في الذكرى الـ64 لعيد الفلاح.. فأس بلا أرض.. تقاوي مسرطنة.. تهميش متعمد.. و"التأمين الصحي والمعاشات".. حلم صعب المنال.. ونقيب الفلاحين: "أصبح يومًا أسود في تاريخه"
في الذكرى الـ64 للفلاح الذي صدر له قانون الإصلاح الزراعي بعدما حفى على قدميه لعبدالناصر للقضاء على الإقطاع، تحل الذكرى في ظل صمت تام من قبل الحكومة، بعدما كان المزارع ينتظر هذا اليوم، حتى توفر له الدولة بعض التسهيلات، في ظل ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج من مبيدات وأسمدة وأعلاف، بجانب مديونياتهم لدى بنك الائتمان الزراعي.
وعاش الفلاحون عصرا من ذهب بعدما صرخ البطل أحمد عرابي بوجه الخديوي توفيق لمواجهة ظلمه، لكن للأسف لم تدم الأمور طويلا وعاد تلك الفلاح الذي يستيقظ صباحًا بعد مغازلة خيط شمس رفيع منعكس بضوئها على أرضه فيفتتح عينيه بملابسه البسيطة حاملًا معداته ذاهبًا إليها يكدس طاقته كل يوم تلو الآخر منتظرًا ثمار جهده بعد شهور قليلة ليخرج قوت أولاده، لتلك المعاناة مرة أخرى والتي تمثلت في تدهور حقوقه والتخلي عنه من قبل الجهات المسئولة في الدولة.
قرى الريف
القرى التي تقع على حافة تفكير الدولة حيث إن تلك القرى تمثل مصدر كبير لإنتاج الغذاء والمواد التي يقوم عليها مختلف الصناعات، لذلك كان على الدولة متمثلة بوزارة الزراعة أن تقدم الدعم اللازم لهذه المناطق ولكن بالرغم من ذلك تم تركهم يواجهون المشكلات الزراعية حتى عصفت بهم وأعجزتهم فاضطروا إلى بيع أراضيهم والاتجاه إلى حرف أخرى.
معوقات
كانت الأرض والزراعة في الماضي من أقدم وأعرق المهن وكان المزارع يفتخر بها لدرجة التقديس وكانوا يقولون الأرض عرض فيسخرون من المزارع الذي يفرط في أرضه ببيعها وكانوا يمقتونه وسط كلمات مثل عواد باع أرضه شوفوا طوله وعرضه
فصارت الأرض طاردة لمزارعيها وأصبح بيع الأرض من الوجاهة الاجتماعية فكثير منهم باعوا أرضهم وذهبوا إلى المدن واشتروا الأبراج السكنية والتي تدر عليهم أرباحا وفيرة، ومن الأسباب التي أدت إلى ترك الفلاح لأرضه فشل السياسات الزراعية للدولة فعلى مدى عقود طويلة لم يتم تدعيمهم الدعم الحقيقي الذي يأخذ بيدهم بل أصدرت قانون التحرر الاقتصادي الذي كانت أهم ملامحه إلغاء الدورة الزراعية وتحرير أسعار الحاصلات الزراعية وعانوا كثيرا من هذه السياسات، وأصبح العمل في الأرض الزراعية غير مربح وخاصة مع زيادة تكاليف مستلزمات الإنتاج الزراعي.
قانون المعاشات والتأمين الصحي حلم صعب المنال
الفلاح ليس لدية قانون معاشات من الأساس، القانون صادر برقم 127 لعام 2014 فصدر القانون وتم حفظه بالأوراق فقط.. فالفلاح ليس له تأمين أو معاش ويعاني من انهيار بالخدمات الصحية وتردي الحالة المعيشية ولكن القوانين في بلدنا ليس لها أي قيمة فنحن لدينا غدارة ولكن تنقصنا الإرادة.
نقص المياه
تكالبت على المزارعين مشكلة نقص مياه الري ففي هذا الموسم الصيف عانى غالبيتهم من نقص واضح في مياه الري وخاصة الذين تقع أراضيهم في نهايات الترع مما أدى إلى تلف العديد من الزراعات وقلة إنتاجيتها مثال ذلك محصول الذرة الشامية الصيفي.
