ننشر النص الكامل لحكم حبس هشام جنينة فى قضية الـ600 مليار جنيه
أودعت محكمة جنح القاهرة الجديدة، برئاسة المستشار هيثم الصغير، حيثيات حكمها الصادر فى الجنحة رقم 5855 لسنة 2016، بحبس المستشار هشام جنينة الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات، سنة وتغريمه 20 ألف جنيه، بتهمة نشر أخبار كاذبة عن الفساد وكفالة 10 آلاف جنيه لوقف التنفيذ.
وأجلت محكمة مستأنف القاهرة الجديدة، جلسة استئنافه على الحكم لجلسة ٣ نوفمبر للاطلاع وتمكين الدفاع من تصوير حكم أول درجة.
وينظر الاستئناف، برئاسة المستشار محمد بده، وعضوية المستشارين أحمد معوض وطارق شيخ العرب، وأمانة سر محمد المصري.
وقالت المحكمة بعد سماع المرافعة الشفوية ومطالعة الأوراق وسماع طلبات النيابة العامة، حيث أن النيابة العامة قدمت المتهم للمحاكمة إذ أنه فى نهاية شهر ديسمبر عام 2015 بدائرة قسم شرطة التجمع الأول اشترك بطريق المساعدة مع أخرى حسنة النية، في نشر أخبار وبيانات وإشاعات كاذبة بسوء قصد، وبإحدى طرق العلانية، كان من شأنها الحاق الضرر بالمصلحة العامة، وذلك بأن صرح للشاهدة الأولى ببيان كاذب بأن تكلفة الفساد داخل مؤسسات الدولة المصرية خلال عام 2015 ستمائة مليار جنيه.
وأضافت المحكمة "مع علم المتهم بكذبه، فنشرتها معتقدة صحتها، بطريق الكتابة فى عدد جريدة اليوم السابع بتاريخ 24 ديسمبر 2015، تحت عنوان "رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات فى أخطر تصريحات لليوم السابع..ستمائة مليار جنيه تكلفة الفساد فى 2015، وكان من شأن ذلك الإضرار بالمصلحة العامة، وتمت الجريمة بناء على تلك المساعدة على النحو المبين بالتحقيقات، وطلبت عقابه بالمواد 40ثالثا،411،42،1715، 188 من قانون العقوبات.
وآشارت المحكمة إلى أن وقائع الدعوى حسبما استقر فى وجدانها فيما أبلغ به كلًا من أمين محمد على مسعود، ومحمد عمرو مصطفى عبدالراق للنيابة العامة، من قيام المتهم بإذاعة أخبار كاذبة داخل البلاد وخارجها، بأن نشر بسوء قصد بعدد بجريدة خاصة الصادر بتاريخ 24 ديسمير من العام الماضى تحت عنوان "رئيس المركزى للمحاسبات فى أخطر تصريحات لليوم السابع ؛ ستمائة مليار جنيه تكلفة الفساد فى 2015 تضمن ذلك التصريح بيانات كاذبة حول تكلفة الفساد فى مؤسسات الدولة المصرية وهو من شآنه تكدير اأمن العام وإضعاف الثقة المالية بالدولة وهيبتها.
وبسؤال المتهم بتحقيقات النيابة العامة قرر تصريحه الوارد عن تكلفة الفساد شملت أعوامًا سابقة عن عام 2015 وأنها شملت تكلفة الفساد ولغير الفساد مؤكدًا علمه بأن الفساد ﻻيطلق على الجرائم العمدية.
وبسؤال كلًا من رانيا عامر، صحفية بجريدة اليوم السابع بتحقيقات النيابة العامة، شهدت بأنها فى غضون شهر ديسمبر عام 2015 توجهت إلى مقر الجهاز المركزي للمحاسبات لتغطية فعاليات افتتاح فرع البنك اﻻهلي بمقر الجهاز، وأضافت بأنها التقت برئيس الجهاز، وطرحت عليه بعض اأسئلة من ضمنها سؤالها عن تكلفة وحجم الفساد بمؤسسات الدولة، قرر أنه رقم مرعب لها وللرآى العام وأنه لكي يقدم لها رقم محدد ﻻبد أن تكون فى حوزته التقارير التى تم إعدادها بمعرفة الجهاز عن حجم الفساد، وانها طلبت منه إمدادها برقم تقريبي، فصرح لها ببيان للنشر فى الجريدة عملها مضمونه تجاوز تكلفة الفساد خلال عام 2015 ستمائة مليار جنيه.
