ثروت الخرباوي: أملي في السيسي كبير.. الأزهر يعيق تطوير الخطاب الديني.. أرفض "اذدراء الأديان".. صحيح البخاري "كارثي".. لا مصالحة مع الإخوان
هو أحد القيادات المنشقة عن جماعة الإخوان، برز دوره القيادي آنذاك في عدة أمور، نتحدث عن ثروت الخرباوي الرجل الذي ساهم في نجاحات الجماعة السابقة في نقابة المحامين، اختلف مع الإخوان عقب حبس "مختار نوح"، الإخواني المنشق أيضًا، في قضية النقابات المهنية التي حوكم فيها عدد من أعضاء الإخوان أمام المحكمة العسكرية عام 2000 وترتب على ذلك خلاف الخرباوي مع الإخوان وانفصاله عنها عام 2002.
فجر انفصاله عن جماعة الإخوان ردود أفعال واسعة النطاق، إذ كتب العديد من المقالات ينتقد فيها المنهج الحركي للإخوان، إذ اتهمهم بفساد نقابة المحامين، قائلا "وإنهم وراء تراكم مشاكل المحامين نقابيا ومهنيا وسياسيا نتيجة تلاعب الإخوان في النقابة العامة ومعظم النقابات الفرعية خاصة من الناحية المادية وميزانية النقابة".
كما يفصح الخرباوي عن أسباب انفصاله عن جماعة الإخوان قائلًا "وجدت أن الإخوان المسلمين يرفعون راية الإسلام ولكنهم في حقيقة الأمر يمارسون سلوكيات الحزب الوطني فرفضت هذه الازدواجية.. لأن في داخل التنظيم توجد مؤامرات وأحقاد وصراعات ومحاولة لتحقيق مصالح خاصة بعيدة كل البعد عن مصلحة الإسلام".
وإلى نص الحوار:.
بداية أين أنت من الأحداث
السياسية في مصر؟
أنا موجود أتابع كل الأحداث السياسية، اقرأ الأحداث
أدلي برأيي إذا ما طلب مني الرأي، سواء أمام أروقة الحكم أو من الجهات الإعلامية،
قد يكون ظهوري الإعلامي حاليًا قل نوعا ما لأن في البداية كان الهدف هو الكشف عن
الجماعة وقت الخطر، الذي قمت به لأنه بمثابة واجب وطني، ولكن الآن بعدما عرف
الجميع من هم الإخوان بماهيتهم الحقيقية، تفرغت للعمل والكتابة، فالآن أركز في
كتاباتي، وأنا الآن عاكف على كتابة رواية آمل أن أنهيها في الأشهر المقبلة ومركزًا في عملي بالمحاماة.
بعد عملية الفض كنتم قد دعيتم إلى مشروع مصر رائدة
التنوير.. لماذا لم تستمر الفكرة رغم أن الأوضاع السياسية في مصر كانت بأمس الحاجة إلى ذلك؟
الفكرة دعى إليها مجموعة عادية وليست مجموعة منشقين
الإخوان، فكنت أنا ومختار نوح وأحمد ربيع، المجموعة التي عاشت تجربة الإخوان،
وأدركت أن الأزمة ليست في أخطاء الإخوان فقط، لكنها أخطاء مشروع الإسلام السياسي
ككل، مفاهيمهم للدين وكيف يستمدون أفكارهم، ففكرنا في إحياء مدرسة تنويرية،
مستمدين ذلك من مدارس ابن رشد وإعمال العقل، ومدارس المعتزلة، والإمام محمد عبده،
واستمدينا بذلك كثير من الأفكار ودعونا لهذه الجماعة، بحيث تكون حركة تنويرية لا
جماعة، ويكون لها رموز تكون مستهدفة تنوير العقل وتغيير الخطاب الديني، لأن تجديد
الخطاب الديني مصطلح خاطئ والأصح منه تغيير، وانضم لنا إثر ذلك عدد من الرموز
الإصلاحية التنويرية كالدكتور سعد الدين هلالي، وإعلاميين وسياسيين لهذه الجمعية أمنوا بالفكرة، لكن التطبيق كان يحتاج لمجهود جبار، فقمنا بدورنا ووضعنا الفكرة
الرئيسية "لمصر رائدة التنوير" في مشروع، وقدمناه للدولة المصرية
والرئيس السيسي ولا زال الموضوع أمام الرئيس ولم يُغلق.
