يحدث فى مصر.. انتخاب متهمًا بالتعذيب رئيسًا لـ"حقوق الإنسان" بالبرلمان.. دور الانعقاد الثاني لا يبشر بالخير.. الحشد وسيلة الأغلبية للاستحواذ.. والنتائج تعكس توجهات الدولة
"حقوق الإنسان" ليس مصطلحًا لغويًا يطلق في العنان، بل كلمتان تعنيان الكثير فهي تمثل للإنسان إشباع حاجاته الأساسية والمكتسبة من حرية وكرامة وعدالة إجتماعية، وكل ما تشمله هذه الكلمات وما يندرج تحتها من تصرفات.
وتشكل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب خط الدفاع الأول عن الحق الإنساني لما لها من سلطات تشريعية وقانونية تكفل لها إصدار قوانين تحافظ على حقوق البشر، وما تملكه من قوة رقابية على الأجهزة التنفيذية تستخدمها وقت الحاجة في حالة الدفاع عن هذه الحقوق.
ومع بداية دور الإنعقاد الثاني وقرب الإنتهاء من التشكيل الجديد للجنة حقوق الإنسان، يزداد الأمل لمعانًا وبريقًا لدى كل المهتمين بالشأن الحقوقي، فالقوانين الحقوقية المنتظر إقرارها كثيرة وأهميتها أكبر، والأمل ظل معقودًا على هذه اللجنة الهامة.
"معركة تحت القبة"
بدأت المعركة الانتخابية بإعلان أربعة نواب الترشح على رئاسة لجنة حقوق الإنسان وهم "عاطف مخاليف، علاء عابد، أكمل قرطام، أسامة شرشر"، واشتعلت الحرب بإنضمام 34 عضوًا جديدًا إلى لجنة حقوق الإنسان، ليصبح إجمالي عدد اللجنة 64 نائبًا، وبعدها يتهم كثيرين ائتلاف "دعم مصر" بحشد أنصاره من النواب لنصرة مرشح بعينه وهو "علاء عابد".
"الأمور تزداد تعقيدًا"
وزاد الأمر تعقيدًا بإعلان عاطف مخاليف التراجع عن الترشح، وتنازل أسامة شرشر عن الترشح لصالح أكمل قرطام.
وفي ظل سخونة وإثارة متلونة بالكثير من المفاجآت المدوية، بدأت لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب انتخابات تشكيل هيئة مكتبها، والتي شابها مشادات واشتباكات بين أعضاء اللجنة، أعقبها انسحابات وتهديدات.
تنازل أسامة شرشر لصالح قرطام، ثم أعلن أكمل قرطام إنسحابه من السباق الرئاسي وهدد بإستقالته من مجلس النواب، وفي النهاية فاز النائب علاء عابد رئيس الكتلة البرلمانية لحزب المصريين الأحرار برئاسة لجنة حقوق الإنسان.
وبعد الإعلان عن فوز الضابط السابق بوزارة الداخلية علاء عابد والذي استقال برتبة مقدم، والذي سبق اتهامه بتعذيب المواطن عماد فخري عنما كان رئيسا لمباحث قسم الهرم، يزداد الأمر سخونة وتشتعل الأجواء في ظل انتقادات لاذعة طالت ائتلاف "دعم مصر"، والدكتور علي عبد العال رئيس البرلمان، بأنهم هم من حشدوا النواب لإنتصار "عابد" في صفقة سياسية أبرمها دعم مصر مع الحكومة.
ودارت جميع التساؤلات حول: كيف لمتهم بالتعذيب أن يتولى الدفاع عن حقوق الإنسان؟
نجاد البرعي"
وقال المحامي والحقوقي نجاد البرعي، مدير المجموعة المتحدة للاستشارات القانونية، في تصريحات خاصة لـ"العربية نيوز"، أنه لا يجوز أن يتولى رئيس لجنة حقوق الإنسان ضابط شرطة متهم في قضية تعذيب، مؤكدًا أنه شئ لا يلائم على الإطلاق.
