جاليليو يكتب: عن الحب ونظام الحكم
(1)
وجاءت طيور الحزن لتسكن أشجار الحنين التي لم تعد تزهر
منذ سنوات طوال.. أحبها من نصف نظرة.. قال لها:
أحبك كي أبقى على صلة بكل من حولي.. الله، الأرض، الوطن، التاريخ، الزمن، التمرد، الغضب، الماء، الزرع، الأطفال، الخبز، الثورة، الحرية، البحر الموج، السفن، ونجوم الليل..
وبعد سنوات طوال من الحب.. انكسر في قلبه مثل إناء...
• (2)
ما اجتمع رجل وامرأة.. إلا وكان صندوق النقد الدولي ثالثهما.. فلا يمكن الحديث عن الحب بمعزل عن الوقائع السياسية.. والمتاعب الاقتصادية، والعقد الاجتماعية.. ولو دخل الفقر من الباب، قفز الحب من الشباك.. ونار الغلاء تقتل نار الشوق.. والمرأة اليوم مسكينة، حائرة بين الزوج الذي تريده، والرجل الذي تحبه، اختيار لا تحسد عليه، القلب أم المحفظة؟!
إن المسرح الحقيقي للحب هو الحياة اليومية، المقهى، الصحيفة - "الآيفون والتابلت"- السيارة، الشقة، الفستان، الماكياج، وأين تسهر هذا المساء؟
لذلك يتأثر الحب بنظام الحكم.. وبشخصية رئيسي الوزراء ومجلس النواب، وبرأي الحاكم في المرأة..
• (3)
كان يشعل النار فيها.. ثم يذهب.
كان يتركها تصرخ من الشياط.. ثم يقفز في مياه مسبح "مينا هاوس" الباردة.. وأسمهان تغني.. ليالي الأنس في فيينا.. فيينا صورة م الجنة.
عذبها بالقرب.. وبالهجر.. بالنعومة، والقسوة.. عزف على أوتار حرمانها الطويل.. واستفز جنونها المستبد.. ورغبتها المهملة.. المشتعلة.. وخوفها المتزايد من عدم اللحاق بآخر عربة في قطار المتعة، بعد أن أصبحت إمرأة على عتبة اليأس.. فلم يمكن أمامها سوى أن تضحي بكل شيء من أجله.. لقبها.. سمعتها.. تاجها.. ومستقبل النظام الملكي في مصر.
إنها الملكة نازلي.. زوجة السلطان الذي أصبح ملكًا.. أحمد فؤاد.. أم الملك فاروق.. ملك مصر والسودان الذي خرج مهزومًا في 26 يوليو 1952.. جدة الملك أحمد فؤاد.. آخر ملوك أسرة محمد علي الذي تولى العرش وتركه وهو لايزال في اللفة.
وقد لعنها كل أفراد أسرتها.. لعنوها وهي في الحكم.. ولعنوها وهي في المنفى.. في أمريكا.. فهي أول فيروس قاتل يخترق شرايين النظام.. ويجري في دمائه.. ويستقر في خلايا مخه.. ويدمرها.. فقد اندفعت وراء المتعة.. ورفست السلطة.. فرحل الملك.. وجاء الكولونيل جمال عبدالناصر.
• (4)
الديمقراطية شجرة فهل تستحق أن يموت الملايين من أجلها.
والديكتاتورية شجرة زئبق، ترقص التانجو على صراخ الضحايا.
والأصل أن تؤمن الدولة بالحرية، وحقوق الإنسان، وأن تقبل الاختلاف، وأن تشطب من قاموسها السياسي كلمة "آمين".. إنها المعادلات الأساسية للتاريخ والجغرافيا.. وبدونها تسقط الدولة.. وتنكسر.. وتتحول السلطة إلى شظايا.. ويكتشف رجالها- بعد فوات الأوان- أن التاريخ أقوى منهم.. والجغرافيا أيضًا.