"أبومازن".. تنازل عن "صفد" ورفض المبادرات العربية وفتح قنوات الاتصال مع اليهود
لم يتردد محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية، في الإفصاح عمّا يجول في قرارة نفسه، ولم يتراجع عن التزامه للأمريكيين والإسرائيليين منذ عقود، فلا يحتاج هذا الرجل أن يختبأ بقرارته بل يعلنها بكل وضوح وبمنتهى الصراحة وكل هذا من أجل حماية وأمن إسرائيل.
محمود عباس "أبومازن"، منذ أكثر من أربعين عامًا، منذ أن كلفته منظمة التحرير الفلسطينية بفتح قنوات الاتصال مع اليهود المعتدلين داخل الكيان الصهيوني، فتح الاتصالات التي ربما كانت مفتوحة مع المعتدلين وغير المعتدلين فشملت الجميع.
ودعا إلى قطع علاقة الفلسطينيين بـ"الشرق" أي العرب، والتوجه نحو الغرب أي "إسرائيل" ووقّع على وثيقة عام 1995 مع مفاوضين إسرائيليين تضمنت التنازل النهائي عن حق العودة.
تصريحات إعلامية ضد فلسطين:-
عندما صرح الرئيس الفلسطيني، في أحد اللقاءات الإعلامية، بأن من يشجع طفله على حمل سلاحًا من أجل تنفيذ عملية طعن الجنود الإسرائلية فهو غير عاقلًا، معلقًا مجنون من يشجع ولدًا على تنفيذ عملية من هذا النوع.
في حديث للقناة الثانية الإسرائيلية، قال عباس إنه ما دام في السلطة فلن تكون هناك انتفاضة مسلحة ثالثة على "إسرائيل"، وأكد قائلًا: "لا نريد أن نستخدم القوة، ولا السلاح، بل الدبلوماسية والسياسة، والمفاوضات، نريد أن نستخدم المقاومة السلمية".
وردًا على سؤال عمّا إن كان يريد العيش في بلدته صفد في الجليل التي هُجّر منها عام النكبة، قال: "لقد زرت صفد مرة من قبل، لكنني أريد أن أراها، من حقي أن أراها، لا أن أعيش فيها"، مضيفًا: "فلسطين الآن في نظري في حدود الـ67 والقدس الشرقية عاصمة لها، هذا هو الوضع الآن وإلى الأبد، هذه هي فلسطين في نظري، إنني لاجئ، لكنني أعيش في رام الله، وأعتقد أن الضفة الغربية وغزة هي فلسطين، والأجزاء الأخرى هي إسرائيل".
تعمد أبو مازن إجراء الحوار في ذكرى أليمة للفلسطينيين. واللافت أن تصريحات عباس تأتي في الذكرى الـ95 لما عرف بوعد بلفور؛ ففي عام 1917، أرسل وزير خارجية بريطانيا جيمس آرثر بلفور رسالة إلى أحد زعماء الحركة الصهيونية، تعهد فيها إنشاء "وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين".
أتت هذه المقابلة قبل أربعة أيام من إجراء الانتخابات الأمريكية، وكان أبو مازن يتخوف من احتمال فوز المرشح الجمهوري ميت رومني برئاسة الولايات المتحدة، وهو المعروف بقربه من الإسرائيليين وبدعم نتنياهو له.
جاء كلام محمود عباس بعد أيام من إعلان الحكومة الإسرائيلية إجراء انتخابات مبكرة في الكيان الصهيوني، حيث اتفق بنيامين رئيس "الليكود" مع أفيغدور ليبرمان زعيم حزب "إسرائيل بيتنا"، على خوض الانتخابات بقائمة موحدة، ولهذا الأمر دلالات سياسية خطيرة تجاه ارتفاع مستوى التهويد، وازدياد الاستيطان وتعطيل عملية التسوية.
أبومازن يرفض المبادرة العربية
وتعد رفض المبادرة الرباعية العربية "مصر، السعودية، الأردن، الإمارات"، نقطة سوداء في سجل الرئيس الفلسطيني، والذي أثار جدلًا واسعًا وتساؤلات عدة مفادها لماذا رفض الرئيس الفلسطيني إنقاذ الدولة الفلسطينية من حالة الانقسام الداخلي لإنهاء حالة التشرذم والتشتت الفلسطيني، والذي من خلاله سوف يتم الانتقال لعملية السلام الشامل؟.
التنازل عن "صفد" لإسرائيل
على صعيد آخر أثارت تصريحات "أبومازن" التي لمح فيها إلى عدم أحقيته في العودة للعيش في بلدته الأصلية "صفد" في إسرائيل، باعتبارها ليست "فلسطين"، جدلا كبيرا في الشارع الفلسطيني على الرغم من أن موقفه في هذا الشأن معروف سلفا.
وهاجمت الفصائل الإسلامية عباس بشدة، واعتبرته غير مخول ولا يمثل إلا نفسه، والتزمت الفصائل اليسارية الصمت فيما رد ناشطوها على صفحات التواصل الاجتماعي مهاجمين أبومازن وتصريحاته، التي شغلت أيضا ناشطين مستقلين وصحافيين ومراقبين، وهو ما اضطرت معه حركة فتح للرد على هذه الهجمة بالتذكير بأن ذلك (أي حدود 1967).
الاعتراف بالدولة الإسرائيلية
وعلى هامش اجتماع مجلس الوزراء العرب بالجامعة العربية، أثناء كلمته أكد رئيس السلطة الفلسطينية، رفضه الاعتراف بالدولة اليهودية، مشيرًا إلى إمكانية اعترافه بالدولة الإسرائيلية.
حظيت تصريحات محمود عباس بردود فعل رافضة، وصدرت مواقف من فلسطين وخارجها تهاجم محمود عباس وترفض سياساته. فقد أكدت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" أن ما قام به محمود عباس من تنازل عن حق العودة ومهاجمته للمقاومة الفلسطينية هو جريمة بحق الشعب الفلسطيني كله بكل أطيافه وفصائله، بما فيها حركة فتح، وليس جريمة بحق حركة حماس فقط، مشددة على أن المعركة اليوم ليست بين حماس وعباس، بل هي معركة بين الشعب الفلسطيني كله وموقف عباس المخزي أمام القناة الصهيونية الثانية.