برلمان الحكومة.. الشعب سابقًا.. النواب يحسمون قوانين الدولة المثيرة للجدل.. وخبراء: المجلس انحرف في استخدام السلطة التشريعية.. وأصبح أداة في يد الحكومة
دائمًا ما تُقابل تشريعات مجلس النواب بـ"رفض شعبي"، ويثار حولها جدلًا واسعًا في الشارع السياسي، وعلى الرغم من أن النواب جاءوا بقرار من الشعب إلا أننا نراهم يسنون قوانين وتشريعات في صالح الحكومة دون النظر إلى أنها تمس الحالة الاقتصادية للمواطنين، وتزيد من الأعباء المالية لهم، ومع ذلك يقرها البرلمان، ومن هذه القوانين:
قانون الخدمة المدنية
فحظي قانون الخدمة المدنية الذي يحمل رقم 18 لسنة 2015، رفضًا واسعًا من الطبقات العاملة والموظفين في شتى الوزارات والهيئات الحكومية، حيث اعتبروه اعتداءً على حقوقهم، كما لقي القانون مناقشة مطولة داخل أروقة البرلمان قبل تمريره أو رفضه، وأحدث انقسامًا كبيرًا داخل البرلمان، كما اعتبر بعض النواب تمريره تهديدًا للسلام المجتمعي.
كما أعطت المادة 21 من القانون استثناءات لبعض الجهات ذات الطبيعة الخاصة، كوظائف الإدارة العليا والتنفيذية، واستمرت حالة الغموض حول من يخضع من الجهات الحكومية للقانون ومن يستثنى من أحكامه، رغم ما في ذلك من غياب للشفافية وتمييز في المعاملة بين العاملين في الوحدات الإدارية للدولة وهيئاتها العامة.
قانون القيمة الضريبية المضافة
واعترض العديد من المواطنين على قانون القيمة الضريبية المضافة، حيث اعتبروه بمثابة أسلوب جديد من أساليب الحكومة الحالية لفرض الجباية على الشعب المصري، كما أن ذلك القانون فرض ضريبة على التعليم الذى هو المحور الأساسي لنهوض أية دولة.
قانون الضريبة العقارية
قوبلت التعديلات التشريعية الجديدة الخاصة بقانون "الضريبة العقارية"، باستياء كبير بين المختصين، لأنه لم يأخذ بالملاحظات التي اقترحها قسم التشريع بمجلس الدولة على مشروع القانون خلال مراجعته في عام 2015.
قوبل أيضًا هذا القانون بالرفض، حيث يعفي القانون من الضريبة "أندية وفنادق القوات المسلحة ودور الأسلحة والمجمعات والمراكز الطبية والمستشفيات والعيادات العسكرية والعقارات المبنية في نطاقها وغيرها من الوحدات التي يصدر بتحديدها قرار من وزير الدفاع بالاتفاق مع الوزير المختص، وفي جميع الأحوال لا تخضع أي من هذه الجهات لأعمال لجان الحصر والتقدير وفقًا لما تقتضيه اعتبارات شئون الدفاع ومتطلبات الأمن القومي"، بعدما كان القسم قد اعترض على إعفائها، لكن البرلمان وافق على هذا القانون.
فالموافقة على القوانين التي تخدم الدولة دون المواطنين هو ما حذر منه الخبراء، مؤكدين أن البرلمان أصبح أداة في يد الدولة.
ينحرف في استعمال السلطة التشريعية
يقول الدكتور شوقى السيد، الخبير القانونى، لـ"العربية نيوز"، إن مجلس النواب ينحرف في استعمال السلطة التشريعية، موضحًا أن البرلمان يصدر قوانين ضد إرادة الشعب، ويخالف مهامه المنوط بها، من مراقبة للحكومة وتمثيله للشعب.
وأضاف "السيد"، أن عدم رضا أغلبية الشعب عن القوانين التي يشرعها أعضاء مجلس النواب تؤثر على الرأي العام في تقديره للبرلمان، ويجعله "غير دستوري"، بالإضافة إلى أنه يفقد المصداقية.
وأوضح الخبير القانوني، أن أحد أعلام الفقه والقانون، الدكتور عبد الفتاح السنهوري، أكد عام 1951 أن التشريعات التي تصدر من قبل مجلس النواب ولم تكن في مصلحة المواطنين أو كانت في مصلحة فئة معينة، يصبح المجلس "منحرفًا في استمعال السلطو التشريعية".
بعض تشريعات البرلمان تدل على أنه أداة في يد الحكومة
وأكد الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، لـ"العربية ينوز"، أن بعض القوانين التي يصدق عليها البرلمان، تؤكد أن البرلمان أداة في يد الحكومة، إضافة إلى أنه ليس سلطة تشريعية مستقلة، ويمارس عمله باعتبار أن الأغلبية فيه منحازة إلى الطبقة الغنية.
وأضاف "نافعة"، أن من خلال فحص كل من قانون "القيمة الضريبية المضافة، الخدمة المدنية، والضريبة العقارية" والتعرف عليهم نجد أن الحكومة منحازة في سياستها لطبقة الأغنياء والشرائح العليا من الطبقة المتوسطة، فضلًا عن أن الطبقات الأكثر فقرًا هي التي ستتحمل الإصلاح الاقتصادي.
وأوضح أستاذ العلوم السياسية، أن كل هذا يؤدي من الناحية الأيدلوجية والعقائدية، إلى تصدي التيارات المطالبة بالعدالة الاجتماعية والمنحازة للطبقة الفقيرة لهذه القوانين، مؤكدًا أن تحرك الطبقات المتضررة من قوانين مجلس النواب، يتوقف على المناخ السياسي القائم بالدولة.
الرفض الشعبي بلا جدوى
بينما قال الدكتور كريم عبدالرازق، أستاذ العلوم السياسية، لـ"العربية ينوز"، إن هناك رفضًا شعبيًا محدودًا تجاه بعض القوانين التي أصدرها البرلمان، مشيرًا إلى أن انتخابات مجلس النواب المقبلة هى الترمومتر لمدى رضا الشعب عن أعضائه.
وأضاف عبدالرازق، أن هناك بعض القوانين التي أُثير الجدل حولها بلا جدوى، موضحًا أن كانت هناك مصالح تحرك بعض الفئات حول تعطيل قانون الخدمة المدنية، لافتًا إلى عدم وجود أية خلاف حول القانون الآن بعد انتهاء من تشريعه.
وأوضح أستاذ العلوم السياسية، أن الاعتراض على قانون القيمة الضريبية المضافة كان يرجع إلى الخلاف حول بعض السلع المعفاة والأخرى التي ستطبق عليها القيمة المضافة، فضلًا عن تحديد سعر الضريبة، مؤكدًا أن تضخم الأسعار سيأتي نتيجة جشع التجار وغياب الرقابة على الأسواق.