عاجل
السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الادارة
رجب رزق
رئيس التحرير
سامي خليفة
الرئيسية القائمة البحث

ماذا يقرأ السيسي؟.. "شخصية مصر" كتابه المفضل.. المؤرخ جمال حمدان وصف الحياة النيابية للمحروسة بالواجهة الشكلية.. ويرى المعارضة السياسية "ديكور للديكتاتور"

الرئيس عبدالفتاح
الرئيس عبدالفتاح السيسي

أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي أنه يعود من حين لآخر، كما قال لرؤساء تحرير الصحف الحكومية، لقراءة كتاب "شخصية مصر" للمفكر العظيم جمال حمدان، فيبقى فيه حلٌّ واضح أمامنا وجلي جدًّا؛ ومن هنا نريد فقط أن نبحر معه إلى بعض مما قرأ، حيث إن جمال حمدان في "شخصية مصر" يؤكد العديد من المشكلات التي تشهدها مصر في العصر الحالي موضحًا أسبابها وهنا يجب أن ننوه إلى ما ذكره حمدان لنعلم ما الذي قرأه الرئيس بالضبط؟!.

"شخصية مصر"

يعتبر شخصية مصر من أهم الكتب التي كتبت ودرست جغرافية مصر بأنواعها وقد قرر هذا الكتاب على طلبة الجغرافيا في مصر كلها وذلك لما لهذا الكتاب من أهمية وما فيه من معلومات عظيمة وقد سماه شخصية مصر لما يدرسه من شخصية مصر الإقليمية والبشرية والزمانية والتكاملية فهو يتساءل أن يعطي منطقة ما تفردها وتميزها بين سائر المناطق محاولة أن ينفذ إلى روح المكان ليستشف عبقرية الذاتية التي تحدد شخصيته الكامنة، كما أن علم الجغرافيا في رأي جمال حمدان عاشق الجغرافيا هو علم متفرد متوحد مطلق لا علم نمطي متكرر نسبي فالجغرافيا كالتاريخ لا تعيد نفسها بالضبط ولا الإقليم يكرر نفسه ومن ثم فلا قانون للإقليم من حيث هو ولذلك فإن دراسة الإقليم لا تقتصر على الحاضر وإنما تترامى إلى الماضي وخلال التاريخ وهذا ما يدرسه هذا الكتاب الرائع، الذي نستقطع منه بعض الفقرات التي تعبر عن تاريخ مصر وتتنبأ بمستقبله، وتشير إلى العديد من الآلام التي نحياها الآن، والتي من المفترض أن قرأها الرئيس.

ما تحتاجه مصر

"إن ما تحتاجه مصر أساسا إنما هو ثورة نفسية، بمعنى ثورة على نفسها أولا، وعلى نفسيتها ثانيا، أي تغيير جذري في العقلية والمثل وأيديولوجية الحياة قبل أي تغيير حقيقي في حياتها وكيانها ومصيرها.. ثورة في الشخصية المصرية وعلى الشخصية المصرية.. ذلك هو الشرط المسبق لتغيير شخصية مصر وكيان مصر ومستقبل مصر"

المأساة الحقيقية

"المأساة الحقيقية في ذلك أن مصر لا تأخذ في وجه هذه الأزمات الحل الجذري الراديكالي قط، وإنما الحل الوسط المعتدل، أي المهدئات والمسكنات المؤقتة، والنتيجة أن الأزمة تتفاقم وتتراكم أكثر، ولكن مرة أخرى تهرب مصر من الحل الجذري إلى حل وسط جديد، وهكذا.

بعبارة أخرى، مأساة مصر في هذه النظرية هي الاعتدال، فلا تنهار قط، ولا هي تثور أبدًا، ولا هي تموت أبدًا، ولا هي تعيش تمامًا، إنما هي في وجه الأزمات والضربات المتلاحقة تظل فقط تنحدر وتتدهور، تطفو وتتعثر، دون حسم أو مواجهة حاسمة تقطع الموت بالحياة أو حتى الحياة بالموت، منزلقة أثناء هذا كله من القوة إلى الضعف ومن الصحة إلى المرض ومن الكيف إلى الكم وأخيرًا من القمة إلى القاع.