وأضاف "البرعي"، أن مجلس النواب لا يضع ملف حقوق الإنسان ضمن أجندته ولا يهتم به إطلاقًا، وهذا يعكس إرادة الدولة بإهمالها لهذا الملف المهم والخطير، لافتًا إلى أن لجنة حقوق الإنسان ليس لها أي قيمة في ظل ما تواجهه من تضييق للخناق من جانب رئيس البرلمان والدولة.
وأوضح مدير المجموعة المتحدة للاستشارات القانونية، أن النائب محمد أنور السادات قدم استقالته مع نهاية دور الإنعقاد الأول بسبب هذا التضييق، مؤكدًا أنه من الواضح جليًا أن الدولة لا تريد حقوق الإنسان.
"توجهات الدولة"
وطالب الدكتور مجدي عبد الحميد، رئيس الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية، في تصريحاته لـ"العربية نيوز"، بحل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، مؤكدًا أنها ليس لها أي قيمة ولن يكون لها دور يذكر خلال الفترات القادمة.
وأضاف "عبد الحميد"، أن ما حدث أثناء انتخابات لجنة حقوق الإنسان من حشد نواب لصالح مرشح بعينه حتى يفوز برئاسة اللجنة، ثم فوز ضابط شرطة سابق ومتهم بقضية تعذيب، هو انعكاس لتوجهات الدولة ضد ملف حقوق الإنسان فالواضح جليًا للجميع أنها لا تريد ما يسمى بحقوق الإنسان.
وأوضح رئيس الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية، أنه مع حل لجنة حقوق الإنسان دون تمثيل مسلسلات ليس لها قيمة للسيطرة عليها، وتبني وجهات نظر الدولة بداخلها.
"لا تبشر بالخير"
ومن جانبه تعجب الناشط الحقوقي حافظ أبو سعدة، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، والأمين العام للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان، في تصريحات خاصة لـ"العربية نيوز"، من الأحداث التي شابت المعركة الانتخابية داخل لجنة حقوق الإنسان، وما تضمنته من اشتباكات ومشادات بين النواب.
وأضاف "أبو سعدة"، أن الأكثر غرابة والمثير للجدل هو حشد عدد كبير من النواب من أجل فوز نائب بعينه برئاسة لجنة حقوق الإنسان، وأن يكون الفائز في النهاية متهم بقضية تعذيب، وهو ما أدى في النهاية إلى الاشتباكات والمشادات بين الأعضاء الرافضين للحشد والمؤيدين.
وأوضح عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، أن الأمر لا يبشر بالخير فيما يتعلق بحالة حقوق الإنسان في مصر.
"رسالة"
فيما قال المحامى والناشط الحقوقي شريف هلالي،
المدير التنفيذي للمؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني وحقوق والإنسان، في تصريحاته
لـ"العربية نيوز"، أن أحداث انتخابات لجنة حقوق الإنسان لا تبشر بأي خير
والقادم أمر وأصعب بكثير عن ما مضى.
وأضاف "هلالي"، أن فكرة الحشد بجمع نواب
إلى اللجنة لصالح مرشح بعينه في صفقة بين ائتلاف "دعم مصر" وحزب
المصريين الأحرار، ثم يفوز رئيسًا للجنة وهو متهم في قضية تعذيب وعليه ملاحظات، هي
رسالة فحواها أن اللجنة ستقوم بتمرير القوانين الحقوقية التي تؤيدها الدولة
وتقترحها.
وأوضح المدير التنفيذي للمؤسسة العربية لدعم المجتمع
المدني وحقوق والإنسان، أن هذه الأحداث أتت في وقت ينتظر لجنة حقوق الإنسان عدد من
القوانين الهامة جدًا لحماية حقوق الإنسان في مصر وهي "قانون التظاهر،
العدالة الإنتقالية، تشكيل المجلس القومي لحقوق الإنسان، قانون الجمعيات
الأهلية"، وهو ما يعكس أن الدولة تريد تمرير القوانين التي تريدها.
وتابع أن ائتلاف "دعم مصر" هو نسخة جديدة
من الحزب الوطني بالسيطرة على أغلب لجان البرلمان، ليكون هو الحكومة داخل مجلس
النواب.