بعد 38 عامًا على "كامب ديفيد".. هل حافظت المعاهدة على نصر "أكتوبر" أم أطاحت بكرامة مصر والعرب.. وزير الخارجية يصفها بـ"مذبحة التنازلات".. و"هيكل" يهاجمها
السابع عشر من سبتمبر يوم إستيقظت فيه مصر والدول العربية على فاجعة مماثلة لنكسة 56 كما وصفها بعض المعارضين آنذاك، حيث سافر الرئيس السادات عام 1978 إلى منتجع كامب ديفيد بالولايات المتحدة الأمريكية ووقع معاهدة السلام بين مصر وجيش الإحتلال والتي تتضمن بنود من أهمها أن يقر الطرفان ويحترم كل منهما سيادة الآخر وسلامة أراضيه واستقلاله السياسي، والسماح بمرور السفن الإسرائيلية عبر قناة السويس والبحر الأبيض المتوسط بكل حرية، كما يعتبر مضيق تيران وخليج العقبة من الممرات المائية الدولية المفتوحة لكافة الدول.
بتلك المعاهدة نَسَخ السادات الموقف العربي الرافض للتطبيع مع الكيان الصهيوني، وأجج نيران القومية في نفوس الشارع المصري والعربي، وخرج الناس عن بكرة أبيهم في مظاهرات ترفض التطبيع لتعيد على أذهان الأجيال الجديدة تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي وحلم استرجاع الأرض، كما خرجت ترفض الإنفتاح وشبح الإمبرالية، فعقبت تلك المظاهرات اعتقالات سبتمبر الشهيرة واستباحوا "زوار الفجر" البيوت والمضاجع، واتخذت جامعة الدول العربية قرارًا بنقل مقرها من القاهرة إلى تونس احتجاجًا على المعاهدة وتباينت أراء المفكرين والمسؤولين بين المؤيد والمعارض.
وزير الخارجية يستقيل
وعلى إثر هذه المعاهدة استقال وزير الخارجية محمد إبراهيم كامل وسمى المعاهدة بـ"مذبحة التنازلات"، وكتب مقال كامل في كتابه "السلام الضائع في اتفاقات كامب ديفيد" وأشار فيه إلى أن المعاهدة لم تنص على إنسحاب قوات الإحتلال من قطاع غزة والضفة الغربية وأجهضت حق الشعب الفلسطيني.
"الأستاذ"
محمد حسنين هيكل أحد أشهر الصحفيين، وأحد معارضين المعاهدة والذي اعتقل أعتقل على إثرها قال: "أن السادات أغتيل مرتين الأولى في كامب ديفيد والثانية في مصر"، وأن معاهدة كامب ديفيد أضاعت أهداف إنتصار إكتوبر وكانت رسالة طمأنة للكيان الإسرائيلي فحسب بنود المعاهدة أن سينا تكون منزوعة السلاح وتشرف على أمنها قوات دولية بقيادة أمريكية.
وفي سياق متصل رأى سفير مصر الأسبق في تل أبيب محمد بسيوني، أن مصر حققت أهدافها من الاتفاقية واستطاعت تحرير كامل أراضيها، ونجحت في إعادة بناء بنيتها الأساسية وهيكلة اقتصاديتها.
"الفاجومي"
"الشاعر البذئ" كما سماه السادات، أحمد نجم شاعر تكدير الأمن العام الذي عارض السادات في حياتة وبعد مماته، وتنبأ بإغتياله في قصيدة "البتاع" و"غول أنتيكا"، قال إن السادات كان له نصيب كبير من الشتائم، والآن نكتشف المؤامرة على سينا في كامب ديفيد واصفا المعاهدة بأنها "الوكسة" التي وضعنا فيها السادات، وقال "مين قال يروح يعمل سلام منفرد مع إسرائيل".
"لا تصالح"
صرخة أطلقها أمل دنقل في وجه من قالو نعم رفضًا منه لمعاهدة السلام، حيث خاطب السادات في قصيدة" لا تصالح" بحسرة تشبه حسرة "زرقاء اليمامة"، نظر دنقل إلى المعاهدة بمثابة نكسة أخرى وعار أُلحق بمصر والعالم العربي، وبقيت أسئلته معلقة في المدى دون جواب يشفي غليل الصدور ويحفظ الدم المسال.
وقال "دنقل": "لا تصالح ولو قيل رأس برأسٍ أكلُّ الرؤوس سواءٌ؟ أقلب الغريب كقلب أخيك؟ أعيناه عينا أخيك؟ وهل تتساوى يدٌ سيفها كان لك بيدٍ سيفها أثْكَلك؟.. كيف تخطو على جثة إبن أبيك وكيف تصير المليك على أوجه البهجة المستعارة؟كيف تنظر في عيني امرأة أنت تعرف أنك لا تستطيع حمايتها؟ ".
الطريق إلى الإنفتاح الإقتصادي
ومن ناحيته رأى الدكتور حمدي عبدالعظيم الخبير
الإقتصادي، أن إتفاقية السلام لها إيجابياتها التي تتمثل في تخلص مصر من أعباء
الإنفاق العسكري، والسماح بإستغلال ثروات سيناء الطبيعية وعودة المهجرين من مدن
القنال، كما أعطت لمصر القدرة على الإنفتاح الإقتصادي.