البحث العلمي قاطرة بناء مصر.. القوات المسلحة تتبنى مبادرة الرئيس السيسي لتشجيع النابغين من الشباب.. الكلية الفنية تفتح أبوابها لدعم المبتكرين والباحثين وطلبة الجامعات
يمثل البحث العلمى أساس التقدم الذي يشهده العالم، وهو اللبنة الأولى لبناء دولة عصرية قوية تأخذ بأسباب العلم والتكنولوجيا سببًا لرقيها وتطورها، وقد حرصت مصر على مواكبة ذلك التطور وفقًا لمشروع قومى طموح يعتمد على توفير كافة المقومات المادية والتكنولوجية والمناخ الملائم للإبداع والبحث العلمى وخلق أجيال قادرة على الابتكار والخلق وحل المشكلات بأساليب علمية متطورة تدعم جهود الدوله نحو التنمية الشاملة.
وتعد القوات المسلحة بطابعها المتفرد جهاز حيوى دائم التطور يسعى دائمًا لامتلاك أحدث أدوات العصر من العلوم والتكنولوجيا المتطورة التي تدفعها بخطى ثابتة نحو تطوير إمكاناتها وقدراتها اعتمادًا على منهج علمى فى كل ما تسعى إلى إنجازه فى ظل تقدم تكنولوجى عالمى شمل مختلف المجالات العسكرية فكرًا وتنظيمًا وتسليحًا وأداءً وقوى بشرية لتكون قادرة على حماية الأمن القومى وأداء دورها الرائد فى مسيرة البناء الحضارى لمصر المستقبل.
وتحرص القوات المسلحة على بناء وتطوير قدراتها العلمية والتكنولوجية وفق مخططات دقيقة واستنادًا إلى خبراتها الذاتية فى مختلف التخصصات وبناء قاعدة من الكوادر المؤهلة على أعلى المستويات القادرة على الابتكار والإبداع والتطوير، وإعداد وتأهيل العناصر البشرية القادرة على التعامل مع نظم التسليح والأجهزة والمعدات الحديثة التى زودت بها في كافة التخصصات، والتوجه الدائم نحو تطوير القدرة القتالية للأسلحة والمعدات المتقادمة وتعظيم الاستفادة منها وفقًا لمنظومة من التأمين الهندسي والفني داخل القوات المسلحة بما يضمن القدرة على تحقيق التفوق والتوازن مع تكنولوجيا التسليح العالمية، وتحقيق متطلبات تأمين وحماية ركائز الأمن القومي المصري على كافة الاتجاهات.
وانطلاقًا من أن الشباب هم الركيزة الأساسية لبناء مستقبل مصر والعنصر الحاسم فى قوتها العسكرية والمدنية وكفاءتها وتطورها واستعدادها القتالي، كان الاتجاه إلى الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة فى مجال إعداد وتأهيل الكوادر البشرية وفقًا لمنهج علمي مدروس يواكب التطور المستمر في كافة مجالات العلم والمعرفة، وإنجاز العديد من البحوث العلمية سواء فى المجالات العسكرية أو المدنية التي تدعم جهود الدولة لتوفير مقومات الحياة الكريمة لأبناء الشعب المصري.
والكلية الفنية العسكرية تعد بمثابة أحد أهم الصروح العلمية والبحثية داخل القوات المسلحة والتي قدمت على مدار السنوات الأخيرة دورًا حيويًا في دعم وتشجيع البحث العلمي وبناء الكوادر الهندسية وتنمية قدراتهم القيادية والأبداعية ليكونوا قادرين على مواكبة التطور العالمي الذي تتسارع وتيرته يومًا بعد يوم، وقد أولت القيادة العامة للقوات المسلحة الاهتمام بالكلية الفنية العسكرية وتوفير كافة المقومات المادية والتكنولوجية بما يمكنها من تنفيذ مهامها العلمية والهندسية والبحثية، فضلا عن تبني مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة لاكتشاف ورعاية العباقرة والمتفوقين فى الرياضيات من طلبة المدارس الثانوية، بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني والكلية الفنية العسكرية اعتبار من العام الدراسي المقبل، وذلك على مرحلتين الأولى يتم فيها تصفية على المستوى القومي تقوم بها وزارة التربية والتعليم الفني على شبكة الإنترنت لعدد محدد من طلبة مدارس المتفوقين في العلوم والتكنولوجيا، ومن الإدارات التعليمية ومن مدرسة المتفوقين بعين شمس، والمرحلة الثانية وتتضمن مرحلة النهائيات للطلبة الأوائل وتقوم بها الكلية الفنية العسكرية على مرحلتين تشتمل على اختبارات تصاعدية ومنح الجوائز للإدارات التعليمية المتميزة والطلاب الأوائل ومدرسيهم بمعدلات محددة.
