عاجل
الخميس 19 ديسمبر 2024
رئيس مجلس الادارة
رجب رزق
رئيس التحرير
سامي خليفة
الرئيسية القائمة البحث

بلفور يعود من جديد


لم أتعجب من عضو مجلس محلي محافظة الدقهلية من 2003 إلى 2011 من القرارات التي يتخذها حين اصبح وزيرا للتربية والتعليم فى جمهورية مصر العربية فهو ربيب الحزب الوطنى المنحل بفعل ثورة الشعب في يناير 2011 وربيب مدرسة التاْييد المطلق لكل من يجلس على سدة الحكم هكذا تربى وتعلم أعضاء حزب الفساد الذي جرف حياة الشعب المصري سياسيًا واقتصاديًا واسقطه اجتماعيًا بفعل الفساد والتبعية والتربية الانتهازية الفجة التي ما زال الشعب المصرى يعانى ويلاتها ويجني ثمارها المرة مرارة العلقم حتى هذه اللحظة حيث بقوا كما هم بل تبادلوا المواقع ليبقوا جاثمين على صدورنا.

إننا أمام نموذج فج وواضح لهؤلاء انه الدكتور الهلالي الشربيني، وزير التربية والتعليم الحالي، المدرس الذي تعاطى الدروس الخصوصية لطلاب التعليم التجارى فى بداية حياته العملية في قرية بساط النصارى التابعة لمركز طلخا بمحافظة الدقهلية والآن وقد أصبح وزيرا للتربية والتعليم نجد يتخذ مجموعة من القرارات أبسط ما توصف به تلك القرارات انها عبثية بعيدة كل البعد عن الواقعية والعلمية أو الدراية القانونية أو القراءة المجتمعية، ولناخذ مثالا لهذه العبثية التي أصبحت هي الحاكمة لوزارة التربية والتعليم في ظل توليه للوزارة.

أول تلك القرارات هو القرار الخاص بإلغاء الدروس الخصوصية وفي الحقيقة نحن مع إلغاء الدروس الخصوصية ولكن أيضًا نحن ضد التعامل مع ظاهرة تراكمت وأصبح لها نتائج سلبية مؤثرة على التعليم والاقتصاد في المجتمع المصري على أنها مشكلة طارئة تحل بقرار يصدره الوزير، وإن كان الوزير يعلم ذلك فتلك مصيبة وإن كلا لا يعلم فالمصيبة أعظم.

فلو أن السيد وزير التربية والتعليم يدرك أنها ظاهرة أي تحتاج إلى دراسة مجتمعية تحتاج إلى خبراء في الاقتصاد وعلم الاجتماع بالإضافة إلى أطراف العملية التعليمية من معلمين وطلاب وأولياء امور واعلاميين متخصصين وخبراء تربويين ولم يتعامل معها بهذا الشكل، وهو بالفعل لم يتعامل معها كظاهرة بدليل قراره الذي أصدره بإلغاء مراكز الدروس الخصوصية...لكن فى الحقيقة تكشفت امام الراى العام مايخفيه السيد الوزير من وراء ذلك القرار من خلال ما طرحه من حلول بديلة أو ما يسميه بمجموعات التقوية المدرسية وهنا يتضح لنا أن كل ما يريده الوزير هو فقط مقاسمة الوزارة لما يتربحه متعاطي التعليم الأسود المعروف بالدروس الخصوصية بصرف النظر عن خطورة تلك الظاهرة وأثرها المدمر على المدرسة كمؤسسة تربوية وتعليمية.

ثم يأتي الإجراء الثانى لهذا الوزير ليؤكد على تحليلنا للقرار الاول وهو ماطرحه من مبادرة أطلق عليها (مبادرة الاستثمار في التعليم) وهو محاولة جديدة لخصخصة التعليم المصري واجحاف حق الفقراء فى تعليم مجانى جيد حيث يطرح الوزير فى مبادرته منح رجال الأعمال او المستثمرين 25% من الأراضي المملوكة للدولة أي (للشعب) والمخصصة لبناء مدارس حكومية مجانية يمنحها لهؤلاء بحق الانتفاع لمدة (3 سنة قد تزيد إلى 40 سنة وتنشأ كمدارس خاصة بمصروفات لا يقدر عليها الفقراء من أبناء الشعب مما يعنى حرمانهم عمدا من حق أصيل من حقوق المواطنة ألا وهو التعليم.. ثم يخرج علينا هذا الوزير فى تصريحات ينفى أن ما يطرحه ليس بخصخصة وكاننا لا نعرف ولم نقرا شيئا عن الخصخصة نوأواعها وآثارها الكارثية على البسطاء والفقراء...... إنه يعطى ما لا يملك... لمن لا يستحق.

ثم ياتى القرار الثالث ليؤكد ماقلناه سابقا من رغبة الوزير فى الحرص على ارضاء قيادته السياسية خاصة رئيس الوزراء بصرف النظر عن سلبية وتناقض تلك القرارت وعدم عدالتها بل يمكن ان اطلق عليها قرارات طبقية تمييزية تحدث حالة صراع اجتماعى تساهم فى تفجير المجتمع فى النهاية.. فقد أصدر الوزير قرارًا بعودة أعمال السنة والتقويم الشامل لصفوف النقل فى التعليم الابتدائي والإعدادي بنسبة 60% و40% أنشطة وإلغاء امتحان (الميدتيرم)... وكما قلت فان عدم الدراسة المسبقة لأي قرار هي السمة الغالبة على مايتخذه هذا الوزير من قرارات.. ببساطة فإن هذا القرار هو تشجيع غير مباشر للدروس الخصوصية فى حالة عدم القضاء على الدروس الخصوصية بشكل نهائي أو شبه نهائي لأن نجاح الطالب أو رسوبه سيتوقف ما سيضعه المعلم لهذا الطالب من درجات.

هنا نكتشف ما خفي من نوايا وراء هذا القرار.. فالمزيد من الدروس الخصوصية يعنى مزيد من الضرائب التى يدفعها اصحاب مراكز هذا التعليم الأسود وبالتالي إكسابهم شرعية واعتراف غير مباشر من الدولة بهم مقابل استمراهم فى دفع الضرائب وفق ملفاتهم المفتوحة.. وفي نفس الوقت إحداث تراكم وتاكيد على اهمية التعليم الخاصة فى فكرة وثقافة أولياء الأمور بعدم فشل المدرسة الحكومية فى ان تكون بيئة تعليم جاذبة.. وبشكل متوازى يتم بناء المدارس الخاصة من المستثمرين على أراضي الدولة منحة وهبة بلا ثمن ولا مقابل ليفرض أمر واقع على المجتمع كما فعلوا مسبقا حين بدأوا سياسات الخصخصة في التعليم بإنشاء التجريبيات للغات ثم التجريبيات الرسمية أو العربية بمصروفات والآن يبدأ التنازل لرجال المال عن أراضي الدولة لإنشاء مدارس خاصة.

أنا لا أتعجب من هذا الوزير ومايفعله.. ولا أتعجب من رئيس الوزاراء وتأييده للوزير وقراراته التي اعتبرها معادية للأغلبية.. لأننا لو ألقينا نظرة إلى الخلف لوجدنا بالفعل.. أن كل إناء ينضح بما فيه.. وليذهب الفقراء إلى حيث يريد حلفاء رأس المال واتباعه.