مئات المزارعين في دشنا وقراها يلجأون إلى ري محاصيلهم من مياه الصرف الزراعي المخلوطة بمياه الصرف الصحي التي تلقيها عربات الكسح في المصارف الزراعية وذلك يشكل خطرا على صحته وصحة المواطنين.
نقص الأسمدة
لم يعد يتسلم المزارعون الأسمدة الخاصة بالمحاصيل الصيفية فقط تكتفي وزارة الزراعة بصرف المقررات السمادية للموسم الشتوي ومحصول القصب فقط ولكن الموسم الشره في معدلات التسميد لا تنظر وزارة الزراعة إليه فالموسم الصيفي يعد من المواسم التي تحتاج محاصيله إلى معدلات تسميد عالية حيث يزرع في مدينة دشنا وقراها الكثير من المحاصيل الصيفية والتي تحتاج إلى معدلات تسميد كبيرة مثل الذرة الرفيعة والذرة الشامية والسمسم وكثير من الأعلاف الخضراء وعلى الرغم من قرب انتهاء الموسم الصيفي إلا أنه حتى الآن لم يتسلم المزارعون مقرراتهم السمادية الصيفية.
وقف تصدير الأرز:-
قررت وزارة الزراعة في الفترة الأخيرة وقف تصدير الأرز للخارج، معقبة على ذلك بأن الكميات تكفي فقط للاستهلاك المحلي. وحددت أسعاره بـ2300 جنيه لطن "الحبة الرفيعة"، و2400 جنيه لطن "الحبة العريضة"، وهو القرار الذي رفضه الفلاحون، وكان على رأسهم حسين أبوصدام، رئيس المجلس الأعلى للفلاحين، حيث أكدوا أن هذا سيجبر الفلاحون على بيع الأرز للتجار بالأسعار التي حددتها الحكومة، منوهين بأن التجار يقومون بتجميع الأرز من الفلاحين وتخزينه وطرحه للتصدير عقب فتح باب التصدير، ما يتسبب في خسائر فادحة للفلاحين ويتكرهم فريسة للتجار.
فساد القمح
حيث بعد موسم التوريد القمح تم إغلاق الشون والصوامع بوجه الفلاحين ورفضوا استلام المقح إلا بحيازات الزراعية ملايين الأطنان ظلت ملقاة بالشوراع ثم انطلق البعض يحملون القمح على ظهورهم على عربات للتنقل بمناطق وقرى أبعد من بيعها للتجار بثمن بخيس حيث تركتهم الدولة حينها فريسة لمافيا التجار دون أن تسأل بمطالبهم.
يذكرنا بعام أسود
لذلك قال فريد واصل نقيب الفلاحين بالجيزة، إن في ذكرى عيد الفلاح يذكرنا بعام أسود موضحًا أن الفلاح أصبح مهمشًا في ظل انعدام دور المؤسسات الزراعية والجمعيات التعاونية ووزارة الزراعة.
وأكد واصل فى تصريحات لـ"العربية نيوز" أن عبدالناصر جعله يعيش عصرًا ذهبيًا ومنحه حقوقه وأصدر قانون الإصلاح الزراعي وملكة أرضه ولكن الآن دمرت الأرض وانهارت الزراعات وسط سياستهم العشوائية.
وأضاف نقيب الفلاحين أن الفلاحين بعد جمال عبدالناصر "أصبحوا يتامى فالفلاح لا يملك أي حد أدنى للمعيشة ولا يوجد تأمين صحي ولا معاش أو أي خدمات بسيطة، لافتًا إلى أن المجتمع الريفى يزيد تدهورًا، منوهًا بأن الفلاح الآن يعد آخر شريحة تعاني من كل المشاكل فهو أصبح خارج اهتمامات كل حكومة وكل وزارة، لافتًا إلى أن الفلاح شريك أساسي في كل شيء بالدولة، ولكن هم لا يعوا ذلك وأسقطوه من تفكيرهم وأولوياتهم.