هل استهدف "مصر رائدة التنوير" احتواء
شباب الإخوان بعد أحداث فض رابعة، بغرض تهدئة الأمور؟
الحديث عن أن مصر رائدة التنوير لاحتواء شباب
الإخوان أمر خاطئ، فجمعية كمال الهلباوي والدكتور محمد حبيب، ومجموعة البحيرة
طارق أبوالسعد وسامح عيد، وعدد من أعضاء مصر رائدة التنوير، والتي تسمي
بـ"جمعية الأحياء والتجديد"، برئاسة دكتور الهلباي والدكتور حبيب هي
صاحبة هدف احتواء الشباب الخارج عن الإخوان كهدف من ضمن مجموعة أهداف، أما
"مصر رائدة التنوير" لا علاقة لها بلم شمل الخارجين عن الجماعة، فمصر
رائدة التنوير مشروع دولة ككل، ولا يرتكز على منشقين الإخوان على الإطلاق.
أنت دائم الحديث عن التراث ووجوب تنقية وفصل التاريخ
الإسلامي عن صحيح الدين.. فسر لنا الأمر؟
أولًا يجب علينا أن نحدد مضامين المصطلحات حتى يسهل
علينا تناول الأمر، فهل التراث هو نصوص القرآن والحديث الشريف الصحيح، أم أن
التراث معناه مفهوم الأوائل في فهم النصوص؟، والإجابة هي أن التراث هو المجهود
العلمي في فهم النصوص والتي تورثه للأمم من بعد كميراث، أما النصوص المقدسة فليست
تراثًا على الإطلاق، وعندما نواجه اجتهاد الأوائل ونشكك به لا يعيب ذلك أحد، ولا
يعد تدخلا في الدين ونصوصه الأصلية، بالقياس على العلوم الطبيعية والإنسانية، فإن
الاجتهادات الأولى تُدرس في تاريخ العلم، لا كجزء من العلم الذي تخطاه، فيبقى الاجتهاد
عند سقف حدودها كاجتهاد أولي تم هدمه أو تطويره بالاستفادة منه، فيبقى التراث هو
الإنتاج العلمي الذي بذله الأوائل بدءًا بالجيل الأول للصحابة بعد الرسول في فهم
النصوص، ولكن هذا الاجتهاد يلزمهم هم، وقد يكون رائع بالنسبة لهم ولزمانهم،
وبالتالي فالتراث القديم نحن لا نطلب أن ننقيه أوتخطيه أو هدمه، إنما نطالب بكيف
يمكن النظر إليه، فننادي بأن يكون مفتاحا لنظر كيف تعامل الأوائل مع الدين في
محاولة الفهم، ونحاول نحن أن ننظر إلى الدين ونصوصه، دون أن يكون فهم الأوائل
ملزمًا لنا، وهذا أمر يتنافى مع طبيعة النصوص وأنها صالحة لكل زمان ومكان، وأن
طبيعة الإنسان تتغير بتغير الزمان والمكان، ومن جيل إلى جيل، فبالتالي نُناشد بأن
نبذل جهدًا خاصًا بنا كما بذل الأوائل في زمانهم.
في رأيك لماذا يُغضب هذا الإسلاميين بمختلف توجهاتهم
بما فيهم مشايخ الأزهر؟
بعض الشخصيات يمكن تسميتهم بسدنة المعبد، فأقاموا
للإسلام معبد وكهنوت، والإسلام لم ينزله الله دينا للخاصة ويحجبوا بعض أفكاره عن
العامة، إنما ديًنا للعامة يحق لهم أن يعلموه ويفهموه ككل، وعن ذلك الأمر تناقشت
من قبل مع 3 من شيوخ الأزهر، فوجدتهم مؤمنين تمًاما بفساد علوم الحديث، وأن البخاري
نكبة من النكبات التي أصيب بها الإسلام، وكان ذلك في جلسة خاصة قبل ندوة
بالإمارات، وعندما طالبتهم بقول ذلك في الندوة رفضوا ذلك بحجة عدم إثارة البلبة
للعامة والاكتفاء بقول ذلك الي الخاصة.
وفي تلك القضايا نجد الدكتور طه جابر علواني، العالم
والفقيه الكبير في كتابته، يوجه انتقادات شديدة في علوم الحديث خصوصًا أن العديد
من الأحاديث لا نعلم أسباب ورودها، فقال علواني إن علم الحديث أفسد على المسلمين
دينهم، وبالمثل نجد محمد الغزالي في كتابه "السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل
الحديث"، وتناوله للأحاديث ومحاكمتها محاكمة شديدة، فاتهمه السلفيين بالكفر،
وهاجمه "القرضاوي"، فكتب كتاب المدخل لدراسة السنة النبوية، والعجيب أنه
لم يرد على أي مما هاجمه أوتناوله الغزالي في كتابه، لكنه اكتفي بإعلان أن
الأحاديث التي تناولها الغزالي، والموجودة ببخاري ومسلم وغيرها من كتب الاحاديث.