وتحرص الكلية الفنية العسكرية على تحقيق التكامل مع كبرى الجامعات والمراكز العلمية والبحثية في مصر، والدول الشقيقة والصديقة من خلال المشاركة والتنظيم للعديد من الملتقيات والمؤتمرات العلمية وإقامة المسابقات والمعارض التى تضم أحدث التطبيقات فى المجالات البحثية المختلفة والتي كان آخرها تنظيم المسابقة الدولية الأولى للابتكار فى مجال المركبات الأرضية غير المأهولة والتي حملت اسم الفريق إبراهيم سليم مؤسس الكلية والتى تقدم لها 26 فريقًا من الجامعات المصرية والأجنبية، والمؤتمر الدولى الأول لبحوث وابتكارات الطلبة فى مرحلة البكالوريوس بمشاركة 135 طالبًا يمثلون أكثر من 22 جامعة ومركزًا بحثيًا من مصر والدول الشقيقة والصديقة، وقدم خلالها أكثر من 58 ورقة بحثية تم تنظيمها في 16 جلسة علمية شملت مختلف التخصصات.
كما حققت فرق مشتركة من طلبة الكلية وكليات الهندسة بالجامعات المصرية نتائج متقدمة في العديد من المسابقات الدولية التي شاركت بها، وحصل فريق الفراعنة المصري على المركز الرابع فى المسابقة الدولية للجامعات بعنوان "مستكشف صحراء المريخ يونيو 2016"، والتى تنعقد سنوياً بالولايات المتحدة الأمريكية، وشارك الفريق ضمن "63" جامعة تضم العديد من الجامعات المصنفة عالميًا، وتمثل "12" دولة.
وحصل الفريق المصرى من طلبة الكلية الفنية العسكرية على المركز السادس فى المسابقة الدولية للجامعات "التحدى – الطائرات الموجهة بدون طيار 2016 2016 UAS Challenge"، والتى تنعقد سنوياً بالمملكة المتحدة. حيث شارك الفريق المصرى في فعاليات المسابقة ضمن17 جامعة من الجامعات المتميزة فى مجال الطائرات الموجهة بدون طيار بالمملكة المتحدة. والجدير بالذكر أن الفريق المصرى هو الفريق الوحيد من خارج المملكة المتحدة الذى نجح فى التأهل للنهائيات فى تلك المسابقة، فضلا عن تحقيق مركز متقدم في مسابقة الهندسة الصواريخية الدولية للجامعات وحصل فريق الكلية على المركز 33 من بين 86 فريقًا يمثلون العديد من الجامعات الأمريكية والعالمية.
من جانبه، أكد اللواء دكتور مصطفى عبد الوهاب مدير الكلية الفنية العسكرية على الدعم والرعاية الكاملة التى توليها القيادة العامة للقوات المسلحة لمنظومة العمل الهندسي والبحثى داخل الكلية، ورعاية المتفوقين والنابغين علميًا من طلبة الكلية ونظرائهم من الجامعات المصرية، مما كان له أثره البالغ فى الارتقاء بالمنظومة العلمية داخل القوات المسلحة وخلق الكوادر القادرة على الابتكار والتطوير والبحث العلمي واستيعاب التطور العلمى الهائل فى كافة المجالات.
وأوضح أن هناك تعاونًا بين الكلية وبين وزارة التربية والتعليم، للتواصل مع 1000 طالب من أوائل الثانوية العامة، وتنظيم زيارات لهم إلى الكلية الفنية في مسعى لنقل الخبرات وصقل مهارات الطلبة في المجالات العلمية المختلفة.
