عاجل
الأحد 27 أبريل 2025
رئيس مجلس الادارة
رجب رزق
رئيس التحرير
سامي خليفة
الرئيسية القائمة البحث

"عمارة يعقوبيان" عندما يلفت الفن الانتباه للتراث.. صممها الأرميني جارو باليان على طراز "الأرت ديكو".. "الأسواني": الهدم أوحى لي بفكرة الفيلم

عماره يعقوبيان
عماره يعقوبيان

لم يخطر على بال أحد من سكان عمارة يعقوبيان العمارة العتيقة بوسط البلد، أن تنال شهرة حقيقة، كالتي نالتها بعد عرض الفيلم عام 2006، ذلك الفيلم الذي أخرجه وكتب له السيناريو الأخوان وليد ومروان حامد، فغيروا الواقع نوعًا ما.

قد يعتقد البعض أن السبب الرئيسي لشهرة الفيلم أو المسلسل عن نفس الرواية من بعده، يعود إلى نخبة الممثلين المشاركين في العمل، كعادل إمام، ونور الشريف، ويسرا، وخالد صالح، ولكن طبيعة العمل الحقيقية التي تناولت إحدى المناطق التاريخية العريقة "منطقة وسط البلد"، والتي وصفت في الماضي بأنها جزء من أوروبا، أو كما وصفها الزعيم عادل إمام في الفيلم، أنها كانت أفضل وأرقى من باريس، كان السبب الأبرز لشهرة الرواية ومن بعدها الفيلم ثم المسلسل.

عمارات وسط البلد وعشوائية الطبقات
مع التسلسل الزمني والسياسي التي مرت به مصر في القرن الماضي، بدأت عمارات وسط البلد في تغيير واضح وملموس لأحوالها، فتبدلت من عمارات للأجانب "إنجليز وفرنسيون وأتراك"، وعدد من النخب السياسية الأبرز مجتمعيًا، إلى عقارات تحمل بين جدرانها عدد مختلف من الطبقات الغير متجانسة من أغناها إلى أدناها ماديًا، فنجد بنفس العقار أحد الباشاوات مع عدد من أبناء الطبقات الوسطى، حتي نصطدم بعدد كبير من أبناء الترزق والعمل باليومية.

عمارة يعقوبيان "الحقيقية"
تقع عمارة يعقوبيان في 34 شارع طلعت حرب بوسط البلد بجوار سينما ميامي، وتتكون من 8 طوابق، وهي مبنية على مساحة 885 مترًا مربعًا، وتنتمي إلى طراز معماري يعرف بـ"الأرت ديكو"، وهي من تصميم المعماري الأرميني جارو باليان، وكان لعلاء الأسواني "عيادة" بها يمارس بها عمله، مما ساعده على الاختلاط بأبناء وسط البلد وتنوع عقاراتها الطبقي.

أسس "العمارة" المليونير جاكوب يعقوبيان عميد الجالية الأرمينية عام 1937، وكانت تضم سكانًا من ديانات وأعراق مختلفة، ولكن وبعد ثورة يوليو 1952 تحولت ملكية الشقق إلى ضباط الجيش.

عندما سأل "الأسواني" ذات يوم عن سبب تفكيره في كتابة روايته، أجاب: "كنت أسير بأحد شوارع جاردن سيتي، وشاهدت عمارة يتم هدمها بجوار السفارة الأمريكية، فشاهدت جدرانًا منهارة كانت تخفي وراءها متعلقات أناس عاشوا هنا منذ سنوات ولها فيها ذكريات وحكايات ومع تركيزي في التفكير فيما شاهدته كان قراري بالبدء في كتابة رواية محورها العمارة السكنية التي تشارك بدورها في الأحداث وتعبر عن التغيرات التي قد تطرأ على جماعة من البشر". وانتهى حديث "الأسواني" الذي لم يكن يفكر في "يعقوبيان" كبناء معماري يحكي سيرة سكانه كما ظن البعض، ورغم ذلك باتت عمارة يعقوبيان، أشهر بنايات وسط القاهرة منذ الكتابة عنها وتحول نتاجها الأدبي إلى عمل سينمائي ناجح في 2006.

عمارة "الفيلم"
العمارة التي ظهرت في الفيلم باعتبارها عمارة يعقوبيان، ليست العمارة الحقيقية، وإنما عمارة أخرى قريبة تقع في 26 شارع طلعت حرب، ويرجع اختيارها إلى أن القائمين علي الفيلم عندما بدأوا تنفيذه وجدوا أن تصميم العمارة الحقيقية التي تحمل اسم يعقوبيان في شارع طلعت حرب بوسط القاهرة لا تحمل ملامح الجمال التي تتناسب ووصف "الأسواني" في الرواية، لذا وقع اختيارهم على عمارة أخرى بالقرب من شارع الشوربجي، وهذه العمارة بنيت فى ثلاثينيات القرن الماضي على طراز الأرت ديكو وعدد الطوابق 9 طوابق، ومن قام ببنائها هو المعماري العثماني الأرميني الأصل جارو باليان. ومن أعماله في الخارج أول نصب تذكاري للتذكير بإبادة الأرمن في شارع فيكتوريا في الشطر التركي من العاصمة القبرصية نيوقسيا، ضمن مجمع كنيسة نوتردام دي تاير.

قصة الأسواني "عمارة يعقوبيان"
جاءت هذه الرواية معبرة عن مصر في الخمسين سنة الأخيرة 1952-2002 بكل سلبيات هذه المرحلة وبكل ما وقع فيها من حراك اجتماعي، حيث صعد الى أعلى الدرجات أقل الناس شأنًا وانهار أبناء الطبقة الأرسطقراطية ولم يبق إلا اجترار الماضي، فسجلت هذه الرواية ما وقع ويقع في مصر من فساد وانحلال ورشوة ابتزاز، وتكاد تشير إلى أشخاص بعينهم تعرفهم بسيماهم من أفعالهم، ممن ينتمون إلى فترة ما قبل ثورة يناير.