عامان على رحيل "أحمد سيف الإسلام".. محامي الغلابة وظهير الحق
هناك عدة مصاعب تواجه الثورة لتحقيق أهدافها، ومن يرى أنه مجرد بداية ونقطة انطلاق الجدل بين السقف والأرضية، الفريق الأول، عواجيز زي حالتي، يكونون أميل لقبول حلول وسط فما حدث في أرض الواقع يفوق أكثر أحلامهم جنوحًا، تلك هي أبرز مقولات المحامي الراحل أحمد سيف الإسلام.
في أغسطس 2014 قبل انتهائه بأربعة أيام، ارتقى روح نصير ثورة يناير 25، وأحد القلة المؤمنين بها من العجزة على حد قوله، صوت الغلابة وسيفهم، أحمد سيف عبدالفتاح، بعد دخوله في غيبوبة عقب إجراء عملية قلب مفتوح، بمستشفى المنيل الجامعي، سار نعشه فوق الأكتاف وشيعت جنازته من مسجد صلاح الدين إلى حيث دُفن، يوم 27 أغسطس 2014.
صوت الحق يبقى صداه باقيا في أروقة المحاكم يقلق مضاجع الظالمين، مات سيف قبل أن يرى أبنائه المعتقلين مات سيف ولم يمت نضاله في وجه فاشية النظام وأعوانه، مات أحمد سيف ولم يمت الحق.
نشأته
ولد أحمد سيف عبدالفتاح بحوش عيسى في البحيرة، تخرج في كلية سياسة واقتصاد عام 1977، وحصل على ليسانس حقوق من جامعة القاهرة، ورب لأسرة لطالما كانت شوكة في حلق كل نظام، تزوج من الدكتورة ليلى سويف، وأنجبت منه ثلاثة أبناء، علاء ومنى وسناء.
سجين السادات ومبارك
اعتقل سيف 4 مرات، كان أول اعتقال له عام 1972، أثناء مشاركته في مظاهرات خرجت تطالب بتحرير سيناء، وبعدها بسنة اعتقل بسبب مشاركته في احتجاجات ضد السادات لتأخر قرار الحرب على جيش الاحتلال وبعد 8 شهور أفرج عنه ورفاقه قبل الحرب بثلاث أيام.
وفي عهد المخلوع حسني مبارك، ألقي بسيف في غياهب سجن القلعة سنة 1983، قضى من عمره 5 سنوات ومعه 16 شخصا، أفرج عن 11 وبقي سيف وأربعة آخرون، وذلك في أتون جنون زوار الفجر والقبض بموجب قانون الطوارئ إثر اتهامه ومن معه بالانتماء إلى تنظيم يساري، وصف المحامي أحمد سيف هذه الفترة بأنها أبشع مرات اعتقالة، تعرض فيها للضرب بالعصى والتعذيب بالكهرباء وكسرت قدمه وذراعه، وتقدم وقتها ببلاغ للتحقيق في هذه الواقعة، ولكن لم يحقق أحد فيها، وفي هذة الأثناء زُفت إليه زوجته قدوم مني إلى الحياة، وآخر اعتقال له كان سنة 2011 يوم الأربعاء، إثر موقعة الجمل، حيث قبض عليه مع زملاء صحفيين بعد اقتحام قوات الأمن لمركز هشام مبارك، وقال سيف لهم: "لقد أصابتكم هيستيريا، نظام مبارك ينهار، أيام وقد تكون ساعات وستضطرون للإفراج عنا ومن الجائز أن نعتقلكم نحن"، وبالفعل أفرج عنه بعد يومين.
نضال سيف الحق
خرج المحامي من تجربة الخمس سنوات وهو مناضلا، مناهضا للنظام، واقفا في صف حقوق الإنسان ومحام متهمين قضايا الرأي من خلال مركز"هشام بركات"، كان من فريق المحامين اللذين شاركوا في العديد من القضايا لاستجلاب حقوق المغلوب على أمرهم من بين أسنان النظام ولعل أشهرها في 2008 تبنى الدفاع مع فريق من المحامين عن 49 عاملًا شاركوا في الحراك العمالي بالمحلة ضد شركة الغزل والنسيج في 6 أبريل، وذلك أمام محكمة أمن الدولة العليا.
"عاونوني لأنجز المهمة، لتكونوا صوت الضمير يوقظني من غفلتي، وقوموني بالسيف إذا استدعت الضرورة، قد أكون حالمًا، لِم لا.. ألم تكن ثورتنا حلم بعيد المنال"، لأبرز أقوال سيف الاسلام.
عقب ثورة 25 يناير، قبل سيف عضوية المجلس القومي لحقوق الإنسان، ولكنه أعلن استقالته رفضا للاستفتاء الدستور، وأكد أن الاستمرار في المجلس القومي أصبح مستحيلا لتحسين أوضاع حقوق الإنسان، ولكنه ظل مدافعًا عن حقوق الغلابة، حتى مماته.