خفض قيمة الجنيه.. الضربة القاضية لجيوب الفقراء.. الحكومة تسعى لتطبيقه لمواجهة السوق السوداء للعملة.. وخبراء: مؤشر لمزيد من الغلاء.. والسياسات الاقتصادية "فاشلة".. وآخر: الدواء المر للأزمة الراهنة
خفض الجنيه، يبدو أنه أمر بات يفرض نفسه بالقوة فى ظل الظروف الراهنة، وتلميحات المسؤلين والخبراء على أن هذه هو الحل المقبل فى محاولة للخروج من الأزمة الحادة التي يعاني منها الاقتصاد المصرى منذ فترة، فتتصاعد الضغوط على البنك المركزي المصري من أجل تخفيض قيمة العملة، في الوقت الذي تصارع فيه مصر من أجل إنعاش الاقتصاد الذي تضرر من الاضطرابات السياسية، التي أدت إلى عزوف السياح والمستثمرين الأجانب وهما مصدران مهمان للعملة الصعبة.
فتردد فى الفترة الأخيرة من بعض المسؤلين فى الدولة خفض قيمة العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، خاصة مع توقيع مصر الإتفاقية المبدئية مع صندوق النقد الدولي من أجل الحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار على 3 سنوات، فيقول وزير التجارة والصناعة المصري، طارق قابيل، إن صادرات مصر سترتفع بنسبة 10 في المئة إذا قررت السلطات تخفيض قيمة الجنيه، لافتًا إلى أن خفض قيمة الجنيه سيدعم التجارة من خلال كبح الواردات وزيادة الصادرات.
كما أكد طارق عامر عندما قال أوائل الشهر الحالي أن إدارة سعر الصرف، كانت "خطأ فادحا" كلف الدولة مليارات دولار على مدى السنوات الخمس الماضية، وانتقد خبراء اقتصاديون أيضًا السياسة التي اتبعتها الوزارات الاقتصادية، على مدار السنوات الماضية من أجل مواجهة السوق السودار للعملة، والسيطرة على سعر الدولار،خاصة وأن الدولة لم تتمكن منه حتى الآن.
الحكومة تتبع سياسات فاشلة في إدارة الملف الاقتصادي
ففي هذا السياق يقول الدكتور سرحان سليمان، الخبير الاقتصادي، فى تصريحات خاصة لـ"العربية نيوز"، إن المجموعة الوزارية الاقتصادية: "المالية - الإستثمار- قطاع الأعمال"، معنية بمعالجة المشكلات الاقتصادية الرئيسية كإرتفاع الأسعار وقيمة العملة، والنهوض بمعدل النمو ليشعر به المواطن، ولكن المشكلات الاقتصادية المستهدف حلها تطورت وتفاقمت، موضحًا أنه خلال سنة واحده إنخفضت قيمة العملة، مع إزدياد قيمة الواردات من الخارج، بالإضافة إلى تراجع الإستثمارات الأجنبية والمحلية، الأمر الذى أد إلى تراجع المئشرات الاقتصادية المصرية.
وأشار "سليمان" إلى أن خفض قيمة الجنيه أصبح ضرورة ملحة يفرضها الظرف الاقتصادي الراهن، لافتًا إلى أن الوضع الحالي يتطلب إعادة تقييم سعر العملة المحلية في مقابل العملات الأجنبية الأخري، مؤكدًا على أن السياسات التي تتبعها المجموعة الاقتصادي قائمة على شيئين أساسين، هما السياسة النقدية، والسياسة الاقتصادية القائمة على التشريعات والقوانين التي تضعها الوزارات لتساهم في حل المشكلة الإقتصادية.
وأضاف أن السياسات الموضوعة سياسات فاشلة، وهذا يدفعنا للتساؤلات حول مكاسب المشاريع الاستثمارية المعلن عن أرباحها بالملايين ولم نرى شئ منها، وهذا نتيجية إخفاقات وإتباع سياسات فاشلة فمن المفترض أن المجموعة الوزارية تعمل وفق قوانين مشرعة وتتخذ إجراءات لتطبيقها، كما من المفترض أن تقوم على الصادرات فمؤشرات الزراعية تراجعت بشكل ملحوظ على سبيل المثال.
مؤشر لمزيد من الأعباء الاقتصادية
وأكد الدكتور صلاح الدين فهمي أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، أن خفض قيمة الجنية أصبح أمر لا مفر منه فى ظل الوضع الاقتصادي الراهن خاصة أن هناك سعرين للعملة، سعر يحددة البنك المركزى، وآخر موجود في السوق السوداء للعملة وهناك فجوة كبيرة بين السعريبن.
وأضاف أستاذ الاقتصاد، لـ "العربية نيوز"أن خفض قيمة الجنية سيحقق الاستقرار الاقتصادي ويعزز الصادرات المصرية، لافتًا إلا أن هذا القرار سيكون له بعض السلبيات التي ستنعكس على المواطنين حيث ستقل القدرة الشرائية للجنية مما يترتب عليه زيادة فى أسعار السلع والمنتجات، أى أنه مؤشر جديد لمزيد من الأعباء على المواطنين.
خفض قيمة الجنيه "العلاج المر" للإصلاح الاقتصادي
وأوضح الدكتور عبد الرحيم البحطيطي أستاذ الاقتصاد الدولي بجامعة الزقازيق، أن عجز الموازنة بعد ثورة 25 يناير بدأ في تزايد مستمر بسبب أن كثير من شركات قطاع الأعمال توقفت، فتراجعت نسبة دفع الضرائب، بجانب أن هناك نقص في موارد الدولة، فالبتبعية حدث عجز في موازنة الدولة، كما أن الأجهزة الاقتصادية للدولة مترهلة ولاتعمل بكفاءة.
وأضاف الخبير الاقتصادى، في تصريحات خاصة لـ"العربية نيوز"، أنه يجب على الحكومة إعادة النظر في قيمة العملة المحلية الأمر الذي سينعكس على قوة الاقتصاد، لافتًا إلى أن خفض قيمة الجنية الإختيار الأصعب أمام الحكومة للخروج من الأزمة الراهنة.
وشدد أستاذ الاقتصاد الدولي بجامعة الزقازيق، على أنه لا يوجد تبذير في إنفاق الحكومة بل هو عجز في الإيرادات، فالحكومة المصرية تؤدي وظيفتها بالحد الأدنى، موضحًا أن نقص الإيرادات الحكومية نتيجة لما حدث من إنخفاض في النشاط الاقتصادي بعد 25 يناير.
وأكد "البحطيطي"، أن هناك عدة جهات رقابية تشرف على مراقبة الحكومة وإنفاقتها مؤيدة بضوابط صارمة كالجهاز المركزي للمحاسبات ووزارة المالية وعدة جهات رقابية أخري، معللا سبب لجوء الحكومة لقانون ضريبة القيمة المضاعفة بسبب ضعف الإيرادات الضريبية.