مراحل تشويه الخطاب الديني.. الجمعية الشرعية وأنصار السنة أبرزها.. "الإخوان" استحوذت عليها لبث أفكارها المسمومة.. والحصيلة إرهاب دعوي
عندما بدأ الحديث في السنوات الأخيرة علي مصطلح "تجديد الخطاب الديني"، كان لزامًا علينا أن نتوقف ونبحث عن مراحل تشويه هذا الخطاب، وكيف وصل إلى هذه المرحلة من التطرف والإرهاب الفكري، فضرورة تجديد الخطاب الديني، أمر يستهدف النظر والتمحيص في تاريخ جماعات الإسلام السياسي المتطرفة، والتي أخذت في الظهور علي أرض الوطن في تاريخه الحديث، مختبئًا تحت مسميات الدعوة ونشر الإسلام، هادفًا الحكم والاستيلاء على السلطة ومن ثم إعلان الحروب على الفكر وتطويع دين رب البعاد في تدمير العباد.
الجمعية الشرعية
أنشأها الشيخ محمود محمد خطاب السبكي في 1912 م،
معلنين أن الجمعية الشرعية جمعية دعوية إصلاحية اختطت لنفسها خط الوسط والاعتدال.
وشهدت الجمعية في الربع الأخير من عمرها طفرة نوعية
من حيث تعدد أنشطتها وتنوع أساليب دعوتها إلى الله، فعملت الجمعية جاهدة على ترسيخ
مفهوم الدعوة إلى الله ليست بالقول فحسب ولكن بالعمل أيضا، وأن الأمة لن تقوم لها
قائمة إلا بعمل دؤوب لإقامة فروض الكفاية وقضاء حاجات أهل الحاجة، إلا أن تعنت
الجمعية الشرعية وصل في بعض الأمور إلى إقرار أن ما يؤسسوه من مساجد هو الأصح وما
دونه لا يصلح للصلاة.
أنصار السنة
هي جماعة إسلامية تتبنى الفكر السلفي، وتُعتبر إحدى
أقدم الجمعيات الإسلامية تأسيسًا، حيث أسسها الشيخ محمد حامد الفقي في 1926، لتسبق
بذلك تأسيس جماعة "الإخوان"، الأمر الذي أحدث شكلًا كبيرًا في التداخل
بين "الإخوان" وجماعة أنصار السنة التي تنكرت للعلاقة مع
"الإخوان" طوال الفترة الماضية، إلا أن تلك العلاقة كانت تظهر حينًا
وتختفي أحيانا، وإن تجلت بوضوح حاليًا في وجود العديد من دُعاتها المنتمين للإخوان.
الإخوان
الإخوان المسلمون هي جماعة إسلامية، تصف نفسها بأنها
"إصلاحية شاملة"، تعتبر أكبر حركة معارضة سياسية في كثير من الدول
العربية، وصلت لسدة الحكم أو شاركت فيه في عدد من الدول العربية مثل مصر وتونس
وفلسطين، في حين يتم تصنيفها كجماعة إرهابية في عدد من دول العالم مثل: روسيا
وكازاخستان، كما تم تصنيفها كذلك في مصر والسعودية بعد أحداث 30 يونيو من عام 2013.
وفي نوفمبر 2014 صنفتها الإمارات كمنظمة إرهابية،
ومن جهة أخرى فإن دولا مثل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا رفضت تصنيف
الإخوان كجماعة إرهابية.
أسسها حسن البنا في مصر في مارس عام 1928م كحركة
إسلامية، وسرعان ما انتشر فكر هذه الجماعة، فنشأت جماعات أخرى تحمل فكر الإخوان في
العديد من الدول، ووصلت الآن إلى 72 دولة تضم كل الدول العربية ودولًا إسلامية
وغير إسلامية في القارات الست.
ما بعد الجماعة
بمجرد أن توجهت الجماعة ومؤسسها البنا نحو تأسيس
التنظيم الخاي السري للجماعة، وتطوير ذلك الكيان المتطرف علي يدي سيد قطب، بدأ
الفكر الإرهابي التكفير المتطرف في الظهور من خلال ظهور العديد من الكيانات
المنشقة عن الإخوان والآخذة عنه الفكر المتشدد، كالجماعة الإسلامية، والسلفية
الجهادية، والتكفير والهجرة، وغيرها من التنظيمات غير المعلنة بأسماء صريحة
تاريخيًا.
الجماعة الإسلامية
وهي جماعة نشأت في مصر بأوائل السبعينيات من القرن
العشرين تدعو إلى "الجهاد" لإقامة "الدولة الإسلامية" وإعادة
"االمسلمين إلى التمسك بدينهم وتحكيم شرع الله"، ثم الانطلاق لإعادة
"الخلافة الإسلامية من جديد" إلا أنها تختلف عن جماعات الجهاد من حيث
الهيكل التنظيمي وأسلوب الدعوة والعمل بالإضافة إلى بعض الأفكار والمعتقدات.
وتنتشر بشكل خاص في محافظات الصعيد وبالتحديد أسيوط والمنيا وسوهاج.
واستخدمت الجماعة القتال في مصر ضد رموز السلطة
وقوات الأمن المصري طوال فترة الثمانينيات وفترات متقطعة من التسعينيات لكن بعد
ضربات أمنية متلاحقة من قبل الأمن المصري والذي شمل اعتقال معظم أعضائها وضرب
قواعدها، فإن الجماعة أعلنت توقفها عن أي نشاط متطرف مكتفية بتأسيس حزب "البناء
والتنمية" حتى عزل محمد مرسي، فعادت بالانضمام لتحالف دعم الشرعية المزعومة
لمرسي وتأييدها المادي والمعنوي لممارسات العنف.
داعش وأخواتها
بعد خسارة الإسلام السياسي كل أسهمه علي أرض الوطن
بدأ يعلن عن نفسه صراحة، فنادي بالقتل وسفك الدماء، فظهرت داعش وأنصار بيت المقدس
وغيرها من الجماعات الإرهابية المتطرفة، التي أصبحت في حاجة إلى ثورة في الخطاب
الديني وليس مجرد تجديد فالأمر أصبح على محمل كبير من الخطورة.