من يوقف هجوم الثقافة على الأزهر؟.. "النمنم": توغل التعليم الأزهري سبب العنف.. "عصفور": الحجاب ليس فريضة وأطالب بحذف آيات الجهاد.. أستاذ فقه مقارن: منهجنا وسطي.. وآخر: يريدون تدمير أعرق مؤسسة
التصريحات الأخيرة للدكتور حلمي النمنم وزير الثقافة، كشفت عن أوجه الصراع الدائر بين مؤسسة الأزهر الشريف، ووزراء الثقافة المتعاقبين، خاصة حول بعض القضايا التي تثير جدلا واسعا بين الفرقاء.
"العربية نيوز" يبرز في التقرير التالي أبرز تصريحات وزراء الثقافة التي أغضبت الأزهر وردود الأفعال عليها.
المناهج الأزهرية سبب انتشار العنف
علمانية حلمي النمنم، وزير الثفافة الحالي، كانت سببًا في شن هجوم على الأزهر حيث أكد أن المجتمع المصري يجب أن يتحلى بالشجاعة ومواجهة ظاهرة العنف، لأنه يعاني من قصور بكافة النواحي الثقافية والتعليمية، وذلك يرجع لعدة أسباب منها توغل التعليم الأزهري في مصر، لأنه يشكل نسبة كبيرة في مصر، وهو أمر لا بد من إعادة النظر فيه، وكذلك إعادة النظر في المناهج الدينية التي تدرس في المعاهد الأزهرية، ولم يتوقف عند هذه الحد فقال إن التعليم الأزهري هو سبب انتشار العنف في المجتمع.
حذف آيات الجهاد من التعليم الأزهري
لم يكن حلمي النمنم الوزير الوحيد الذي هاجم الأزهر، فسبقه جابر عصفور في الهجوم على الأزهر فى السنوات السابقة من خلال تصريحاته النارية، فقال أن "الحجاب" ليس فريضة، وأنه عادة، وليس بعبادة، وأنه مستعد لتقديم الحجج التي تدعم هذا الرأى، كما أنه اتهم شيخ الأزهر بتوجيه إشارات سلبية ضد الشيعة فهو سبب في التفرقة بين السنة والشيعة، لكن من وجهة نظر هذه صراعات سياسية.
وفي هجوم آخر من وزير الثقافة السابق جابر عصفور اتهم الأزهر أنه معارض لفكرة تجديد الخطاب الديني، مؤكدًا أن المناهج الأزهرية يغلب عليها العقلية القديمة أي تقدس كل ما هو قديم، مطالبا بحذف بعض الآيات من مناهج الأزهر التي تدعو على الجهاد.
الحجاب صراع الأزهر مع فاروق حسني
يعتبر فاروق حسنى من اكثر الوزاراء الذين استمروا في قيادتهم لوزارة الثقافة فتواجد بها ما يقرب من 23 عامًا لكنه خلال هذه الفتره لم يشتبك مع الأزهر إلا مره واحدة عندما قال إن الحجاب هو عودة إلى الوراء والجهل.
فكل فترة تتجدد الصراعات بين الأزهر ووزراء الثقافة كان آخرها ما قاله حلمي النمنم وزير الثقافة الحالي ليفتح النار عليه دون توقف.
نرفض إهانة "النمنم" ومنهج الأزهر وسطي
فيقول الدكتور أحمد خليفة شرقاوي، أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بطنطا، لـ"العربية نيوز" إن كل متحدث بحق الأزهر هو بعيد عن تعاليمه ودراسته وغير مدرك بالمنهاهج المدرسه فيه المعتمدة والمعتدلة والتى تتخذ الوسطية منهجًا، مضيفا أن كل ما يحدث في العالم الإسلامي دائمًا منبعه السياسة.
وأوضح أستاذ الفقه المقارن، أن الأزهر لا يهاجم وزارة الثقافة، ويرفض إهانة وزيرها حلمي النمنم، لكن مهمة الأزهر هى ارشادية وتعليمة ومواجهة الأفكار الشاذة الخارجة عن واقع وتعاليم الدين الإسلامي وهذه الأفكار تجد من يستمع إليها أو من يرفضها.
وأكد شرقاوي، أن ما يقوله الأزهر دائما على منطلق علمى أكاديمى بيانى وأن الأزهر دائمًا في استعداد لتلقي الحجج التي يعرضها المتضررين مما قاله الأزهر، مشيرًا إلى أن الثقافة يجب أن تكون نابعة من حياة الناس والتقاليد والعادات التي يعيشها المواطن المصرى.
