33 عامًا مرت على وفاة محمد نجيب.. الرئيس الذي تجاهله التاريخ
اللواء أركان حرب محمد نجيب، ضابط من الضباط الأحرار، وقائد ثورة 23 يوليو، وأول رئيس جمهوري يحكم مصر، الرئيس الراحل محمد نجيب رجل تجاهلة التاريخ وتجاهلته أفلام السينما وعروض المسرح التي تتغنى ليلًا ونهارًا بثورة 23 يوليو، ونُبل الظباط الأحرار، فاليوم هو ذكرى الـ33 لرحيل القائد والرئيس محمد نجيب حيث توفي في الـ28 أغسطس عام 1984.
نشأته وحياته
ولد الرئيس الراحل محمد يوسف نجيب في كنف عائلة عسكرية لأب مصري وأم مصرية، بساقية أبوالعلا بالخرطوم، فوالده التحق بالكلية الحربية وشارك في حملات استرجاع السودان 1898، وتزوج من السيدة "زهرة عثمان" إبنة الأميرالاي محمد عثمان، وهو ظابط مصري عاش في السودان واستشهد في أرضها، أثناء مشاركته في صفوف الجيش ضد الثورة المهدية، وأنجب منها 6 بنات وثلاثة رجال، محمد وعلي ومحمود نجيب.
كان محمد نجيب تاريخ ميلاده مجهولا فحدده الجيش ليكون 19 فبراير 1901، ولكنه ذكر في مذكراته أن أحد أقربائه أعلمه إنه ولد يوم 7 يوليو 1902.
عاش محمد نجيب في السودان، في مدينة ود مدنى، حفظ في القرآن وانتهى من مرحلته الابتدائية في مدينة وادي حلفا، ويُتم نجيب لأبوه في عمر 13 ومن ثم التحق بكلية الجوردن.
وفي مطلع عام 1917 إلتحق محمد نجيب بالكلية العربية، وبدأ حياته كظابط في الجيش المصري بالكتيبة 17 مشاه، أراد المشاركة في ثورة 19، لكن قواعد الجيش منعته من ذلك، ودخل مدرسة البوليس لمدة شهرين وخدم في قسم عابدين ومصر القديمة وبولاق وحلوان.
وفي أواخر أبريل إنتقل للحرس الملكي، ومن ثم إلى الفرقة الثامنة بالمعادي بسبب تأييدة للثوار السودانيين، كان محمد نجيب أول ظابط مصري يحصل على ليسانس حقوق ورقي إلى رتبة لازم أول عام 1924.
حرب 48
وحصل محمد نجيب على "نجمة فؤاد العسكرية" وعلى لقب البكوية، وذلك تقديرا لبسالته في حرب 48 شارك في حرب 48 برتبة عميد، ويقال إنه أصيب في هذه الحرب 7 مرات، وكانت أخطرها في معركة"التبة 86" في ديسمبر 48، حيث نفذت رصاصة بجوار قلبه ونقل إلى المسشفى بعدها، وظنوا الظباط المرافقين إنه استشهد.
حركة الظباط الأحرار وانتخابات نادي الضباط
بينما كان ينظم جمال عبدالناصر تنظيم الظباط الأحرار كان محمد نجيب بعد رجوعه من حرب فلسطين يعرض على عبدالحكيم عامر سخطة من القيادات المصرية وأن الحرب يجب أن تكون من الداخل، فعرض عبدالحكيم عامر أفكاره لجمال عبدالناصر وما لبث إلا أن وقع علية الإختيار يكون بذلك قائد تنظيم الظباط الأحرار، وكان لابد من خطة للإطاحة بالملك وخططوا لثورة 23 يوليو التي كانت مقدرة ألا تحدث قبل عام 1955، ولكن إنتخابات نادي الضباط كان أول مسمار يدق في عرش الملك، صوت الشعب بأغلبية ساحقة بإنتخاب محمد نجيب رئيسا لنادي الظباط أمام حسين سري عامر مرشح الملك، وبعد إعلان النتيجة قرر الملك حل مجلس إدارة النادي.
ثورة 23 يوليو
توالت على مصر الأحداث التي أدت إلى خروج الثورة أو انقلاب الجيش قبل معادها، حادثة حريق القاهرة في يناير، ومن ثم حادثة الإسماعلية بعدها بليلة، التي راح ضحيتها 40 فردًا من البوليس السياسي إثر مطالبة قوات الإنجليز بتسليم مقراتهم وأسلحتهم وقوبل طلبهم بالرفض والإشتباك.
وفي 18 يوليو لعام 1952، استدعى محمد هاشم وزير الداخلية محمد نجيب وعرض عليه منصب وزير الحربية، ولكنه رفض، وأفضى إليه وزير الداخلية بأن هناك 13 اسم لضباط في الجيش قد شكلوا تنظيما سريًا، وتعرفت السرايا الملكية على 8 أفراد منهم، ما أدى إلى اجتماع عاجل لتنظيم الظباط الأحرار للإسراع في تنفيذ الخطة، وقد كان إنقلاب 23 يوليو 1952.
محمد نجيب رئيس الجمهورية
شغل محمد نجيب منصب رئيس مجلس الوزراء، وبالرغم من المشاكل التي تعرض لها تنظيم الظباط الأحرار وانقسامات وخلافات داخل الجيش بعد الثورة، إلا أن مجلس قيادة الثورة اكتسب القوة والجماهيرية، ومع عدم وجود معارضة قوية في ذلك الوقت، فقد أعلنوا في 18 من يونيو لعام 53 إلغاء الملكية وقيام الجمهورية برئاسة محمد نجيب.
سنة ونصف هي مدة حكم محمد نجيب لعرش مصر، اصطدم فيها مع جمال عبدالناصر الذي أراد أن يتعدى على نظام الأقدمية المتبع في الجيش ليعين صديقة عبدالحكيم عامر قائدا للقوات المسلحة.
وفي نوفمبر 1954، ذهب محمد نجيب إلى مكتبه بقصر عابدين، لاحظ عدم أداء ظباط البوليس التحية العسكرية وعند دخوله القصر فوجئ بالصاغ حسين عرفة من البوليس الحربي ومعه ضابطان و10 جنود يحملون الرشاشات يحيطون به، فتحدث بعدها إلى جمال عبدالناصر ليشرح له الموقف فبعث إليه بعبدالحكيم عامر الذي أخبرة أن مجلس قيادة الثورة أقاله وتحددت إقامته في فيلا زينب الوكيل لمدة 30 عاما.
وجاءه عبد الحكيم عامر وقال له في خجل "إن مجلس قيادة الثورة قرر إعفاءكم من منصب رئاسة الجمهورية" فرد عليهم "أنا لا أستقيل الآن لأني بذلك سأصبح مسئولا عن ضياع السودان أما إذا كان الأمر إقالة فمرحبا".
وأقسم اللواء عبدالحكيم عامر أن إقامته في فيلا زينب الوكيل لن تزيد عن بضعة أيام ليعود بعدها إلى بيته، لكنه لم يخرج من الفيلا طوال 30 عامًا، ومن ثم أفرج عنه في عهد السادات عام 1971 وتوفي 1984.