وأكد أن منظومة التطور العلمى والتكنولوجى تأتي متسقة تمامًا مع خطط التنمية لشاملة للدولة والتى تساهم القوات المسلحة فيها بخبراتها وإمكاناتها فى العديد من المجالات الحيوية، وخاصة فى إقامة المشروعات التنموية والخدمية ومشروعات البنية الأساسية العملاقة التي يمثل فيها العلم والتكنولوجيا ذراعا القوات المسلحة الممدودة نحو البناء والتعمير وتخفيف العبء عن كاهل المواطنين بجميع ربوع مصر.
وعن المسابقات الدولية التي تشارك فيها الكلية الفنية العسكرية، قال العقيد مهندس محمد خليل عضو هيئة التدريس بالكلية الفنية العسكرية، أنه تم الاشتراك في ثلاث مسابقات دولية خلال الفترة الأخيرة، منها مسابقتان بالولايات المتحدة الأمريكية وأخرى بإنجلترا.
وكشف أن المسابقة الأولى هي "مستكشف المريخ" بالولايات المتحدة الأمريكية، يتم خلالها محاكات مركبة فضائية تتواجد على سطح القمر عبارة عن "روبورت صغير"، والمسابقة الثانية هي "مسابقة الصواريخ" بأمريكا، تم الاشتراك فيها مع معهد طيران إمبابة بالتعاون مع الكلية الفنية العسكرية، والمسابقة الثالثة كانت بانجلترا وهي "طائرة بدون طيار"، وكانت بالمشاركة مع هندسة طنطا.
وأشار إلى أهمية المسابقة الأخيرة في أن مصر كانت الدولة الوحيدة من خارج المملكة المتحدة التي شاركت في المسابقة، التي اقتصرت على الجامعات الإنجليزية فقط، واشتركت الكلية الفنية بالتعاون مع طلبة هندسة طنطا.
فيما أكد الطلبة المشاركون بالمسابقات، أن المنظومة التعليمية لا تعتمد على الدراسات النظرية فقط بل من خلال ممارسات عملية لتلك الدراسة، وفي ذات الوقت يتم تنمية المواهب الموجودة في المعاهد المصرية بحيث يتم الاستفادة منها واختيار العناصر المتميزة، والتعاون معهم بحيث يكون التفاعل بين الكلية الفنية وطلبة الجامعات المدنية.
قال الطالب مقاتل علي رضا باليزيد الفرقة الرابعة بالكلية الفنية العسكرية، شاركت في مسابقة طائرة بدون طيار من ضمن فريق مكون من 15 طالبًا منهم 11 من الكلية الفنية العسكرية و2 من الكلية الجوية و2 من معهد هندسة الطيران بإمبابة، والتي أطلق عليها اسم "سكاي سندر" وقمنا خلال الفترة الدراسية بالعديد من الخطوات، والتي تابعنا فيها عدد من المشرفين وأعضاء هيئة التدريس، خاصة وأن تصنيع طائرة بدون طيار وبها العديد من التكنيكات المختلفة، مما تتطلب معها العديد من التخصصات المختلفة ما بين الاتصال والتوجيه. واستطعنا الانضمام والمشاركة وحصلنا خلالها على المركز السادس من بين 17 فريقًا خاض التصفية.
وأوضح أن هذا المركز جيد بالنسبة لكونها أول مرة فضلا عن أن تجربتنا أثمرت عن فتح هذه المسابقة خلال العام القادم لتضم العديد من الدول التي يمكن المشاركة فيها بل أنه بعد المجهود الذي شاهدته الجهة المنظمة طالبت مصر أن تشارك معها في تنظيم المسابقة العام القادم.