الكثير يرُيد تدمير أعرق مؤسسة
وأكد الدكتور صلاح العادلي، أستاذ الفلسفة والعقيدة بكلية الدراسات الإسلامية والعربية، أن تصريحات وزاراء الثقافة والتى تهاجم مؤسسة الازهر الشريف أمر فى غاية الخطورة ويمكن أن تسبب مشاكل اجتماعية كبيرة، فمهاجمة المؤسسات الدينية سيساعد على انتشار الفكر المتطرف والمتشدد نظرا للهجوم على الرموز الدينية، مضيفًا أن الكثير يريد تدمير اعرق مؤسسة في مصر.
وأضاف أستاذ الفلسفة والعقيدة، لـ"العربية نيوز" أن هناك كثير من أعداء الوطن يريدون هدم مؤسسة الازهر، ونزع القيم الدينية من المجتمع، لافتًا إلى أن الأزهر هو أكبر مؤسسة إسلامية فى التاريخ، والمسئول عن نشر الدين الوسطي بعيدًا عن أي غلو أو تطرف، فكيف يكون الأزهر هو المسئول عن التطرف في وسط الأعمال التي يكوم بها شيخ الأزهر من زيارات خارجية وقوافل دعوية وطبية من أجل تصحيح الأفكار والمفاهيم المغلوطة عن الدين الإسلامي.
التعليم الأزهري صمام الأمان
واستنكر الدكتور محي الدين عفيفي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، تصريحات حلمي النمنم وزير الثقافة بشأن التعليم الأزهري، والتي زعم فيها أن توغل التعليم الأزهري أدى للعنف ولابد من إعادة النظر فيه.
وأضاف عفيفي، أن روح الإنصاف تقضي أن يذكر وزير الثقافة أن من أسباب انتشار العنف الديني في مصر هو تراجع بل غياب دور الثقافة في مناطق مهمة في مصر، لعل من أبرزها: المحافظات الحدودية كمطروح والمدن التابعة لتلك المحافظة، وفي حلايب وشلاتين وأبورماد وعدد كبير من مدن وقرى الصعيد، كما أنه من حق كل مواطن أن يسأل أين دور وزارة الثقافة في تلك المناطق، وما مظاهر نشاط الوزارة في ملف "العنف الديني"؟.
وألمح عفيفي إلى أن الخلفية العلمية التي تنطلق منها هذه الجهود تنبع من روح التعليم الأزهري الذي يرفض العنف ويواجه الفكر المتطرف من خلال المناهج العلمية التي ترسخ للتعددية الدينية والمذهبية الفكرية التي نهل من معينها أساطين الفكر ممن درسوا في الأزهر الشريف ونشروا علومه في الداخل والخارج؛ مما أكسب هذه المؤسسة ثقة العالم أجمع، مشيرًا إلى أننا لسنا بحاجة إلى سرد جهود الأزهر الشريف في هذا المجال، ولكن أين المؤسسة التي تصدت لمواجهة تيارات الغلو والتطرف ومن حاولوا استخدام الدين لخدمة الأغراض السياسية ؟!!؛ فالأزهر كان بمثابة رأس الحربة في هذا المضمار.
وقال الأمين العام إن مناهج الأزهر هي صمام الأمان لمصر والعالم أجمع والتاريخ خير شاهد على ذلك وإلا فما تفسير إقبال دول العالم على الأزهر الشريف والوفود التي تأتي من مختلف الأقطار إلى مشيخة الأزهر وتطلب من الإمام الأكبر شيخ الأزهر دعمًا أزهريا لمواجهة العنف والتطرف.
واستطرد: "أن انزعاج وزير الثقافة من مساحة التعليم الأزهري انزعاج في غير محله؛ فكان الأحرى به أن يذكر أن الأزهر هو الذي حمى مصر من العنف وهو الذي يواجه تياراته والدليل على ذلك موقف الأزهريين الرافض للعنف والإرهاب على مر التاريخ، لافتًا إلى أن التعليم الأزهري وقف ويقف في مواجهة الفكر الأحادي الذي لا يعترف بالتعددية وتجلياتها العقدية والمذهبية والفكرية، لأن الأزهر الشريف بتعليمه الوسطي يواجه الفكر المتشدد والمدعوم بالتدفقات المالية التي تحاول الهيمنة على وسطية الأزهر؛ فلولا التعليم الأزهري لتلاشت روح الوسطية والاعتدال والتعايش السلمي واحترام الآخر.