"ازدراء الأديان" بعبع المفكرين و"غول" الإسلام السياسي.. سيد القمني متهمٌ جديد.. القائمة ضمت نوال السعداوي ونصر حامد أبوزيد ونجيب محفوظ.. وقُتل بها فرج فودة
أثار تحويل الكاتب والمفكر سيد القمني إلى النيابة بتهمة ازدراء الأديان، تاريخ الصراع بين الفكر وجماعات الإسلام السياسي التي لا تزال رواسبها تعبث في حياة وفكر المجتمع المصري، فتحول أي باحث في التاريخ والتراث الإسلامي إلى الشخص الخائف البائس الذي يفكر آلاف المرات قبل أن يعلن رأيه خوفًا على نفسه وحياته من بعض مستبيحي دماء البشر، والذي يرون في القتل وسفك الدماء تقربًا من الله وكسبًا لرضاه.
ازدراء الأديان
عندما تم الزج بإسلام البحيري، وفاطمة ناعوت إلى السجن بتهمة ازدراء الأديان لاقى الأمر قبولًا نسبيًا لدى العديد من الأطياف من
الشعب المصري، فربما كان الزج بهما سهلًا لم اتبعاه الباحثان من أسلوب لم يرق إلى مستوي موضوع النقاش، فتجاوزا نقد التراث إلى نقد أهل التراث فكانت ثورة شيوخ
السلفية والأزاهرة مبررة لدى البعض، ورغم محاولة بعض المفكرين بإسقاط تطبيق قانون
الازدراء عليهما حتى لا يسهل تطبيقه فيما بعد، إلا أن ما كان يتخوف منه قد كان وها
هما سيد القميني ونوال السعداوي ورقة جديدة في مواجهة ازدراء الأديان، قُتل بهذا السبب من قبل فرج فودة، وتعرض نجيب محفوظ لمحاولة اغتيال، وتم الفصل بين نصر حامد
أبوزيد وزوجته.
سيد القمني
انتقده الكثيرون لاستناده على مصادر معترف بها من
الأزهر فقط، حاول في كتبه أن يظهر دور العامل السياسي في اتخاذ القرار الديني في
التاريخ الإسلامي المبكر، وتصاعدت لهجة مقالات القمني ضد الإسلام السياسي وكان
أكثر هذه المقالات حدّة ذاك الذي كتبه على أثر تفجيرات طابا في أكتوبر 2004، وكان
عنوانه: "إنها مصرنا يا كلاب جهنم!"، هاجم فيه شيوخ ومدنيي الإسلام السياسي، وكتب: "أم نحن ولاية ضمن أمة لها خليفة متنكّر في صورة القرضاوي أو في شكل هويدي تتدخل
في شئون كل دولة يعيش فيها مسلم بالكراهية والفساد والدمار، ويؤكد وجوده كسلطة
لأمة خفية نحن ضمنها"، بعد هذا المقال، تلقى القمني العديد من التهديدات، إلى أن
أتى التهديد الأخير باسم "أبو جهاد القعقاع" من "تنظيم الجهاد المصري"، يطالبه فيه
بالعودة عن أفكاره وإلا تعرّض للقتل، فقد أهدر دمه ففي 17 يونيو 2005 وأصدر تنظيم
القاعدة في العراق رسالة تهديد وتم نشر رسالة التهديد على موقع عربي ليبرالي على
الإنترنت تسمي نفسها شفاف الشرق الأوسط، وعلى الأثر كتبَ سيد القمني رسالة بعثها
إلى وسائل الإعلام وإلى مجلته روز اليوسف، يعلن فيها توبته عن أفكاره السابقة
وعزمه على اعتزال الكتابة، صونًا لحياته وحياة أبنائه، واستقالة القمني الذي عبر
عنها بقوله "وبهذا أعلن استقالتي ليس من القلم وحسب، بل ومن الفكر أيضًا".