وقالت الصحفية فى شهادتها أمام النيابة، أنها فوجئت من حجم الرقم لضخامته وسألته هل هذا الرقم عن عام 2015 تحديدا فآجابها باﻻيجاب، ورد على باقي اأسئلة التى وجهتها له، مقررًا بأن الجهاز تأخر فى إعدإد تقريره الرقابي عن مؤسسة الرئاسة لتأخر فحص الملفات الخاصة بتلك المؤسسة، كما أن الجهاز منتظر تقرير اللجنة العليا للانتخابات الخاص بالميزانية التى تم صرفها خلال عملية اﻻنتخابات.
وشهدت أيضا بأنه ذكر بعقد مؤتمر صحفي لعرض انجازات الجهاز، وأهم مارصده خلال تقاريره فى إطار النزاهة والشفافية.
وبسؤال محمد حسين صلاح الدين طه، وكيل الجهاز لشئون مكتب رئيس الجهاز، شهد بأن اختصاص الجهاز المركزي للمحاسبات بالرقابة المالية بشقيها المحاسبي والقانوني على الجهات الخاضعة لرقابته وذلك من خلال إعداد تقارير دورية يتم مراجعتها من المكتب الفني لرئيس الجهاز في نهاية السنة المالية ترسل إلى رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء والنواب.
كما يختص الجهاز بإعداد الدراسات متى كلف بها عن الجهات الثلاث الأخيرة دون غيرها وأكد سرية جميع التقارير والدراسات التي يعدها الجهاز وأنه يحظر على أي من أعضائه نشر أو تسريب أي معلومات أو بيانات.
وأكدت المحكمة أن تحريات الامن الوطنى أسفرت عن اضطلاع المتهم بالادلاءبتصريحات اعلامية وتناقلتها وسائل الاخرى اشار خلالها الى اكتشافه بوصفه رئيس الجهاز الجهاز المركزى للمحاسبات وقائع فساد بالاجهزة الرسمية وغيرها لامن الجهات التابعة للدولة تجاوزت فى قيمتهامبلغ مالى ستمائة مليار جنيه مصرى،وذلك عن عام 2015 فقط، مستغلا فى ذلك دراسة كلف باعدادها بعض موظفى الجهاز عن تكلفة الفساد فى الدولة من عام 2012 حتى عام 2015،بشكل مستقل وتعمده إضافة عام 2015 للدراسة المشار اليها ذلك على الرغم من علمهبعدم انتهاء الجهاز المركزى للمحاسبات من اعداد التقارير المحاسبية الخاصة بهذا العام.
كما اشارت التحريات الى عدم صحة تلك البيانات التى تضمنتها التصريحات التى أدلى بها المتهم،لوسائل الاعلام جملة وتفصيلا لآفتقارها الدقة والتوثيق المستندى الرسمى الذى يدلل على مدى صحتها ومصداقيتها على الرغم من أنه كان فى مقدوره التأكد من صحة تلك الوقائع بحكم موقعه الوظيفى الذى كان يشغله كرئيس للجهاز المركزى للمحاسبات،حيث يمتلك ذلك الجهاز قاعدة بيانات ومعلومات خاصة به،كان يمكن للمتهم من خلال مراجعتها او تكليف من يلزم من الموظفين العموميين العاملين تحت رئاسته واشرافه للقيام بذلك والعرض عليه بالنتائج،بموجب الصلاحيات التى منحها اياها قانون الجهاز المركزى للمحاسبات غير أنه لم يقم بتدقيق تلك البيانات والمعلومات التى تضمنتها التصريحات،قبل اعلانها،مماترتب عليه التشكيك فى نزاهة الاجهزة التابعة للدولة،وقد مثل ذلك تهديدمباشرا واضرارا متعمدا بالمصالح العليا للدولة وزعزعة ثقة المتعاملين معها من الجهات الاجنبية نتيجة ايحاء المتهم بسوء ادارةالدولة وتفشى الفساد المالى بين القائمين على ادارة جهازها الادارى من موظفيها العموميين وغيرهم وتفريطهم على خلاف الحقيقة فى المحافظة على مالها العام والخاص،وتعمد اهدارها،وتسهيل والسماح للغيربالاستيلاء غير المشروع عليه دون وجه حق،الامر الذى كان من شأنه تعريض السلم العام والمركزيين المالى والاقتصادى للدولة للخطر وإظهارها بمظهر الضعيف المجرد من الهيبة والثقة فى مؤسساتها وأجهزتها الرسمية وتشويه صورتها كدولة مكتملة الاركان جديرة بالاحترام امام المحافل المالية الدولية.
