخ ولكن لا نجيد فن التسويق والترويج لأثارنا وخاصة الإسلامية رغم أصولها التاريخية المطابقة مع الدول التي مرت بها الحضارة الإسلامية ببلاد العالم.
الآثار والأوقاف السبب
وقال دسوقي عوض أحد السكان، إن الخلاف القائم بين الآثار والأوقاف وشركات المقاولة لم يحل ولكن في تباطأ مرير في معالجة أحوال دور العبادة في مصر فيوجد في المنطقة أكثر من ألف مسجد وسلسبيل يحتاج لميزانية كبيرة قد تتعارض مع الظروف الاقتصادية التي تمر بها الدولة، وممنوع على الأهالي ترميم الجامع وتعتبر مخالفة للقانون في الوقت التي تهمل الآثار والأوقاف إحياء المسجد أو إعطاءه الاهتمام والرعاية اللازمة.