"التعويم المدار" ورقة الحكومة الجديدة يا تصيب يا "نضيع".. هل تنجح سياسة العرض والطلب مع توجيه البنك المركزي في مصر؟.."رشاد عبده": الدلائل توحي بالفشل.."عامر": خطوة جيدة.."لطفي":"أفضل"الحلول
كثر الحديث عن "التعويم المدار" باعتباره حلا للوضع الاقتصادى الحالى، لاسيما أنه نجح عام 2003 عندما طبقته الحكومة المصرية برئاسة عاطف عبيد، حيث سمح البنك المركزى للجنيه بالتحرك، لكنه استمر فى ضخ الدولارات فى النظام المصرفى للحفاظ على السيطرة على قيمته.
ومع استمرار نقص العملة الصعبة فى مصر، وارتفاع عجز الحساب الجاري، واتجاه الدولة لتخفيض عملتها مرة أخرى لتشجيع الاستثمارات والحصول على قرض صندوق النقد الدولى، هل ينجح التعويم المدار في مصر؟
كل الدلائل تؤدي إلى "الفشل"
في البداية يقول الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادي ورئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية، في تصريح خاص لـ"العربية نيوز"، إن "الفارق بين تعويم سعر الجنيه والتعويم المدار له، والذي انتشر كثيرًا مؤخرًا على الأروقة كحل للوضع الاقتصادي الحالي، هو أن تعويم سعر الجنيه يعني ترك سعر العملة يتحدد وفقًا للعرض والطلب دون تدخل من أي جهة".
وأوضح "عبده"، أن تعويم الجنيه أمر يستحيل تطبيقه الآن بأي حال من الأحوال، فالسوق المصرية الآن بعيد كل البعد عن العرض والطلب، حيث ارتفاع سعر الدولار، الذي يعقبه ارتفاع في قيمة السلع، فيكون قيمة المعروض حسب طلب المستهلك، بعيد كل البعد عن إمكاناته المترتبة على انخفاض ما يحصل عليه من مرتبات.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن الفارق بين التعويم المدار الحر والتعويم العادي، أنه يدار من قبل البنك المركزي، وهو أسلوب يتبع عند ارتفاع سعر الدولار بشدة، فتخفف الدولة من سعر الجنيه في مقابل أن تضخ كمية من الدولارات التي تشتريها في البنك المركزي، موفرة بذلك ما يحفظ التوازن للمستوردين أن يحصلوا على دولارات اللازمة لسوق الاستيراد.
وتابع "عبده"، أن نجاح سياسة التعويم المدار في حقبة عاطف صدقي أو عاطف عبيد أمر لا يفرض نجاحها في الوقت الحالي، موضحًا أن عاطف صدقي وقتها قام بضخ كمية كبيرة من الدولارات إلى جانب خفض قيمة الجنيه، مما وفر سيولة كبيرة للشركات المستوردة كافية بإحداث التوازن.
واختتم الخبير الاقتصادي بأنه لا يتوقع نجاح تلك السياسة حاليًا لأن شروطها غير منطبقة على الوضع الاقتصادي بمصر، فالأموال بالبنوك غير كافية لتوفير الاحتياجات مما يفتح المجال للسوق السوداء التي مهما حاربتها الدولة، يزداد الأمر سوءًا.
البنك المركزي يقف حائلًا بين المهمشين وشركات الاحتكار
ومن جانبه، قال الدكتور عادل عامر، الخبير الاقتصادي ومدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية، لـ"العربية نيوز"، إنه يجب التفرقة بين التعويم العادي والمدار، فالتعويم بوجه عام هو إحدى الصور التي تم طرحها وقت وزارات عاطف صدقي أثناء تحول مصر من الوضع الاشتراكي للرأسمالي، وهو أمر لا يمكن تصوره الآن، حيث إن سوق العرض والطلب تُقصي المهمشين بمصر وتجور على حقوقهم.
وأضاف "عامر": "أن التعويم المدار هو القاعدة الأنجح والواجب توافرها الآن، حيث إن تدخل الدولة من خلال البنك المركزي يقف حائلًا بين تنافس شركات الاحتكار وطبقات المهمشين من الشعب، فالتوازن بين القطاع العام والخاص دائمًا هو وجه الدولة القوية".
وأوضح الخبير الاقتصادي، أن التعويم الموجه من خلال التدخل المباشر من البنك المركزي، وتوفير كم من الدولارات يحفظ للسوق رواجه من العرض والطلب أمام تعويم قيمة الجنيه هو السبيل الحالي لتوازن حركة البيع والشراء والاستهلاك في مصر.
التعويم المدار للجنيه
المصري "أفضل الحلول"
وفي سياق مضاد قال المهندس عبدالمعطي لطفي، أمين عام
اتحاد الجمعيات للتنمية الاقتصادية، في تصريح خاص لـ"العربية نيوز"، إن
سياسة اتباع التعويم المدار لسعر الجنيه، أفضل الحلول التي يكمن اللجوء إليها من
قبل البنك المركزي لتحريك قيمة الجنيه المصري، موضحًا أن تلك السياسة تتيح للمركزي
التحرك بشكل تدريجي في حدود معينة وبنسب محددة، بحيث لا يؤدي ذلك إلى زيادة معدل
التضخم ولا ينعكس سلبًا على أسعار السلع والخدمات في السوق المصري.
وأضاف أمين عام اتحاد الجمعيات للتنمية الاقتصادية،
أن العديد من الدول قد لجأت من قبل لتخفيض أسعار عملاتها لمواجهة ارتفاع أسعار
المنتجات، ومن ثم زيادة التصدير، موضحًا أننا في أمس الحاجة لتلك السياسة الآن،
والتي اتبعها من قبل الدكتور عاطف عبيد عام 2003، فسمح البنك المركزي للجنيه بالتحرك،
مع الاستمرار في ضخ الدولارات في النظام المصرفي للحفاظ على السيطرة على قيمته.