وعلى الرغم من ابتعاد "القمني" إلا أن
المستشار نبيل صادق، النائب العام أحال البلاغ المقدم من المحامي خالد المصري، ضد
الدكتور سيد القمني، الخميس المنصرم، لنيابة أمن الدولة العليا، وتحت إشراف
المستشار تامر الفرجاني، المحامي العام الأول، لاتهامه بازدراء الدين الإسلامي وسب
صحابة رسول الله، خلال ندوة نظمتها منظمة بلجيكية تسمى "آدهوك"، وتضمنت مشاركته
سبًّا للذات الإلهية والنبي محمد، حسبما قال مقدم البلاغ.
نوال السعداوي
تتعرض الأديبة والمفكرة نوال السعداوي إلى هجمة
إعلامية ضخمة، وتعتبر جزءًا من محاولة كبرى ممنهجة يتبعها البعض للتخلص من أي صوت
تنويري أو حداثي يقاوم محاولات القذف بمصر إلى غياهب ظلام القرون الوسطى، فهاجم
المحامي المصري نبيه الوحش، "السعداوي"، مشيرًا إلى أنها أداة من أدوات
اللوبي الغربي الصهيوني، ووصفها، في مداخلة هاتفية لبرنامج "انفراد"
المذاع على فضائية "العاصمة"، بسرطان في المجتمع المصري، وتسيء للثوابت
الدينية.
نصر حامد أبو زيد
أثارت كتابات الباحث المصري ضجة إعلامية في منتصف
التسعينيات من القرن الماضي. فقد أتُهم بسبب أبحاثه العلمية بالارتداد والإلحاد،
ونظرًا لعدم توفر وسائل قانونية في مصر للمقاضاة بتهمة الارتداد عمل خصوم نصر حامد
أبو زيد على الاستفادة من أوضاع محكمة الأحوال الشخصية، التي يطبق فيها فقه الإمام
أبو حنيفة، والذي وجدوا فيه مبدأ يسمى "الحسبة" طالبوا على أساسه من
المحكمة التفريق بين أبو زيد وزوجته.
واستجابت المحكمة وحكمت بالتفريق بين نصر حامد أبو
زيد وزوجته قسرًا، على أساس "أنه لا يجوز للمرأة المسلمة الزواج من غير
المسلم"، فحياة الزوجين باتت بعد ذلك في خطر، وفى نهاية المطاف غادر نصر حامد
أبو زيد وزوجته د. ابتهال يونس الأستاذة في الأدب الفرنسي، القاهرة نحو المنفى إلى
هولندا، ليقيما هناك حيث عمل نصر حامد أبو زيد أستاذا للدراسات الإسلامية بجامعة
لايدن.
نجيب محفوظ
طُعن نجيب محفوظ في أكتوبر 1995، في عنقه على يد
شابين قد قررا اغتياله لاتهامه بالكفر والخروج عن الملة بسبب روايته المثيرة
للجدل"أولاد حارتنا"، ولأن نجيب محفوظ ذو طبيعة هادئة، فقد قرر عدم نشر
الرواية في طبعة مصرية لسنوات عديدة، حيث كان قد ارتبط بوعد مع حسن صبري الخولي
"الممثل الشخصي للرئيس الراحل جمال عبد الناصر" بعدم نشر الرواية في مصر
إلا بعد أخذ موافقة الأزهر، فطُبعت الرواية في لبنان من اصدار دار الاداب عام 1962
ومنع دخولها إلى مصر رغم أن نسخًا مهربة منها وجدت طريقها إلى الأسواق المصرية،
ولم يمت نجيب محفوظ كنتيجة للمحاولة، وفيما بعد أُعدم الشابان المشتركان في محاولة
الاغتيال رغم تعليقه بأنه غير حاقدٍ على من حاول قتله، وأنه يتمنى لو أنه لم
يُعدما.
فرج فودة
قُتل فرج فودة على يد أحد العوام في عام 1992، وقبل
مقتله بأسابيع نشرت مجلة النور بيانًا تكفر فيه "فودة"، وأعلنت فيه وجوب
قتله، فضلًا عن الدعاوى المشابهة لبعض شيوخ الإسلام في مصر، التي أسهمت بشكل كبير
في التحريض على التخلص منه، حتى أن الشيخ الأزهري محمد الغزالي الموصوف بوسطيته،
تطوع بالشهادة دون استدعاء ليقول بالنص "إنهم قتلوا شخصًا مباح الدم ومرتدًا".