هي أحاديث استغلق عليه فهمها لكنه لن ينكرها، قائلًا
"لعل الله يرسل لنا من يفهمها لنا"، فبأي منطق أن يكون هناك جزء من
الدين غير مفهوم والله أعلن أنه لا يكلف نفًسا إلا وسعها، والفَهم من ضمن الوسع،
فكيف نُعلن غموض جزء من الدين وأننا بانتظار من يعلمنا إياه، وبالتالي فإنه يجب أن
يؤخذ عن الرسول ما لايحدث لبس على المسلمين، خصوصًا إذا كان مخالفًا لنصوص
القرآن، كحديث "أمُرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله"،
والذي يعاكسه تماما النص القرآني "لا إكراه في الدين"، وحديث "بعثت
بالسيف بين يدي الساعة".
فجعلوا من الرسول عكس ماقال الله عنه إنه على خلق
عظيم، ومتمم لمكارم الأخلاق ورحمة للعالمين، فعدم القدرة على إعمال العقل تجعل
الناظر للأحاديث يبحث عما يبرر صحتها، لا يشكك فيها بالأساس، وحقيقة الأمر فإن
كُتب الأحاديث تحتوي على أحاديث تختلف تماما مع عقيدة الإسلام، فلفظ القرآن
ومعناه من عند الله، لكن الحديث معناه من عند الله كوحي واللفظ من عند الرسول،
ولكن الحقيقي أن الحديث يروي من عندالراوي، فيجب إسقاط لفظ وعد اعتباره أنه من
عند الرسول، فيجب إعادة النظر في الأحاديث، فالله عز وجل وضع التشريعات الدينية، إنما العديد من الأحاديث تشريعات اجتماعية قالها الرسول كرئيس للدولة الاسلامية
آنذاك، فالحديث الشريف بحاجة لإعادة نظر، والتراث يجب أن لا يلقى في البحر، بل
يؤخذ كوسيلة في كيف فكروا، ثم نفكر نحن لأنفسنا.
هذا يجعلنا نتساءل عن رأيك في ملف تجديد الخطاب
الديني وآلياته الموجودة على الساحة؟
الرئيس السيسي في أحد اجتماعاته، وتحديدًا في
الاجتماع الأول في خطاب التنصيب، حيث قال فيه إنه يطلب من الأزهر تجديد الخطاب
الديني، فكان رد الأزهر بإننا جاهزون لـ"ضبط" الخطاب الديني، وكأنها
رسالة لوجهة نظر الأزهر في الأمر، وعدم إيمانهم بضرورة التجديد بل أن
"ضبطه" هو ما يكفي للمشهد الحالي.
وعندما وجد الرئيس أن الأزهر لا ينظر للأمر على
ماهيته الحقيقية، قال إننا نحتاج إلى ثورة دينية، وذلك في وجود علماء الأزهر، ثم
في آخر خطاب له، قال فيه "تغيير" الخطاب الديني ضرورة، أي أن الخطاب
القديم يحتاج النسف التام، ولكننا نرى أن الأزهر لا يمكن تكليفه بما لا يطيق،
فالأزهر يتعامل بمدرسة النقل وأن الأوائل اجتهدوا ولم يتركوا لنا ما نجتهد فيه،
فلم نجد من الأزاهرة الحاليين وعلى مر عصوره، أن أنتج من يصدر مذهبًا فقهًيا قادر
أن يختلف عن المذاهب الأولى في أدوات القياس وخلافه، فالأزهر لم يهتم بمدارس إعمال
العقل والمعتزلة، وهذا ما جعل الإمام محمد عبده مكروها من العديد من الأزاهرة، ومن
تتلمذ على يدي محمد عبده من علماء كالشيخ "علي عبدالرازق"، صاحب كتاب
"الإسلام وأصول الحكم"، الذي رأى أن الخلافة ليست بالأمر الحسن، الذي
يفرض على المسلمين ويسعون إليه، ثم عاد لينكر ما كتب وآمن به من أفكار إصلاحية،
لعلمه أنه غير قادر على مواجهة المنظومة الأزهرية، كما نجد طه حسين، وكتابي
"الشعر الجاهلي" و"مستقبل الثقافة في مصر"، والذي وضع فيه
عميد الأدب العربي لنا نظريات التفكير والشك في النصوص، وضرورة إعمال العقل وعدم
التسليم للأوائل، وكيف أن الأحاديث نُقلت إلينا بعد وفاة الرسول بمائتي عام، وكيف
في ذلك من خلط ولبس، مما فتح عليه العديد من الهجوم، فغير وخفف من لهجته ولو ظاهرا
ليحصل على مكانته التي عرفناها ووصلت إلينا الآن، ولكنه ومع ذلك لايزال يتهم في
دينه حتى الآن، والبعض اتهمه بالتنصير ودخول المسيحية تبعًا لزوجته سوزان،
فالأزاهرة والدكتور محمد عمارة، أحد المستشارين وعضو في المجلس الأعلى للشؤون
الإسلامية، حاربوه حتى بعد أن مات.
