عاجل
الثلاثاء 05 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الادارة
رجب رزق
رئيس التحرير
سامي خليفة
الرئيسية القائمة البحث

"بيرم التونسي".. ساكن الحي الشعبي وراعي كلمات كوكب الشرق أم كلثوم

بيرم التونسي
"بيرم التونسي"

"هو العظيم يا ناس في أرضكم ينداس والتافه الهلاَّس نشبعه تكريم"، بعض الأبيات الشعرية يموت شعرائها وتظل خالدة، توصف كل عصر وزمن، سؤال إستنكاري وجهه بيرم التونسي لمسامع الشعب والحكومة حسرةً وقهر، فمن هو بيرم التونسي ساكن الحي الشعبي التي تغنت أم كلثوم بكلماته؟

نشآته وتعليمة
محمود محمد مصطفى بيرم وشهرته بيرم التونسي، إبن السيالة إحدى حواري إسكندرية الشعبية، ولد 3 مارس 1893 وتوفي 5 يناير1961 لعائلة من أصل تونسي، عندما أتم الرابعة من عمره ألحقه والده بكتاب الشيخ جادالله، وأستفاد منه بالإلمام بمبادئ القراءة والكتابة فقط؛ ولكن وطأه"الفلقة" كل يوم على يدية جعلت بيرم يكره الدراسة والكُتاب وقسوة شيخه الذي لم يكن له أي دور في تشجيعه علي الثقافة أو النهم للمعرفة أو الاستدامة في القراءة، فأضطر والده أن يخرجة من الكتاب ويجلسة مع أولاد عمه في دكان الحرير الذي يمتلكه.

وبعد محاولات ألحقه والده بالمعهد الديني بمسجد المرسي أبو العباس وكان له أثر طيب في فكر بيرم ولكنه ما لبث أن انقطع عند دروسة حيث توفى والده.

سنوات الضياع
إنقطع بيرم عن دروس الكُتاب وإنقطعت عنه إبتساماته، حطت مأساة وفاة أخته بعد حبلها بثلاث أيام وطأه في قلبه لا تبرأ، وفوجئ بعدها بأن والده تزوج على والدته بفنانة مشهورة والتي استولت بدورها على دكان الحرير، ولم يترك لهم والدهم غير المنزل الذي يأويهم، وبعد وفاة والدته ذكر بيرم في مذكراته:"ابتدأت حياة من الضياع، فقد انتقلت للاقامة مع أختي لأبي المتزوجة من خالي، وكانت تعد علي الأنفاس والحركات والسكنات وتضيق ذرعًا بأية خدمة تؤديها لي".

قرر بيرم أن يفتتح دكانا لكسب عيشه، وعندما بلغ السابعة عشر وضاقت به الحياة في بيت أخته، تزوج بيرم بإبنة أحد العطارين وعاشوا بغرفة في منزل والدها، وماتت زوجته بعد 6 سنوات من زواجهما تاركة له نعيمة ومحمد، وخلال الست سنوات عانى بيرم من ضيق المعيشة أضطر حينها إلى إغلاق الدكان وبيع بيت والده وعمل في تجارة السمن واشترى منزلا بالإنفوشي، وبعد وفاة زوجته بـ17 يوما اضطر للزواج بأخرى لرعاية أطفاله.

وذات يوم إستيقظ بيرم على أصوات أقدام رجال المجلس البلدي وهو يحجز علي بيته الجديد، ويطالبه بمبلغ كبير كعوائد عن سنوات لا يعلم عنها شيئًا.

طريق المجد
تمخضت هذه الحادثة عن شخص لم يكن لبيرم علم بوجوده، خلقت منه شاعرا وفتحت له طريق المجد فيما بعد، رفع حينها راية العصيان وهاجم المجلس البلدي بأول قصيدة ينظمها "بائع الفجل " وقال فيها:" اخشى الزواج فإنْ يوم الزفاف أتى يبغي عروسي صديقي المجلس البلدي أو ربما وهب الرحمن لي ولدًا في بطنها يدعيه المجلس البلدي".

نشرت القصيدة كاملة بجريدة"الأهالي" وذاع سيطها أنحاء الأسكندرية وطالب المجلس البلدي ترجمتها حيث كانوا جميعهم أجانب، شرع بعدها بيرم مسلك الأدب والشعر وإتجه إلى الزجل ليحاكي به قضايا المجتمع المصري.

شهرزاد
وصلت سيرته إلى الملحن الشعبي سيد درويش وألّف له رواية شهرزاد، وكان الإسم الأصلي "شهوزاد" معبرين فيها عن شهوات الأسرة الحاكمة، ولكن الرقابة عدلته، وبعدها طالبه سيد درويش بكتابة أوبريت يردان فيه عن مزاعم الإنجليز بأن الشعب المصري ضعيف ولا يستطيع حكم نفسة، كما ورد في مذكرات بيرم فكان الهدف من الأوبريت هو إلهاب النفوس وتعظيم المواطن المصري، وكُتبت رائعة "أنا المصري".

المنفى
كلمات بيرم الساخرة اللاذعة، وهجومة على الإنجليز والحكومة المصرية وفساد المجتمع جعلته تحت عين القلم السياسي ومخبرينه، ولكن صبر الملك فؤاد نفد وأمر بنفيه إلى تونس بسبب هجاؤه لزوج إبنته الأميرة فوقية، وسافر منها إلى فرنسا ولكنه ظل يحلم بالعودة للوطن، فعاد بجواز سفر مزور، وكتب أول ما كتب قصيدة يهجوا بها الملك فؤاد نفسه ويقول في مطلعها:
"ولما عدمنا في مصر الملوك جابوك الانجليز يا فؤاد قعدوك
تمثل على العرش دور الملوك وفين يلقوا مجرم نظيرك ودون"

كوكب الشرق
بدأت علاقة بيرم بأم كلثوم عن طريق الشيخ زكريا أحمد، وكتب لها " الحلم، القلب يعشق كل جميل، غني لي شويه شويه، أنا في إنتظارك، وأهل الهوى، حبيبي يسعد أوقاته"، وكانت "هو صحيح الهوى غلاب" أخر عمل يجمع بيرم والشيخ زكريا وأم كلثوم حيث مات بعدها بيرم التونسي.

تعاون بيرم مع عبدالوهاب وفريد الأطرش وكتب مونولوجات، وعمل بالصحافة من خلال جريدتي المسلة والخازوق وأخبار اليوم والمصر والجمهورية.