كما دلت التحريات أنه تعمد تكليف المدعو عصام محمد عبد العزيز السيد وأخرين باعداد دراسة بتحليل تكلفة الفساد فى مصر خلال أعوام من 2012 حتى 2015،دون وضع معايير محددة لاختيارهم، حيث قاموا باعداد تلك الدراسة دون ثمة منهجية واضحة فى تحديد مفهوم الفساد على الرغم من أن الجهاز المركزى للمحاسبات غير معنى بذلك الامر،وعلمه بأن المدعوعصام محمد قد قام اثناء اعداد تلك الدراسة بالمبالغة فى الارقام عن حجم الفساد لاتباعه اسلوب غير دارج فى الاصول المحاسبية، لايخضع لثمة معايير أوقوانين ذات الصلة بهذا الشأن،حيث قام أعضاء اللجنة التى كلفها المتهم بإعلامه بأن البيانات الواردة بالدراسة غير مدققة لعدم إجراء مراجعة لها،إلا انه تعمد إذاعة تلك التصريحات المشار اليها عن سوء قصد للمدعوة رانيا عامر المحررة بالزميلة اليوم السابع،حيث قامت هى الاخرى بنشر التصريحات على لسانه وبأذن منه على الرغم من علمه بمدى حجم تأثيرها على الاقتصاد القومى ومردودها السلبى على التصنيف الانتمائى للدولة لدى المؤسسات المالية الدولية.
كما أشارت التحريات أيضا الى أن المتهم قام بالاجتماع مع بعض أعضاء اللجنة التى قامت بإعداد الدراسةعقب الادلاء بتلك التصريحات،لآعلامهم أن المحررة فهمت خطأ أن تصريحاته متعلقة بحجم الفساد عام 2015 فقط، فى حين أنه كان يقصد أن حجم الفساد عن أعوام 2012 حتى 2015.
كما أكدت التحريات اضطلاع المتهم بأسائة ادارة أعمال الجهاز المركزى للمحاسبات والذى كان يتولى مهمة ادارته والانحراف بع عن تحديد دوره المحدد بموجب القانون الذى ينظم أعماله دون أن يولى اهتمامه بالضوابط التى حددها المشرع للمهمة المسندة اليه،فقد قام المتهم بإتيان بعض التصرفات بموجب السلطات والصلاحيات المخولة له بموجب موقعه الوظيفى مثلت تهديدا مباشرا للآمن القومى للدولة بمفهومه الشامل وسلامتها،ومن تلك التصرفات موافقته على إعارة بعض العاملين بالجهاز الى دولة قطر للعمل ككبار فنيين مدنيين بقواتها المسلحة.
وثبت من تقريرهيئة الرقابة الادارية بشأن دراسة ماأثير إعلاميا أن تكلفة الفساد فى مصر عام 2015، بلغت ستمائة مليار جنيه،والذى انتهى فى نتيجته الى أن الدراسة محل البحث لاتعبر بأى شكل عن عنوانها تحليل تكالف الفساد فى مصر من عام2012 حتى عام 2015، لاشتمالها على ملاحظات تمت منذ عشرينات القرن الماضى،وقيام المتهم وبعض اعضاء مكتبه الفنى بتغيير عناصر الدراسة النتفق عليها مع وزارة التخطيط ومدة الفحص واختيار اعضاء محددة من المنتمين والمتعاطفين مع جماعة الاخوان الارهابية،أو من لهم مواقف جنائية مختلفة مع الدولة لاعداد الدراسة طبقا لاهوائهم ولتحقيق مأربهم الشخصية والسياسية.وقالت المحكمة أن الدراسة عبارة عن تجميع لارقام مبالغ فيها عن وقائع يرجع بعضها لفترات زمنية قديمة ومحددة من وجهة نظر الباحثين دون سند علمى ومتكررة فى عدة مواقع بهدف الايحاء بضخامة حجم الفساد بالدولة بالمخالفة للحقيقة.
واختتمت المحكمة حيثياتها "وعلى الرغم مايتمتع به المتهم من خبرة قانونية نتيجة عمله لسنوات طويلة بجهات التحقيق المختلفة وابرزها نيابة أمن الدولة والقضاء المدنى وخبرته الاقتصادية نتيجة رئاسته لآكبر جهاز رقابى مالى وعلاقته بالمنظمات الدولية فقد دأب على استغلال موقعه الوظيفى والادلاء بأحاديث للقنوات الفضائية والصحف المكتوبة والمواقع الاليكترونية والتى استغلتها المواقع الاخوانية للاعلان عن تفاقم الفساد بالدولة وضعف الارادة السياسية لمكافحته وذلك بهدف تحقيق مجد شخصى زائف ولخدمة مصالح جماعة الاخوان الارهابية،وتأجيج مشاعر المواطنين بما يضر الامن القومى واستقرار البلاد والاساءة الى المسئولين واضعاف الثقة فى الاقتصاد والاضرار بمركز مصرالدبلوماسى خلال تعاملاتها مع الجهات الاقتصادية والمالية والدولية دون مراعاة لموقف البلاد مخالفا بذلك قانون الجهاز المركزى للمحاسبات رقم 144 لسنة 1998.
