"تكسير عظام" بالجبهة الداخلية و"نشر الغسيل" للقيادات التاريخية أبرز مشكلات الاخوان.. فتنة الشيوخ والمحنة الفقهية عادت للظهور.. باحثين: حرب مؤجلة وصراع من أجل المال
مشكلات عدة اشتدت وطأتها كثيرًا الفترة الأخيرة داخل أروقة جماعة الإخوان الإرهابية، فبعد الحديث عن التأسيس الثالث للجماعة واشتعال سعي قيادات مكتب الاخوان الإداري نحو كرسي المرشد والتحكم في مقاليد الجماعة ومواردها المالية، أصاب مقتل القيادي محمد كمال تلك الدعوات بخلل سرعان ما لحقته اعترافات من القيادات التاريخية للجماعة بالعمل مع الأمن منذ عقود، التي لحقها علي التوازي تصريحات شيوخ الجماعة بمشكلات الصف الفقهية والتي يسكتون عليها اضطرارًا حتي لا يتسببوا بفرقة ما لا تتحملها قواعد الاخوان المهتزة الآن.
اعترافات " نشر الغسيل"
بعدما نشرت الجماعة الأيام الماضية فيديو لإبراهيم منير، أمين التنظيم الدولى للإخوان وهو يعترف بتواصله مع الأمن فى الستينيات من القرن الماضى، اشتعلت تصريحات الصف ضد بعضهم البعض بحيث يتم الكشف عن كثير من "البلاوي" المستترة، بتوجيه الاتهامات لعديد من القادة والمنتمين للصف.
كله واحد
فمن ناحيته قال عز الدين دويدار، القيادى الإخوانى، إن إبراهيم منير جزء من ما فعله محمود عزت، وقيادات الإخوان الكبرى الذين خانوا الجماعة فى السابق، وما زالوا يخونوها الآن.
وأضاف فى تصريح له، أن اعترافات إبراهيم منير بتواصله مع الأمن فى الستينيات هو نفس ما فعله محمود حسين الأمن العام للإخوان فى السابق، لافتًا إلى أن كلاهما تم فضح أمره داخل الجماعة.
محنة "الفقيه"
العديد من شيوخ الجماعة أكدوا معاناتهم من تناقض كبير، حيث لا يستطيعون مطالبة القيادات بمحاسبة أنفسهم على الأخطاء، كاشفين أن عددًا من شيوخ وقيادات الجماعة إعتذرت عن ماضيها وتركتها بسبب هذه الأزمة.
وفي هذا السياق قال عصام تليمة، مدير مكتب يوسف القرضاوى السابق، وعضو مكتب شورى إخوان تركيا، إن "الفقيه" يعيش فى الإخوان حاليا محنة كبرى، ربما أفصح البعض عنها، وربما أحجم الكثيرون عن الإفصاح، لكنه بينه وبين نفسه، وبينه وبين الجماعة يبوح ويبوحون بها، وفي داخله يعيشها، شاء أم أبى، تتلاقى آراء معظمهم حول هذه المحنة التى يعيشونها ويعيشها القرضاوى.
وأضاف "تليمة"، فى مقال له على أحد المواقع التابعة للإخوان، أن الفقيه الإخوانى يعيش حالة تناقض كبيرة، ففى الوقت الذى يطالب فيه بمحاسبة حكام والمسئولين، لا يستطيع أن يفعل ذلك فى الجماعة، فهو فى محنة بين ما يطالب به الحكام والساسة والناس جميعا، من مبدأ المحاسبة، وتطبيق مبدأ: "من أين لك هذا؟" ومحاسبة من يتولى أمرا عاما من أمور المسلمين، وبين من يريد فى الجماعة عملا بلا حساب، وتلقى مالًا بلا تدقيق.
واستطرد:"لكنه مسكين أمام محنة أخرى، إذا رأى ظلما أو استبدادا من مسؤول في الجماعة، كبيرا كان أم صغيرا، هل يواجهه؟ أم يصبر عليه، وعندئذ يقع في محنة؛ إذ كيف يجمع بين نصوص تأمره بقول الحق، وبين واقع تسوقه عاطفته إليه، سواء ممن حوله، باسم الأخوة والصبر على خطأ الأخ، رغم أنه يقرأ نصوص الشرع لا تفرق بين ظالم في الإخوان أو خارجها".
وتابع مدير مكتب يوسف القرضاوى السابق:"هو فى محنة عندما يقرأ ويعلم الناس مبادئ الشورى، وأن الحاكم أو المسؤول الذي يرفض الشورى ويعطلها، فقد وجب عزله شرعا، هذا في المجال السياسي العام، لكن عندما يرى إهدارا للشورى، أو توظيفا لها، أو تلاعبا بها في الجماعة، يقع في حيرة ومحنة، فإذا نادى بعزل من فعل ذلك، أو محاسبته، يخشى من اتهامه بالسعى للمناصب، وأنه حاقد على من تولى المنصب، وإذا سكت، أو بحث عن مخرج، خان أمانة العلم والشرع".