هل يمكن تجديد الخطاب الديني في ظل ازدراء الأديان؟
صراحة فإن المعضلة تقبع في طريقة طريقة تناول الأمور
ونقد موضوعاتها دون أي تجاوز في التعبير، ونحن نرى العديد من غير المصريين
كالدكتور محمد شحرور، وعدنان إبراهيم، وعدنان الرفاعي، ومحمد الجابري يعطونا
نموذجًا في حُسن النقد، إنما "إسلام البحيري" على سبيل المثال، فتجاوز
للغاية بتقديم الإهانات والسب لرموز إسلامية، وكذلك فاطمة نعوت، استخدمت تعبيرات
فيها خروج عن الأدب العام، فأنا لست مع قانون اذدراء الأديان ولا أؤيده، فأنا أؤيد
الانتقاد العلمي، ولكن أيضا لا أؤيد طريقة تناول البعض كالبحيري وناعوت للتراث.
كيف ترى أفكار الخلافة والفتوحات الإسلامية؟
كتبت مقال "أكذوبة الفتوحات الإسلامية"
وأنها كانت ضرورات حكم، للإمبراطورية العربية، كدولة ضمن مجموعة دول كبرى، من
الممكن أن تبتلعهم، فكان الواقع يبرر لهم أن يفعلوا ذلك حتى لا يتم إقصاؤهم ولكن
يجب النظر في ذلك بنظرته الحقيقية فهذا حدث بعيد عن الإسلام، لكن أن ننظر للإسلام
بأفكار كأفكار سيد قطب والحملات الصليبية التي تعلن مصطلحات وأهداف دينية يختبئون
وراءها، فكل هذا بعيد عن الإسلام الذي لم يبح القتال إلا لرد عدوان المعتدين فقط،
موضحًا بالنص القرآني أن الله لا يحب المعتدين.
ولكن مناهج وكتب، تدرس في الأزهر وتحتوي نفس النصوص
التي يستشهد بها "داعش" صراحة، فكيف يمكن حل المعضلة.. وتفسيرك لوجود
تلك النصوص بكتب الأزهر؟.. ولماذا يقاتل الأزهر للإبقاء عليها مادامت خطأ؟
هي مدرسة واحدة، مدرسة الأزهر نفسها مدرسة الدواعش،
كما أن حول شيخ الأزهر مجموعة كبيرة من الدواعش، فالأزهر تم غزوه بالفكر السلفي،
فنحن نعلن أن الأزهر منارة للعالم منذ القدم، ولكن الحقيقة أ،ه أصبح بعيدًا عن
دوره تمامًا، خصوصًا أنه يتبع مدرسة النقل التي أشرنا إليها في تناول اجتهادات
الأوائل على أنها مسلمات دون الحاجة إلى إعمال العقل.
ولكن شيخ الأزهر خطابه بالخارج لا يعكس ما تدونه
وتحفظه المناهج؟ (خطاب متسامح)
بالتصنيف نجد شيخ الأزهر أحمد طيب حاصل على دكتوراه
في الفلسفة الدينية، أما علماء الحديث فهم نكبة هذه الأمة الحقيقية، والأقل وطأة
هم الفقهاء، كالشيخ أحمد كريمة والدكتور سعد الهلالي، ويلاحظ من خلال ذلك ضعف شخصية
شيخ الأزهر، فما يؤمن به غير ما يؤمن به من حوله، فعندما يخرج للعالم يعلن ما يؤمن
به، أما داخل مصر فيعلن أمورا لا ترضيه وترضى من حوله، فيسكت ولا يتحدث إلا من
يقبعون داخل التراث والأفكار المشوهة.