كما أكدت التحريات الامنية والرقابية اتصاله بعدد من اعضاء جماعة الاخوان الارهابية والموالين لهم والجهات الاجنبية وقيامه بتسريب وثائق هامة عن الاوضاع الاقتصادية والسياسية والعسكرية للدولة بهدف الاضرار بالاستقرار والامن القومى، وكان يحرض المتهم على الايحاءات وابراز اى ملاحظات كوقائع فساد ضد أجهزة ومؤسسات الدولة وخاصة وزارات العدل والداخلية واعضاء المجالس النيابية،لافقاد المواطن ثقته فى تلك المؤسسات وبمايمثل سبا وقذف خاصة مع حفظ معظم تلك الوقائع بجهات التحقيق.
وحيث أنه من المقرر قانونا وفقا لنص المادة 40ثالثا من قانون العقوبات يعد شريكا فى الجريمة،ثالثا منأعطى للفاعل سلاحا أو ألالات أو أى شئ أخر مما استعمل فى ارتكاب الجريمة مع علمه بها أو ساعدهم بأى طريقة أخرى فى الاعمال المجهزة أو المسهلة أو المتممة لآرتكابها...ونصت المادة 411 من ذات القانون على أن من اشترك فى جريمة فعليه عقوبتها إلامااستثنى قانونا بنص خاص،ومع هذا:"أولا" لاتأثير على الشريك من الاحوال الخاصة بالفاعل التى تقتضى تغيير وصف الجريمة اذاكان الشريك غير عالم بتلك الاحوال.
كما نصت المادة 42 من ذات القانون على أنه إذا كان فاعل الجريمة غير معاقب لسبب من أسباب الاباحة أو لعدم وجود القصد الجنائى أو لاحوال أخرى خاصة به وجبت مع ذلك معاقبة الشريك بالعقوبة المنصوص عليها قانونا.
كما نصت أيضاالمادة 1715 من ذات القانون على أنه يعتبر القول او الصياح علنيا اذا حصل الجهر به او ترديده بإحدى الوسائل الميكانيكية فى محفل عام أو طريق عام أو أى مكان أخر مطروق أو إذا حصل الجهر به أو ترديده بحيث يستطيع سماعه من كان فى مثل ذلك الطريق أو المكان أو إذا أذيع بطريق اللاسلكى أو بأية طريقة أخرى.
ويكون الفعل أو الايماء علنيا إذا وقع فى محفل عام أو طريق عام أو فى أى مكان أخر مطروق أوإذا وقع بحيث يستطيع رؤيته من كان فى مثل ذلك الطريق أو المكان، وتعتبر الكتابة والرسوم والصور الشمسية والرموز وغيرها من طرق التمثيل علنية إذا وزعت بغير تمييز على عدد من الناس أو إذا عرضت بحيث يستطيع أن يراها من يكون فى الطريق العام أو أى مكان مطروق أو إذا بيعت أو عرضت للبيع فى أى مكان.
كما نصت المادة 188 من ذات القانون على أنه يعاقب بالحبس مدة لاتجاوز سنة وبغرامة لاتقل عن خمسة الاف جنيه ولاتزيد عن عشرين الف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من نشر بسوء قصد بإحدى الطرق المتقدم ذكرها أخبارا أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو أوراقا مصطنعة أو مزورة أو منسوبة كذبا للغير،إذاكان من شأن ذلك تكدير السلم العام وإثارة الفزع بين الناس أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة.
ولما كان من المقرر بقضاء محكمة النقض أنه يجب تطبيق المادة188 من قانون العقوبات الخاصةبنشر الاخبار الكاذبة مع سوء القصد ان يكون الخبر كاذبا وان يكون ناشره عالما بهذا الكذب ومتعمدا ماهو مكتوب.فإذا كان الحكم لم يورد شيئاعن كذب الخبر ذاته ولا عن علم الطاعن بكذبه فإنه يكون قاصرا لعدم استظهاره عناصر الجريمة التى دان الطاعن بها"، وأن تعديل عمل الخبير من سلطة محكمة الموضوع لها الاخذ به محمولا على اسبابه متى اقتنعت بكفاية ابحاثه وسلامة الاسس التى بنى عليها رأيه،وان تحصيل فهم الواقع فى الدعوى وبحث الادلة والمستندات والموازية بينهما من سلطة محكمة الموضوع لها أن تأخذ بتقرير الخبير محمولا على أسبابه حسبها أن تبين الحقيقة التى اقتنعت بها وأن تقيم قضائها على اسباب سائغة.
لهذه الاساب قضت المحكمة بحكمها المتقدم.