الصراع على لجنة "حقوق الانسان" ترتيبات عليا لا تبشر بالخير.. "دعم مصر" يقاتل لإقتناصها.. قصة "شرشر ــ قرطام" تدعو للقلق.. ورجل الشارع الخاسر الأكبر
مع تشكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب خلال دور الإنعقاد الأول برئاسة النائب محمد أنور السادات، انتظر الجميع جهودًا تبذل وقرارات تتسم بالجرأة، والأهم تشريعات تحمي وتدافع ورقابة حاسمة وحازمة، وكل هذا من أجل هدف واحد فقط وهو "الدفاع عن حقوق الإنسان في مصر".
وتشكلت اللجنة وبدلًا من شن حروبًا للدفاع عن حقوق الإنسان في ظل انتقادات واسعة لتدنيها بشكل غير مسبوق، انهمكت اللجنة في صراعات داخلية وتلاسن أعضائها وتبادلوا الاتهامات وبدلًا من الدفاع عن حقوق الإنسان أصبح مبدأ "الهجوم على الزميل" مع "الدفاع عن النفس" هو السمة الغالبة داخل اللجنة.
"الدور التشريعي الأول"
وبعد الصراعات والحروب الداخلية انتهى الدور التشريعي الأول بخيبة أمل كبيرة انتابت الجميع من لجنة حقوق الإنسان، وذلك لأن اللجنة لم تشرع أية قوانين تتعلق بحقوق الإنسان، ولم تقم بزيارة واحدة لسجن عمومي أو قسم شرطة، والنتيجة أنها لم تقم بدورها التشريعي أو الرقابي المنوطة بيه، وفي النهاية المحصلة "صفر".
ومع نهاية دور الإنعقاد الأول قدم رئيس اللجنة محمد أنور السادات استقالته معللًا أسبابها بكثرة الصراعات الداخلية وغياب التنسيق بين أعضاء اللجنة، وتضييق الخناق على دور اللجنة من قبل الدكتور علي عبد العال رئيس مجلس النوب.
الاستقالة وأسبابها كشفت جميع الوجوه أمام الرأي العام، وانتظر الجميع أن تتعلم اللجنة الدرس مع بداية دور الإنعقاد الثاني، فالقوانين الحقوقية "المركونة" كثيرة وتنتظر الخروج إلى النور لتكون خط الدفاع الأول عن حقوق الإنسان المصري.
ولكن مع بداية الطور التشريعي الثاني، وقبيل إجراء الانتخابات الداخلية للجنة حقوق الإنسان بساعات قليلة، بدأت بوادر الأمل تتوارى وتكشف عن خبايا وأسرار تتلخص في معناها بـ"حقوق الإنسان أحلام وأوهام".
"مخاليف يتراجع"
البداية كانت من هنا، حيث أكد النائب عاطف مخاليف، وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب خلال دور الإنعقاد الأول، في تصريحات خاصة لـ"العربية نيوز"، أنه قرر التراجع عن الترشح على رئاسة لجنة حقوق الإنسان، وتغيير مساره بالإنتقال إلى لجنة الإدارة المحلية معللًا ذلك بأهميتها خلال الفترات المقبلة.
وفي نفس التوقيت، أعلن النائب المستقل أسامة شرشر خلال إجتماع لجنة حقوق الإنسان صباح اليوم الأحد، التنازل عن الترشح لرئاسة اللجنة لصالح منافسه أكمل قرطام.
وبعد تراجع النائب عاطف مخاليف عن الترشح لرئاسة لجنة حقوق الإنسان وخروجه من السباق، وتنازل أسامة شرشر لصالح أكمل قرطام، يحتدم السباق الرئاسي للجنة الحقوقية بين النائب علاء عابد رئيس الكتلة البرلمانية لحزب المصريين لأحرار، والنائب أكمل قرطام رئيس حزب المحافظين.