لماذا يراك الإخوان وبعض من الرموز الإسلامية
الموالية لهم أحد المصدومين في الإخوان.. فحدث لك خلط بين الإخوان والإسلام فأتت
تفسيراتك وهمية؟
الإخوان يرون ذلك لأن حسن البنا خاطبهم بذلك منذ
القدم، فالإخوان يرون أنهم الإسلام، وخاطبهم البنا بذلك في رسائله، فبالتالي يتربى
الإخواني أنه الإسلام، وأن الجماعة فريضة، وليست أي جماعة، إنما جماعة الإخوان دون
غيرها، لأنها تمثل الإسلام بشكله الشامل، وهذه الرسائل التي يتربي عليها الاخوان
حتي الآن، فيعلن لهم "البنا" أنهم صحابة الرسول، وتابع ذلك سيد قطب في
"معالم على الطريق"، ليصنف المجتمع لفئتين جماعة الإخوان وجماعة
الجاهلية، فدعا الإخوان بعدم الانخلاط في المجتمع حتى لا يستقوا بالإخوان أو يضعف
ذلك من قوى الإخوان، وهذا ما يظهر بقوة في أناشيد الإخوان، التي تبرز أن الإخوان
هم الإسلام، والإسلام هو الحل، فمن ينافسنا في الانتخابات ينافس الإسلام، فنحن
ننصر الإسلام، ومن يواجهنا يرفض وينافس الإسلام، وإذا أعلن السلفيون أن
الديمقراطية كفر، نعلن نحن أننا على دراية أكثر عمقا فنستخدم وسائل الجاهلية حتى
نحقق التمكين، وهذا من ضمن وسائل تحكيم شرع الله، لذا فأي إخواني بضميره يعاملني
على أنني خرجت من جماعة هي الإسلام، وأنني المنافق الذي فجر ولم يصن لقمة العيش،
فأفشينا الأسرار، بالرغم من أن تكون جماعة تعلن أنها دعوية، يجب أن يكون نقدهم أو
نصحهم على العلن، وهذا ماضايقهم للغاية فأعلن لي أحدهم لم لا تنصحنا في الداخل.
أستاذ مختار نوح قال إن الإخوان إن استمروا في الحكم
لشهدنا ديكتاتورية كأردوغان؟.. ما تعقيبك على هذا الكلام الذي لاقى هجوما إخوانيا
شنيعا؟
كنا سنشرب بالـ"جرادل" ما يشربونه في
تركيا من ديكتاتورية وإقصاء بـ"الكوبايات"، وأخبرت "مختار" أن
اللجان الإلكترونية الإخوانية عادت بنشاطها بقوة على الساحة وانتظر القادم والتربص
لكل ما تكتبه.
إذن فكيف ترى عام حكم
الإخوان؟
الإخوان كانوا يعدون العدة لإنشاء جيش موازي لجيش
الدولة، فتركوا المجال للقاعدة والدواعش بالعبث في سيناء، وأطلقوا سراح محمد
الظواهري وغيره من الشخصيات، واستخدموا إمكانتهم في فترة ضعف الدولة لإنشاء جيش
موازي كما أعلن "البنا" و"قطب" بأن الجيش المصري عقيدته
"شركية" تستهدف الدفاع عن الوطن لا الدين، فكان الجيش الموازي هو
الوسيلة ثم يتحقق الهدف والإقصاء للجيش المصري، كما استهدفوا السيطرة على جهاز
الشرطة وإنشاء صف آخر بديل من الحرس الثوري والميليشات، وسعوا إلى السيطرة على
الأراضي والممتلكات، والسيطرة على الاقتصاد من خلال شركات الصرفة، وفتح المجال
للفلسطينين بإقامة دولتهم في سيناء كجزء من مخططهم، لدولة فلسطينية جديدة بخريطة
جديدة، وذلك ضمن أفكار أن بلاد الله أوطاني وأن الوطن الإسلام، كما قال "مهدي
عاكف"، "طظ في مصر"، وأن الجنسية لا تمثل الإسلام وأنها من أشكال
الجاهلية، وفي الداخل الإخواني عندما كنا نُسأل عن الجنسية كان يجب أن يكون الرد
"مسلم"، فكان التنظيم يزكي نفسه بالخيرية دون غيرنا، كما أعلنها البعض
"كصبحي صالح" الذي أعلن أنهم على الحق وحدهم، فكان الإخوان طريقا جديدا للمماليك
جدد، فكانت الجماعة تسعى إلى إقامة العديد من الدول تحت ولايتهم كسوريا وليبيا
واليمن ومصر والسودان بحيث تصبح خلافة يحكمها الخليفة العثماني "رجب طيب
أردوغان".