وأضاف الطالب مقاتل باسم حسن محمد الفرقة الثالثة ميكانيكا طيران بالفنية العسكرية، أن أهم الصعوبات التي واجهتنا خلال إعداد والمشاركة في هذا المشروع يعد التصميم والذي كان أقل جرأة نظرًا لأنها المشاركة لأول مرة؛ ولكن كنا نتبع الجانب الآمن للتصميم، ولا نجاذف، والعام القادم سوف يختلف الأمر تمامًا، كما أن الطائرة تم تجربتها أكثر من 5-6 مرات، وأدت مهامها بكفاءه عالية ومع أول يوم هناك بدأت تظهر بعض المشكلات ومنها أن ارتفاع سطح الأرض مختلف كما أن طبيعة المناخ مختلفة في مصر عنها في إنجلترا، وهو ما يفرق كثيرًا على أداء مهمة الطائرة، فالواقع العملي يختلف تمامًا سواء عن النظري أو حتى التجارب الأولية، وقد تعاملنا كفريق عمل نقوم بتقسيم أنفسنا لمجموعات وكل واحد له أسلوب عمل خاص به، وعليه أن ينتهي في الموعد المحدد.
وأكد الطالب مقاتل محمد إبراهيم محمد علي بالفرقة الرابعة، أنه كان يتولى مهمة قائد مجموعة "الفراعنة" في مسابقة مستكشف المريخ، تلك المسابقة التي شارك فيها 63 فريقًا على مستوى العالم، وحصل فريق الكلية الفنية على المركز الرابع وهو مركز متقدم جدًا بالنسبة لحجم المشروعات المشاركة في المسابقة، حيث سبق فريق الكلية الفنية كل الجامعات الأمريكية المشاركة ماعدا جامعة واحدة وهي جامعة واشنطن، واستطاع أن يتفوق على العديد من الجامعات المتقدمة ومنها الجامعات الكندية وبعض الجامعات البولندية.
وقال الطالب المقاتل أحمد أشرف الشيخ بالفرقة الثالثة: "صممنا مركبة تقوم بمهام متعددة على المريخ وتقوم باجتياز الموانع والحصول على عينات من السطح وتحليل التربة وإرسالها المحطة الأرضية فضلا عن إمكانية التواصل بين المستكشف والمحطة الأرضية، وكل هذه المراحل كانت تحديات بالنسبة لفريق العمل، ولكن المهم كسر حاجز الرهبة خلال اشتراكنا، ففرق أوروبا وأمريكا يمكننا التفوق عليها والحصول على المركز الأول، ونحن الطلاب المصريون نمتلك القدرة والإرادة على النجاح والتفوق. وخلال الـ 9 أشهر منذ بداية العمل على الفكرة وقبل تصميمها في مصنع قادر استفدنا في كل خطوة وكل مرحلة مررنا بها خلال خطوات المشروع، فكل طالب يكون لديه فكرة وتصور مختلف كانت إضافة للجميع وتعلمت الكثير والعمل في جروبات وبأفكار منظمة فضلا عن أننا استفدنا كثيرا من التعامل مع طلاب الكليات الأخرى وتعرفنا على طرق وطبيعة تفكيرهم".
وعن تفاصيل المشروع، أشار الطالب المقاتل محمد الوسيمي بالفرقة الرابعة إلى أن المستكشف قمنا بتصميمه عبارة عن عربة بـ 6 عجلات ومضاف لها ذراع يمكنه حمل أشياء من على الأرض ويمكنه القيام بعدة مهما مثل فتح صنبور مياه أو تانك بنزين، وإعادة ملؤه وذلك من خلال التحكم عن بعد ويتم إرسال المهام له ويمكنه أيضًا قراءة الأرقام والبيانات وإرسالها من خلال التواصل مع المحطة الأرضية، وأوضح أن الوصول لهذا التصميم استغرق 120 يومًا فقط.
فيما أوضح الطالب مقاتل محمد أحمد النحاس بالفرقة الثانية قسم الكهرباء بالكلية الفنية العسكرية، أن فريقه شارك في مشروع الصواريخ وبدأ في هذا المشروع مع بداية العام الدراسي الماضي، وكانت المهمة المطلوبة من الفريق هو تصنيع صاروخ يرتفع لمسافة قدرها 3 كم لا تزيد أو تقل ثم يفتح البارشوت وينزل سليمًا حاملا وزن 5 كجم إضافيا فوق وزنه، دون أن يكون له علاقة بمحتويات الصاروخ أو تكوينه الأصلي، مشيراً إلى أن الفكرة قد تبدو سهلة إلا أن تنفيذها يمثل صعوبة كبيرة، وهناك العديد من فرق العمل لم تستطع إنجاز تلك المهمة.