قانون الجمعيات الأهلية الجديد "المفتاح بيد الدولة".. "أبو سعدة": نسخة من القديم.. "جاد الكريم": كارثة.. "نصر": يقصر المجتمع المدني على رجال الأعمال
منذ أعوام مضت وتحديدًا في 2002 صدر قانون الجمعيات الأهلية رقم 84، والذي وصفه العاملين بالمجتمع المدني بأنه يُضيق الحريات ويضع عراقيل ما أكثرها أمام عمل منظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان التي تسعي الي خدمة مجتمعها.
وطال الانتظار لحين تعديل القانون، ومع تشكيل مجلس النواب ظهرت بارقة أمل لدى كافة الحقوقيين واستبشر الجميع خيرًا بهذا البرلمان المعبر عن ثورتين كانت الحرية وحقوق الإنسان من أهم مطالبهما.
وانتظر الجميع شغفًا طيلة دور الانعقاد الأول لمجلس النواب آملين إصدار قانون الجمعيات الأهلية الجديد، راغبين في مستقبل واعد يفتح مصراعيه أمام العمل المجتمعي والحقوقي بكل حرية وشفافية.
ومر دور الانعقاد الأول دون إقرار القانون أو حتى البت فيه، وخلال إجازة نهاية الدور التشريعي وقبيل البدء في الطور التشريعي الثاني، فاجأت وزارة التضامن الجميع بعرضها القانون على مجلس الوزراء والذي وافق عليه فورًا، وأحاله إلى مجلس النواب لمناقشته والتصويت عليه تمهيدًا لإقراره.
وتستطلع "العربية نيوز" فى سياق التقرير التالي ومن قامات المجتمع المدني آرائهم في قانون الجمعيات الأهلية الجديد المنتظر مناقشته داخل جنبات قبة البرلمان، مع السؤال المطروح هل بالفعل يحقق هذا القانون آمالهم وطموحاتهم في ممارسة العمل المجتمعي والحقوقي بكامل الحرية دون التضييق؟.
"نسخة من القديم"
وصف حافظ أبو سعدة، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، والأمين العام للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان، في تصريحات لـ"العربية نيوز"، قانون الجمعيات الأهلية الجديد الذي اقترحته وزارة التضامن ووافق عليه مجلس الوزراء تمهيدًا لعرضه على مجلس النواب، بأنه سيئ بل وأسوأ من قانون 84 المعمول به حاليًا.
وأضاف "أبو سعدة"، أن القانون الجديد ألزم التسجيل للجمعيات الجديدة بالترخيص على الرغم من أن المادة 75 من الدستور تنص على التسجيل بالإخطار، كما ان القانون فرض تقديم صحيفة الحالة الجنائية للمتقدمين الجدد، وفرض رسوم تسجيل تقدر بـ 1000 جنيه بعد أن كانت 100 جنيه فقط.
وأوضح عضو المجلس القومي للحقوق الإنسان، أن المجلس أبدى اعتراضه وتحفظه على قانون الجمعيات الجديد وأرسل ملاحظاته وتوصياته إلى وزارة التضامن، مشيرًا إلى أن القانون يفرض قيودًا غير مباشرة على الجمعيات والمنظمات.
"قائم على التدخل الحكومي"
ومن جانبه أكد المحامي الحقوقي نجاد البرعي، مدير المجموعة المتحدة للاستشارات القانونية، في تصريحات خاصة لـ"العربية نيوز"، أن قانون الجمعيات الأهلية الجديد الذي قدمته وزارة التضامن ووافق عليه مجلس الوزراء، هو الأسوأ على الإطلاق عن ما سبقه من قوانين.
وأضاف "البرعي"، أن القانون قائم بالأساس على التدخل الحكومي في عمل منظمات حقوق الإنسان، كما شدد على قواعد إنشاء الجمعيات والمنظمات من جهة، ومن ناحية أخرى شدد على قواعد تلقي المنح والتمويلات.
وأشار "مدير المجموعة المتحدة للاستشارات القانونية"، الي أن مجلس النواب لم يقر خلال دور الانعقاد الأول أي قانون في صالح أو خدمة حقوق الإنسان، ولن يقر مستقبلًا ما هو يخدم الحالة الحقوقية فالمجلس إنعكاس للحكومة وإدارة الدولة.
"كارثة"
وعلق الدكتور ولاء جاد الكريم، مدير مؤسسة شركاء من أجل الشفافية، في تصريحات خاصة لـ"العربية نيوز"، على مشروع قانون الجمعيات الأهلية الجديد المقترح من وزارة التضامن والذي وافق عليه مجلس الوزراء تمهيدًا لمناقشته داخل مجلس النواب، أن المشروع كارثي.
وأضاف "جاد الكريم"، أن القانون يكرس فكرة أن المنظمات قيد الإتهام إلى أن يثبت العكس، ولا يراعي القانون الفروق بين الجمعيات الخيرية فهناك منظمات موازنتها 50 جنيهًا فقط وأخرى مليار جنيه، وبالتالي لا يوجد قواعد للعدالة، مشيرًا إلى أن القانون يرسخ التدخلات غير الدستورية من جانب الجهات الإدارية في عمل المنظمات.
وأوضح "مدير مؤسسة شركاء من أجل الشفافية"، أن العلاقة التي أوجدها القانون بين المنظمات والجهات الإدارية تخالف النص الدستوري، ومخالفة للمواثيق والإتفاقيات الدولية التي وقعت عليها مصر.
"يحصر
المجتمع المدني على رجال الأعمال"
كما أكد المحامي والحقوقي أحمد نصر، رئيس الائتلاف
المصري لمراقبة الانتخابات، في تصريحات خاصة لـ"العربية نيوز"، أن مشروع
قانون الجمعيات الأهلية الجديد الذي اقترحته وزارة التضامن ووافق عليه مجلس
الوزراء، بأنه أسوء من قانون 84 المعمول به حاليًا.
وأضاف "نصر"، أن الإشهار في الجريدة
الرسمية كان مجانيًا وبحسب القانون الجديد أصبح بمقابل مادي، والإيداع البنكي
بعدما كان خمسة آلاف جنيه فقط وصل إلى 200 ألف جنيه، بالإضافة إلى زيادة رسوم
تأسيس الجمعيات من 100 جنيه إلى 1000 جنيهًا.
وأوضح "رئيس الائتلاف المصري لمراقبة
الانتخابات"، أن مشروع القانون سيفرض توجه جديد وهو إقتصار عمل المجتمع المدني
على الطبقة العليا ورجال الأعمال فقط.