لماذا تعامل الإخوان مع تمرد ودعوات التظاهر،
بفكرة الحشد والحشد المضاد، وأن أقصى ما تأول إليه الأحداث هو اتحادية جديدة؟
هذه صورة تعكس الرغبة في التسرع، لإطفاء المشهد
بسرعة حسب أهدافهم، عكس ما فعل أردوغان الذي أعلن للشعب التركي أنه علماني، فعلق
صورة أتاتورك وتحدث عن إباحة الدعارة، أما الإخوان في مصر فافتقدوا فطنة أردوغان
السياسية، فيظهر محمد مرسي أثناء حملة الانتخابات ليعلن أن الإخوان سيعيدوا فتح
مصر، كما أعلن مرسي المعروف بقطبيته أن سيد قطب خير من فهم الإسلام في العالم،
فيشير إلى مسجد عمر بن العاص، ويقول إنه سيكون طريقهم في عودة فتح مصر بالإشارة
لمسجد تم تأسيس وقت الفتح التاريخي لمصر، فنسى الإخوان ما أعلنوه سريعًا
باستعجالهم أهداف تقصي كل الأصوات الأخرى، وذلك يعكس نظرتهم اليقينية بأنهم وحدهم
على صواب، فدخل في خلاف مع المحكمة الدستورية، ومع "عبدالمجيد محمود"
النائب العام الأسبق، الذي قال لي إنه قدم نفسه للجماعة بأنه سيؤدي دوره دون إثارة
للمشاكل، ولكن خيرت الشاطر ارتأي أن يأتي بطلعت عبدالله لعلاقته الشخصية به، وترتب
علي مثل هذه التصرفات، وغيرها من العداءات مع المحكمة الدستورية ودعوة الأنصار
بالاعتصام حولها تنديدًا بحل "البرلمان"، معاداة القضاة والمجتمع
السياسي وسوء فهم بين الفصائل السياسية، فتدخل وزير الدفاع عبدالفتاح السيسي بأن
نجتمع بالفصائل السياسية بالدفاع الجوي لنظر المشاكل والأحداث، لكن الاخوان رفضوا
ذلك، فلم يذهب مرسي للجلسة وبعث للسيسي بذلك رغم أنه تجمع بالفصائل في انتظاره،
لكن الإخوان صمموا على شيء فنالوا ما يستحقون، وذلك جزء من تاريخهم منذ الملكية
حتى الآن، من الدعاء لله والشعور بالمظلومية وأنهم في ابتلاء ليميز الله به الخبيث
من الطيب، فأنتم من بايعتم مبارك في البرلمان من خلال مأمون الهضيبي، فقدمتم بخنوع
شديد ما يساعدكم على البقاء، وأنتم من تسعون دائما إلى بحث كيفية التواجد تحت أي إطار الذي يُنظر دائمًا على أنه حلال بغرض التمكين، حتى بعدما تم إقصاؤكم انتقلتم
لنظرية المؤامرة لتشككون في أعداد الشعب الخارج ضدكم، فقمتم باعتصام هزلي بمنصة
تعلن أمورًا كارثية لا تمت للعقل بشيء، وإذا فكر الإنسان بتروي سيعلم حقيقة الأمر
وأن الإخوان لا يتحقق دعوتها بالتمكين لأنها بعيدة كل البعد عن الطريق الصحيح
للدين، والدعوة بالحكمة والمعوظة الحسنة.
هل ترضي عن أداء فض الاعتصامين؟
سيدنا علي بن أبي طالب في واقعة الكوفة، التي اعتصم
بها الخوارج في منطقة حوراء وقاموا بقطع الطريق، وذلك موثق في التاريخ، وذلك ما
صرح به الدكتور سليم العوا وعصام العريان، وقت اعتصام الاتحادية، مستشهدين بقتل
سيدنا علي بن أبي طالب من الـ20 ألف حوالي 17 ألفًا، والغريب أن من أعلن ذلك هم
الإخوان وقت أحداث "الاتحادية"، فاستشهدوا بذلك مطالبين بفض الاعتصامات
بالقوة، كما نظروا إلى مفوضين الدولة بقيادة الشيخ محمد حسان، وفكرة الدعوة إلى فض
الاعتصام بطريقة سلمية بطريقة سلبية مرفوضة، مستندين إلى أمريكا التي وعدتهم أنها
معهم وستنصرهم والتي دعتهم أن يقيموا حكومة ظل في الاعتصام، بداع قسمة الدولة،
فبالتالي ما فعلته الدولة يتفق مع القانون والشريعة والمشهد السياسي وقتها.
ما رأيك في التعامل مع ملف الإخوان منذ الـ30 من
يونيو من قبل الدولة ؟.. وهل كان التعامل أمنيا فقط يفتقد إلى الحوار؟ وهل يجوز
الحوار بالأساس مع الإخوان؟
الأجهزة الأمنية قامت بدورهاعلى أتم وجه، لكن
المجتمع لم يقم بدوره، فيجب على الدولة المصرية أن تقيم مشورعات قومية لاحتواء
البعض، وتقديم صور فكرية قوية لمواجهة الإرهاب للبعض الآخر، فلا يجب أن نتوقف عند
الأزهر وننتظر منه الحلول، فالمشهد لا يجعلنا نُحمل نتائج المشهد للأمن بقدر ما
يجب أن نحمله للنظام والدولة والحكومة والأحزاب والبرلمان، الذي لم يعد مشروعا
سياسيا مخضرما يستهدف النهوض بالمواطن المصري ويواجه ما يتطرق أو يصل له من أفكار
خصوصا الأفكار التكفيرية.