"دعم مصر"
وتبع ذلك انضمام 35 عضوًا جديدًا للجنة، ليصبح عددها الإجمالي 65 نائبًا وهو عدد كبير جدًا، وقالت مصادر برلمانية أن ائتلاف "دعم مصر" هو من حشد هذا العدد ليصبح الائتلاف هو المسيطر على اللجنة، وبالتالي تمرير القوانين التي ترسلها الحكومة.
وأضافت المصادر، أن ائتلاف دعم مصر يسعى إلى مجاملة الدولة والحكومة وتمرير القوانين الهامة والتي ترسلها حسب مصلحتها ووجهة نظرها فقط، حيث تنتظر لجنة حقوق الإنسان قوانين دار حولها جدلًا شعبيًا وسياسيًا كبيرًا على رأسها قانون التظاهر ومن بعده تأتي قوانين"الجمعيات الأهلية، تشكيل المجلس القوم لحقوق الإنسان، العدالة الانتقالية، قانون الطفل".
"قرطام"
ومن جهته أشار أكمل قرطام، المرشح على رئاسة لجنة حقوق الإنسان، إلى أن هناك لجان أخرى عدد أعضائها 9 نواب، فى حين أن لجنة حقوق الإنسان يصل عدد النواب فيها إلى 64 فى سابقة برلمانية مخالفة للإجراءات الديمقراطية التى تنتهجها برلمانات العالم.
وأضاف "قرطام"، يبدو أن هناك حشدا متعمدا لأننا نجد من ضمن الأعضاء من هو متخصص على سبيل المثال فى المحاجر وكان أولى أن ينضم إلى لجنة أخرى تستفيد من خبراته فى هذا الصدد، ووجدنا أمورا أخرى مدهشة، مضيفًا: "لقد تقدموا بطعن رسمى إلى د. على عبد العال، رئيس مجلس النواب، بشأن هذه الاعتراضات وربما يتم تدارك الأمر".
وتابع: "نحن كلجنة نرفض الدخول فى أى صفقات سياسية"، مشيرًا إلى أن اللجنة بدأت خلال دور الانعقاد الأول بوضع أجندة متكاملة بشأن إعلاء مبادئ حقوق الإنسان.
ومن جانبه، انتقد النائب مصطفى كمال، عضو لجنة حقوق الإنسان، ائتلاف دعم مصر، قائلًا: "المفترض أن القرار لهيئة مكتب المجلس، وليس من المعقول أن يدخل 34 نائبا جديدا داخل اللجنة لتصبح 64 عضوا من أجل تنفيذ خطة دعم مصر بدعمها للمصريين الأحرار وعايزين ياخدوا اللجنة بالعافية، وتسيطر دعم مصر على اللجان جميعها".
وتسائل "كمال"، مستنكرًا: "هل سنعود لسياسيات الحزب الوطنى بتاعة زمان من جديد، لماذا هذا الكلام؟، لا نرغب فى حدوث ذلك".
وأضاف "يدفعون بهذا العدد من النواب داخل اللجنة "هيجوا ويمشوا"، لكى يسيطروا عليها ويفرضوا شخصا من خارجها".
وقال بدوي عبد اللطيف، إن أعضاء اللجنة المنزعجين من الهجوم علىها، انه هناك نية مبيتة للحصول على منصب الرئيس، وهو أمر لا يتناسب مع الأعراف البرلمانية، لافتًا إلى أن ذلك يعني أننا امام نظام ديكتاتوري لا يمكن القبول به.
إجمالًا وتحليلًا للأحداث المثيرة التي بدأت بها لجنة حقوق الإنسان دور الانعقاد الثاني، فإنه من الواضح جليًا أن الصراعات تشتعل أكثر والحروب تزداد شراسة والأزمات تكبر وتتفحل، بالرغم من القوانين الهامة جدًا والتي تتوقف عليها حالة حقوق الإنسان في مصر، والخاسر الأكبر جراء هذه المعاركة هو الإنسان المصري الذي يفقد حقوقه ولا يجد من يدافع عنها.