غير أن النتيجة النهائية لهذا الانحسار المستمر المساوم أبدًا وصفقات التراجع إلى ما لا نهاية هي أننا سنصل يومًا ما إلى نقطة الانكسار بعد الالتواء، وبدل المرونة سيحدث التصادم، ومحل المهدئات ستحل الجراحةـ أي سنصل إلى نقطة اللاعودة إلى الحل الوسط، وعندئذ سيفرض الحل الجذري الراديكالي نفسه فرضًا، ولكن بعد أن يكون المستوى العام قد تدني إلى الحضيض، والكيف قد تدهور إلى مجرد كم، والمجد إلى محض تاريخ، وذلك هو الثمن الفادح للاعتدال".


الحياة البرلمانية
تحدث جمال حمدان عن مأساة البرلمان فيقول: (ولمزيد من التوضيح، فنحن في مصر قد بدأنا حياتنا النيابية المصرية بالأخذ بالنموذج الغربي البرجوازي الليبرالي إلى البرلمان متعدد الأحزاب، بل وذلك منذ وقت مبكر نسبيًّا تحت حكم الخديو إسماعيل وقبل كثير من الدول، غير أن ذلك لم يكن للأسف إلا قشرة طلاء وواجهة ديمقراطية شكلية بحتة لخلفية اجتماعية محض طبقية إقطاعية رجعية ولأرضية استبدادية غاشمة من الحكم المطلق والطغيان المعهود، الحرية كلمة مستوردة لم تدخل قاموس السياسة المصرية إلا عند الطهطاوي والمثل الفرنسي، ولكن كاسم لا كفعل، فالقاعدة الأصولية في مصر، والتي لا تزال مرعية بأمانة حتى اليوم، هي أن كل مَن يختلف مع الحاكم هو خائن بطريقة أو بأخرى أو على الأقل فإنه حقد الذي لم يجد له قط علاجًا، ذلك أن الرأي كالقوة وكالفعل ملك للحاكم فقط وحكر عليه وحده).

"المعارضة"

يقول حمدان عن المعارضة: "أما المعارضة رغم الاسم والرسم، فلم تعرفها مصر منذ الفرعونية إلى اليوم إلا رمزًا وشكلًا، والرأى الآخر والرأى العام لم يوجد إلا في نفس صاحبه فقط، فقد يهمس به سرًّا أو يطلقه شائعات أو على الجملة، فإن المعارضة إن لم تكن مزروعة كديكور للديكتاتور أو ملفقة كتمثيلية مرتبة جيدة الإخراج أو داجنة مستأنثة كشكلية وكحلية تابعة كما هى عاجزة فإنها تعد في الغالب تزيدًا وزائدة دودية لا مبرر لها ولا وظيفة ويحسن جدًّا استئصالها، أو هي تعد على أفضل تقدير سخافة ورزالة وعليها في كل الأحوال أن تلزم حدودها، وتتعلَّم حدود الأدب في مخاطبة الدولة، وهكذا إلى آخره".

"مشكلة مصر"

كما كتب حمدان في كتابه، "تظل الديمقراطية هي مشكلة مصر الأولى والأم، فهي لو لم تكن مشكلتها الوحيدة أو الأخيرة فإنها مفتاح جميع مشاكلها الأخرى بلا استثناء لا شيء يسبقها، ولكنها تسبق الجميع، جميع مشاكل مصر وأزماتها وكوارثها الداخلية والخارجية في الإنتاج والحضارة والتقدم ومع العدو الإسرائيلي والأشقاء العرب ومع القوى العظمى والصغرى وكل انحدار أو سقوط مصر في الحرب أو في السلم، كافة عيوبها ونواقصها وسلبياتها ومسالبها في المجتمع والفرد كما في السياسة والاقتصاد مصدرها وسببها الرئيسي هو الاستبداد الداخلي الغاشم والطغيان الفرعوني المقيم المستديم".

ثم يتابع: (لا السكان ولا الفقر ولا حتى الاستعمار في الماضي أو إسرائيل أو البترول العربي في الحاضر هي المشكلة الأم في كيان مصر، وإنما مشكلة المشاكل وقضية القضايا هي قضية الديمقراطية الديكتاتورية أو نظام الحكم المطلق إنما هي أصل مشكلة مصر كلها، شخصية مصر، مصير مصر، رخاء مصر، بل وبقاء مصر، شخصية المصري وكرامة المصري، نفسية الإنسان المصري، إعادة بناء الشخصية القومية، وغيره، في كل هذا فتش عن الديمقراطية أو غيابها فإنها هي حاكمها ومقرها وضابط إيقاعها مثلما هي مفتاح حلها جميعًا مفتاح كل هذه المشكلات جميعًا).