بمناسبة الحوار..الإخوان يسخرون من "علي جمعة
" في محاولة الاغتيال.. رابطين بين الحدث وما قاله لفض الاعتصام "اضرب
في المليان".. مبيحا الفض والقتل علي حد قولهم.. تعقيبك؟
الذي منع الحوار هم المعتصمون والجماعة نفسها،
فوقتها كان لا وجود لقادر على الحوار أمام عصبية وعاطفة المعتصم والملتف أمام
روحنيات ممنهجة به، لدرجة أن قيادات الجماعة نفسها فقدت السيطرة علي المشهد أو
القدرة على إدارته بأي حال من الأحوال، واصبحت في موقف الغير قادر إلا على استكمال
الاعتصام، فوسط درجات الانفعال لا يمكن أبدًا على أن يكون هناك خطاب، وبالتالي لا
يمكن أن نعلن أن علماء الازهر قصروا في المشهد بل أعلنوا مرًارا وتكرًارا، لكن من
يسمع بعد أن أوصل قيادات الإخوان الأمر لهذه الصورة.
هل لازت عند إهدائك في كتاب "من قلب
الإخوان" وأن البنا شخص عظيم وفكرته قيمة أساء إليها الإخوان والتنظيم الخاص؟ وهي تصرفات جعلت الإخوان يعلنون فيما بعد أنك كنت ترغب في أن تحتويك الجماعة
ولكنها رفضت ذلك؟
الإنسان يتطور، ولا يجب أن يكون كالحائط الأسمنتي
ثابت على فكر دون تطور، فالقراءة والبحث طريق إلى التطور، ولاشك أنني عندما تركت
الجماعة كنت قريب منهم، فلا أحد يبعتد عن كيان ما وينتقده ويهاجمه مباشرة إلا إذا
كان خروجه بشكل مرضي، لكن أن يبتعد الشخص ويبحث ويعيد حسابات وقراءات فهذا جزء من
التطور والدراية الصحيحة، وهناك بعض من الأشخاص تركوا الجماعة وظلوا ملازمين لها
كـ"إبراهيم الزعفراني"، و"هيثم أبوخليل".
وهناك آخرون تركوا الجماعة ثم عادوا إليها، وأنا على
الجانب الشخصي أبحث وأقرأ وأجالس علماء عدة من أجل البحث والتنقيب، فتعددت مصادري
ومعارفي، وابتعدت شيئا فشيئا، وهذا هو أحد صور التطور والعلو الفكري والذي انعكست
في مقالاتي ومواجهتي للإخوان من خلال ما أزلته من ركام، لكن حقيقة الأمر فإنني
عند كتابتي لكتابي الأول "من قلب الإخوان"، فإنني كنت ضد أفكار حسن
البنا تمامًا، لكنني أردت به نصيحة وذلك انعكاس لهدف نفسي، فكان يعنيني بالإهداء
أن يكون موجهًا بالقراءة لأبناء الجماعة لا العامة، فكان ذلك مدخلًا للإخوان
بالنصح وإعادة حسابتهم لعلهم يفيقون، ومن الأسرار الغير معلنة أنني أهديت 3\4
الطبعة الأولى من الكتاب بشكل خاص، للعديد من الإخوان المعروفين على مستوى
الجمهورية.
فبدأ بعد ذلك خروج العديد من الإخوان عن نطاق
الجماعة، وكان ذلك ربحًا طيبًا لي أن أعاد الكتاب العديد من الأشخاص لإعادة
الحسابات كمجموعة بني سويف ومجموعة البحيرة، فأصدرت كتابًا آخر هو "سر
المعبد" والذي لم يكن يعنيني فيه الداخل الإخواني بشيء، لأني أدركت أن كتاب
قلب الإخوان أتي بثماره في داخل الإخوان، فكان سر المعبد ليوضح علاقة الإخوان
بالماثونية، وفكرة التنظيم المستوحاة من الفكر الوهابي، والتنظيم الخاص وأسباب
تفكير حسن البنا فيه، ثم جاء الكتاب الثالث "أئمة الشر"، الذي كشفت فيه
علاقة الإخوان بأجهزة المخابرات والبريطانية، والأمريكان، والشيعة، وكيف يستثمر
الخارج الإخوان والشيعة في تفتيت الأمة والعالم الإسلامي، وكانت رواية
"زمكان" التي عبرت فيها عن مشروع الإسلام السياسي واستدعاء خيالي لأحمد
بن حنبل، بطابع روائي صوفي خاص، أعشقه وأعيش به بشكل شخصي دون الانتماء لمدرسة
صوفية معينة.