وكشف تليمة، أن شيوخ الإخوان يعيشون فى حيرة كبيرة، متابعا:"الفقيه داخل الإخوان هو في حيرة من أمره، فهو يرى المظلوم فى الجماعة يذبح بسكين بارد، ويشوه من بعض إخوانه كبارا كانوا أم صغارا، ولا يتوجه بحديثه إلى الظالم، بل ينطلق للمظلوم طالبا منه الكف عن الصراخ، أو الكتابة والتعبير، فالمظلوم أو الطرف الأضعف أقرب سماعا له، واستجابة لنصحه، بينما الطرف الظالم لا يقوى على مواجهته، ولا يقدر على مقابلته أصلا".
في نزاع حقيقي
ومن جانبه، قال ثروت الخرباوي، الباحث في شئون الإسلام السياسي والقيادي المنشق عن جماعة الإخوان، في تصريحا خاصة لـ"العربية نيوز"، إن جبهة الإخوان الداخلية للاخوان في نزاع حقيقي، وهو صراع على الحكم بدأ منذ موت حسن البنا ومن يصبح المرشد، مذكرًا أن عمر التلمساني ظل 3 سنوات تحت مسمى المتحدث الرسمي للإخوان الملسمين، حتى أصبح قادرًا على أن يكون مرشدًا للجماعة.
وأضاف "الخرباوي" أن تصريحات محمود عزت الموحية بالسلمية تعد كلامًا إعلاميًا بحتًا، وذلك لخبرته بتأثر الجماعة والصف من كثرة الضربات الأمنية، فيحاول طمأنة الجهات الأمنية في محاولة للالتقاط الأنفاس، ومحاولة لإعداد المكاتب الإدارية مرة أخرى، فالاختلاف مع محمد كمال الذي تمت تصفيته من قبل رجال الأمن كان اختلافًا في الوسائل لا في المنهج، فكمال يرغب في طرق الحديد وهو ساخن مستغلًا الأحداث الاقتصادية الحالية، أما محمود عزت فيرغب في التهدئة المؤقتة.
تكسير عظام بعد 1111
كما قال طارق البشبيشي، القيادي المنشق عن جماعة الإخوان، في تصريحات خاصة لـ"العربية نيوز"، إن جماعة الإخوان الإرهابية تعد تنظيمًا وظيفىًا وتعمل كذراع قذرة لمخابرات أمريكا، موضحًا أنهم الآن سيهربون من مشاكلهم الداخلية ناحية استكمال التحريض ضد النظام المصرى وتأليب الرأى العام ضده من أجل احداث فوضى تسقط النظام وتحى أمل عودتهم مرة أخرى.
وأضاف "البشبيشي" أنه يتوقع أن تقل وتيرة حرب تكسير العظام بين الطرفين المتصارعين داخل الجماعة لبعض الوقت وذلك أمام هدف واحد للطرفين وهو اسقاط النظام المصرى عدوهم اللدود.
وأوضح القيادي المنشق عن جماعة الإخوان أن طبيعة المعركة الداخلية الآن هى مزيد من إضعاف تيار محمد كمال، القيادي المقتول بعد اشتباك مسلح مع الأمن وقت القبض عليه، وتجفيف منابع دعمه، متابعًا أنه يرى أن تركيا وقطر سيستمران فى دعم تيار محمد كمال بالمال ووسائل "لوجستية" أخرى لابقائه كأداة من أدوات حربهما ضد مصر، مؤجلين حربهم الداخلية لمَ بعد 11 11، التي ستزداد عنفًا بعد ذلك الوقت الذي يتوقع له الفشل الذريع لم يحمله رواده من سوء نوايا وأغراض خبيثة.
صراع يحكمه المال
ويري الدكتور كمال حبيب، الخبير فى شئون الحركات
الإسلامية، في تصريحات خاصة لـ"العربية نيوز"، أنه وبعد مقتل محمد كمال
الذى شاعت بشأنه أقاويل أن الاتجاه الذي يمثله إبراهيم منير ربما يكون متورطًا في
إبلاغ بمكان إقامته، سعى الإخوان بنشر فيديو إبراهيم منير الذي يتعرف فيه بتواصله
مع الأمن فى الستينيات هو جزء من صراع داخلي داخل الجماعة.
وأضاف الخبير فى شئون الحركات الإسلامية، الجبهة
الداخلية للإخوان منقسمة بقوة، لكنها تنحاز نحو كفة محمود عزت، القائم بأعمال
المرشد العام، والذي يفرض سيطرته بقوة على التنظيم من خلال الدعم البريطاني
والأمريكي، والتحكم في مقاليد المال، الأمر الذي جعل بعض المكاتب الإدارية للإخوان
يعلنون غضبهم مثلما أعلن مكتب إسكندرية، الذي يعاني من هذا النقص، مؤكدًا أن نشر
فيديو إبراهيم منير يعزز هذه الفرضية ومن ثم نزع شرعية وإسقاط مكانة هذا التيار
لدى أنصاره ولدى جماعة الإخوان.