وما موضوع كتابك الحالي الذي تشرع في كتابته؟
الكتاب الذي أنعكف عليه الآن هو كتاب "سقوط
الأسطورة" والذي أكتبه على مهل متحدثًا فيه عن علم الحديث والفارق بين الدين
والتدين، وفهم الأوائل، فالدين نصوص ثابتة من قرآن وحديث لا ينافي القرآن، لكن
التدين طريقة العبد الخاصة في العبادة، وهي محاولة لاسقاط الأمور والأساطير
الوهمية التي منحت أمورًا حق القداسة، وذلك ما كنت عرضته في 60 حلقة من قبل على
التليفزيون المصري، و75 حلقة على قناة أزهري، كما أعمل على كتابة رواية أدبية أخرى
سمعنا عن قانون العدالة الانتقالية والحديث عن
مصالحة مع الإخوان مع من لم تلوث أيديهم بالدماء.. رأيك في ذلك؟
لا يوجد في الدستور ما يقر ذلك على الإطلاق، فالمادة
241 منه تُقر أن القانون يضع شروط المحاسبة ومفهومها للقضاء على أفكار الثأر،
ومحاكمة رموز النظام السابقة وإعادة الحقوق للشعب، وهو قانون وضع لمحاسبة نظام
مبارك، ولا أعلم لماذا تحدث به المستشار العجاتي من الأساس.
سمعنا عن رفض محمود عزت القائم بأعمال المرشد لجماعة
الإخوان لفكرة الصلح من الأساس بإفطار في تركيا، وهل حقًا الجماعة في انقسام داخلي؟
محمود عزت موجود في مصر ولا يقيم في تركيا من
الأساس، وجبهة الإخوان الداخلية في نزاع حقيقي بين جبهتي محمود عزت ومحمد كمال،
وهو صراع على الحكم بدأ منذ موت حسن البنا ومن يصبح المرشد، فعمر التلماسني ظل 3
سنوات تحت مسمى المتحدث الرسمي للإخوان الملسمين حتى أصبح قادرًا على أن يكون
مرشدًا للجماعة.
هل تلجأ الدولة إلى الإخوان كجماعة وظيفية خدمية
كعصور مبارك؟ فيتركون للإخوان بعض الأزمات ويخففون بعض الأعباء في ظل هذه الظروف
الاقتصادية الصعبة؟
هذا أمر من سابع المستحيلات، فلن تحدث مصالحة على الإطلاق، فالدولة ترفضها والمجتمع ثأر ولن يقبلها أي كانت الظروف.
لماذا تحول محمود عزت المعروف بانتماءاته القطبية
الفكر إلى السلمي الذي يرفض العنف وحقن الدماء؟
تصريحات محمود عزت تعد كلامًا إعلاميًا بحتًا، وذلك
لخبرته بتأثر الجماعة والصف من كثرة الضربات الأمنية، فيحاولون طمأنة الجهات
الأمنية في محاولة للالتقاط الأنفاس، ومحاولة لإعداد المكاتب الإدارية مرة أخرى،
فالاختلاف مع محمد كمال اختلاف في الوسائل لا في المنهج، فكمال يرغب في طرق الحديد
وهو ساخن مستغلًا الأحداث الاقتصادية الحالية، أما محمود عزت فيرغب في التهدئة
المؤقتة.
أخيرا حدثني عن نظرتك المستقبلية لكل من.. الإخوان..
الإرهاب ككل والإسلام السياسي.. والمستقبل السياسي بمصر عموما والرئيس السيسي؟
بالطبع هناك مشكلة اقتصادية كبيرة تمر بها مصر
وواضحة للعيان، ولكنها تسير للامام ولو ببطء شديد، وجماعة الإخوان استطاعت أن
تنتصر إعلاميًا على الإعلام المصري، فاستطاعت أن توضح إلى العالم أنها جماعة
سياسية سلمية مضطهدة داخل مصر، وحدث ضدها انقلاب، فأعلنت بريطانيا أنها تسمح بحق
اللجوء السياسي للإخوان، وهذا يوضح صورة المجتمع الخارجي للإخوان، كما يوضح أنها
ستظل مثار قلق للمجتمع والدولة المصرية في الخارج وأن المنوطين بالتحرك في الدولة
من جهات إعلامية ووزارة الخارجية يتعاملون بشكل وظيفي غير مثمر، وإذا لم يهتم
الرئيس بالتنمية البشرية للمواطن المصري وعمل مشروع قومي للارتقاء به لن ننتقل من
دولة مستهلكة إلى دولة منتجة، وهي التركيبة الواجب تغييرها في المواطن المصري
والانتهاء من نظرة استهلاك ما ينتجه الآخرون، وهذا الأمر بحاجة إلى رئيس بدرجة
مصلح اجتماعي، وأملي كبير في الرئيس السيسي لإتمام هذا الأمر.